سجال الكيميائي مستمر دولياً… وترامب يكشف عن زيارة بومبيو لكوريا الشمالية
رسالة لمؤتمر بروكسل: عودة 472 نازحاً تفضح مشاريع التوظيف السياسي
عون يتحفّظ على المادة 49 من الموازنة… وانتخابات المغتربين تحت المجهر
كتب المحرّر السياسي – البناء
تواصلت السجالات بين روسيا وسورية من جهة وأميركا وبريطانيا وفرنسا من جهة مقابلة، حول مزاعم استخدام السلاح الكيميائي ودور بعثة التحقيق الأممية في دوما وما تعرّضت له من إشكالات، وشهدت أروقة الأمم المتحدة ومثلها اجتماعات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جولات من السجال، وتبادل الاتهامات، حول مدى جدية الحديث الغربي في دعم التحقيق بعدما أطاح العدوان على سورية بكل مبررات التحقيق، وبالمقابل مواصلة الحملة التشكيكية بصدق النيات الروسية والسورية في تسهيل مهمة بعثة تقصّي الحقائق، التي تعرّض فريقها الأمني لإطلاق نار وهو يقوم بالتحضير لزيارة المفتشين التقنيين، في ظل تأكيدات سورية روسية على معادلتي الحرص على تسهيل مهمة البعثة من جهة، وضمان أمنها في بيئة لا تزال غير ممسوكة مع بقاء الآلاف من المنضوين في جيش الإسلام في مدينة دوما، وقبولهم بالتسوية التي أدّت لخروج الآلاف الآخرين من غير الراغبين بالبقاء، من جهة أخرى.
مع مواصلة هذا السجال، لا تبدو العلاقات الأميركية الروسية محكومة بأحادية التصعيد، بعدما كرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبته بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكشف عن زيارة قام بها رئيس المخابرات الأميركية المعين وزيراً للخارجية مايك بومبيو ولقائه بالزعيم الكوري كيم جونغ أون، وإعلان ترامب تفاؤله بنتائج الزيارة التمهيدية للقمة التي ستجمعه بالزعيم الكوري مطلع حزيران المقبل. وهو ما يدفع بالتأكيد لحرص أميركي على إحاطة القمة والمفاوضات التي ستليها بشبكة أمان دولية تمثل العلاقة الطيبة بروسيا والصين أحد أبرز عناصرها ومفاتيحها.
لبنانياً، تجري الاستعدادات الحكومية للتحضير لمؤتمر بروكسل المخصّص لقضية النازحين السوريين، وفقاً للرؤية الأوروبية المحكومة بثنائية الحرص على عدم تصاعد ضغط النزوح نحو أوروبا من جهة، والحرص على عدم عودتهم إلى سورية من دون تفاهم سياسي يكون الغرب شريكاً فيه من جهة أخرى، ما يعني فتح طريق واحد للتعاطي الأوروبي مع قضية النزوح، وهو تثبيت بقائهم في بلدان الإيواء وفي طليعتها لبنان. ولا يبدو فريق رئيس الحكومة سعد الحريري بعيداً عن هذا التوجّه مكتفياً بطلب المزيد من الأموال ومواصلة تعطيل التعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية لرسم خريطة طريق طالب بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لعودة طوعية آمنة، في المناطق التي استعادت الأمن وصارت العودة ممكنة إليها، بمعزل عن تقدّم العلاقات السياسية بين الدولة السورية وخصومها دولياً وإقليمياً ومحلياً. وقد سجل اختراق هام على هذا الصعيد مثل رسالة ذات مغزى لمؤتمر بروكسل عبر رعاية الأمن العام اللبناني بالتعاون مع الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية لعودة 472 نازحاً من بلدة بيت جن جنوب غرب سورية التي عادت لسيطرة الجيش العربي السوري. ومضمون الرسالة، أن العودة ممكنة واقعياً إذا جرى فصلها عن المسارات السياسية التي يحكمها التوظيف دائماً.
