خبر

مرشّحو الحاصل: «كمالة عدد» و«كاميكاز» و«أضحية» وقنابل موقوتة

ليا القزي – الأخبار

 

 

ضحايا القانون النسبي والصوت التفضيلي، اليوم، كانوا يصلون، في ما مضى، إلى الندوة البرلمانية بفضل محدلة القانون الأكثري. باتوا اليوم مُرشحي «الحاصل الانتخابي»، الذين لا يرى فيهم «قادة» اللوائح سوى «رزمة» أصوات، حتى ولو أن حظوظهم بالفوز معدومة. إنهم «فدائيون» ينتشرون في كلّ الدوائر

جواد بولس مُرشح إلى الانتخابات النيابية في دائرة الشمال الثالثة (بشرّي ـــ زغرتا ـــ الكورة ـــ البترون)… وغير مُرشح. فالنائب السابق ارتضى لنفسه لعِب دور «الجِسر»، ليُساعد رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض، في رفع نسبة أصواته التفضيلية وحظوظ فوزه بأحد مقاعد زغرتا الثلاثة. القصة بالنسبة إليه بسيطة: هي معركة خطّ سياسي، الهدف أن يصل واحد من الملتزمين به، إلى البرلمان. وبما أنّ قانون النسبية وفق نظام الصوت التفضيلي «يفرض» اللجوء إلى هذه «التكتيكات» الانتخابية، قرّر بولس أن يكون «شريك» معوض على لائحة التيار الوطني الحرّ، ولكنّ نائب زغرتا السابق أوعز إلى مُناصريه «تفضيل» نجل الرئيس الراحل رينيه معوض.

ليس بولس «حالة فريدة». ينتمي الرجل إلى فئة قرّرت أن تُقدّم نفسها «أضحية» خدمةً لـ«الخطّ»، إمّا لأنّ هؤلاء مُقتنعون فعلاً بأهمية ربح «أيّ شخص» من فريقهم السياسي، وإمّا لأنّهم يعتبرون استحقاق أيار مجرّد «محطة»، في سياق بناء مُستقبلهم السياسي.
هناك أصنافٌ أخرى من بين المُرشحين الـ583 إلى الانتخابات. قسمٌ منهم يوصف بـ«الفدائيين». على كلّ لائحة، يوجد ما يُسمّى بـ«مُرشحي الحاصل الانتخابي». يعرف مُصممو اللوائح أنّ حظوظ عددٍ من مُرشحيهم شبه معدومة. لجأ رؤساء الأحزاب والتيارات السياسية إلى هؤلاء المُرشحين، لامتلاكهم قدرة تجييرية مُعيّنة، تُفيد اللائحة في رفع حاصلها، أو حتى في تأمينه. إجمالاً، يُكابر القسم الأكبر من «مُرشحي الحاصل» على واقع «استغلالهم» من قِبَل القيمين سياسياً على اللوائح. الأمر نفسه ينطبق على مُرشحي «كمالة العدد». ولكن، هناك القسم الثاني من «مُرشحي الحاصل»، الذين يؤثرون إيجاباً في اللائحة، ولديهم أيضاً فرصة لإحداث خرقٍ، إذا أتت نتائج اللعبة الحسابية لصالحهم. المُرشح توفيق سلطان، على لائحة العزم في دائرة الشمال الثانية، مثالٌ على ذلك. إضافةً إلى هؤلاء، يوجد مستقلون، على لوائح «المجتمع المدني» أو الأحزاب اليسارية والعلمانية، يملك كلّ واحد منهم حيثية مُعينة، من دون وجود «رافعة» مُحدّدة للائحة. كلّ واحد منهم، يتّكل على الثاني من أجل الاستفادة من الحاصل وزيادة احتمال الخرق. يظهر ذلك، بشكل أساسي، في دائرة بيروت الأولى بين بوليت ياغوبيان (بولا يعقوبيان) وزياد عبس وجمانة حداد.

