هل هي مصادفة أن تعلن إسرائيل التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، غداة القرار القضائي اللبناني الذي يمنع السفيرة الأميركية من الإدلاء بتصاريح حول الشأن الداخلي.
أنباء واردة من أقصى الجنوب اللبناني، تشير إلى مناورات عسكرية لقوات الإحتلال لم يسبق لها مثيل، وسط كلام لافت للإعلام العبري عن حرب وشيكة مع "حزب الله" قبل الإنتخابات الأميركية المزمع إجراؤها في تشرين الثاني.
وعلى وقع قرع طبول الحرب، يستمر الوضع الداخلي المالي والإقتصادي والمعيشي في التردي، الأمر الذي دفع إلى تحديد بعد غد الثلاثاء موعدا لجلسة لمجلس الوزراء دون جدول أعمال.
وفي الأزمات اليومية، تخطى سعر الدولار في السوق السوداء 8000 ليرة، فيما غاب تسعير المنصة الإلكترونية لدى الصيارفة في عطلة الأسبوع. وفي شأن أخر، بلبلة الرغيف مستمرة والطحين متوافر، لكن المازوت مفقود، ونقابة أصحاب الأفران تنتظر مفاوضات الغد مع وزير الإقتصاد واللواء عباس ابراهيم الذي دخل على خط الأزمة، حول مصير سعر ربطة الخبز.
وفي الغضون، تتواصل التحركات الشعبية استياء من الانهيار من المعيشي الحاصل والذي ارتفعت فيه أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل هستيري، حتم على العديد من المحال إقفال الأبواب، بعد نفاد المنتوجات لديها وصعوبة الشراء على سعر الدولار.
على صعيد آخر، من سرب ومن تكلم ومن هول بنجاة الرئيس سعد الحريري من سقوط صاروخ على بعد 500 متر في البقاع؟. "تلفزيون لبنان" سأل أوساط الرئيس الحريري عن الموضوع، فقالت إن الرئيس الحريري كان في البقاع قبل عشرة أيام وليس اليوم. وامتنعت عن الرد عن حقيقة الموضوع قائلة سنتبين الحقيقة، مع الاشارة إلى أن قناتي "العربية" و"الحدث" أول من تناولا الموضوع.
بالعودة إلى ما يتعلق بقضية السفيرة الأميركية، وزير الخارجية ناصيف حتي استدعى دوروثي شيا، وفق معاهدة فيينا، وسوف يلتقيها الاثنين الساعة الثالثة بعد الظهر، من أجل استطلاع مضمون ومجريات ما ورد في حديثها الإعلامي الأخير.
حتي نفى ل"تلفزيون لبنان" ما حكي أنه أقرن طلبه السفيرة، بأنه لا يجوز أن يتضمن كلامها تحريضا للبنانيين على جزء آخر من اللبنانيين مشارك في السلطة. الوزير حتي حرص على نفي هذه الجملة نفيا قاطعا.
الوزير السابق سليم جريصاتي أكد ل"تلفزيون لبنان" أنه اتصل بالسفيرة شيا، موضحا لها أن القرار الصادر عن القاضي مازح قضائي وليس بإيعاز سياسي رسمي.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"
إلى صدارة مسرح الأحداث اللبناني المتخم بالهموم، اندفعت قضية السفيرة الأميركية، بعد القرار القضائي الذي قرأ في ثنايا تصريحاتها الأخيرة ما يثير الفتنة. أما القاضي محمد مازح فأوضح أن قراره قضائي بامتياز ولا خلفيات سياسية له. وهو لم يتم استدعاؤه للمثول أمام هيئة التفتيش القضائي، بحسب ما أعلن النائب العام التمييزي غسان عويدات، بعد تسريبات في هذا الشأن.
في المقابل، استدعيت السفيرة الأميركية إلى وزارة الخارجية، حيث يجتمع معها الوزير ناصيف حتي غدا، فماذا سيتمخض عن اللقاء؟.
في الانتظار، كان لافتا للانتباه إعلان السفيرة شيا أنها تلقت اعتذارا من الحكومة اللبنانية، إلا أن وزيرة الإعلام منال عبد الصمد نفت هذا الأمر.
على أن قرار قاضي الأمور المستعجلة في صور، تحلق حوله الكثير من المؤيدين، ونبذه آخرون متسلحين بعناوين حرية الرأي والإعلام. من أبرز المؤيدين للقرار، "حزب الله" الذي أشاد بالقاضي الحر الذي انتفض لكرامة بلده، ووصف تصريحات شيا بأنها اعتداء سافر على سيادة لبنان، منتقدا الأصوات اللبنانية التي تبرعت بالوقوف على خاطرها.