لبنانياً أيضاً، وقع رئيس الجمهورية قانون الموازنة، مسجلاً تحفظاً على المادة 49 الخاصة بتملك الأجانب ومنح الإقامة الدائمة عبر إعلان نيته مخاطبة مجلس النواب طلباً لتعديل هذه المادة، بينما يستمرّ السجال حول تعيين هيئة جديدة للمجلس الدستوري، وحول ملف الكهرباء، وتعلو نبرة الخلاف حول انتخاب المغتربين لجهة مدى وجود ضمانات كافية لصدقية ونزاهة العملية الانتخابية ما استدعى عقد وزيري الخارجية والداخلية جبران باسيل ونهاد المشنوق مؤتمراً صحافياً مشتركاً لتبديد هواجس لا يبدو أنّهما نجحا بتبديدها.
عودة طوعية لـ472 نازحاً إلى سورية
في حين ينهمك فريق عمل رئيس الحكومة الاقتصادي بالتحضير لمؤتمر «بروكسيل 2» الذي يُعقَد يومَي 24 و25 الحالي حول أزمة النازحين السوريين في كل من لبنان والأردن وتركيا، نجح التنسيق المباشر بين لبنان وسورية بإعادة 472 نازحاً سورياً طوعياً إلى بيت جنّ والمزرعة القريبة منها في سورية كانوا قد نزحوا إلى منطقة شبعا اللبنانية.
وقد تمّت العملية بتنسيق مباشر بين السلطات السورية والنازحين أنفسهم وبإشراف الأمن العام اللبناني، في عملية هي الأولى بهذا الحجم الذي ينتقل فيه نازحون سوريون من مناطق آمنة لبنانية إلى مناطق آمنة سورية، ما يفتح الباب أمام إعادة جميع النازحين إلى سورية. وحلّ هذه الأزمة التي أثقلت كاهل لبنان وتحوّلت ورقة متاجرة لبعض القوى الإقليمية والدولية، كما يكشف نجاح هذه العملية رغبة معظم النازحين السوريين بالعودة إلى سورية إن ترك الأمر لهم، كما يفضح تقصير الحكومات اللبنانية المتعاقبة في هذا الملف من خلال رفضهم كل أشكال التواصل مع الحكومة السورية بضغط أميركي خليجي.
وأعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنها «قامت اعتباراً من صباح اليوم أمس بتأمين العودة الطوعية لمئات النازحين السوريين من قرى وبلدات شبعا، كفرشوبا والهبارية إلى بلداتهم في سورية».
وبلغ عدد النازحين العائدين، بحسب بيان الأمن العام، 472 نازحاً انطلقوا من نقطة التجمّع في نادي بلدية شبعا بواسطة 14 حافلة بمواكبة دوريات من المديرية العامة للامن العام حتى معبر المصنع على الحدود اللبنانية السورية. وتمّت عودة النازحين بحضور ومتابعة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR التي «تواصلت مباشرةً مع الراغبين بالعودة وتأكدت أن عودتهم طوعية بملء إرادتهم».
والأمم المتحدة حاولت العرقلة
غير أن مصادر مطلعة كشفت لـ «البناء» بأن «الأمم المتحدة لعبت دوراً سلبياً في إنجاز العملية وحاولت عرقلتها من خلال الاتصال بعدد من النازحين لمنعهم من تسجيل أسمائهم للعودة وتخويفهم من الجيش السوري»، ولفتت إلى أن «معظم النازحين السوريين في لبنان يرغبون بالعودة إلى سورية، لكن هناك جهات داخلية ودولية تعمل على تحذيرهم من العودة وتسهل إقامتهم في لبنان باتخاذ إجراءات قانونية متعدّدة وتقديم إغراءات مادية لهم».
وأكدت مفوضية شؤون اللاجئين في بيان أنها «على علم بحركة العودة الوشيكة لكنها لا تشارك في تنظيم هذه العودة أو غيرها من حركات العودة في هذه المرحلة، نظراً إلى الوضع الإنساني والأمني السائد في سورية».
