خبر

الراعي في إستقبال جثمان القديسة مارينا في الديمان:كرست ذاتها لله وعيش كمال الحياة المسيحية

غصت ساحة الصرح البطريركي في الديمان والطريق المؤدي إليه بالوفود المؤمنة التي أبت إلا أن تشارك في إستقبال أول قديسة لبنانية والتبرك من جثمانها.
وخرج البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي عند الخامسة بعد الظهر الى الباحة الخارجية للصرح وسط الوفود محاطا بنوابه العامين لاستقبال الجثمان الذي رفع على اكتاف الرهبان والاكليركيين وسط الزغاريد ونثر الورود والأرز. وبعد دخول الكنيسة ترأس البطريرك الراعي القداس الإحتفالي بالمناسبة يعاونه المطارنة بولس صياح ،حنا علوان، جوزيف نفاع ورفيق الورشا وبمشاركة عدد كبير من المطارنة الذين يمثلون كافة الكنائس المشرقية والمونسينيور جان ماتيو كابوتو والدكتور جان فرانكو فيوتين وكهنة ابرشية الجبة المارونية، وبحضور لفيف من الرهبان والراهبات ورؤساء الاخويات والجمعيات الاهلية وحشد غفير من المؤمنين توافدوا الى الديمان من المناطق اللبنانية كافة.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان:”العروس آت أخرجوا إلى لقائه” (متى 25: 6)، تحدث فيها عن حياة القديسة مارينا وقال: أهلا بالقديسة مارينا تعود إلى ديرها – بيتها في مغارة قنوبين، حاملة اسمها، حيث عاشت هي والطفل الذي نسب إليها، كأنها أبوه.
“العريس” في الإنجيل هو المسيح الذي يأتي في حياتنا اليومية، وفي كل مرة يحتاج منا أن نشهد له، والذي يأتي في ساعة موتنا لينقلنا إلى وليمة الخلاص الأبدي، بعد انكشاف حقيقة إخلاصنا له. إنه يدعونا لاستقباله في الحالتين: ونحن ساهرون ومصابيحنا مشتعلة.
واضاف: “إن مجيء القديسة مارينا هو لنا ولكل لبنان فرحة عرس.كما شاهدتم لحظة وصولها الى المطار، مرورا بكل لبنان، وصولا الى الديمان نستقبلها كعروس لكنها تذكرنا “بالعريس” الحقيقي يسوع المسيح الذي انتظرته في حياتها بمصباحها المضاء بنور الإيمان والرجاء والمحبة، وبزيت الصبر والاحتمال والغفران والفداء وسائر الفضائل الروحية والأخلاقية والانسانية. ونود بداية ان نحييكم انتم الذين اتيتم من كل مناطق لبنان ونشكر معكم بطريركية البندقية Venise بشخص مطرانها وكهنتها، ولا سيما كاهن الكنيسة حيث يُحفظ جسمانها. نشكرهم على قبول زيارة جثمانها إلى لبنان وطنها. ونشكر كل الذين اعتنوا بطلب نقله، ونشكر بشكل خاص العزيز السيد فيليب زياده الذي تكرم بنقل جثمانها في طائرة خاصة، وبمرافقته”.
وتابع :”كلكم تعرفون سيرة حياتها المقدسة وهنا نطرح سؤالين: ماذا تعلمنا القديسة مارينا بدخولها الدير لتترهب؟ وماذا تعلمنا باحتمال قصاص على جرم هي بريئة منه؟ دخلت الدير لتترهب مع والدها بعد وفاة أمها، بهدفين: لخدمة والدها المتقدم في السن. وهذا ما فعلت. إنها مثال الاعتناء بالوالدين في شيخوختهما، عملا بالوصية الرابعة: “أكرم أباك وأمك”.ولتكريس ذاتها لله، وعيش كمال الحياة المسيحية، على خطى المسيح، سعيا إلى المحبة الكاملة. إنها مثال المكرسين والمكرسات في الحياة الرهبانية، بإشعاع فضائلها وصمودها فيها. قبلت التهمة بأنها أبو الطفل المولود من زنى، أولا، لكي تفتدي أباه الحقيقي الذي اعتدى على تلك الصبية. إنها بذلك تشبهت بالمسيح الذي حمل خطايا الجنس البشري، مات على الصليب فداء عن كل إنسان، وهو لم يرتكب خطيئة. وثانيا، لكي تغطي بحبها للمسيح خطيئة غيرها: “المحبة تستر جما من الخطايا” (1 بط 4: 8).
وسأل الراعي : “ماذا لو أرادت الدفاع عن نفسها وأباحت بسرها؟ لانكشف أمر الشخص المعتدي، ونال قصاصا كبيرا على جرمه. وهذا لم ترد أن يحصل فافتدته هي ببراءتها.ولربما طردت مارينا من الدير، لأنها امرأة؟
وفي كلتا الحالتين، لاندثرت قصتها وأصبحت طي النسيان. ولكن لأن مارينا تحملت الكذب والتهمة، وحملت صليب الفداء، فقد تقدست، وطار عرف قداستها إلى العالم كله، وارتفعت مثالا في احتمال التهمة الباطلة والكذب والظلم. فتعلمنا:إن الكذب سينكشف عاجلا أم آجلا؛ وأن الحقيقة لا تموت، بل سرعان ما تظهر وتفضح الكذب والاتهام والظلم”.
وختم الراعي : “إننا إذ ننحني أمام جثمانها الطاهر نلتمس من الله بشفاعتها، التشبه بفضائلها ولا سيما احتمال التهمة الكاذبة والظلم، إكمالا لعمل الفداء، ولكي تظهر الحقيقة والعدالة، ساعة يشاء الله، من أجل خير أكبر. ومعها ومع جميع الأبرار في السماء نرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد آمين.
تجدر الإشارة الى أن جثمان مارينا سيبقى على مذبح كنيسة الصرح حتى فجر يوم الجمعة ليتمكن المؤمنون من أخذ البركة وينقل بعدها الى وادي قنوبين، حيث المدفن الأساسي للقديسة، ويبقى هناك حتى مساء الأحد ليعود بعدها الى الديمان، حيث يتم وداع راهبة قنوبين مارينا ظهر يوم الإثنين المقبل 23 تموز يغادر بعدها الأراضي اللبنانية عبر مطار بيروت الدولي الى venise.