محمد إبراهيم – الراي الكويتية
بكثير من القلق ينظر رئيس الجمهورية اللبناني الأسبق أمين الجميل إلى الوضع في بلاده، ولا يعوّل على «تغييرات كبرى» بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من مايو المقبل، وإنْ كان لا يستبعد حصول «مفاجآت» فيها، إذ يعتبر أنها ستُثبت ما إذا كان هناك رأي عام يُحاسب.
الجميّل، الذي خبِر عن قرب، من موقع القرار، أيام السلم والحرب في لبنان، يعتبر في حوار مع «الراي» أنه لا توجد تسوية سياسية في البلاد بل «استسلام» لـ«حزب الله» وحلفائه، الذين «تلقوا هدية ذهبية من الفريق السيادي في (14 آذار) من خلال انفراط عقده».
ويرى أن «ميزان القوى تعطّل» بعد التسوية التي أدت إلى وصول الرئيس ميشال عون إلى السلطة، في العام 2016، وأفضت لاحقاً إلى «تسويات سلطوية ذات أفق ضيق جداً» قائمة على أساس المصالح وليس على أساس مفهوم وطني واضح.
وإذ يشير إلى تساؤلات كثيرة «مقلقة» عن قرار السلم والحرب في لبنان وارتباط «حزب الله» بإيران وإستراتجيتها في المنطقة، لا يتوقع الجميّل أن يؤدي البحث المحتمل بعد الانتخابات النيابية، في الإستراتيجية الدفاعية (التسمية الرسمية لمصير سلاح «حزب الله») إلى أي نتيجة، على اعتبار أن «الأمور غير ناضجة» بعد، وفي ظل تساؤلات عن حقيقة استعداد «حزب الله» لتقديم تنازلات في ظل ما يعتبرها «انتصارات» لمحوره في سورية والمنطقة.
وفيما يصف «النأي بالنفس» بـ«الشعار الفارغ»، الذي «لا يُطبّقه أي طرف سوى الدولة»، يخشى الرئيس الأسبق أن يكون لبنان «الضحية الأولى» لأي مواجهة محتملة بين إيران وإسرائيل في سورية، على اعتبار أن «حزب الله» سيكون لاعباً أساسياً فيها، ولا قدرة للحكومة على القيام بأي شيء حيال ذلك.
داخلياً، يصرّ الجميل على عدم وجود خلافات عميقة بين حزب «الكتائب» و«تيار المستقبل» بل «حساسيات عميقة»، ويشير إلى أن حملة «الكتائب» على الأداء الحكومي تثير حفيظة أركان السلطة.
وفي ما يلي نص الحوار:
• ما هو تقييمكم للعهد الجديد، بعد مرور نحو سنة ونصف السنة تقريباً على انتخاب الرئيس ميشال عون، كيف تُقيّم تعاطيه مع الأحزاب السياسية ؟
– قام رئيس الجمهورية بجهد كبير من أجل تحقيق برنامجه السياسي وآمال الشعب اللبناني، وقد تحققت أمور عديدة، لا سيما بتحريك عجلة الحكم، وإنجاز بعض الخطوات المهمة والإيجابية بتسيير عجلة الدولة، حيث عادت المؤسسات تعمل بشكل طبيعي، بعد أن كانت القوانين والانتخابات معطلة.
هل هناك ارتياح للمستقبل؟… توجد هنا عدة نقاط استفهام، طالما لم نجد أجوبة عن تساؤلات محقة تتعلق بأمور مصيرية وبديهية تتعلق بحسن سير الأمور بالدولة، يبقى الاستقرار هشاً ومهدداً…. على رأس هذه القضايا يأتي قرار السلم والحرب… هل هو بعهدة الدولة حقيقة؟ لا أعتقد.
وطالما أن هناك شكوك بأن الدولة ممسكة بالقضايا السيادية في البلد يبقى القلق مشروعاً. ومعروف تماماً ازدواجية السلطة بلبنان وكيف أن لبعض الجهات اليد الطولى على القرارات الهامة في البلد.