ولفتت مصادر مطلعة على ملف العلاقات اللبنانية السورية لـ «البناء» إلى أن «العملية تمّت بالتنسيق بين الأمن العام والجيش اللبناني مع الجهات الأمنية المختصة السورية، لكنها لم تكن لتُنجَز لولا موافقة المرجعية السياسية لكلتا الدولتين»، وكشفت بأن هذه الخطوة الناجحة ستتبعها خطوات لإعادة دفعات جديدة من النازحين السوريين إلى سورية»، كاشفة عن دراسة تعدّها الجهات الأمنية اللبنانية لمجموعة كبيرة من النازحين في أكثر من منطقة لبنانية لإعادتهم إلى سورية قريباً».
وأوضحت المصادر أن «الدولة السورية أبدت استعدادها للتعاون والتنسيق مع لبنان وأجهزته الأمنية ومن دون شروط سياسية لإعادة النازحين كافة إلى سورية»، مشيرة إلى أن «الوضع الأمني في سورية بات شبه آمن لا سيما في العاصمة ومحيطها بعد تحرير الغوطة ودوما من المسلحين، لكن الأمر يحتاج إلى تنسيق رسمي بين الأجهزة المعنية في الحكومتين، لأن ذلك يقتضي تسوية أوضاع النازحين قبل إعادتهم». وكشفت مصادر وزارية رسمية معنية بالملف لـ «البناء» أن «حكومة ما بعد الانتخابات ستعمد إلى تكليف جهة أمنية لبنانية رسمياً للتواصل مع السلطات السورية المعنية للتنسيق ووضع خطة مشتركة شاملة لإعادة جميع النازحين إلى سورية»، محذّرة من «محاولات خارجية لفرض إبقاء النازحين في لبنان».
واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى المناطق الآمنة في سورية، ستساهم بشكل كبير في عودة الاستقرار الاجتماعي».
وعقد الفريق الاقتصادي في مكتب الرئيس سعد الحريري بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي اجتماعاً أمس، ضمّ المنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني، في إطار التحضيرات الجارية لمؤتمر بروكسيل 2، وناقشوا خلاله آخر الاستعدادات الجارية من الدولة اللبنانية لهذا المؤتمر.
عرض كهربائي سوري
في غضون ذلك، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السراي الحكومي على جدول أعمالها 65 بنداً تتضمّن شؤوناً مالية وإدارية، بعد أن كان مقرّراً عقد الجلسة في بعبدا، ما يؤشر إلى أن لا اتفاق سياسي حتى الآن على ملف تعيين أعضاء المجلس الدستوري ولا في ملف الكهرباء في ظل الخلاف القائم حول ثلاثة خيارات لحل أزمة الكهرباء منها عرض قدّمته الحكومة السورية ينتظر موافقة الحكومة اللبنانية. وأبلغت أوساط مطلعة «البناء» بأن «الحكومة السورية مستعدّة لتزويد لبنان بحاجاته وبالكميات المتاحة من الكهرباء وهناك اتفاقية في هذا الملف بين الدولتين»، وكشفت بأن الموضوع «قيد النقاش بين الجهات المعنية في الدولتين، لكن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي من الحكومة اللبنانية لتكليف الجهات المعنية بالتفاوض مع الحكومة السورية حول الأسعار». ولفتت إلى «استعداد سورية لتزويد لبنان مؤقتاً بـ 350 ميغاواط من الكهرباء على أن ترتفع الكمية تدريجياً لتصل إلى 800 ميغاوات».
وأكد وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل في حديث تلفزيوني أن «النائب أكرم شهيب كان قد سمّى المعرقلين لخطة الكهرباء سابقاً»، مشيراً إلى أن «الإجماع السياسي على سياسة الكهرباء حصل في العام 2010 وتكرّر في الـ2017».
