خبر

«القومي» وصراع النفوذ: استقالات ومقاطعة

ليا القزي – الأخبار

انتقلت الخلافات داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي من المجلس الأعلى، بين فريقين أحدهما مُعترض على سياسة أسعد حردان الداخلية وثانٍ موالٍ له، إلى خلافات داخل مجلس العُمد وبين أعضاء الفريق الواحد، الذي من المُفترض أن «يمون» عليه حردان. عميدان قدّما استقالتيهما. آخرون، أبرزهم عميدا الداخلية والدفاع، يُقاطعون الجلسات إلى حين تنفيذ مطالبهم

الحزب السوري القومي الاجتماعي، مُجدّداً في الضوء. «شرارةُ» خلافٍ ظهرت داخل مجلس العُمد للحزب، الموالي بأكثريته لرئيس المجلس الأعلى في «القومي»، النائب أسعد حردان. لا بل أكثر من ذلك، الرئيس السابق لـ«القومي»، والقيادي «الأقوى» فيه، هو الذي أشرف على اختيار «وزراء» حزبه الـ21 (مجلس العمد)، بعد انتخاب حنا الناشف رئيساً له في 4 تشرين الثاني الماضي. ذِكر المعلومة الأخيرة ضرورة، للإشارة إلى أنّ ما يُميّز «المُناوشات» هذه المرّة، أنّها تدور داخل الفريق الواحد، وليس بين مُعسكرين أحدهما موال والثاني مُعارض لسياسة حردان الداخلية، كما كان يحصل في فتراتٍ سابقة. كما أنّها انتقلت من المجلس الأعلى لـ«القومي»، إلى صفوف مجلس العُمد، الذي يتولّى السياسة التنفيذية للحزب.

الخلافات تظهر على الشكل الآتي: مقاطعة جلسات مجلس العُمد، تقديم عُمداء لاستقالاتهم، وقبولها من رئيس الحزب حنّا الناشف. الأخير، هو محور اعتراضات «الرفاق»، وإن اختلفت أهداف وغايات كلّ منهم. فبات هناك قسم يُطالب باستقالة الناشف ونائبه، رئيس مجلس العُمد وائل الحسنية. وقسم ثانٍ يتحدّث عن ضرورة تغيير العقلية المُتحكمة بـ«القومي» وآلية اتخاذ القرار فيه. وما بينهما، يقف حردان الذي لم يُعطِ الضوء الأخضر بعد، لإجراء تعديلات داخلية تمتصّ نقمة المعترضين. وليس من المتوقع أن يستجيب لطلب انتخاب رئيسٍ جديد لـ«القومي»، قبل انتهاء ولاية الناشف بعد سنتين. فنائب مرجعيون لن يجد «مُعاوناً» وشريكاً أفضل من الرئيس الحالي للحزب، يقوم بتسيير الشؤون الحزبية في السنتين المقبلتين، ريثما يتمكّن حردان، قانونياً، من ترشيح نفسه مجدداً إلى رئاسة الحزب.
قبل شهرين تقريباً، توقّف عن حضور اجتماعات مجلس العمد كلّ من عمداء الداخلية معتز رعدية؛ والدفاع زياد المعلوف؛ والإعلام معن حمية؛ والعمل والشؤون الاجتماعية بطرس سعادة؛ وشؤون الأساتذة الجامعيين والجامعات جورج جريج. إضافةً إلى تقديم عميد الخارجية حسّان صقر استقالته، ولكنّه استمر بحضور الجلسات إلى أن تمّ قبول استقالته قبل أيّام بعد اجتماعه بالناشف.

