واشنطن تتنصّل من جرائم العدوان على اليمن… وأنصار الله يرحّبون بالتقرير الأممي
بعثة تقصّي الحقائق في دوما… وتشويش غربي على مهمتها… وسورية تحتفل بالجلاء
جريصاتي لم ينجح بالتفاهم مع برّي حول تشكيل المجلس الدستوري قبل الانتخابات
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
تميّزت مناقشات مجلس الأمن الدولي حول الملف اليمني للمرة الأولى بعناصر لا تخلو من الإشارات على ما يجري تداوله عن نجاح مساعٍ عُمانية وراء الكواليس، بإحراز تقدّم عبر مفاوضات رباعية الأطراف تديرها بصورة غير مباشرة وزارة الخارجية العُمانية مع كلّ من الرياض وطهران وأنصار الله والإدارة الأميركية، سهّلت مهمة المبعوث الأممي الجديد مارتن غريفيت، بحيث حاز تقريره أمام مجلس الأمن على رضى أنصار الله خلافاً لمواقفهم من تقارير المبعوثين السابقين، بينما كانت واشنطن تعلن عن عدم قدرتها تخصيص موارد كافية لمراقبة ما تقوم به القوات السعودية في حربها على اليمن. وهي بذلك تسحب يدها من المشاركة بالنقاش حول وجود أو عدم وجود جرائم تُرتكب بحق اليمنيين، بينما انتقلت موسكو للمرة الأولى أيضاً إلى إدانة ما يتعرّض له اليمنيون من قتل وتجويع وتشريد، وتخريب لعمرانهم وبناهم التحتية، مضيفة إدانتها للصواريخ التي تستهدف السعودية.
المؤشرات اليمنية تلاقت مع مؤشرات تحضيرات حثيثة للمفاوضات الأميركية الكورية الشمالية، والبحث في مكان عقد القمة التي ستجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، لكن هذه المؤشرات تلاقت بعكسها في الملفين السوري والفلسطيني، حيث «إسرائيل» تواصل بدعم أميركي ارتكاب القتل المفتوح والعلني بحق الفلسطينيين وتستعدّ للاحتفال الشهر المقبل بذكرى اغتصاب فلسطين عبر افتتاح السفارة الأميركية في القدس، بينما يستعدّ الفلسطينيون لإحياء ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة تحت عنوان العودة التي ستشمل فلسطينيّي الداخل والشتات، ويخيّم التوتر على النخب العسكرية والسياسية الإسرائيلية بانتظار الموعد ويخشون تحوّله موعداً للردّ الإيراني على الغارة التي استهدفت موقعاً قيادياً إيرانياً في مطار التيفور في ريف حمص قبل أسبوع.
في سورية دخلت بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مدينة دوما وباشرت عملها في ظلّ ترتيبات أمنية سورية وروسية، بينما تتواصل حملات غربية إعلامية ودبلوماسية تستهدف التعاون الروسي والسوري لضمان عمل البعثة، ويزداد منسوب التحريض وصولاً لكلام أميركي عن عدم السماح للبعثة ببلوغ النقطة المعنية بالتفتيش وهي المكان الذي صوّر فيه الفيلم الذي يستند إليه الأميركيون في الحديث عن الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي.
وفي سورية، حيث الاحتفالات بعيد الجلاء تزامنت هذا العام مع إنجاز كبير بحجم تحرير الغوطة ومواجهة عدوان غربي شاركت فيه فرنسا الدولة المستعمرة التي تحتفل سورية بجلاء قواتها عن أراضيها، كانت مدينة حلب وقلعتها على موعد مع إحياء المناسبتين، ذكرى الجلاء وإنجازات التحرير والتصدّي للعدوان، في احتفال برعاية الرئيس السوري بشار الأسد حضره مسؤولون كبار في الدولة والمدينة.