واستبعدت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عقد جلسة تشريعية لتعيين خمسة أعضاء من المجلس الدستوري، مشيرة لـ «البناء» إلى أن المجلس الدستوري الحالي قانوني ودستوري وقراراته شرعية ويمكنه النظر في الطعون الانتخابية في الانتخابات النيابية المقبلة، وأبدت المصادر خشيتها من أن يكون الهدف من تعيين مجلس جديد انتخابياً والتأثير على قرارت المجلس بالنسبة للطعون، موضحة أن «الوقت لا يسمح بتشكيل مجلس جديد قبل الانتخابات النيابية».
على صعيد آخر، رفضت المصادر أن يكون التيار الوطني الحر قد عرض على بري مقايضة بين تعيين اللواء مالك شمص في المركز الشيعي في المجلس العسكري وبين تعيين موظف في وزارة المال محسوب على التيار، رافضة طرح المقايضة، ومؤكدة أن «اللواء شمص هو الأعلى رتبة بين الضباط الشيعة في الجيش اللبناني وهو الأكفأ لهذا المنصب».
ألف مليار ليرة لدعم قروض الإسكان
على صعيد آخر، برز تطوّر على صعيد أزمة القروض السكنية، فبعد الاجتماع الذي عُقد في السراي الحكومي بين الحريري وكل من وزير المال علي حسن خليل ووزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي ورئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان روني لحود، كشف وزير المال في حديث تلفزيوني أن «وزارة المال ستمنح المؤسسة العامة للإسكان اعتماداً جديداً بقيمة ألف مليار ليرة للبدء بتلقي طلبات جديدة».
إلى ذلك، وقّع رئيس الجمهورية قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة الذي أقرّه مجلس النواب في 29 آذار 2018، وأحاله على النشر وفقاً للدستور.
كما أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن الرئيس عون في صدد توجيه رسالة إلى مجلس النواب يطلب بموجبها بواسطة رئيس المجلس النيابي، من مجلس النواب إعادة النظر بالمادة 49 من قانون الموازنة للعام 2018.
تشكيك حول آلية الاقتراع في الخارج
في الشأن الانتخابي، وفي إطار التحضيرات لعملية اقتراع المغتربين نهاية الأسبوع الحالي، عقد وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل مؤتمراً صحافياً في وزارة الخارجية، أكدا خلاله أن الإجراءات باتت جاهزة لإتمام العملية الانتخابية في دول الاغتراب، في 6 دول عربية في 27 نيسان، وفي 34 دولة أجنبية في 29 منه.
ورأى المشنوق أن «كل الشروط الأمنية والأخلاقية والمعنوية لضمان حصول الانتخاب في الخارج من دون أي ثغرة سواء كان في التصويت أو القانون».
وأعلن باسيل أن وزارة الخارجية قرّرت وضع كاميرا في كل قلم لنقل العملية مباشرة. واعتبر أن «التشويش على انتخاب المغتربين والاستخفاف بهم معيب، فلا أحد يمكن أن يؤثر على خياراتهم».
غير أن مصادر حركة أمل شككت في إمكانية تأمين نزاهة عملية الاقتراع، مشيرة لـ «البناء» إلى أن «الآلية لا توحي بالثقة»، مضيفة أنه «كان على وزارة الداخلية أن تطرح آلية شفافة ومتكاملة لمراقبة العملية من خلال إرسال موظفين من بيروت إلى دول الخارج»، وإذ أشارت إلى اعتراف وزير الداخلية باحتمال وقوع أخطاء، لفتت إلى أن «الخطورة تكمن في نقل صناديق الاقتراع إلى لبنان عبر الطائرات»، وأشارت إلى تغييب الدائرة المختصة في وزارة الخارجية عن العملية في إشارة إلى مديرية المغتربين»، ولفتت إلى أن «وضع كاميرات غير كافٍ». وتوقعت المصادر مشاركة فاعلة للناخبين في دول الاغتراب ونسبة اقتراع مرتفعة، موضحة أن «أغلبية الذين سجلوا أسماءهم 90 ألف سيقترعون».