صحيفة الجمهورية
يشهد الأسبوع الطالع جملة مواعيد واستحقاقات، مع انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي منتصف ليل 21 أيار، ودخول الحكومة مرحلة تصريف الاعمال بعد جلسة وداعية تعقدها بعد غد الاثنين في قصر بعبدا، لتليها بداية ولاية المجلس النيابي الجديد الاربعاء المقبل لانتخاب رئيسه ونائبه والمطبخ التشريعي، على أن تنطلق بعدها رحلة الإستشارات في شأن الحكومة الجديدة، تكليفاً وتأليفاً. أما دولياً، فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تمسّكهما بالإتفاق النووي الإيراني. ودعوا خلال لقاء عُقد في سوتشي، الى إحياء العملية السياسية في سوريا.
وفي انتظار استكمال الترتيبات السياسية والادارية واللوجستية وغيرها لانطلاق مجلس النواب الجديد في ولايته، من ثم الانطلاق الى تأليف الحكومة الجديدة، قال الرئيس نبيه بري لـ«الحمهورية» أمس انه لم يصله بعد جواب من تكتل «لبنان القوي» حول الاسم الذي سيرشّحه لموقع نائب رئيس مجلس النواب، مشيراً إلى أنه لا يزال ينتظر خيار هذا التكتل حتى يبنى على الشيء مقتضاه.
وسئل عمّن يفضّل ان يكون نائبه من بين الأسماء المتداولة، فأجاب: «بصراحة أفضّل إيلي الفرزلي، كونه صاحب تجربة في هذا المركز، إضافة إلى أنه يفهم عليّ وأنا افهم عليه».
واعتبر بري أنّ ترشيح النائب في كتلة «القوات اللبنانية» أنيس نصار «يمكن أن يُضفي نوعاً من المنافسة على انتخابات نائب الرئيس، فهناك عدد من الكتل النيابية تدعمه». وكرّر التأكيد انه لم يطلب من الرئيس ميشال عون أي دعم لانتخابه في رئاسة المجلس النيابي.
إلى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ وفداً من تكتل «لبنان القوي» طلب موعداً لزيارة عين التينة، لكنّ بري ارتأى تأجيل اللقاء إلى ما بعد انعقاد التكتل الثلثاء المقبل، وحسم خياره حيال انتخاب نائب رئيس المجلس.
وفي المعلومات أيضاً أنّ بري كان ينتظر رداً من عون في شأن إسم نائب رئيس مجلس النواب، علماً أنّ عون كان قد أبلغ الى بري خلال لقائهما الأخير في قصر بعبدا أنّ هناك حاجة الى مزيد من التشاور في «التيار الوطني الحر» وتكتل «لبنان القوي» قبل حسم الخيار النهائي.
العقوبات تتفاعل
وكان الاسبوع السياسي اقفل أمس على تفاعل العقوبات الأميركية ـ الخليجية على «حزب الله»، وتزايد المخاوف من تداعياتها السياسية والاقتصادية، في وقت دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المجتمع الدولي الى دعم الإرادة اللبنانية في تحييد لبنان عمّا يجري في جواره، واكد انّ «مرحلة ما بعد الانتخابات ستشهد تشكيل حكومة وحدة وطنية تمضي بالاصلاحات ومكافحة الفساد وتنفيذ خطة اقتصادية تحقق النهوض».
بدوره، اكد رئيس الحكومة سعد الحريري «البقاء في الخط الأمامي لحماية لبنان، ولمنع سقوطه وتحويله صندوق بريد لأزمات المنطقة». وقال: «هذه المهمة ليست سهلة، لكنها مهمة وطنية بامتياز، وواجب وطني لا يجب أن نتخلّى عنه، في مواجهة الخيار الثاني بأخذ البلد إلى المجهول، أو إلى نزاع أهلي، وأنا لا يمكن أن ألعب هذا الدور، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن أقبل أن يكون البلد منصّة لأجندات خارجية معادية للدول العربية».