وعلى الضفة الأميركية، سلسلة مواقف للسفيرة شيا نفسها ولوزارة الخارجية، محورها أن القرار القضائي اللبناني مثير للشفقة، وأن الأولى للبنانيين إيجاد حل للطوابير المصطفة أمام الأفران.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد غاب اليوم مشهد الطوابير المزدحمة أمام الأفران، من دون أن يعني ذلك أن الأزمة قد انتهت. لكن ثمة مساعي حكومية في هذا الشأن يؤمل أن تؤتي ثمارها.
على خط النفط والغاز، قرار لحكومة العدو بالمصادقة على التنقيب على الغاز في ما كان يعرف بالبلوك 72 القريب من البلوك رقم 9، أي في المنطقة التي اعتبرها العدو متنازع عليها رغم رفض لبنان لهذه المزاعم، ولهذه القرصنة الإسرائيلية لثروات لبنان.
في الشؤون السياسية الداخلية، برز موقف لرأس الكنيسة المارونية مفاده أن "اللقاء الوطني" الذي عقد في قصر بعبدا زاد في الانقسام الداخلي، وأن ثمة حاجة لإعداد رئيس الجمهورية لمؤتمر وطني شامل.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
بوضوح تام بات تشخيص المرض في لبنان، وسريعا ظهرت كل عوارضه وأوجاعه السياسية والمالية والاقتصادية والأمنية وحتى الإعلامية. فالجائحة التي تفتك بجسم الوطن ولا تزال، لم يعد بالإمكان اخفاؤها، حتى ظهرت بكل وضوح على الشاشات وفي البيانات، إنها الولايات المتحدة الأميركية المتمثلة بمندوبتها السامية في لبنان دوروثي شيا.
السفيرة التي انكشفت وبلادها، خرجت مذهولة برمي الاتهامات، فأصابت نفسها وإدارتها وسيادييها اللبنانيين الواقفين عند أمر الطاعة والولاء. واللافت لم يكن وقاحة شيا فحسب، بل وقاحة كل أدواتها.
السفيرة المثيرة لكل أنواع التحريض والفتن والتهجم على اللبنانيين وتأليب بعضهم على بعض، والمتنقلة بين الصالونات والشاشات بتصريحات وأوامر عمليات، لم تجد من يضع لها حدا، فانبرى قاض جاد بضمير حر، متخذا حكما قضائيا معلل الدوافع والأسباب، حفاظا على السلم الأهلي والاستقرار، مالئا فراغ القرار الوطني المفترض لوضع حد لبوق الفتنة وراعية الفساد، فسبب للبعض حرجا ولآخرين حنقا، فاستشاطوا ببيانات ومواقف واستضافات، يتباكون على استقلالية القضاء باستنكارهم حكما قضائيا.
فلو قرأوا القانون اللبناني والقوانين والاتفاقات الدولية، لا سيما اتفاقية فيينا التي تخرقها شيا كل يوم بالتدخل السافر بكل الشؤون اللبنانية، فضلا عن أنها لم تخف هي ولا أسيادها في الخارجية الأميركية أنهم هم من يحاصر لبنان، ويتهجمون على مؤسساته الدستورية، ويتحكمون بإداراته المالية، كما كانوا منذ عقود من الزمن. ومع ضعف موقفهم كان بيان للخارجية الأميركية يمعن بانتهاك السيادة اللبنانية، يهين القضاء اللبناني، ويتهجم على القاضي محمد مازح الذي أصدر الحكم.
فهل هذه هي السيادة يا سادة؟، وهل الاستقلال والحرية التي تدعون كصنم من تمر متى شئتم عبدتموه ومتى جعتم أكلتموه؟.
ولشيا ومواقفها صدى مدو اليوم في المياه الاقليمية اللبنانية، كشفت بعضا من أهداف الحرب التي تخوضها إدارتها ضد اللبنانيين، فأعلنت تل أبيب قرارا بالتنقيب عن الغاز قرب المياه اللبنانية، ظنا أنها تستطيع الاستثمار أكثر بالضغط على لبنان في الوقت الذي يضيعه أهله في ذروة الانقسام.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"
أمام تسارع الأحداث، وتضارب المعطيات، لا يسع اللبنانيين إلا العودة إلى الثوابت، ذلك أن مجموعها يشكل خارطة طريق مناسبة، لمقاربة الأزمات الكثيرة التي تعصف بالبلاد، ومقارعة التحديات غير المسبوقة التي تواجه الوطن الصغير.
