رلى ابراهيم – الأخبار
في غالبية الدوائر تتمحور معركة التيار الوطني الحر حول تأمين حاصل انتخابي اضافي، إلا في بعبدا. قدرة التيار في هذه الدائرة شبه محسومة بمقعدين، فيما من المرجّح أن يؤول المقعد الماروني الثالث إلى القوات اللبنانية. المفارقة هنا أن معراب التي تدخل قضاء بعبدا للمرة الأولى نيابياً، تسعى لتنصيب مرشحها في المرتبة الأولى.
يواجه النائب ألان عون حربين؛ الأولى داخلية مع زميليه النائبين ناجي غاريوس وحكمت ديب، والثانية مع وزير الشؤون الاجتماعية القواتي بيار بو عاصي. في الأولى، يحاول رفيقاه التذاكي على الجمهور العوني لإفهامه أن بإمكانه إنجاح ثلاثة مرشحين في حال عمد الى توزيع الأصوات التفضيلية على الثلاثة، وهو تذاك في غير محله، لأن الأصوات العونية لن تغيّر في نتيجة الحاصل الانتخابي المقدر باثنين فقط. المفارقة، أن هذا التذاكي يخدم حصراً مرشح القوات بيار بو عاصي الذي سيستفيد من إضعاف النائب ألان عون وتشتيت الاصوات التفضيلية حتى يتقدم عليه ويخرج للقول إن معراب هزمت التيار الوطني الحر في معقله التاريخي.
ليس ذلك فحسب، بل تتركز الخطة القواتية، وفق المصادر العونية، على صبّ كل الأصوات التفضيلية في صندوق بو عاصي، وتقدّرها ما بين 10 و12 ألف صوت، ليتفوق أيضاً على مرشحي حزب الله وحركة أمل (علي عمار وفادي علامة)، وفي ذلك ضربة مزدوجة لكل من رئيس الجمهورية وحزب الله على حدّ سواء.
حسابياً، يقدّر التيار الحر حجمه الانتخابي بـ22 ألف صوت في أسوأ الأحوال، و25 ألفاً في أحسنها. وفي الحالتين، إذا قسمت هذه الأصوات على ثلاثة مرشحين، فسيتم إهدار الآلاف منها على مرشح خاسر، فيقدم العونيون المرتبة الأولى هدية مجانية للقوات. ذلك أن تأمين التيار لحاصلين من شأنه أن يجعل المرشح العوني الثاني نائباً ولو حصل على خمسة آلاف صوت فقط، والصراع هنا ينحصر بمن سيكون الاسم الثاني، ناجي غاريوس أو حكمت ديب.
على المقلب الشيعي، تشير الحسابات إلى أن توزيع الأصوات المؤيدة لحزب الله وحركة أمل ما بين مرشح الحزب علي عمار ومرشح الحركة فادي علامة سيمنع عمار من جمع أصوات كافية للتفوّق على المرشح القواتي (طبعاً في المرتبة الأولى)، علماً بأنه لا منافس جدّياً لعلامة، وبالتالي نجاحه مضمون، ولو بأربعة آلاف صوت، أسوة بالمرشح العوني الثاني، علماً بأن تيار المردة والحزب القومي وحزب الوعد حسموا قرارهم بمنح أصواتهم لفادي علامة.
الى جانب سعي القوات لتصدّر المشهد البعبداوي، تعويل آخر على عدم تأمين لائحة الكتائب ولائحة المجتمع المدني لحاصل انتخابي، الأمر الذي يخفض العتبة الانتخابية. والسيناريو القواتي يقوم على الآتي: من المفترض أن يبلغ عدد المقترعين في بعبدا نحو 95 ألفاً، يذهب منها نحو 4 آلاف للمجتمع المدني و11 ألف بالحدّ الأقصى للكتائب وبعض أعضاء المجتمع المدني، فتسقط اللائحتان لعدم تأمينهما الحاصل الذي يصل الى 15 ألف صوت. هكذا تعاد جدولة الحاصل مع استبعاد أصوات كلّ من لائحة الكتائب والمجتمع المدني، فينخفض الحاصل الى 13.3 ألفاً. وفي حسابات القوات أنه يمكنهم تأمين 10 آلاف صوت كحدّ أدنى تضاف الى أصوات الحزب الاشتراكي التي لا يفترض أن تقل عن 11 ألفاً، فيكون المجموع نحو 21 ألفاً، أي 1.57 من عدد المقاعد. وتعوّل معراب هنا على أن لا يتجاوز حاصل التيار الوطني الحر ــ حزب الله ــ حركة أمل 3.8 أو 4.2، فيكون الكسر الأكبر لمصلحتها، ما يعني فوزها بالمقعد الماروني الثاني، فيكون الاحتفال نصراً مدوياً في بعبدا. هذا المنطق ينطلق من انتخابات عام 2009 حيث نالت لائحة التيار الوطني الحر وحزب الله وكل قوى 8 آذار أصواتاً توازي 3.4 حاصل انتخابي، أي 3 مقاعد فقط. أما قوى 14 آذار، فنالت ما يعادل 2.6، ما يعادل 3 مقاعد بسبب نيلها الكسر الأكبر. لكن يصعب تحقيق حلم القوات لسبب بسيط جداً، هو أنه لا وجود لما يسمى 14 آذار اليوم، فيما أصوات القوات والكتائب مشتتة بين لائحتين.
رغم ذلك، ما زال المرشح الماروني الثاني على اللائحة القواتية الطبيب ايلي غاريوس يعمل بجهد لرفع رصيده من أصوات المستقلين الذين يدورون في فلك 14 آذار، فيما يدور المرشح الماروني الثالث، الكتائبي السابق جوزيف عضيمي (طرده حزب الكتائب منذ نحو شهر بسبب عدم التزامه بقرارات الحزب وترشحه على لائحة الخصوم) في دائرة مفرغة: القاعدة الكتائبية ناقمة عليه والقاعدة القواتية لن تقدمه على مرشحها الحزبي (بو عاصي).
صعوبة تحقيق السيناريو القواتي بالحصول على مقعد ثان توازي حظوظ سيناريو التيار ـــ حزب الله بأن يؤدي انخفاض الحاصل الى فوزهم بخمسة مقاعد (3 موارنة و2 شيعة) بدلاً من أربعة (مارونيان وشيعيان). فالواضح أن خارطة بعبدا شبه مرسومة بشكل مسبق، إلا في حال استطاعت لائحة المجتمع المدني التي تحمل اسم «كلنا وطني» مفاجأة قوى السلطة بتحقيق خرق عبر تأمين حاصل انتخابي، أو أن الكتائب نجحت في حشد أصوات كافية للفوز بمقعد، من دون أن يعرف إن كان هذا المقعد سيكون على حساب المرشح بيار بو عاصي أو المرشح العوني الثاني.