لبنانياً، عاد للواجهة الحديث عن تشكيل المجلس الدستوري قبل الانتخابات النيابية، عبر كلام أطلقه رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، كاشفاً طبيعة المهمة التي حملها وزير العدل سليم جريصاتي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث تشكيل المجلس الدستوري يتمّ مناصفة بين الحكومة ومجلس النواب، وقالت مصادر مطلعة على الملفّ إنّ جريصاتي لم ينجح بالتوصل لتفاهم مع بري، الذي يرى أنّ المجلس الحالي قادر على القيام بمهمته في النظر بالطعون الانتخابية رغم نهاية ولايته، وأنّ اقتراب موعد الانتخابات النيابية يحول دون تأمين النصاب اللازم لجلسة تسمية نصف أعضاء المجلس الدستوري، إضافة لكون فتح باب الترشّح لعضوية المجلس الدستوري يستدعي مهلاً لم تعد ممكنة مع دنوّ موعد الانتخابات.
المشنوق لـ«البيارتة : صوّتوا لنا كي لا تتحوّل بيروت حسينية
على الرغم من وقوع لبنان تحت تأثير الحدث الإقليمي الضاغط وتداعيات العدوان الأميركي الإسرائيلي المتكرر على سورية، غير أن مسار الاستحقاق الانتخابي يسير وفق المرسوم وصولاً الى المحطة الأخيرة في السادس من أيار موعد فتح صناديق الاقتراع لاستقبال الناخبين في كل دوائر لبنان. فباتت الانتخابات هي محور الحركة السياسية والمواقف مرتبطة باستنهاض الناخبين وشدّ العصب الحزبي والسياسي والطائفي بهدف رفع الحاصل الانتخابي أما اللقاءات وجلسات «غُب الطلب»، فتُعقد على نيّة العائد والمردود الانتخابي، غير أن اللافت هو خروج الخطاب السياسي واستقطاب الأصوات عن المألوف وتجاوزها الخطوط الطائفية والمذهبية عند بعض التيارات السياسية والمرشحين وعلى رأسهم تيار المستقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي من المفترض أن يكون على مسافة واحدة من جميع المرشحين والساهر على نزاهة وسلامة وعدالة الانتخابات، لكن كيف ذلك وهو أحد المرشحين؟
ومواكبة لارتكابات عناصر تيار المستقبل «الميليشياوية» بحق مكاتب وممتلكات ومناصري اللوائح المنافسة في أكثر من منطقة، واصل رئيس الحكومة سعد الحريري حملة التحريض المذهبي وعملية الفرز بين أبناء العاصمة ومكوّناتها. وقد حاول أمس، الاستعانة برمزية منزل الرئيس رفيق الحريري في قريطم واستخدامه كمنبر انتخابي لجذب الناخبين، علماً أنه لم يزر «بيت العائلة» منذ مدة طويلة، واعتبر الحريري أن «الانتخابات النيابية المقبلة مصيرية بالنسبة لبيروت، لأن هناك مَن يحاول أن يلغي فيها تيار المستقبل وقصر قريطم وبيت الوسط»، وردّ على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالقول: «البعض انتقد كلامي متسائلاً ما هي هوية بيروت؟ هوية بيروت عربية، وهويتها السلام والاعتدال والحوار والعلم والثقافة».
وأشارت مصادر بيروتية الى سلسلة التعديات التي يقوم بها المستقبل خلال الحملة الانتخابية من برجا إلى الطريق الجديدة الى كراكاس أمس الأول، واتهم رئيس لائحة «بيروت الوطن» صلاح سلام في بيان تيار المستقبل بـ التعرّض للمكتب الرئيسي للائحة في كراكاس، للاستيلاء على الداتا الانتخابية وتخريب المعدّات الموجودة في المكتب. وحمّل وزير الداخلية مسؤولية ما يجري على الأرض من جانب فريقه السياسي، وطالبه بالفصل بين دوره كوزير للداخلية وكونه مرشحاً للانتخابات، أو الاستقالة من منصبه المشرف على الانتخابات، لأنه لا يجوز أن يكون هو الخصم والحكم .