الثابتة الأولى، الحرية والسيادة والاستقلال: الحرية المنصوص عليها في الدستور، والتي ترعاها المواثيق الدولية، والسيادة غير المنقوصة برا وبحرا وجوا، والاستقلال التام والناجز، الذي سقط في سبيله على مدى عقود شهداء، التفريط بدمائهم يفترض أن يكون الخط الأحمر الوحيد.
الثابتة الثانية، الاستقرار: الاستقرار الأمني واستقرار العلاقة بين مكونات المجتمع. الاستقرار الأمني، واجب الجيش والقوى والأجهزة الأمنية المعنية أولا، ودور الأفرقاء السياسيين ثانيا، الذين فوت بعضهم فرصة "اللقاء الوطني" في بعبدا، للمشاركة في بعث رسالة طمأنة أمنية إلى اللبنانيين، رفضا للفتنة، وتحذيرا من أي تفكير بالعودة إلى زمن الحرب. أما استقرار العلاقة بين المكونات، فعاموده الفقري، الميثاق الوطني والمناصفة التامة، وإلا فالدولة المدنية المكتملة، التي تبدأ بإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية.
الثابتة الثالثة: الاقتصاد الحر والمنتج، وهو عنوان عريض لجملة متطلبات وطروحات، يفترض أن تسلك طريقها نحو التطبيق، لأنها تشكل المدخل الوحيد على المدى البعيد، لوقف التسول على أبواب الدول والسفارات، ومنع الانتكاسات المالية كلما "أخد على خاطر" دولة أو مسؤول خارجي ما، فيصبح الاتكال على الذات علامة لبلوغ سن الرشد الوطني.
الثابتة الرابعة: محاربة الفساد كهدف وطني جامع لكل المواطنات والمواطنين اللبنانيين، لا تقف أمامه عثرة سياسية، ولا عرقلة طائفية، ولا عصا مذهبية في دولاب الاصلاح. أما من يحاول منع تحقيق الهدف، فمصيره يفترض أن يكون حسابا سياسيا منصفا، ومثولا أمام قضاء فاعل، يتمنى اللبنانيون أن يقوم بدوره كاملا، سلطة ثالثة نشيطة على خط فرض العدالة.
الثابتة الخامسة: كسر المحرمات تحت سقف الوفاق لتطوير النظام بما يوقف الدوران في حلقات مفرعة من اللاقرار، ومن هنا كان تشديد البيان الختامي للقاء بعبدا الأخير على التطوير الواجب اعتماده في النظام السياسي ليكون أكثر قابلية للحياة والإنتاج، وذلك في إطار تطبيق الدستور وتطويره لناحية سد الثغرات فيه وتنفيذ ما لم يتحقق من وثيقة الوفاق الوطني.
إنطلاقا مما سبق، يستشف الجواب على أي استفزاز اسرائيلي جديد.
وبناء عليه، يعرف الموقف من أي استهداف أمني لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري أو غيره، إن حصل.
ومن أرضيته الصلبة، يحدد اللبنانيون الزاوية التي يتعاطون عبرها مع القرار القضائي الذي صدر أمس حول السفيرة الأميركية، التي استدعيت الثالثة من بعد ظهر الغد إلى وزارة الخارجية، علما أن الموضوع أخذ طريقه نحو الحل كما ذكرت الـ OTV أمس، حيث اتصل مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي بالسفيرة الأميركية، وأبلغها أن القرار الصادر قضائي وليس بإيعاز سياسي رسمي. وخلال الاتصال، أبلغ جريصاتي السفيرة الأميركية أن لبنان ملتزم معاهدة فيينا لسنة 1961.
وحده الذي لا يعمل لا يخطىء، الأمر يمثل قمة السلبية طبعا، أي أن نتلافى الخطأ بالتوقف عن العمل. لكن إذا اسقطنا هذا المنطق على الحكومة فإننا نرجوها التوقف عن العمل لعجزنا عن إقالتها أو إقناعها بالإستقالة، لأنها كلما عملت أخطأت.
وضعت يدها في المال، فأخرجتنا من المنظومة المالية العالمية، وكسرت مصارفنا وصار الدولار بثمانية آلاف ليرة والحبل على الجرار، وهي في صدد تهشيل صندوق النقد. وضعت يدها في القضاء فخربته، وإذ بقاض مازح يقرر منع سفيرة الدولة الأكبر من الكلام ومنع الإعلام من استصراحها.