• إلى أي مدى شكل الرئيس ميشال عون غطاء لاستمرارية استرتيجية «حزب الله»؟
– هذا هو السؤال… لا ننسى أنه في الأساس هناك علاقة حميمة وخاصة بين العماد عون و«حزب الله» منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية، وأبقى «حزب الله» الانتخابات الرئاسية معلقة لأكثر من سنتين ونصف السنة من أجل تأمين انتخاب العماد عون، وهذا يثير تساؤلات حول مدى هذه العلاقة، خصوصاً أن لـ«حزب الله» مشروع استراتيجي وإقليمي خاص به يتجاوز المصلحة اللبنانية البحتة، وهذا ما يصرّح به السيد حسن نصر الله بوضوح عندما يتكلم ارتباط الحزب بولاية الفقيه وبالحركة الثورية في إيران.
إلى أي مدى في القرارات المصيرية يمكن التفريق بين قرار الدولة وقرار «حزب الله»؟ هذا هو السؤال الذي لم نجد له إجابة حتى الآن، وبالتالي يبقى القلق والريبة موجودين.
• هناك دعوة من الرئيس لبحث الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات، إلى أي مدى قد تشكل هذه الدعوة عامل طمأنة لهذا القلق؟
– مرَرنا بتجارب عديدة، ليست أول مرة يُحكى فيها عن اجتماعات لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية الوطنية. نعلم تماماً أن الكثير من الاجتماعات التي عقدت لساعات طويلة سواء في المجلس النيابي أو القصر الرئاسي لم تسفر عن أي جدوى. بل أكثر من ذلك تم الاتفاق على «إعلان بعبدا» والذي كنت حاضراً فيه، وحظيت الوثيقة بموافقة «حزب الله»، وقبل أن يجف الحبر قال أحد مسؤولي «حزب الله» عن الوثيقة «بلوها واشربوا ميتها».
من هنا، الشكوك حول جدوى هذه الاجتماعات لا سيما بعد الانتصارات التي حققها «حزب الله» في سورية والتطورات الدراماتيكية والاستراتيجية التي حصلت هناك، هل يا ترى «حزب الله» على استعداد من أجل تعديل موقفه؟
• المجتمع الدولي يعوّل على دعوة الرئيس عون لبحث الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات، وربما هناك رهان على العلاقية الوثيقة بينه وبين «حزب الله»، هل تتوقعون أن يُقدم الحزب تنازلات في لبنان بعد تحقيق ما يعتبره انتصارات لمحوره في سورية؟
– التباشير لا تدل على ذلك، من الممكن أن ندخل في سجال بيزنطي عقيم في ما يخص الاستراتيجية الدفاعية من دون الوصول إلى نتيجة… كما أن البلاد مرّت بظروف سابقة أشد من الظروف الراهنة ولم يقدم «حزب الله» أي تنازلات، هل هو على استعداد اليوم ليقدم أي تنازل؟ نعرف تماماً أن ترسانته العسكرية تطوّرت بشكل ملموس على حد قول السيد حسن، والظروف الإقليمية لا سيما الوضع في سورية هو دافع للمزيد من التصلب من قبل هذا المحور.
حبّذا لو نصل إلى ما يحمي سيادة لبنان، وأن تكون القرارات السيادية والمصيرية في يد السلطات والمؤسسات الدستورية أي مجلس النواب ومجلس الوزراء وإرادة الشعب اللبناني الموحدة والجامعة… هذه أمنية لكن هل ستتحقق؟ الأرجح أن الأمور لم تنضج بعد بما فيه الكفاية حتى يستعيد لبنان سيادته الكاملة، بالمفهوم الحقيقي للكلمة وليس باللعب على الألفاظ والتحايل على معاني الكلمات.