في ما يلي بعض الأمثلة على ذلك، والبداية من البقاع الأوسط، ولائحة الكتلة الشعبية. رافعة اللائحة هي رئيسة «الكتلة» ميريام سكاف، يُساعدها في تأمين الحاصل كلّ من أحمد العجمي وبول شربل ونقولا سابا وجورج بوشكيان. الوحيد الذي لا يُمثل حيثية مُهمة على اللائحة هو أسامة سلهب. أما القوات اللبنانية، فأرادت من التحالف مع النائب إيلي ماروني منع تشتت الأصوات، مع وجود قاعدة قواتية ــ كتائبية مُشتركة. لمُرشحها قيصر (سيزار) المعلوف وجود عائلي وطائفي (من المُرشحين الأقوياء أرثوذكسياً، خاصة أنّه لا توجد منافسة قوية على هذا المقعد) وعصبية مناطقية (المعلقة)، إضافةً إلى قدراته المادية. إلا أنّ «القوات» تُراهن بشكل أساسي، وبكلّ ثقة، على «البلوك» الحزبي الذي يمكنها تجييره، والموضوع في تصرّف جورج عقيص وسيزار المعلوف.
يريد العونيون من لائحة تيار المستقبل ـــ التيار الوطني الحر ـــ المستقلين، فقط تأمين مقعد سليم عون النيابي. في سبيل هذا الهدف، تحالفوا مع شخصيات «قوية» مادياً وانتخابياً، كأسعد نكد وميشال الضاهر، قبل أن يتحول الأخيران إلى قنبلتين موقوتتين داخل اللائحة. فعِوض أن يسعى الضاهر ونكد إلى رفع حاصل اللائحة من خلال اجتذاب أصواتٍ لا تدور في فلك «التيار»، يُدير حملة نكد الانتخابية، مثلاً، المُنسق العوني السابق قزحيا الزوقي. احتمال أن ينجح الضاهر ونكد موجود، بعكس ميشال سكاف ونزار دلول… «مُرشحي الحاصل» وشقّ عائلة سكاف.
أما لائحة «٨ آذار»، فتسعى لرفع الحاصل من خلال المُرشح القومي ناصيف التيني، ويوجد أيضاً وجيه عراجي، شقيق رئيس بلدية برّ الياس، الذي بإمكانه أن يُنافس آل عراجي في هذه المنطقة. والنائب نقولا فتوش، مُرشح حاصل مُهم، ويُنافس في الوقت نفسه بجدية للفوز بالمقعد الكاثوليكي.
في البقاع الغربي، تتكل لائحة «الغد الأفضل» على قوتي عبد الرحيم مراد وحزب الله. تحت مظلتهما، «يذوب» المُرشحون الآخرون، باستثناء فيصل الداود. أما لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي ــ تيار المستقبل، فبعيداً عن الأحزاب، يُعتبر أمين وهبة من مُرشحي «كمالة العدد»، أما هنري شديد وغسان سكاف فيمكن تصنيفهما في خانة مُرشحي الحاصل اللذين توجد إمكانية لفوز أحدهما.
بالانتقال إلى البقاع الشمالي، لا يوجد على لائحة حزب الله «مُرشحو حاصل»، وهو الأمر الذي ينسحب على مُعظم الدوائر (باستثناء كسروان الفتوح ــ جبيل). فالاقتراع للوائح «الحزب» والحلفاء، يتم سياسياً، ويجري العمل لتقليص الخروقات إلى الحدّ الأدنى. على العكس من لائحة «المستقلين»، حيث يجهد الكل من أجل تأمين حاصل بلوغه صعب، ولكن «الأبرز» هما فايز شكر وفادي يونس. أما لائحة «الكرامة والإنماء»، فبعيداً عن مُرشحي القوات اللبنانية وتيار المستقبل ويحيى شمص، البقية لا دور لهم سياسياً أو انتخابياً.
في صيدا ــ جزين، يُعتبر المرشحون مع النائب بهية الحريري بمثابة «احتياطي استراتيجي». حاصلها الانتخابي سيُمكنها في حال خسارة المقعد الثاني في صيدا، من التعويض في جزين. أما عبد الرحمن البزري وبسام محمود، فهما مُرشحا الحاصل لتعزيز مكانة لائحة التيار الوطني الحر في جزين. وتعتمد القوات اللبنانية في صيدا، على خال مُرشحها سمير البزري، رجل الأعمال مرعي أبو مرعي.
تواجه لائحة حزب الله ــ حركة أمل، في دائرة الجنوب ٢، لائحة «معاً نحو التغيير» التي تُعول على الاختراق بمقعدٍ. «الأولوية» هي لرياض الأسعد، وبالدرجة الثانية يأتي وسام الحاج. أما بقية المُرشحين، فـ«بخدمة» حاصل الأسعد والحاج.
