وقال جوني خوند الذي كان يقف بالقرب من أنقاض بيتها في بيروت: "كنا نسمع الصراخ. سمعت صوتها، لكن لم نقدر على عمل شيء. ما زال الأمر يعتصر قلوبنا".
الانفجار المروع الذي وقع في المرفأ دمر المنزل المكون من ثلاثة طوابق، مما تسبب في وفاة أربعة من بينهم كلوديت، وهي أرملة في السبعينات من العمر، كان خوند الذي ولد في نفس الحي قبل 40 عاما، يعرفها منذ أن كان طفلا.
وفي الكرنتينا، أحد أفقر أحياء بيروت والقريب من المرفأ، لا يزال الناس يعانون من تبعات الانفجار الذي وقع عصر الرابع من آب ودمر منازل وفتك بأرواح العديد من الجيران الذين كانوا يشعرون أنهم عائلة واحدة.
وكانت سلسلة الشوارع، التي تضم مجزرا ومصنعا للنفايات، شاهدة على أحد أسوأ المذابح في الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى 1990.
ومع هذا قال كثيرون إن انفجار مرفأ بيروت خلف في بضع ثوان أضرارا تفوق ما تسببت فيه الحرب الأهلية على مدار 15 عاما.
ومع تراكم الحطام مجددا على أعتاب منازلهم، أقامت أسر أمضت عقودا في حي الكرنتينا خياما خارج مساكنها. باتوا ينامون الأرض أو على أرائك متهالكة في العراء من دون أبواب أو نوافذ.. في انتظار المجهول.
وقال جورج حلبي، نجل كلوديت، الذي جاء من الخارج للمشاركة في تشييع جثمانها: "أنا في كابوس لا أصحو منه. لا أصدق أني أنظر إلى نعش أمي". وأضاف: "إنها جريمة بحق كل لبنان.. أمي نجت من الحرب لتموت في الانفجار".
وقبل أشهر من انفجار المستودع، أتى انهيار العملة على ما جناه طوني مطر من متجر الأقمشة الخاص بعائلته. وقال مطر (68 عاما) الذي وُلد جده في حي الكرنتينا: "مدخرات حياتنا كانت في هذا البيت... كان جنة لنا".
الهزات القوية الناجمة عن الانفجار أسقطت الأبواب والخزائن والكراسي على ابنته باتريشيا (25 عاما) التي قدمت إلى بيروت لحضور زفاف شقيقتها، ولن تتعافى من كسور عظامها قبل شهور.
وقالت سعاد زوجة طوني وهي متشحة بالسواد: "كل مرة أعود فيها إلى المنزل أتذكر تلك اللحظة. أتذكر كيف سقطت ابنتي وأبكي".
كانت والدتها قد توفيت متأثرة بالسرطان قبل أيام وقالت: "لم يكن لدي حتى وقت للحداد عليها.. هل تتصورين أني حمدت الله على وفاتها حتى لا ترى هذا".