خبر

«نادر راجع»؟!

ملاك عقيل – الجمهورية

 

 

«نادر راجع»؟ هو السؤال الأكثر إلحاحاً الذي واكب «النفضة» التنظيمية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري ضمن فريقه الحزبي، لا لشيء، إلّا لأن إبن عمته نادر الحريري كان رجل الثقة الأول لدى رئيس الحكومة، وظلّه وكاتم أسراره السياسية وغير السياسية، والذي لا يُستغنى عنه. يستصعب كثيرون من دائرة الحريري أن يكون دور من رافقه منذ العام 2005 واكتسب ثقته العمياء قد انتهى بشحطة قلم.

لا تجوز المقارنة بين نادر الحريري ومحمد منيمنة، الشخصية التي اختارها «لشيخ سعد» لتخلف إبن عمته بالوكالة. منيمنة هو بعيداً تماماً من دائرة القرار في بيت الوسط. تواجده ضمن فريق بيت الوسط يعود الى حقبة الشهيد رفيق الحريري والشهيد اللواء وسام الحسن، وقد استمر في موقعه الى حين دخول الرئيس سعد الحريري غمار الشأن العام وتكليفه رئاسة الحكومة، حيث انضمّ لاحقاّ الى فريق البروتوكول في بيت الوسط وكان مسؤولاً من ضمن مهامه عن ترتيب المواعيد الخاصة للحريري. وطوال فترة تسلّم نادر الحريري مسؤولية مدير مكتب الحريري كان التواصل بين منيمنة والأخير ينحصر في أمور تقنية وبروتوكولية.

وبالتالي أتى تعيين منيمنة بالوكالة ليعبّئ فراغاً تقنياً فقط. يقول قريبون من سعد الحريري «يصعب أن يخلف نادر الحريري شخصاً واحداً. كان الرجل عبارة عن ماكينة سياسية ومجموعة مستشارين في مستشار واحد».

إذاً، هي مجرد مرحلة إنتقالية لا يمكن التكهّن بمدتها، مع العلم أن العارفين يؤكّدون أن الحريري سيكتفي بمجموعة قرارات الإقالة التي أعلنها إلّا إذا تبيّن له لاحقاّ، بناء على عملية «الإستكشاف» التي لا يزال يجريها فريق لصيق به عن أسباب الإحفاق الإنتخابي في بعض الدوائر، إن المحاسبة يجب أن تطال مزيداً من الرؤوس في «تيار المستقبل».

وحين تصبح شخصية مؤثرة كنادر الحريري خارج دائرة القرار في بيت الوسط تتركّز الأنظار نحو الفريق الضيّق الذي يعمل الى جانب الحريري. وفق المعلومات، لا مؤشّرات لأي مراجعة تخصّ أداء من يعمل اليوم الى جانب رئيس الحكومة. باسم السبع، رفيق الوالد الشهيد ثم الإبن، هو أحد أهمّ المستشارين السياسيين في حلقة الحريري، ويُعتبر من الثوابت بالنظر الى ولائه المطلق لآل الحريري.

هاني حمود مستشاره الإعلامي، وغطاس خوري مسؤول ملف العلاقات مع القوى المسيحية، والذي تفيد معلومات أنه لن يوزّر في الحكومة المقبلة، وداوود الصايغ مسؤول ملف العلاقات مع بكركي والكنيسة، ونديم المنلا أحد أهمّ مستشاريه الإقتصاديين، وكارما أكمكجي مسؤولة ملف العلاقات الدولية منذ أيام الشهيد محمد شطح… جميع هؤلاء لا يزالون ضمن حلقة بيت الوسط الضيقة.

