داود رمال – الاخبار
أجمعت أوساط كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري أن اللقاء الذي جمعهما، في بعبدا، أمس، «كان إيجابياً جداً». فكرة اللقاء جاءت خلال اتصال جرى بين الاثنين، بمبادرة من بري، مع عودته من المصيلح إلى بيروت. كان الهدف من الاتصال تبادل التهاني بإنجاز الإنتخابات وما يليها من إجراءات. وجّه عون الدعوة إلى بري إلى مأدبة غداء في بعبدا، فسارع بري إلى تلبية الدعوة التي تم تحديدها، أمس. تجاوز الرجلان كل ما رافق الاستحقاق الرئاسي من حملات. كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد أعلن أنه سيدخل على خط ضبط العلاقة بين حليفيه التيار الوطني الحر وحركة أمل. وبالفعل، كان طيف «السيد»، ولو بشكل غير مباشر، هو قوة الدفع التي تدفع باتجاه ليس عقد اللقاء بل تطوير العلاقة.
لقاء على مدى ساعتين، تخلله غداء عمل، خرج بعده الرئيس بري للحديث ليس عن صفحة جديدة «بل صفحة متجددة، لأنه أصلاً ومنذ انتخاب فخامة الرئيس، وأنا أبدي الاستعداد للتعاون مع الرئاسة الاولى»، واصفاً الجلسة بأنها «أكثر من ممتازة» وقال: «تطرقنا إلى كل المواضيع المستقبلية، من دون الدخول في التفاصيل، كموضوع الحكومة وشكلها، إنما عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي يجب إعادة الاهتمام بها وتغييرها». وأضاف «هناك تطابق في الرؤية إلى هذه الامور، وتبقى العبرة في التنفيذ، وهو ليس على همّة فخامة الرئيس فقط، بل على همّتنا جميعاً كلبنانيين».
وقال مصدر متابع لـ«الأخبار» إنه بعد أن «لملم الفرقاء أرباحهم وخسائرهم، ها هم يكتشفون مجدداً أن لبنان لا يحكم إلا بالوفاق والتسويات، غير أن ما يضاف اليها شخصية رئيس الجمهورية الذي لا يمكن إدخاله في حالة من المراوحة وقضم الوقت وصولاً الى اللاشيء، إنما سبق وحدد منذ بداية عهده أن حكومة العهد الاولى هي تلك التي ستنبثق عن الانتخابات النيابية، وفي ذلك إشارة واضحة الى وجود إرادة رئاسية بتحويل الحكومة الجديدة إلى خلية نحل لا تهدأ على كل الملفات، بدءاً من استكمال تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته، وصولاً الى رفع الغبن المزمن عن آخر نقطة تعاني الإهمال والحرمان في لبنان».
استناداً الى ذلك، يؤكد المصدر أن التعاون والتنسيق بين عون وبري «لن يكون موسمياً أو هاتفياً»، نافياً أن يكون قد طرح في اللقاء موضوع تصويت كتلة التيار الوطني الحر في انتخابات رئاسة مجلس النواب في جلسة الثالث والعشرين من الجاري (الثانية عشرة ظهراً).
وكشف المصدر أن رئيس الجمهورية «أعطى خلال اللقاء إشارات إيجابية يفهم منها أن كتلة لبنان القوي ستصوّت للرئيس بري، انطلاقاً من التشديد على مرحلة التعاون المتبادل واعتماد نهج مختلف في معالجة كل الملفات، بوحي من التعاون والتكامل بين الرئاسة الاولى ومجلس النواب ومجلس الوزراء».
لسان حال عون وبري، حسب المصدر، أنهما يستعجلان التأليف «من أجل ترسيخ وحدة الموقف الوطني في مواجهة التحديات الخارجية، بالتوازي مع الاستحقاقات الداخلية المتصلة بالإصلاح ومكافحة الفساد كممر إجباري لمعالجة الوضع الاقتصادي – المالي المتدهور».
ورداً على سؤال، قال بري للصحافيين في بعبدا «اتفقنا على أن هناك انتخاباً لرئيس المجلس ومكتب المجلس، ولم ندخل في الاسماء، إن بالنسبة إليّ أو بالنسبة إلى غيري. أنا لم أطلب ولم أتلقّ وعداً»، ونفى أن يكون البحث قد تطرق إلى موضوع الحكومة ومواصفاتها والحقائب وأسماء الوزراء.