وقد كشفت مصادر البناء أنه وفي أحد اللقاءات الانتخابية الداخلية في بيروت سأل بعض المشاركين الوزير المشنوق عن ماذا قدّم المستقبل لبيروت طوال السنوات الماضية، فأجابه المشنوق: بمعزل عما قدّمنا، عليكن أن تنتخبونا وإذا لم تفعلوا فستصبح بيروت حسينية ويسيطر حزب الله على بيروت .
وردّت مصادر سياسية بيروتية على كلام الحريري، معتبرة لـ البناء أن تيار المستقبل أفلس ولم يتبقّ له سوى استخدام الخطاب الطائفي بعد فشله في الإنماء ويعمل على تخويف سنّة بيروت من الشيعة. وهذا خطاب أثبت عدم صحته وكذبه وهدفه تضليل المواطنين .
وأبدت المصادر استغرابها الشديد إزاء تلطّي المستقبل والحريري خلف العمامة الدينية واستجدائه دعم دار الفتوى. وما زيارته المفتي عبد اللطيف دريان إلا دليل على عدم ثقته بشعبية التيار في بيروت. وتمّنت المصادر على دار الفتوى البقاء على مسافة واحدة من المرشحين وأن لا تعلن دعم أحد الأطراف على أخرى .
وحذّرت المصادر من التدخّل السعودي في الانتخابات لرفع الحصة النيابية لفريق 14 آذار، لكنها أكدت أن هذا الفريق لن يتمكّن من حصد الحصة التي حصل عليها في الانتخابات الماضية ، وشدّدت على أن بيروت كانت عاصمة للمقاومة قبل تيار المستقبل ولا تزال ولن يتمكّن المستقبل والسعودية من تغيير هوية بيروت المقاومة والوطنية .
وكشفت المصادر تسخير المستقبل وزارات وإدارات السلطة لترغيب وترهيب وابتزاز الناخبين للتصويت للمستقبل الذي حوّل المكاتب الانتخابية مكاتب خدمية للناخبين من دفع فواتير وتأمين وظائف وغيرها . ورجّحت المصادر أن ينتخب في دائرة بيروت الثانية 150 ألف ناخب من أصل 347، أي ما يقارب 40 في المئة .
الى ذلك وعلى مسافة أيام من موعد اقتراع المغتربين، يعقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمراً صحافياً اليوم بالتنسيق مع وزارة الداخلية، للإعلان عن آلية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، في الوزارة.
الكهرباء إلى الحكومة الجديدة؟
على صعيد آخر، من المتوقع أن يعود ملف الكهرباء الى طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة يوم غدٍ في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكن مصادر في التيار الوطني الحر استبعدت أن يطرح الرئيس عون الملف على التصويت قبل تأمين إجماع سياسي على أحد الخيارات المطروحة لحل الأزمة ما يؤجل هذا الملف الى الحكومة الجديدة. وقالت لـ«البناء» إن «أزمة الكهرباء كغيرها من الأزمات التي يتطلّب حلّها توافقاً سياسياً بين مكوّنات الحكومة». ودعت المصادر جميع القوى الحكومية الى «تغليب المصالح الوطنية على المصالح الشخصية والانتخابية والسياسية وملاقاة التيار الوطني الحر في وسط الطريق لحل أزمة الكهرباء قبل الانتخابات النيابية». وأشار الوزير باسيل بعد الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والإصلاح الى وجود عرقلة في موضوع الكهرباء، ولفت الى وجود خلل في المجلس الدستوري. وقال: «هناك إقرار من الجميع بضرورة تعديل إنشاء هذا المجلس لجهة فتح مهلة الترشيح لانتخاب أعضائه في المجلس النيابي وفي الحكومة، وهذا أمر يجب إنهاؤه قبل الانتخابات، لأن المجلس سينظر بالطعون المقدّمة بعد الانتخابات ولا يجوز تعيينه بعدها».