في هذا الوقت، أدرجت مصادر سياسية مطّلعة العقوبات، في إطار المواجهة المستمرة بين واشنطن والرياض وبين «حزب الله»، والتي بدأت منذ فترة وارتفع منسوبها راهناً في لحظة سياسية مُعبِّرة، وتوتر إقليمي كبير. وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية»: «العقوبات جاءت إثر مواجهة اسرائيلية ـ ايرانية غير مسبوقة فوق الاراضي السورية وافتتاح السفارة الاميركية في القدس، بُعَيدَ الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي الايراني».
الّا انّ المصادر «ذكّرت انّ المواجهة بين السعودية و»حزب الله» نتيجة تدخلاته في المنطقة، وكذلك بينه وبين واشنطن، كانت في أوجّها، عند تأليف الحكومة وحتى عند استقالة الحريري، وكذلك بعد العودة عن الاستقالة والاجتماعات الدولية التي عقدت من اجل انتظام عمل المؤسسات. لكنّ التمييز ظل قائماً في استمرار بين المواجهة مع «الحزب»، وبين ضرورة الحفاظ على الاستقرار اللبناني وتَفهّم الحالة اللبنانية التي تستدعي المساكنة بين «الحزب» وسائر مكوّنات الحكومة».
وتبعاً لذلك، توقعت المصادر «ان يستمر الوضع على ما هو عليه من دون اي تعديل. بمعنى استمرار المواجهة بين واشنطن والرياض وبين «الحزب»، وتحييد الحكومة اللبنانية، اي من دون الاشتراط عليها عدم تمثيل «الحزب» فيها. وبالتالي، لن يكون هناك ايّ تأثير للعقوبات على الحياة السياسية وعلى الانتظام المؤسساتي وعلى الاستقرار السياسي السائد، بل سيبقى الوضع على ما هو عليه. فالعقوبات، وبإقرار الحزب، ليست جديدة، أي انها لن تؤثر عليه بما انه ليس لديه حسابات مصرفية».
لكنّ المصادر دعت «الى مراقبة هذا التطور وترقّب ما اذا كانت ستعقبه مواقف سعودية واميركية تحذّر من مشاركة الحزب في الحكومة، وإلّا سيعتبر المجتمع الدولي والعربي انّ الحكومة تضمّ منظمة إرهابية ولن يتعاون معها بل سيقاطعها، وعندئذ سيدخل لبنان في أزمة مزدوجة:
• أولاً، إذا تألفت حكومة تضمّ الحزب في ظل رفض سعودي ـ اميركي الاعتراف بأيّ حكومة يشارك فيها، معناه مقاطعة لبنان وعدم الاعتراف بحكومته، ومعناه الاتجاه الى مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي الذي لا مصلحة فيه لأيّ من المكونات.
• ثانياً، هل سيقبل «حزب الله» عدم المشاركة في الحكومة وينتدب لتمثيله شخصيات غير حزبية؟ علماً انّ هذا الامر مستبعد لأنه يعتبر أن مشاركته تشكل مظلة لوضعيته السياسية».
وتضيف المصادر: «في حال صدور موقف اميركي ـ سعودي من هذا النوع نكون قد دخلنا في أزمة سياسية كبرى نعرف كيف تبدأ ولكن لا نعرف كيف ستنتهي. لكن في التقدير السياسي، أنّ صدور موقف من هذا النوع مستبعد لأنّ الموقف الكلاسيكي التقليدي للمجتمعين العربي والدولي لا يزال على ما هو عليه، لجهة الحفاظ على استقرار لبنان والتمييز بين الحزب والحكومة والاقرار بأنّ هنالك وضعية لبنانية يجب مراعاتها وتفهّمها لجهة المساكنة بين «الحزب» وبين سائر المكونات اللبنانية».