المقاطعة هي رسالة احتجاجية، أرادها العمداء وسيلة ضغط من أجل الإطاحة بالناشف ونائبه، الذي يشغل في الوقت عينه منصب رئيس مجلس العُمد. ليس بالأمر العابر أن يكون أصحاب «الصرخة» عُمداء أساسيين داخل «المجلس»، ويلعبون أدواراً رئيسية، لا سيّما بعد أن دفعتهم الحرب السوريّة إلى الصفوف الأمامية. أعطى «الميدان»، قوّة لهؤلاء الرجال، فباتوا يضغطون لتُسمع كلمتهم السياسية داخل مؤسسات حزبهم. «أقوياء» إلى درجة أنّهم لم يستجيبوا لطلب حردان، العودة بعد الانتخابات النيابية إلى حضور جلسات مجلس العُمد. الوحيد الذي استجاب هو بطرس سعادة. أمّا جورج جريج، فقد قدّم استقالته ووافق عليها الناشف. وبحسب المعلومات، فإنّ كُرة الاستقالات ستكبر، ليلتحق عُمداء آخرين بجريج وحسّان صقر.

مشكلة المعترضين الأساسية (باستثناء صقر) هي مع الناشف والحسنية، وتحديداً مع الأخير. لا أحد في «القومي» يقبل أن يُقدّم جواباً مُقنعاً، حول طبيعة الخلاف بين الحسنية ورفاقه. يُقال إنّ القصة تعود إلى سنوات خلت، «وهي كلّها مشكلة نفوذ داخل الحزب». الحجّة العلنية للمعترضين تتمحور حول طريقة إدارة الرئيس ونائبه لمؤسسات الحزب، والترشيحات النيابية. الملاحظات كثيرة على أداء الناشف، منذ أن تسلّم رئاسة الحزب وحتى اليوم. علماً أنّ الأخير لا ينفكّ يُردّد بأنّه بحاجة إلى وقت حتّى يتمكن من أن يعمل. وكان قد أكّد في حديث لقناة الـ«أو تي في»، أنّه ليس بوارد الاستقالة. تحت ستار الغيرة على مصلحة «القومي»، هناك غاية أخرى للعُمداء المُعترضين: السعي إلى انتخاب رئيس المكتب السياسي كمال النابلسي رئيساً لـ«القومي»، استناداً إلى المصادر. وتُضيف بأنّ الحسنية حاول القيام بمبادرة «حسن نيّة»، فعَرَض على الناشف أن يستقيل «إذا كان ذلك يحلّ الخلاف. ولكن الناشف مُتمسك بالحسنية، ولم يتجاوب معه».
الرؤيا الاعتراضية الثانية، في مجلس العُمد يُعبّر عنها حسّان صقر، ويُجاريه فيها قوميون آخرون. هؤلاء «ثائرون» على عقلية «الاستسلام والخضوع للأمر الواقع» داخل الحزب، بحجّة أنّ الظروف لا تسمح باجراء إصلاح داخلي. هناك علامات استفهام عدة تُطرح، حول عدم قدرة أقدم حزب لبناني على انتاج كوادر جديدة، ومُرشحين جُدد إلى الانتخابات النيابية. الحزب العلماني العريق، صاحب قضية وأيديولوجيا، غير قادر على أن يتفلّت من العائلية والمحاصصة. التحالفات الانتخابية، ساهمت في إثارة نقمة صقر ورفاقه، الذين استفزهم «تفَيؤ» قيادة «القومي» بأحزابٍ أخرى، مُنفذةً ما «يُكتب» لها، عوض أن تكون هي المُبادرة.
لا يُمكن القول إنّ «الثورة» حطّت رحالها في ذاك المبنى في الروشة. فكلّ ما يحصل يبقى، حتى الآن، مجرد حركة داخل «الصحن الواحد». وطالما أنّه لا يوجد «قرار أعلى» بإجراء تغييرات وتبديلات، سيبقى المشهد «القومي» على ما هو عليه. أحد المسؤولين في «الرئاسة القومية»، يُنكر وجود اعتراض على الناشف أو الحسنية، لأنّ «أحداً لم يُبلغنا بشيء». الانكار يشمل أيضاً وجود مقاطعة داخل مجلس العُمد، فـ«بإيّام العزّ، وبغياب الاشكالات، والحروب، دائماً كان هناك 4 أو 5 عُمداء يتغيبون عن حضور الجلسات، من دون أن يكونوا مقاطعين».