وقد كان هذا الموضوع محطّ نقاش بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير العدل سليم جريصاتي الذي سأل بري عن إمكانية عقد جلسة تشريعية لتعيين 5 أعضاء من المجلس الدستوري على أن يعيّن مجلس الوزراء الأعضاء الخمسة الآخرين، وأجاب بري بحسب معلومات «البناء» بأنه «موافق في المبدأ غير أنه لا يستطيع تأمين نصاب للجلسة في ظل انشغال النواب في التحضير للانتخابات». وقالت مصادر وزارية وقانونية لـ «البناء» إن «المجلس الدستوري انتهت ولايته منذ العام 2015 ولا يزال يمارس أعماله، بحسب ما ينصّ القانون ويمكنه النظر في الطعون الانتخابية بشكل قانوني وشرعي»، لكنها أوضحت أن «بعض الذين ترشّحوا لعضوية المجلس منذ عامين تخطّوا السن القانونية الآن، وبالتالي يجب فتح باب الترشحيات مجدداً لترشح آخرين اضافة الى أنه لم يترشح أعضاء من طوائف معينة كالروم الكاثوليك». كما لفتت المصادر الى أنه «لا اتفاق سياسي حول تعيين المجلس الدستوري ما سيؤجل هذا الملف الى ما بعد الانتخابات».
قانون «العفو»: خلاف على تصنيف الموقوفين
الى ذلك، عاد قانون العفو الى الواجهة، وسط تصعيد أهالي الموقوفين الإسلاميين الذي وعدوا من تيار المستقبل ووزير الداخلية بإصدار العفو قبل الانتخابات، وعمد الأهالي أمس، الى قطع الطريق عند دوار السلام في طرابلس.
واستبعدت مصادر قضائية إقرار القانون قبيل الانتخابات النيابية في الشكل والمضمون، فـ»ليس باستطاعة المجلس النيابي الاجتماع لبحث العفو والتصديق عليه فضلاً عن عدم وجود ملف جاهز للموقوفين، في ظل الخلاف القائم على تصنيف الموقوفين، بين التجار والمروّجين ومتعاطي المخدرات، وبين مَن قتل عسكريين ومدنيين وبين المنخرطين في تنظيمات إرهابية قاتلت الجيش اللبناني، وبين العميل الفعلي لإسرائيل وبين مَن هرب الى الأراضي المحتلة خوفاً من القتل».
الى ذلك قالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن «مسار العلاقة بين الرئيسين عون وبري الى تحسّن تدريجي على أن تتطور أكثر بعد الانتخابات النيابية»، وشدّدت على أن «عون حريص على بقاء صلة الوصل مع رئيس المجلس الذي أشاد بخطاب رئيس الجمهورية في القمة العربية»، ولفتت الى زيارة الوزير جريصاتي التي «ستؤسس الى مزيد من تمتين العلاقة والتعاون والتنسيق بين الرئاستين الأولى والثانية بما يصبّ في مصلحة الوطن وإنهاء الازمات التي يعاني منها».
الخارجية اللبنانية: نرفض العدوان على سورية
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية اللبنانية أن «وزير الخارجية أكد رفض لبنان التعرض لسيادة دولة عربية من دون غطاء شرعي وقرار أممي، ورفض خرق الأجواء اللبنانية للاعتداء على دولة عربية، كذلك رفض لبنان استخدام أي سلاح كيميائي او سلاح دمار شامل من أي جهة، خصوصاً أن إسرائيل تمتلكه». وأكد باسيل «وجوب إجراء تحقيق دولي شفاف، وفي حال ثبت استخدام أسلحة كيميائية، اتخاذ العقوبات في حق الجهة التي قامت بهذا العمل أياً كانت. مع الإشارة إلى وجوب خلوّ سورية من السلاح الكيميائي، حسب القرارات الدولية وتقرير الوكالة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية الخاص بسورية».