تعاطت في السياسة الخارجية، فسلمت ذقنها ل"حزب الله" الذي جرنا شرقا فلم نربح الشرق، وخسرنا الغرب ولم يعد للبنان صديق يشفق عليه. تعاطت في النفط والغاز كالتعاطي بالألغاز فصرنا بلا غاز ولا نفط، أما تخبيصها المتمادي في قطاع الطاقة والكهرباء الذي يخسرنا المليارات، فدفع اللبنانيين إلى التهافت على شراء الشمع تحسبا للظلام الزاحف.
تعاطت في الرغيف، فصار اللبنانيون يشحدون ربطة الخبز. تعاطت في الأمن فسيسته وصار كل لبناني مجرما متآمرا إلى أن يثبت طاعته للسلطة، لا لشيء إلا لأنه يطالب بلقمة عيشه وبحقه في التعلم والإستشفاء. وتعاطت في التربية فصرنا بلا تربية ولا تعليم.
تعاطت في الإعلام فإذا بلبنان يتحول إلى نهج متخلف توتاليتاري، إما أن تؤله الصحافة القائد والزعيم في الدولة والدويلة أو تتهم بالعمالة للخارج.
نورد هذه المضبطة غير المشرفة، بعد سلسلة العثرات التي تتخبط فيها الحكومة، في كل ما أتخذته من تدابير مالية وأمنية وتربوية وصحية، أدت إلى ما نحن فيه اليوم من مصائب. أما آخر "الخبصات" المخجلة والتي ارتكبت في حق السفيرة الأميركية هذه المرة، فلم تكن في ما قام به القاضي المازح في "ماتش" الذهاب فقط، ف"الخبيصة" الأكبر سجلت في التنصل المتعثر من المسألة: من اتصل من الدولة بالسفيرة معتذرا على طريقة من سيربح المليون: رئيس الحكومة؟، وزيرة الإعلام؟، وزير الخارجية؟، أم مستشار القصر سليم جريصاتي؟. أما الجواب فكل هؤلاء ولا أحد، ومسلسل الفشل مستمر، لأن غدا هو يوم عمل عادي للحكومة فأبشروا.
من خارج السياق، أوردت قناة "الحدث-العربية" خبرا مفاده أن القوى الأمنية اللبنانية تحقق في ظروف انفجار صاروخ أرضي أو جوي أثناء مرور موكب الرئيس سعد الحريري خلال توجهه إلى البقاع الأسبوع الفائت، والتحقيقات تركز على معرفة ما إذا كان هناك من استهداف للحريري أم أن الحادث عرضي، خصوصا أن الانفجار وقع على مسافة خمسمئة متر من الموكب.
إنه التحدي بين الحرية واللاحرية، وبين الدولة واللادولة. عندما اتخذ القاضي محمد مازح قراره أمس، كان دقيقا، فهو لم يمنع السفيرة الأميركية من الإدلاء بتصاريح، إنما استصوب الإعلام ومنعه من نقل تصريحات دوروثي شيا.
وقع مازح في المحظور، فطريق تحصين السيادة والانتفاض لكرامة لبنان لا يمر بالإعلام، إنما بالطرق الديبلوماسية.
ليس تحت شعار خط الحرية الأحمر الفضفاض، تتحدث الـ lbci عن الحريات، باسمها وربما باسم كل الإعلام، إنما تحت شعار الخيط الرفيع الذي يفصل الحرية عن اللاحرية. فالقاضي مازح عندما أصدر قراره، تلاعب بهذا الخيط الرفيع، وهو بطلبه منع نقل تصريحات شيا، مس بحرية الرأي التي كفلها الدستور، وفرض على الإعلام الرقابة المسبقة، وجاء قراره شاملا يشبه التعميم، ما جعله بالمنطق القضائي ساقطا.
خطير التلاعب بحرية الإعلام، تماما كما خطورة التلاعب باستقلالية القضاء، وبين الاثنين لا بد من العودة إلى البدء، إلى كل مرة وقفت فيها الـ lbci، مع حرية الإعلام، ولعل أبرز الوقفات كانت عندما حاولت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، منع تلفزيون "الجديد" من تغطية تحقيقات مرتبطة بقضية الشهود الزور، فاختارت "المؤسسة اللبنانية" يومها في العام 2013، مثلما تفعل اليوم، رفع تحدي الحرية أمام اللاحرية.
