خبر

باريس وواشنطن: لحكومة من دون 'حزب الله'

كتب جوني منير في "الجمهورية": من الواضح أنّ شدّ الحبال الاميركي - الإيراني سيستمر بوتيرة تصاعدية خلال الأشهر الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الاميركية، ومعه من المنطقي الاستنتاج، بأنّ الضغوط الاميركية على "حزب الله"، الحليف الأهم لإيران، ستزداد في المرحلة المقبلة. صحيح أنّ طهران تراهن على سقوط دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعودة الديموقراطيين الى البيت الابيض من خلال فوز جو بايدن، الّا انّ ذلك لن يعني تبدّلاً في جوهر المشروع المطروح للمنطقة، بل تبدّلاً في الاسلوب وبعض الشروط. لكن الجوهر يمثل مشروعاً اميركياً صاغته مؤسسات الدولة العميقة، وبدأ مشواره مع التوقيع على الاتفاق النووي بين البلدين في العام 2015.

وفق هذا المنطلق، يمكن تفسير توجيه اعضاء من الحزبين الجمهوري والديموقراطي في مجلسي النواب والشيوخ، دعوة للاتحاد الاوروبي لإدراج كامل "حزب الله"، اي بشقيه العسكري والسياسي، كمنظمة ارهابية، والدعوة لحظر نشاطه في اوروبا.

وقد تمّ توجيه هذه الرسالة الى الوفد الاوروبي الذي يزور واشنطن، لكن الجواب الاوروبي كان بأنّ الجناح السياسي لـ"حزب الله" جزء لا مفرّ منه في المشهد السياسي اللبناني، ذلك أنّ الاوروبيين ما زالوا يؤمنون بأنّ الانخراط في حوار منتج مع جميع الاحزاب الموجودة في لبنان، يبقى مفتاح الاستقرار، وليس فقط في لبنان، بل في الشرق الاوسط ايضاً، وأنّ الاتحاد الاوروبي سيبقي على تواصله مع السلطة اللبنانية بأكملها.


كان هذا الحوار يدور في واشنطن، في الوقت الذي كانت فيه "حرب" تبادل الرسائل تدور بين الديبلوماسية الاميركية و"حزب الله" في لبنان.

في الواقع، هنالك مساران لتطور هذه المواجهة. المسار الاول وهو المتعلق بالرسائل التي كانت تتضمنها المواقف الاميركية الرسمية، والردّ عليها من خلال قرار قاضي العجلة في صور محمد مازح.

والمسار الثاني، وهو الاهم، والذي له علاقة بالعروض الحكومية في الكواليس تحت الضغط الاقتصادي المرهق. وبالنسبة للمسار الاول، فإنّ كلام السفيرة الاميركية الى قناة "الحدث"، والذي حمل مواقف قوية، لم يكن موقفاً مفاجئاً لواشنطن. فخلال الاسبوعين الماضيين، صدر عن ثلاثة مسؤولين اميركيين معنيين بالملف اللبناني، مواقف صبّت في السياق نفسه.

الموقف الاول ادلى به مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر، والثاني لوزير الخارجية مايك بومبيو، وجاء بعد ايام معدودة. واخيراً موقف السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وهو الذي أثار الجدل الأكبر.

الواضح أنّ المواقف الثلاثة ركّزت على الحكومة وعدم قيامها بالاصلاحات المطلوبة ووقوعها تحت سلطة "حزب الله".

في الواقع، فإنّ اسلوب السفيرة الاميركية في لبنان يختلف تماماً عن اسلوب اسلافها، وانّ تعيينها في المرحلة الحالية، هو بسبب ملاءمة اسلوبها متطلبات المرحلة. ذلك أنّه لم يسبق لسفير اميركي على مرّ تاريخ العلاقة بين البلدين، أن ادلى بمواقف اعلامية بهذه الكثافة. لا بل على العكس، فإنّ الأسلوب السابق او الطريقة المعهودة، كانت تشهد «تقنيناً»، وندرة في التعليق الاعلامي. كذلك، فإنّ مواقف السفراء الاميركيين كانت تغلّف المواقف المطلوبة بعبارات منتقاة جيداً، ويغلب عليها الطابع الديبلوماسي. أما اسلوب السفيرة شيا فهو واضح ومباشر، ويشبه الى حدّ بعيد أسلوب الرئيس الاميركي وادارته.