• ما رأيكم في التسوية السياسية الموجودة في لبنان، وهل سيبقى حزب «الكتائب» خارج هذه التسوية في مرحلة ما بعد الانتخابات؟
– لست مخوّلاً بالحديث باسم حزب «الكتائب»، فهناك قيادة تقرّر المسار الأصلح للبلد… إنما برأيي الخاص، إنها تسوية مصالح وحول بلوغ السلطة. لم تكن تسوية حول مفهوم وطني واضح يُحدّد معاني الكلمات، معنى الاستقلال معنى السيادة معنى الميثاق معنى الوحدة الوطنية… كلها تعابير وكلمات لديها ترجمة واضحة في القواميس والفقه والعلم ولا يجوز التلاعب بمعاني هذه الكلمات… إن هذه التسوية لم تتوقف عند حقيقة تلك المعاني وبقيت في إطار التسويات والمشاريع للوصول إلى السلطة، أكثر من كونها تسويات على الصعيد الوطني… والدليل على ذلك يعبر عن هذا الشعور بعض التسويات الانتخابية وبعض تركيبات اللوائح والتحالفات الغريبة العجيبة… وكلها تناقضات على الأصعدة كافة… وتدل هذه اللوائح على أن الهدف الأول هو الوصول إلى السلطة وليس التفاهم على مشروع وطني تكون فيه السلطة في خدمة هذا المشروع الوطني.
• هل توافقون على الرأي القائل بأن القانون الذي تم التوصل إليه بعد مخاض عسير هو «قانون حزب الله»؟
– لقد وضعنا القطار على السكة بعد أن كانت كل المؤسسات معطلة، صحيح أنه تم التفاهم على قانون الانتخابات وتشكيلات قضائية وإدارية وعلى الموازنة وعلى مجموعة قوانين عالقة… لكن تراكمت الشوائب في معرض كل هذه الإنجازات التي يتحدثون عنها. لم يكد يقر قانون الانتخاب في المجلس النيابي حتى قامت انتقادات لاذعة من قبل الفريق الذي يقف وراء هذا القانون.
لقد كانت هناك انتقادات لاذعة ومن قبل مقربين أيضاً، أي من قلب البيت من قلب السلطة. لذلك أعتقد أن أي قانون كان سيصدر، بالنسبة لـ«حزب الله» النتيجة واحدة، طالما أنه يملك وسائل ضغط هائلة على الصعد كافة سواء من جهة الحضور الأمني أو الخدمات الاجتماعية والمساعدات والرواتب التي يدفعها هنا وهناك لكم هائل من الناس… «حزب الله» يمون على الناخبين في الجنوب والبقاع… قدرته على التأثير هائلة معنوياً ومادياً، ومن الصعب اختراقها في ظل الظروف المعيشية والأمنية التي تمرّ بها البلاد.
لكن ربما من شأن هذا القانون أن يكون نقطة إضافية لحلفاء «حزب الله»، من خلال شرذمة الفريق المواجه… في المحصلة، ما كُتب كتُب والآن ستجري الانتخابات وننتظر المفاجآت الممكنة، هل هناك رأي عام جدّي يريد أن يحاسب؟ أم أن الشعب يسير وراء مصالح أكثر مما يسعى لإصلاح حقيقي.
• التوترات السياسية التي نجمت عن التحالفات وبعض الخلافات، هل ستنتهي بانتهاء يوم الانتخابات أم سيكون لها ذيول على المرحلة السياسية اللاحقة؟
– البلد مرّ بمرحلة ثورة الأرز… وما تبعها كان هناك نوع من توازن قوى ما بين فريق ما كان يسمى بـ «14 و8 آذار»… وهذا التوازن هو ما حافظ على الاستقرار السياسي في البلد. لكن هذا التوازن سقط وتعطّل منذ انفراط عقد «14 آذار» بسبب التسوية الرئاسية وغيرها… وأصبح هناك خلل كبير وخطير بالتوازنات الوطنية وانخلط الحابل والنابل. وانفراط العقد كان لصالح الفريق الذي بقي متماسكاً وهو فريق «حزب الله» وحلفاؤه… وهذا ما نخشاه لأنني لا أعتقد أن الانتخابات النيابية ستغيّر شيئاً كبيراً.
من هنا يعتبر البعض ان القانون الانتخابي لصالح «حزب الله»… برأيي ليس القانون لصالح «حزب الله» إنما فريق «14 آذار» قدّم لـ«حزب الله» وحلفائه هدية ذهبية عندما سقط بالامتحان وقبل بتسويات سلطوية ذات أفق ضيق جداً.