طبّارة لـ«الجمهورية»
وتوقّع سفير لبنان في واشنطن سابقاً رياض طبارة «أن تكثّف واشنطن في المرحلة المقبلة عقوباتها على إيران وأذرعها في المنطقة، وان تستهدف أفراداً ومؤسسات ذات صلة ببرنامج الصواريخ الإيراني، كذلك ستستهدف ما تعتبره أذرع النظام الإيراني المنتشرة في المنطقة من اليمن إلى شرق شبه الجزيرة العربية إلى العراق وسوريا ولبنان». ولفت الى «انّ العقوبات الأخيرة طاوَلت حاكم البنك المركزي الإيراني، وهو إنذار لإيران بأنّ العقوبات يمكن أن تُطاول البنك المركزي نفسه في المستقبل، ما قد يؤشّر بدوره الى بداية حرب اقتصادية شاملة».
وقال طبارة لـ«الجمهورية»: «ما يهمّ لبنان هو العقوبات على «حزب الله» ومموّليه، ولربما أيضاً من يسانده سياسياً. وهذا طبعاً يشكّل خطراً اقتصادياً على لبنان. إلّا أنّ الأميركيين أعلنوا منذ أكثر من سنتين اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتحييد الاقتصاد اللبناني قدر الإمكان، وخصوصاً تحييد النظام المصرفي اللبناني. ولا دليل اليوم أنّ هذه السياسة تغيّرت.
لكنّ واشنطن ترى في المقابل، انّ على لبنان التعاون مع الجهات الأميركية المختصة لتسهيل مهماتها في هذا المجال، وهذا ما حصل فعلاً في الماضي وما زال يشكّل جزءاً من السياسة المصرفية اللبنانية».
وأضاف: «أما بالنسبة الى التعقيدات الممكنة امام تأليف الحكومة فالإدارة الأميركية حتى الساعة تراقب الأمور من بُعد ولا أعتقد انها ترى أخطاراً كبيرة عليها وعلى لبنان في هذا المجال، إذ أنها تدرك أنّ اللبنانيين سيتوصّلون في النهاية إلى تأليف حكومة دستورية، ميثاقية، توافقية، تحاصصية، تهتمّ بالأمور الحياتية وتنأى بنفسها عن مشكلات المنطقة، كما فعلوا في الماضي، ما لا يشكّل، في حد ذاته، خطراً محدقاً على مصالحها في المنطقة».
مجلس دفاع
أمنياً، إجتمع المجلس الاعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية في قصر بعبدا امس، وعرض للاوضاع الامنية في البقاع عموماً ومنطقة بعلبك خصوصاً، وقرر اتخاذ التدابير الامنية اللازمة لتعزيز الامن فيها.
وفي معلومات «الجمهورية» انّ عون دعا امس الاول المجلس الى الإجتماع، بعدما تلقّى سلسلة من المناشدات طلبت اليه التدخّل لمعالجة الخروقات الأمنية المختلفة في منطقتي بعلبك والبقاع الشمالي. واستعجل الاجتماع بعدما تعددت الإشتباكات الداخلية بين أهالي المنطقة على خلفيات عشائرية او خلافات عقارية او لأسباب حزبية في بعلبك وقرى المنطقة نتيجة انتشار السلاح بين ايدي المواطنين، وهو ما ادى أخيرا الى زرع الخوف والرعب في قلوب المواطنين، خصوصاً عندما استخدمت الأسلحة الصاروخية في الأحياء السكنية خلال اشتباكات عائلية في اكثر من منطقة وأسفرت عن سقوط جرحى وتسبّبت بأضرار.
في مستهل الجلسة، وبعدما شرح عون الدوافع التي أملت هذا الإجتماع الإستثنائي، قدّم كل من وزير الداخلية نهاد المشنوق وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية تقارير عن الأوضاع في المنطقة وعلى المعابر الحدودية. وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة اتخاذ التدابير التي تكفل ضبط الوضع الأمني في المنطقة وتعزيز الاستقرار فيها.