أما تحدي استقلالية القضاء، فباحترام نسلمه للجسم القضائي، الذي يعرف أكثر منا جميعا، كيف يرد ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
التحدي الأول صوب، أما التحدي الثاني فهو الأصعب، فهل نحن في دولة أو لا دولة؟، السؤال يطرح انطلاقا من حال الإرباك التي غرق فيه السياسيون منذ الأمس. فالسفيرة الأميركية وبعد القرار، أكدت تلقيها اتصالا رسميا تطمينيا بأن ردا مناسبا سيتخذ على هذا الحكم غير اللائق، وهنا ضاعت البوصلة، وضاعت الدولة.
من اتصل بشيا، رئيس الحكومة، وزير الخارجية، وزراء آخرون، أم من؟. مرت الساعات ثقيلة، بين نفي وزاري من هنا وآخر من هناك، حتى جاء التبني. سليم جريصاتي، مستشار رئيس الجمهورية، وعن رئاسة الجمهورية، اتصل بشيا وقال: إن القرار قضائي ولم يأت بإيعاز سياسي، وأي قرار رسمي، ستتبلغه السفيرة عبر وزير الخارجية ناصيف حتي الذي استدعاها غدا إلى قصر بسترس.
ماذا سيقول حتي لشيا؟، وماذا سيطلب منها بموجب الأعراف الديبلوماسية؟. هل سيخبرها عن إرباك الحكومة اللبنانية، الواقعة بين واشنطن من جهة و"حزب الله" من جهة أخرى؟. هل سيخبرها بأن جزءا من اللبنانيين يساندها مع بلادها، وجزءا آخر يعاديها مع بلادها، بعد إطلالاتها الأخيرة، وأن الانقسام بين الفئتين عاد إلى الواجهة؟.
هل سيذكرها، بحسب ما قال النائب حسن فضل الله للـ lbci، أن كلامها مس بمشاعر اللبنانيين الذين صوتوا لصالح "حزب الله"، وهم 220343 شخصا، جعلوا الحزب جزءا لا يتجزأ من مجلس النواب والحكومة؟.
وماذا ستقول شيا لحتي؟، هل ستخبره أن ما استدعى كلامها على قناة "الحدث" هو ما تعتبره الكلام التهديدي الذي ساقه الأمين العام ل"حزب الله" عبر خطابه الناري منذ أسبوعين، والذي تناول فيه مواضيع كقتل الناس وأمور مماثلة، حسب ما قالت اليوم للـ lbci، مع الإشارة إلى أن السيد نصرالله كان أعلن في خطابه ذاك: إذا جوعتونا سنقتلكم.
خطير التلاعب بين الدولة واللادولة، فنحن اليوم أقرب إلى اللادولة، التي لم يكن ينقصها، فوق أزماتها، سوى إعلان خبر عبر شاشة "العربية الحدث"، عن حادث أمني وقع لدى مرور موكب الرئيس سعد الحريري في البقاع الغربي منذ أسبوع، تحسم نتائج تحقيقاته لاحقا ليتبين ما إذا كان الانفجار الذي حصل منذ أكثر من عشرة أيام ناجم عن انفجار خزان طائرة مسيرة، أو هو استهداف للموكب؟.
البلد في عين العاصفة، وعلى أبواب الفتنة، وبين الدولة واللادولة، قد نسير إلى ما هو أخطر من الجوع.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
صاروخ قبل عشرة أيام، سمع دويه اليوم. فمن شاشة "العربية الحدث" مرة أخرى يكون الحدث، فيتم إطلاق صاروخ يحلق وينفجر على بعد خمسمئة متر من موكب الرئيس سعد الحريري في أثناء عودته من زيارة إلى البقاع. وبحسب الرواية فإن الحريري أكمل مساره إلى بيروت وبقي الأمر طي الكتمان.
هو حادث وقع قبل أيام عشرة، لكنه انفجر اليوم إعلاميا، فيما أكدت مصادر "الجديد" أن شعبة المعلومات لم تتسلم أي تحقيق في هذا الشأن، منذ تاريخ وقوعه إلى اليوم. أما "بيت الوسط" فيدرس خيارات الرد الإعلامي، لتوليف "تخريجة" عن الحادث والذي بدا أنه "صاروخ جو- أرض" سياسي- أمني.