• لكن «تيار المستقبل» والرئيس سعد الحريري لم يكن أمامهما خيار آخر لإنهاء الفراغ الرئاسي وما أفرزه من تحلل لمؤسسات الدولة، فما هو الخيار البديل للتسوية برأيكم؟
– أولاً كان من الممكن أن نصل لتلك التسوية من دون انفراط عقد «14 آذار»، تحالف الفريق السيادي. هذه التسوية حرمت الفريق الآخر من أي قدرة للوقوف في وجه هيمنة «حزب الله»… والدليل على ذلك يوجد الآن 17 وزيراً في الحكومة كلهم حلفاء لـ«حزب الله» من وزير الدفاع إلى وزير الخارجية إلى وزير المالية…. كل أركان الدولة معروف انتماؤها السياسي.
كان هناك انفراط عقد الفريق السيادي شكل خطراً على أي تسوية… وبالتالي لم تعد تسوية… هناك فرق بين التسوية والاستسلام… التسوية شيء والاستسلام شي آخر… هناك فرق بين التسوية وبين تسليم مقدرات الدولة إلى فريق… لا سيما أن التفاوض كان على رأس الدولة الذي هو معروف عنه أنه حليف «حزب الله»… مما يدل على أنها لم تكن تسوية وإنما استسلام.
ثانياً، ما نخشاه أن تكون خلفية هذه التسوية، خلفية مصالح متعددة، ليس فقط بالسياسة… والممارسة على الأرض بعد التسوية تثير الريبة حول جوانب تلك التسوية التي ليست بالتأكيد سياسية… هناك بنود أخرى غير البنود السياسية.
• هل التسوية صامدة بعد الانتخابات برأيكم؟
– لربما صامدة لأن هناك استسلام وقبول بالأمر الواقع، بحجة كلمتين: الأولى براغماتية سياسية والثانية الاستقرار بأي ثمن… وهي مفاهيم كبيرة لكنها بالواقع تعني أموراً خطيرة أكبر.
• هل تعتقد أن خلاف حليفيْ «حزب الله»، «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، سيهدّد الاستقرار السياسي بعد الانتخابات، أم سيستطيع الحزب رأب الصدع بين حليفيه؟
– نعود لمبدأ التشرذم الذي يفيد الفريق المتماسك الأقوى، أي «حزب الله» وحلفائه… مهما تطورت الأمور سيبقى هناك فريق يمسك بزمام الأمور لأنه موحد وأقوى وقادر على كل الصعد.
• كيف تُقيّمون علاقة حزب «الكتائب» مع «تيار المستقبل»، هل هناك خلاف عميق؟
– هناك حساسية عميقة ولا يوجد خلاف عميق… لا يوجد خلاف على مواضيع سيادية مثل تعزيز النظام الديموقراطي والإنماء…. هناك حملة لحزب «الكتائب» على الأداء الحكومي وهذا الأمر يُزعج ويُحرج العديد من الفرقاء… إنما «الكتائب» ليست بمعرض إقامة حروب عبثية ووهمية، بل انتقاداتها موضوعية، لكن بعض الجهات تعتبر أن هذه الانتقادات موجهة ضدها وهذا غير صحيح… «الكتائب» تلقي الضوء على شوائب تبيّن في ما بعد أنها على حق… مثل موضوع الضرائب الذي أكد المجلس الدستوري على صوابية موقف «الكتائب» بشأنه… كذلك الأمر بقانون الضرائب تبيّن أن «الكتائب» على حق… وحتى القضاة هددوا بالإضراب وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ لبنان…
وأخيراً قانون الانتخابات الذي انتقدته «الكتائب» ثم تلاها أركان السلطة ومن وضعوا هذا القانون…
أركان الحكومة يثورون ضد هذه الانتقادات، لكن «الكتائب» بموقفها تلقي الضوء على شوائب واضحة وصريحة وهذا يزعج أركان الحكم لذلك البعض لا يريد الاستماع إلى الانتقادات، ويعتبر أن هذا تجريح بأركان الحكم.