وإذا كان يفصل في علاقته بين رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل، أوضح بري «أنا أقيم علاقات مع كل شرائح المجتمع، وجبران باسيل من هذه الشرائح».
ولدى سؤاله عمّا إذا كان رئيس الجمهورية سيعامله بالمثل في انتخاب رئيس المجلس، اكتفى بري بالقول «هذا حقه إذا أراد»، مشيراً الى أن ميله الى نائب رئيس المجلس «سيعبّر عنه في ورقة الاقتراع».
وعُلم أن بري أبلغ عون أن من حق كتلة لبنان القوي تسمية نائب رئيس المجلس، لأنها الكتلة الأكبر عدداً في المجلس الجديد. وشدد بري على أن الرغبة في التعجيل بالتأليف الحكومي في مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية، لا تنفي وجود عقبات يجب أن تذلل.
ونقل زوار بري عنه قوله إنه متفق وعون على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، علماً بأن الرجل «يريدها البارحة قبل اليوم»، وقال بري إنه بعد جلسة انتخاب رئيس المجلس وهيئة المكتب، سيبادر بروتوكولياً إلى زيارة رئيس الجمهورية برفقة هيئة المكتب الجديدة.
يذكر أن الحكومة تعتبر مستقيلة حكماً بحسب المادة 69 من الدستور، وذلك مع بدء ولاية مجلس النواب (الساعة الصفر من ليل 21 ـــ 22 أيار)، أي من دون الحاجة إلى تقديم الاستقالة، وعلى الفور، يصدر عن رئاسة الجمهورية بيان (وليس مرسوماً) يدعو الحكومة إلى تصريف الأعمال، تليه الدعوة إلى استشارات تسمية رئيس الحكومة المرجّح أن تتم يوم السبت في السادس والعشرين من أيار (25 أيار العيد الوطني للتحرير)، أو الإثنين في الثامن والعشرين من أيار.
وفيما قال بري، ليل أمس للصحافيين في عين التينة، إنه مستعد للتدخل لدى القوات اللبنانية لإقناعها بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة (كانت اشترطت القوات أن تكون التسمية من ضمن اتفاق سياسي يشمل البيان الوزاري وعدد الوزراء وطبيعة الحقائب التي ستسند إليها)، استقبل الحريري، ليل أمس، في بيت الوسط، سمير جعجع، في حضور الوزيرين غطاس خوري وملحم الرياشي والوزير السابق باسم السبع.
وعلمت «الأخبار» أن الاجتماع الذي بدأ قرابة التاسعة مساء، واستمر إلى ما بعد منتصف ليل الثلثاء ــــ الأربعاء، وتخللته مأدبة عشاء، «كان إيجابياً جداً» بحسب مصادر المجتمعين، وقالت المصادر إن اللقاء «يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين القوات والمستقبل»، وجزمت أن المجتمعين قاربوا العلاقة بين الطرفين وخلصوا إلى تقييم مشترك «ستظهر ملامحه في سياق عملية تأليف الحكومة الجديدة وصياغة بيانها الوزاري».
وقال جعجع للصحافيين إنه أبدى تصوره بالنسبة للحكومة الجديدة وكان الحريري «مستمعا»، وأشار إلى أنه أبلغ الحريري أن «لا وقت طويل لدينا في لبنان تحديدا من الناحية الإقتصادية والمعيشية، ولا لأنصاف الحلول، إنما نحتاج لإنطلاقة جديدة ووجوه جديدة ونمط عمل جديد وإلا سنحصل على نفس النتائج». واضاف أن المرحلة الماضية «شهدت تساؤلات وتساؤلات مضادة بيننا وبين المستقبل، اما اليوم، فالمرحلة جديدة كليا وما يجمعنا والمستقبل أكبر بكثير مما يفرقنا»، وقال إنه وجد ميلاً لدى الحريري لفصل النيابة عن الوزارة.
واكد جعجع أن تفاهم معراب «لم ينته»، وقال «نشعر بالفرح نتيجة العلاقة الموجودة بين الحريري والعهد، وتفاهمنا مع الحريري يأتي في السياق ذاته، ومكانة الرئيس بري معروفة لدينا منذ السابق وحتى اليوم، وبالسياسة لكل حادث حديث، وأكرر أمام الجميع أننا لا نطالب بحقيبة معينة».