خبر

الفوز اللافت… واللاعب الخفي

تحت عنوان “الفوز اللافت… واللاعب الخفي”… كتبت وكالة النشرة التي تصدرها (المؤسسة اللبنانية للصحافة والنشر) قراءة سياسية حول نتائج بيروت الأولى.

شهدت الانتخابات النيابية في بيروت الأولى (الأشرفية وملحقاتها) عدة مفاجآت ومفارقات كان أولها تدني نسبة المشاركة الشعبية التي سجلت أدنى نسبة في كل الدوائر في لبنان، ولم تتجاوز الـ 31 في المئة (44579 مقترع) من أصل (130964) مقترع وهذا التدني يعود إلى عدة عوامل منها ما يتعلق بنتائج ومتغيرات الحرب وكون أن الدائرة الأولى من بيروت شهدت عملية انتقال لكثير من سكانها إلى خارجها، في داخل لبنان أو إلى الخارج. ولكن الأهم يتعلق بموقف سلبي لدى شريحة واسعة من الناخبين للأسباب التالية:
1- تعقيدات القانون النسبي الجديد واللوائح المقفلة والمركبة وطبيعة التحالفات الانتخابية المنفصلة عن الواقع السياسي وهذا ما أدى، ليس فقط في الأشرفية وإنما في مناطق كثيرة، إلى تراجع حماسة الناخبين في المشاركة.
2- عدم تقديم اللوائح في هذه الدائرة برامج وأفكاراً تحفز على المشاركة في الانتخابات، وبدا كما لو أن الانتخابات فقدت بريقها السياسي وجاذبيتها الشعبية.
3- إخفاق قوى المجتمع المدني في تقديم خيارات وبدائل مقنعة من شأنها أن تدفع الناخب إلى المشاركة الفاعلة كما حدث في الانتخابات البلدية بدل الإعتكاف، وأما الخرق الذي أحرزته بولا يعقوبيان، وكان الوحيد الذي أحرزته إحدى لوائح المجتمع المدني في لبنان، فقد تحقق بفعل جهد شخصي بذلته يعقوبيان التي نجحت في تقديم وتسويق نفسها وأفكارها.

الأمر اللافت الذي استحوذ على اهتمام المراقبين أيضاً كان ضعف المشاركة الأرثوذكسية، لأن الأرثوذكس لم يجدوا أنفسهم معنيين كثيراً بهذه المعركة التي لم يكن مركز الثقل والتنافس فيها أرثوذكسياً. ولما كان الإنتخاب يتم بموجب القانون التفضيلي على أساس مذهبي، فإن الكثير من الأرثوذكس فضلوا عدم المشاركة في معركة جرت على أرض أرثودكسية على مقعدين كاثوليكي وماروني.
وبالفعل كانت المعركة قاسية وقوية على المقعد الكاثوليكي بين الوزير ميشال فرعون والوزير السابق نقولا الصحناوي الذي نجح بالفوز بالمقعد الكاثوليكي بعدما صب “التيار” أصواته له (4788)، نظراً لرمزية المعركة وكونه نائب رئيس التيار الوطني الحرّ، فيما فرعون اعتمد على كونه نائباً ووزيراً منذ العام 1996 وعلى القاعدة الشعبية التي بناها منذ ذلك الوقت ونال (3214 صوت)، في وقت كانت القوات تركّز على إنجاح مرشحها عماد واكيم الذي نال (3936)، والكتائب تركّز على إنجاح مرشحها نديم الجميل والذي نال (4096) الذي ” بالكاد نجح” وأفلت من فوز كاد أن يكون في متناول منافسه مسعود الأشقر (3762)…

ولكن النتيجة البارزة واللافتة تمثلت في فوز المرشح جان طالوزيان (أرمن كاثوليك) بأصوات تفضيلية بلغت (4167) وحلوله في المرتبة الأولى على لائحة “بيروت الأولى”، وفي المرتبة الثانية في الأشرفية وكل اللوائح.
هذا الفوز الكبير الذي تحقق بفعل دعم آل صحناوي (نبيل وانطون صحناوي) للعميد المتقاعد طالوزيان المرشح المستقل غير المحسوب على حزب سياسي والمدعوم فقط من السيدين نبيل وأنطون صحناوي (رئيس مجلس إدارة “سوسييته جنرال”) اللذين يتمتعان بشعبية ونفوذ في الأشرفية نتيجة جهودهما ومشاريعهما الإنمائية والخدماتية ، وتفاعلهما مع الناس وقضاياهم ومعايشة همومهم ومشاكلهم… والترجمة العملية كانت في صناديق الإقتراع التي أعطت طالوزيان رقماً عالياً (4167) في سابقة لم تشهد لها الأشرفية مثيلاً وأعطت اللائحة حاصلاً إنتخابياً ثالثاً.
ومن المعلوم أن السيدين نبيل وأنطون صحناوي اللذين كانا ناخبين أساسيين في هذه المعركة، كانا في بدايات السباق الإنتخابي منحازين إلى فكرة التحالف مع الكتائب في لائحة واحدة تضم إلى نديم الجميل، جان طالوزيان ودافيد عيسى عن المقعد الكاثوليكي، ولكن الأمور سارت في اتجاه آخر مع تفضيل نديم الجميل لمشروع اللائحة الواحدة مع القوات اللبنانية معتقداً أنه بذلك يمكنه تحقيق نصر أكيد في هذا التحالف.
وتقديراً لموقف السيدين نبيل وأنطون صحناوي، ومن باب رد الجميل، إنخرط السياسي دافيد عيسى، والذي لديه تواجد وتأثير إنتخابي كبيرين في الدائرة الأولى من بيروت، في معركة إيصال جان طالوزيان، ومحيّداً نفسه نهائياً عن معركة المقعد الكاثوليكي، وداعماً ومشاركاً بقوة لإيصال جان طالوزيان والتي جاءت تضاهي في تنظيمها وفعاليتها معارك أكبر الأحزاب حتى لا نقول أكثر وأهم.