وبعد المناقشات، وتأسيساً على اقتراحات قادة الأجهزة الأمنية الذين عَزوا معظم الأحداث الأمنية الى الوضع الإقتصادي والإجتماعي وحجم البطالة بين المواطنين، الذين فقدوا فرَص العمل بوجود النازحين السوريين بكثافة، تمّ التشديد على ضرورة السعي الى تنفيذ المشاريع الانمائية والحيوية التي تعزّز الوضع وتزيد من الحاجة الى اليد العاملة اللبنانية المتخصصة والماهرة، بعد التشدّد في تطبيق القوانين التي تحدد مهن النازحين والأجانب المقيمين على الأراضي اللبنانية، ما يؤدي الى تحسّن الوضع الإقتصادي والإجتماعي في المجتمعات المضيفة للنازحين والمنطقة، فتتراجع نسبة الجريمة واللجوء الى السلاح عند كل خلاف، علماً انّ ظاهرة السلاح تحتاج الى التشدّد في تطبيق القوانين التي تمنع نقل الأسلحة الحربية وحملها واستخدامها، وهو أمر يحتاج الى التنسيق الدائم مع المخاتير والبلديات والقوى الحزبية التي رفعت الغطاء عن المشاغبين.
وفي نهاية الاجتماع، تقرر ان تتخذ الأجهزة الأمنية الإجراءات اللازمة في نطاقها ومهماتها ووفق قدراتها، وزيادة نسبة التنسيق في ما بينها لمواجهة اي طارىء بما يضمن الإطمئنان لأبناء المنطقة ويحفظ سلامتهم واستقرارهم.
الجلسة الأخيرة
حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسته الاخيرة عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر الإثنين في قصر بعبدا، وذلك قبل ان تصبح الحكومة مستقيلة دستورية وتدخل في مرحلة تصريف الأعمال. وعلى جدول الأعمال 59 بنداً أبرزها استكمال ما تبقّى من جلسة الأربعاء الماضي والملحق المُوزع، ومنها ما يجب القيام به «لإنقاذ قطاع الكهرباء».
أبي خليل لـ«الجمهورية»
وكشف وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل لـ«الجمهورية» انه أعدّ التصوّر الذي طلبه منه مجلس الوزراء حول موضوع استقدام بواخر الكهرباء، وسيعرضه خلال جلسة الاثنين. ورفض تأكيد ما اذا كان سيتم اتخاذ قرار بالنسبة الى ملف الكهرباء خلال الجلسة، قائلاً: «نحن نعمل وفقاً لمقررات مجلس الوزراء ومطالبه، ونؤمّن التصورات والدراسات المطلوبة منّا حول الخيارات المتاحة لزيادة الطاقة الكهربائية».
من جهة اخرى، أكد أبي خليل انه مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً من الطبيعي ان تزيد كلفة عجز الكهرباء، معتبراً انه لن يكون هناك من خيار سوى زيادة مساهمة الدولة لسدّ هذا العجز الاضافي، «بما انه لم يتمّ تأمين طاقة إضافية لزيادة التعرفة الكهربائية». (تفاصيل ص 11)
وينظر مجلس الوزراء في بنود عدة تعني المؤسسات العسكرية والأمنية، ومنها طلب وزارتي الدفاع والداخلية تطويع مئة تلميذ ضابط للجيش، و78 ضابط اختصاص من الذكور والإناث و400 رتيب من بين المدنيين والعسكريين و4000 عسكري من الرتباء والافراد، و14 ضابطاً للأمن العام، و60 ضابطاً لقوى الأمن الداخلي، و6 ضباط و600 مأمور متمرن لأمن الدولة و6 ضباط للجمارك.
فرنجية عند ميقاتي
سياسياً، برزت أمس زيارة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئيس نجيب ميقاتي في منزله في بيروت، حيث عرضا لمجمل التطورات. وعلمت «الجمهورية» انّ التوافق كان تامّاً على التعاون الكامل لِما فيه مصلحة الشمال، ولكن سياسيّاً كل طرف يحترم خصوصيات الطرف الآخر. ما يعني حكماً عدم انضمام تكتّل فرنجية الى كتلة ميقاتي. وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» انّ ميقاتي «سيواصل اتصالاته لتشكيل تكتل نيابي يضمّ نواباً مستقلّين، بُغية التعاون في المرحلة المقبلة لإنقاذ لبنان من مساره الانحداري».