وأخيراً انتقاد المادة 49 في الموازنة التي تعطي الإقامة للأجانب من دون قيد أو شرط لمجرد شراء عقار، كانت هناك هجمة على «الكتائب» لأنها طرحت الموضوع، بينما البطريرك الماروني أعطى «الكتائب» الحق والكثير من الجهات الأخرى، وحتى مسؤولين ونواب في «التيار العوني» منهم النائب حكمت ديب وأيضاً المرشح العوني شامل روكز.
• بناء على هذه الأجواء، قد يعتبر الحريري أن لديه غطاء مسيحياً لتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات وليس بحاجة لمشاركة «الكتائب»…
– صحتين على قلبو… صحتين
• بالتالي، هل يمكن أن يكون حزب «الكتائب» خارج الحكومة؟
– هناك انتخابات ولا نعرف حجم كل كتلة… ولكن لن يكون سهلاً على الرئيس الحريري أن يشكل الحكومة بعد الانتخابات… حسب التوازنات ستكون هناك شروط وشروط مضادة… منذ الآن بدأ الصراع على وزارة الطاقة، صراع على وزارة المال، صراع على التوازنات داخل الحكومة… لن يكون سهلاً على أي رئيس حكومة تشكيل حكومة متوازنة في ظروف كهذه. لذلك من المبكر الكلام عن موقف «الكتائب»، إنما بصورة عامة، «الكتائب» لديها مشروع وطني سواء على الصعيد السيادي أو على صعيد الشفافية ومحاربة الفساد.
إذا هناك رغبة للعهد الجديد بالعمل على طمأنة الشعب اللبناني بما يتعلق بالسيادة وتنقية الإدارة من الفساد القاتل… تصبح مشاركة «الكتائب» طبيعية. أما إذا كانت هذه الأمور ليست من أولويات الحكومة فـ«الكتائب» أصلاً قد لا تقبل المشاركة في الحكومة… وهذا رأيي الشخصي و«الكتائب» لديها قيادة تتحمل مسؤوليتها.
• أين موقع لبنان في حال نشوب مواجهة إيرانية – إسرائيلية في سورية، وكيف يمكن للدولة اللبنانية أن تضع ضوابط لأي تحرك يمكن أن يقوم به «حزب الله»؟
– لن يكون للدولة أي قدرة على أخذ موقف والتعاطي الإيجابي لمصلحة لبنان مع هذه الأزمة إنْ حصلت… فإن وقعت الوقيعة بين إيران واسرائيل المؤسف أن لبنان سيكون الضحية الأولى من دون أي قدرة على التأثير على مجريات الأمور. لا «حزب الله» يمكنه أن يبقى على الحياد ولا الحكومة اللبنانية يمكنها أن تحقق الشعار الفارغ «النأي بالنفس» ولا أي دولة عربية أو غير عربية قادرة أن تحيّد لبنان عن هذا الصراع.
• «النأي بالنفس»… شعار فارغ؟
– «حزب الله» ما زال موجوداً في سورية، وليس بريئاً في قضية اليمن، وعلاقاته مع إيران مُعلنة… فأين «النأي بالنفس»؟… الدولة فقط نأت بنفسها عن أخذ موقف من هذه الملفات.
في حال وقوع مواجهة هناك خطر كبير على لبنان… إسرائيل أعلنت أنه في أي حرب سيكون الجيش اللبناني في نفس موقف «حزب الله»… الذي حمى لبنان في 2006 أنه كان هناك تمييز في الغرب بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»… وكان هناك رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي أكد على حياد لبنان الكامل السياسي والاقليمي والاستراتيجي… أميركا تبنّت ذلك وعملت على التقليل من أضرار القصف الاسرائيلي في الحرب… هذا الأمر لم يعد متوافراً الآن حسب ما نقرأ علناً وصراحة بأن هذه المرة لن تميّز إسرائيل بين الجيش اللبناني و«حزب الله» ولن تميّز بين الحكومة اللبنانية وإيران.