وقد التهب هذا الخبر، على توقيت كانت فيه البلاد تعطل مفاعيل صاروخ ديبلوماسي آخر انفجر بين لبنان وأميركا بقرار قضاء عاجل. وأبعد من الأزمة الديبلوماسية، راح الناشطون سياسيا وإعلاميا، ينقبون عن "فاعل خير" قدم من تلقاء نفسه اعتذارا إلى السفيرة الأميركية دوروثي شيا، قبل أن يختفي بين الوزراء، ودارت الدائرة على كل اسم محتمل، قبل أن يكتشف أن الفاعل هو الوزير السابق سليم جريصاتي، والذي بررت مصادره بأنه "قد أتاها يعتذر"، لكن لم يسألها ما الخبر، حاصرا الاعتذار فقط بلغط حصل معها وأدى إلى منعها من الظهور إعلاميا.
والسفيرة العزيزة مدعوة غدا إلى الخارجية لتوضيح الملابسات وسؤالها عن مدى خرقها اتفاقية فيينا، مع احتمال تقديم المحتوى الديبلوماسي المتضمن اعتذارا عن قرار قضائي محلي لا يمثل وجهة نظر الحكومة والدولة.
وفيما يستدعي التفتيش القضائي القاضي المعني، أعلن محمد مازح استعداده للتنحي وإنهاء خدماته قبل أن يسأل عما فعل. أما "حزب الله"، فقد توجه عبر النائب حسن فضل الله بكلام يمنح القرار القضائي الحصانة. وقال فضل الله إن السلطات اللبنانية وفي مقدمها وزارة الخارجية، مدعوة إلى تحرك فوري لإلزام هذه السفيرة احترام القانون الدولي الذي يحدد واجبات الديبلوماسيين، والتزام القوانين اللبنانية النافذة، وهو أمر سنتابعه وفق الأطر القانونية، لأن السلوك العدواني لهذه السفيرة هو تجرؤ وقح على الدولة، وتحد لقوانينها وأحكام سلطتها القضائية.
وإذا كانت السفيرة الأميركية قد مثلت بلادها في التدخل السافر وخرق الأعراف الديبلوماسية، وهي كما بومبيو وشينكر وما يعادلهما من كبار الديبلوماسين، لم يقصروا في استخدام النفوذ وتسطير الأحكام، فإن "حزب الله" أيضا سجل بدوره تدخلا خاطئا في عمل القضاء، فهو استعمل نفوذه وإن معنويا لضرب القضاء والإعلام معا. تبنى في ما بعد قرارا عاجلا يؤزم الأزمات المتفجرة.
صحيح أن المسؤولين الأميركيين لديهم من الصلافة ما يؤهلهم لكف ديبلوماسي، لكن لبنان أيضا عود السفراء على دلال لا يمكن لهم أن ينالوه في أي دولة ذات سيادة، فنحن نستقبل السفراء على أنهم زعماء دول ومقررون، ونتعامل معهم على أسس تخرق فيينا وكل المعاهدات. لكن لبنان أيضا لديه اليوم ما يكفيه من ضغوط وأزمات وحروب لم تعد صغيرة، وقد تنعكس على مفاوضات صندوق النقد الدولي.
والتباعد "الكوروني" كان أهون من التباعد بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكون خلافات الطرفين تزيد الأوضاع النقدية والاقتصادية سوءا. وفي توصيف لعضو لجنة المال والموازنة النائب ياسين جابر ل"الجديد"، فإن صندوق النقد بعد هذه الخلافات أصبح يلعب دور الحكم الذي يحمل "صفارة " للفصل بين المتنازعين. وقال جابر إن الوفد الحكومي إلى مفاوضات الصندوق، كان يتزود بتعليمات من الحكومة بعدم التحدث مع مصرف لبنان وجمعية المصارف. ورأى جابر أن المشكلة لم تعد بالأرقام بل بتطبيق الإصلاحات الجادة، ناقلا عن صندوق النقد أنه: إذا أقرت الحكومة الإصلاحات عندها سوف نساعد لبنان، وإذا لم تفعل ذلك فلن نعطي أي مبلغ مالي للدولة اللبنانية.
وبحسب تقدير الخسائر الإصلاحية، فإن الرئيس حسان دياب لم يتقدم لغاية الآن بأي بند يقنع الصندوق، وكل المؤشرات على هذا التقدم الإصلاحي تبدو سلبية، ويساهم في انهيارها خصام بين دياب والحاكمية، غير أن الاجتماع الأخير والذي رعاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، قد حد من نسبة الخسائر.