يبدو الرئيس الحريري كمن يطوي صفحة ليفتح أخرى، لكن من دون أن يستغني عن خدمات العديد من القريبين منه. سيُظلم نادر الحريري كثيراً حين يُحشَر بين «المجموعة المقصّرة» التي «سوَّدت وجه» الحريري في الإنتخابات ودفعته بكل جرأة، لم يتحلّ بها رؤساء أحزاب آخرين، الى الإعتراف بفقدانه ثلث المقاعد، «وبأنه كان يأمل بنتيجة أقوى في هذه الإنتخابات».

دور نادر الحريري كان أكبر بكثير من مجرّد «محاسبته» على تسرُّب بعض المقاعد الى الأخصام وإساءة إختيار بعض المرشحين. والمنطق يقول، إذا كان لا بد من المحاسبة على هذا المستوى فالأنظار ستتوّجه الى أمين عام «تيار المستقبل» أحمد الحريري وليس شقيقه، طالما أن أحمد كان المسؤول التنفيذي الأول عن شاردة وواردة الأداء الإنتخابي للماكينة الحزبية ومحازبيها.

لكن البيان الصادر عن أحمد الحريري في «ليل المحاسبة» الطويل كان كفيلاً بحسم توّجه رئيس الحكومة لعدم إقالة الأخير من موقعه، بعدما أكّد «أن كل الشائعات التي تطال موقعي في الأمانة العامة غير صحيحة ولا أساس لها إلّا في قاموس أعداء «التيار».

يتحدّث قريبون من الحريري عن خط فاصل بين مرحلتين، أما الحياديون فيحدّدون توقيته «منذ لحظة لقاء الحريري الملك السعودي في شباط الماضي، ولاحقاً حين بدّد رئيس الحكومة كل السيناريوهات التي تحدّثت عن إستقالة إجبارية من الرياض بأخذه سيلفي مشتركة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وملك المغرب محمد السادس في باريس في نيسان الفائت»، معلّقاً على الصورة «لا تعليق».

الوقت وحده كفيل بتبيان صحّة النظرية القائلة بأن الحريري سيستغني تباعاً عن الفريق الذي أغضب الرياض إبّان أزمة الإستقالة، والأسماء كثيرة.
ويوم أمس كان لافتاً ما اصطلح على تسميته «الموقف اليوم»، والذي ينشر على موقع «تيار المستقبل» الإلكتروني ويعكس موقف الحريري حيال المستجدات، حيث تمّ تأكيد ما أعلنه رئيس الحكومة سابقاً عن أن «سعد الحريري 2018 لا يشبه قبله»، وعلى أن ما ألمح اليه مؤشر واقعي على أن «كل خطواته وقراراته المقبلة ستغلّف في طابع خاص عنوانه العريض سعد الحريري «موديل 2018»، وكان الأجدى بالبعض أخذ كلامه على محمل الجد والعمل على إبراز تقاطع ما أورده سعد الحريري مع كل القرارات التنظيمية الأخيرة الصادرة عنه».

وفيما تعتبر إستقالة نادر الحريري خارجة عن سياق القرارات التنظيمية التي حملت توقيع رئيس «تيار المستقبل»، فإن مطلعين يجزمون بأن إحتمال إبتعاد نادر عن بيت الوسط كان يتفاعل منذ أشهر ضمن الدائرة الضيقة، وربما هذا ما يفسّر عدم ظهور إبن عمّته في جولاته الإنتخابية كافة، وصولاً الى «مهرجان النصر»، معتبرين أن انكفاء نادر، وربما لوقت محدّد، «لا يعني رسالة سياسية للعهد أو لجبران باسيل باعتبار أن مدير مكتب الحريري السابق كان من عرّابي التسوية الرئاسية».

ويشير مطلعون في هذا السياق «بأن ترجمة التسوية الرئاسية بين عون والحريري مستمرة، لكن الأخير قرّر أن يعدّل في إدارتها وتوظيفها بما يخدم مصلحة رئاسة الحكومة ومصلحة البلد بشكل أكبر»، داعين الى رصد تحالفات الحريري داخل الحكومة ومجلس النواب في المرحلة المقبلة.