صحيفة البناء
لفتت الوزيرة عناية عزالدين في حفل إفتتاح مؤتمر «اليوم العربي للشمول المالي 2018» في المعهد العالي للأعمال، إلى «أنّ مشروع التحول الرقمي سينقل لبنان من الطور التقليدي في التعاطي بين المواطن والإدارة إلى طور أكثر حداثة وشفافية وأكثر انسجاماً مع التقدم التكنولوجي الحاصل في عالمنا اليوم الذي تعتبر التكنولوجيا فيه المفتاح الأساس لإنجازات أكثر بكلفة أقل make more for less ، حيث أنّ تكلفة العملية التجارية الإلكترونية أقل بعشرين مرة من تلك التي نقوم بها عبر الهاتف، وأقل بستين مرة من الخدمات التي نقوم بها وجها لوجه».
أضافت: «من هنا تكمن أهمية هذا المشروع بالنسبة للشمول المالي والذي من تعريفاته، أنه إدخال أو دمج للفئات المهمشة مالياً، والتي لا يسمح لها دخلها المالي المنخفض من الانخراط في عمليات النظام المصرفي، بالتعامل مع الجهاز المصرفي من خلال منظومة العمل الرقمية أو بمعنى آخر إتمام جميع التعاملات المالية بطريقة إلكترونية. فقد أظهرت بحوث البنك الدولي الخاصة بالمؤشر العالمي للشمول المالي للعام 2017 بأنه ما زال هناك نحو 1,7 مليار بالغ في العالم لا يمتلكون حسابات، أي ليست لديهم حسابات في مؤسسات مالية أو من خلال شركات تقديم الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول وجميعهم يعيشون في البلدان النامية. ويمثل النساء 56 في المئة من إجمالي البالغين الذين ليست لديهم حسابات مصرفية».
وأشارت إلى «أنّ البحوث تظهر أنّ الفجوة بين الجنسين في امتلاك الحسابات المصرفية ما زالت قائمة في البلدان النامية وهذه الفجوة التي هي بواقع سبع نقاط مئوية لم يطرأ عليها أي تغيير تقريباً منذ عام 2011»، معتبرة «أنّ هذا الأمر لم يعد مقبولاً في عصرنا هذا حيث أثبتت المرأة أنها لا تقل كفاءة عن الرجل لا بل تتفوق عليه في أماكن عدة لا سيما إذا أعطيت الفرصة في العلم والاستقلالية المادية مثلها مثل الرجل».
وتابعت: «من المعلوم أن تحقق الشمول المالي مرتبط بتوافر القدرة لدى الأفراد والمؤسسات على الحصول على الخدمات المالية واستخدامها بفعالية بطرق بسيطة وشفافة ومسؤولة وبأقل التكاليف. وهذا ما يجب العمل عليه في لبنان بالاضافة إلى ضرورة إنشاء بيئة حاضنة تشريعياً وسياسياً وتقنياً حيث يجب أن تترافق التكنولوجيا الرقمية بنظام متطور للمدفوعات وبنية تحتية متطورة وتشريعات ملائمة وإجراءات وقائية صارمة لحماية المواطن ومستخدم الخدمات الإلكترونية».
وذكرت عزالدين «بعض الأسس التي ارتكزت عليها الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي والتي من شانها أن تخدم الشمول المالي:
ـ تبني الاستراتيجية لمجموعة ضوابط ومعايير عالمية تراعي أهمية الأمن المعلوماتي الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي والسيادة الوطنية لا سيما وأن المعلومات Data تعتبر اليوم المادة الأولية في عصر الرقمية وإحدى أكبر ثروات الحكومات الحديثة.
ـ تمكين المواطنين من انجاز ما يريدونه من خدمات عبر شبكات الانترنت End to End في مسار متكامل من لحظة طلب الخدمة الى لحظة الحصول عليها.
ـ العمل على إنشاء منصات موحدة Common Digital Platforms الأمر الذي من شأنه تسهيل التعامل مع المواطن وتعزيز تجربته الرقمية وتحسين جودة الخدمات المقدمة.
ـ وضع الأسس لمراعاة الحفاظ على خصوصية المواطنين مع ضمان عدم الإساءة في استخدامها وعدم إعطائها لأي جهة إلا من خلال آلية واضحة تضمن الحصول على موافقة المواطن.
ـ وضع أسس للتشاركية مع كل الأطراف ذات الصلة بالتحول الرقمي سواء داخل الدولة أو القطاع الخاص أو المجتمع المدني والجامعات».
وأشارت عزالدين إلى أنّ الدراسات تؤكد أنّ «إشراك الناس في القطاع المالي الرسمي يسهم ليس فقط في تحسين معيشتهم وإنما أيضاً في سلامة الأنظمة المالية ذاتها. فالأزمة المالية العالمية ألقت الضوء على هشاشة الأنظمة المالية وأهمية الربط بين الشمول المالي والاستقرار والنزاهة وحماية المستهلك المالي. ومن هنا، وانسجاما بما التزمت به حكومة استعادة الثقة أتممنا العمل في وزارة التنمية الادارية على مشروع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ومخططها التنفيذي، وقد تم الاعلان عن هذا المشروع في مؤتمر وطني يوم الثلاثاء الفائت برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء. وفي خطوة من شأنها تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد تم إصدار قانون حق الوصول إلى المعلومات في بداية العام 2017 رقم 28/2017. واللافت أنّ التجارب العالمية تظهر أنّ الدول العشر الاوائل في التحول الرقمي هي نفسها الدول الأوائل في العالم في مكافحة الفساد، ونتمنى أن يأتي مشروع الشمول المالي مكملا لهذه الثنائية بين الاستراتيجيتين المذكورتين».
واعتبرت أنّ الأهم هو «أن تكون مقاربتنا على هذه المستويات كافة مقاربة جوهرية تتوجه مباشرة الى المواطن اللبناني على اعتباره صلب هذه الاستراتيجيات والمشاريع. فكما أنّ المطلوب على مستوى التحول الرقمي ومكافحة الفساد هو إجراء المصالحة بين المواطن والدولة اللبنانية فإنّ المطلوب في مشروع الشمول المالي وغيره من المشاريع ذات الطابع المالي ان نعيد النظر في علاقة القطاع المصرفي بالناس، بالمواطنين. وأيضاً إعادة النظر بعلاقة القطاع المصرفي بالدولة. ويجب التوقف عن الاحتفال فقط بنمو هائل بالودائع وبعدد المقترضين من المصارف لأنّ عدم مواكبة هذا النمو بسياسات مالية صحيحة وبرؤية اقتصادية إنتاجية، من شأنه أن يخلق الأزمات المتتالية للاقتصاد اللبناني كما هو عليه الحال الآن».
وطالبت عزالدين بأن «تتحول العلاقة الى علاقة تخدم التغيير في وجهة الاقتصاد اللبناني باتجاه الاقتصاد المنتج والمسؤول الذي لا يعتمد حصراً على التحويلات من الخارج، اقتصاد يؤمن التنمية المستدامة العادلة والمتوازنة وذلك من أجلنا جميعا في مختلف القطاعات والمناطق والمستويات والطبقات الاجتماعية».