مشبوه ولديه مليار دولار
هذا الترحيل يحمل مؤشرات كثيرة لجهة مكافحة نشاطات حزب الله حول العالم، فقد وضعت الحكومة الأميركية، قاسم تاج الدين، في العام 2009 على لائحة الإرهابيين الدوليين ومنعت أي تعامل معه، وقالت وزارة الخزانة في حينه إن قاسم تاج الدين يدير شبكة من الأعمال في لبنان وإفريقيا، ويضخ ملايين الدولارات في حسابات حزب الله، وإن شقيقه قيادي في التنظيم الموالي لإيران.
وعلى رغم العقوبات، نجح قاسم تاج الدين في متابعة أعماله، خصوصاً في إفريقيا، كما نجح في استغلال النظام المصرفي في الولايات المتحدة.
فقد أشارت ملفات الادعاء على تاج الدين أنه مع عدد من الأشخاص ومن العام 2009، أي سنة وضعه على لائحة العقوبات، وإلى العام 2016 تاريخ مذكرة إلقاء القبض عليه، تمكّن من تحويل أموال عبر المصارف وشراء بضائع من الولايات المتحدة وصلت قيمتها، بحسب البيانات المنشورة في الادعاء، إلى 50 مليون دولار أميركي. وشملت التحويلات والبضائع هيوستن في تكساس، وسافاناه في جورجيا، ونيواورلينز في لويزيانا، وموبيل في ألاباما، بالإضافة إلى أنغولا والإمارات.
كما تقدّر السلطات الأميركية أن تاج الدين مع عدد من الأشخاص حوّل بين بلدان عديدة خلال تلك المرحلة ما قيمته مليار دولار أميركي.
انكشفت هذه التحويلات عندما تمّ اعتقال قاسم تاج الدين في أحد مطارات المغرب في العام 2017 بناء على مذكرة دولية، وتمّ تسليمه للسلطات الأميركية، ونشر الادعاء الأميركي تفاصيل نشاطاته المصرفية والتجارية في الولايات المتحدة، ويقول إيمانويل أوتولينغي من معهد الدفاع عن الديمقراطيات، وهو متخصص في شؤون مكافحة هذه الشبكات "إن التصنيف يشهّر، ويصبح من الصعوبة على الأشخاص والمؤسسات أن يقوموا بنشاطات من ضمن النظام المالي العالمي" ويضيف أوتولينغي "لكن ذلك لا يشبه عقوبة السجن، فالتصنيف هو واحد من أدوات تستعملها الحكومة الأميركية، ولا عصا سحرية لمكافحة تمويل الإرهاب".
كما يعتبر إيمانويل أوتولينغي أيضاً أنه من "الضروري القيام بجهد أكبر"، وأنه في قضية قاسم تاج الدين فإن إيقافه والسيطرة على بعض أمواله كانت ضربة كبيرة للمستفيدين منه.
حكم قصير الأمد
خلال مراحل اعتقاله ومحاكمته، تمكن قاسم تاج الدين من التحرّر من لائحة طويلة من الاتهامات، وأقرّ بذنب واحد في المحكمة هو تبييض الأموال، ووافق قاسم تاج الدين على دفع 50 مليون دولار أميركي تعويضاً عن خرقه "قوانين الأموال" وفرض القاضي في مدينة واشنطن العاصمة حكما بالسجن خمس سنوات على قاسم تاج الدين، بدأت منذ اعتقاله وكان من المفترض أن يبقى في السجن حتى العام 2023 لكن محامي قاسم تاج الدين طلبوا إخلاء سبيله منذ أسابيع، وقالوا في طلبهم إن وضعه الصحي لا يسمح بإبقائه سجيناً في حين تنتشر جائحة كورونا في السجن الاتحادي.
وكانت المفاجأة أن القاضي وافق على إطلاق سراحه وتمّ تسليمه إلى وكالة أمن الهجرة والجمارك الأميركية بانتظار إخراجه من الأراضي الأميركية.
ويعتبر إيمانويل أوتولينغي من معهد الدفاع عن الديمقراطيات "أن النظام القضائي الأميركي يتساهل عامة مع جرائم القبّة البيضاء" أي الجرائم التي يرتكبها موظفو المكاتب والشركات، واعتبر أن حكم الخمس سنوات على تاج الدين كان في الأساس قصيراً نسبياً لكن أوتولينغي أضاف في تصريح للعربية.نت أن "إطلاق سراحه باكراً، لأسباب رحيمة، هو هدية لحزب الله وضربة لمصداقية الولايات المتحدة في مكافحة شبكة حزب الله المالية".
مبادلة السجناء والمعتقلين
إلى ذلك، يشكك بعض القائمين على أحوال المعتقلين في لبنان وإيران في أن الحكومة الأميركية قررت إجراء "مبادلة" أي إطلاق سراح قاسم تاج الدين من الولايات المتحدة، تجاوباً مع إطلاق سراح عامر فاخوري منذ أشهر من لبنان، والفاخوري مواطن لبناني أميركي وكان قيّماً على سجن الخيام خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني، وقد ألقت السلطات اللبنانية القبض على الفاخوري في أول زيارة له إلى لبنان بتهم جرائم حرب ارتكبها في السجن، وطالبت السلطات الأميركية وأعضاء الكونغرس بإطلاق سراحه.
كما أن السلطات الأميركية أطلقت سراح مواطن إيراني هو مجيد طاهري، حكم عليه بتهمة تصدير معلومات ومواد إلى إيران على رغم نظام العقوبات على طهران، في المقابل أطلقت إيران سراح المواطن الأميركي مايكل وايت الذي احتجزه الحرس الثوري العام 2018 خلال زيارة لصديقة له في طهران.