في الجنوب ٣، يؤمّن المُرشحان مصطفى بدر الدين وعباس شرف الدين (لائحة الجنوب يستحق)، أصواتاً تسمح لعماد الخطيب ونديم عسيران بتعزيز حظوظ فوز أحدهما. أما لائحة «شبعنا حكي»، فكلّ المُرشحين «ديكور» لمُرشح القوات اللبنانية فادي سلامة. لا يوجد على لائحة الحزب الشيوعي مُرشحون للحاصل الانتخابي، رغم أنّ أكثرهم حيثية هو علي الحاج علي. فـ«الشيوعي» يخوض معركة سياسية ضدّ النظام اللبناني، ولا يهم «هوية» الفائز.
انقسمت قوى فريق ٨ آذار في عكار على لائحتين. لكل مُرشح على لائحة تيار المردة ــ الحزب القومي ــ وجيه البعريني ــ مخايل الضاهر، حيثية تجعله يعتقد أنّه الأوفر حظاً للفوز، علماً أنّ اللائحة قد لا تستطيع تأمين الحاصل. أما لائحة التيار الوطني الحر ــ الجماعة الإسلامية ــ رياض رحال، فالهدف منها أن يؤمن المُرشحون حاصلاً انتخابياً لتأمين فوز أحد مرشحي التيار الحر جيمي جبور أو أسعد ضرغام. و«كمالة عدد» لائحة تيار المستقبل ــ القوات اللبنانية، هما خضر حبيب وجان موسى.
المُرشحان في الضنية، على لائحة تيار العزم، جهاد اليوسف ومحمد الفاضل يُدرجان في خانة «مُرشحي الحاصل»، ولو أنّهما ينفيان ذلك ويعتبر كلّ منهما أنّه يخوض معركة جدية بهدف الفوز. مع الإشارة، إلى أنّ الحواصل الانتخابية للائحة سيؤمنها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. لائحة جهاد الصمد ــ فيصل كرامي ــ تيار المردة، قائمة على «البلوك» الانتخابي للصمد والحزب العربي الديمقراطي، والإضافة للائحة ستكون من خلال أصوات الأحباش وعادل زريقة في المنية. لا يوجد على لائحة تيار المستقبل، سوى «المستقبل» نفسه لتأمين الحاصل الانتخابي. المُرشحون الذين يملكون حيثية شعبية هم الأوفر حظاً للفوز، كمحمد كبارة وعثمان علم الدين. أما البقية، فالهدف منهم تشكيل لائحة مكتملة. الأمر نفسه ينطبق على لائحة أشرف ريفي. ولكن على جبهة لائحة كمال الخير ـــ التيار الوطني الحر، كلّ المُرشحين هم من أجل الحاصل، علّ الخير يفوز بالمقعد بعد أن تخلّى عنه حلفاؤه.
في الشمال ٣، نعمة ابراهيم في البترون هو «كمالة عدد» على لائحة التيار العوني، بهدف الاستفادة من المندوبين. أما للحاصل الانتخابي، فقد رُشح جواد بولس وسعيد طوق. بالنسبة لتيار المردة، سليم كرم هو «الأضعف» في زغرتا و«القوي» في الوقت نفسه الذي لا يريد تيار المردة أن يخسر أصواته. حال روي عيسى الخوري وعبدالله الزاخم أيضاً من حال كرم. مُرشحو الحاصل على لائحة القوات اللبنانية، هم سامر سعادة وألبر اندراوس وميشال الدويهي عن حزب الكتائب.
في بيروت الأولى، يُضاف إلى كتلة القوات اللبنانية، قدرة النائبين نديم الجميل وميشال فرعون التجييرية. أما التيار الوطني الحرّ، فيريد الاستفادة من أصوات كلّ المرشحين خدمةً لنقولا الصحناوي. التنافس على لائحة «كلنا وطني» هو بين زياد عبس وبوليت ياغوبيان، اللذين يستفيد كلّ منهما من حاصل الآخر، مع أفضلية لياغوبيان بسبب وجود ثلاثة مقاعد للأرمن الأرثوذكس، من دون استبعاد أن يكون الحظ حليف رفيقتهما جمانة حداد.
على لائحة تيار المستقبل في بيروت الثانية، يُعتبر علي الشاعر «مُرشح الحاصل»، في حين أنّ النائب غازي يوسف هو من النواب الذين استفادوا سابقاً من محدلة النظام الأكثري، واليوم لا يملك قدرة تجييرية أو إمكانية للفوز. تخوض لائحة «بيروت الوطن» المعركة كلّها من أجل إنجاح صلاح سلام، التي يملك فيها عماد الحوت وسعد الوزان نسبة أصوات ترفع الحاصل. لائحة «صوت الناس» لا تتكّل على مُرشحي الحاصل، بقدر ما تؤسّس لحالة جديدة، ولكن الأبرز فيها هما ابراهيم الحلبي وعمر نجاح واكيم. إضافةً إلى «قوّات» فؤاد مخزومي، قد يكون معروف عيتاني، الوحيد الذي يُساهم في رفع حاصل لائحة «لبنان حرزان».

في دائرة كسروان الفتوح ـــ جبيل، كلّ المُرشحين على لائحة «التضامن الوطني» هم «كاميكاز» الحاصل الانتخابي (رغم نفيهم ذلك)، لتأمين فوز حسين زعيتر. وينقسم المُرشحون على لائحة القوات اللبنانية في الدائرة بين كمالة عدد (المرشحون عن كسروان، باستثناء شوقي الدكاش)، ومُرشحي الحاصل (محمود عواد وفادي روحانا صقر في جبيل). جيلبيرت زوين ويوسف سلامة وشاكر سلامة (هناك إمكانية أن يخرق) وجان الحواط ومصطفى الحسيني، هم مُرشحو الحاصل لرفع حظوظ كلّ من فارس سعيد وفريد هيكل الخازن.
في المتن، تُساعد كورين الأشقر وسركيس سركيس في رفع حاصل لائحة «التيار». أما على لائحة «القوات»، فلا أحد يُساهم في رفع الحاصل سوى الحزب نفسه، الذي من غير المحسوم أن ينال العتبة التي تؤهله للفوز بمقعد. والمُرشحون مع ميشال المرّ يندرجون ضمن فئة كمالة العدد.
بالانتقال إلى بعبدا، يُعتبر المرشح عن المقعد الدرزي هادي أبو الحسن (لائحة المستقبل والإشتراكي والقوات) هو الرافعة الأساس، مقابل سهيل الأعور مُرشح الحاصل على لائحة حزب الله ـــ التيار العوني، أما صلاح الحركة، فيندرج في خانة «كمالة العدد» تسهيلاً لفوز بيار بو عاصي. يسري ذلك على بقية مُرشحي الحاصل في اللائحة نفسها.
وأخيراً، المعارك الانتخابية في دائرة الشوف ــ عاليه، سياسية بين معظم اللوائح. الاتكال فيها على قدرات الأحزاب التجييرية، التي يريد كلّ منها الفوز بأكبر عدد من المقاعد. تبقى اللوائح المدنية في الدائرة، التي لا يوجد عليها مُرشحون بارزون للحاصل. ولائحة وئام وهاب، الذي يُضاف إلى قوته التجييرية ما قد يؤمنه شفيق رضوان وخالد خداج وسهيل بجاني، من أجل فوز وهاب بالمقعد، وكَسر استئثار الجنبلاطية والارسلانية بـ«الزعامة الدرزية».