خبر

بعد أحداث أمس.. هذا ما جاء في مقدّمات نشرات الأخبار المسائية

مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان"

رباط العقل يتحكم بانزلاق الشارع، بعد سحب صاعق التفجير الفتنوي على خطين:

- سياسي تولته القيادات الحزبية والمسؤولون، وناشطون من الانتفاضة يحرصون على السلم الأهلي.

- أمني تولاه الجيش اللبناني الذي أبقى قواته على جهوزية في المناطق التي شهدت مناوشات الليلة الماضية، وأكد في بيان لقيادته أنه بالمرصاد لأي محاولة فتنوية، معلنا إصابة خمسة وعشرين جنديا في مناوشات الليلة الماضية.

جرس الإنذار الذي أوحى الليلة الماضية بهشاشة الساحة الداخلية، وبأن ثمة ما يحضر للبلاد ليس بعيدا عن الدخول في الفوضى، وضع كل لبناني أمام سؤال التحدي: ماذا نفعل لدرء المخاطر، وكيف نتحصن لمواجهتها؟، وهل يمكن أن نمنع استخدامنا كأدوات لها؟.

وقائع الأمس منحت قادة الانتفاضة فرصة إضافية لتنظيم تحركاتهم، تحت السقف المطلبي- المصرفي- الحياتي من جهة، ورمت على أكتاف المسؤولين والحكومة مهمة إضافية بتثبيت الاستقرار الداخلي ومنع انفلات الأوضاع في ظل أزمات متراكمة اقتصاديا لا تبدو معالجتها الآنية بالأمر اليسير.

وعلى خلفية التوتر الذي حصل ليلا في عدد من المناطق، ألغيت التظاهرة التي كانت دعت إليها "المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية" أمام السفارة الأميركية في عوكر صباح اليوم، تضامنا مع الشعب الأميركي، ورفضا للتدخل الأميركي في الشؤون اللبنانية.

رئيس الجمهورية ناشد الحكماء الذين عايشوا أحداث 1975- 1976، وأد الفتنة التي لعن الرئيس بري من يوقظها مؤكدا أن أي صوت يروج للفتنة بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الدين الواحد هو صوت عبري.

في عين التينة، عقد اجتماع مسائي بين الرئيس بري ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، بدت الكلمة المفتاح فيه للمرحلة المقبلة فتح حوار داخلي على عدد من المستويات لمواجهة المرحلة المقبلة.

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أن بي أن"

ملعون من يوقظ الفتنة، فتنة كادت تدخل لبنان في المجهول لولا وعي أبنائه بكل طوائفهم وأحزابهم، سنة وشيعة ومسحيين.

ساعات ليل أمس كانت عصيبة وخطيرة جدا. بدأ المخطط الخبيث بالترويج لفيديو مشبوه ومسيء للسيدة عائشة زوجة رسول الله، بهدف ضرب السنة والشيعة. تبع ذلك حملة تجييش طائفي بين المسلمين والمسيحيين للإيقاع بين أهالي عين الرمانة والشياح. ولعبت بعض القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، دورا في حملة التحريض والدفع لجر البلاد نحو الفوضى العمياء، لكن خطة الخبثاء أحبطت في مهدها، ربما أرادوها تعويضا عن فشل التظاهرة بالأمس، والتي رفعت شعارات ضد سلاح المقاومة، وسرعان ما تحولت إلى عمليات شغب وفوضى وسرقة وتكسير للمحال التجارية كان لها الجيش والقوى الأمنية بالمرصاد.

حركة "أمل" و"حزب الله" ودار الفتوى والمجلس الشيعي، وكبار المسؤولين من رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري والرئيس حسان دياب ورئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري، وغيرهم من الشخصيات والأحزاب، دانوا بشدة ما جرى، ودعوا إلى اليقظة والوحدة والوقوف سدا منيعا لمنع الانجرار نحو الفتنة.

كاميرا الـ NBN جالت اليوم في عدد من مناطق بيروت التي شهدت توترات ليل أمس، وسجلت عودة الحياة إلى طبيعتها، وسط انتشار كثيف لوحدات من الجيش اللبناني في عدد من الشوارع. فيما أكدت مصادر أمنية للـ NBN أن الأجهزة الأمنية باشرت تحقيقاتها على الفور، لمعرفة مسببي الفتنة وملاحقتهم لأي جهة انتموا.

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"

عادت بيروت إلى هدوئها، بعد اختبار صعب فرض عليها يوم السبت. ومن لغة البيانات الأمنية المتلاحقة، تستخلص الوقائع: قيادة الجيش قالت إن البلد اجتاز قطوعا خطيرا، في مؤشر إلى حجم التهديد الذي كان محدقا بأمن لبنان، خاصة بعد الإعلان عن تفكيك مجموعات كانت تريد إثارة الفتنة والتوتر، قبل أن يتولى بعض الإعلام النفخ ببوق التوتر لاساءة كانت وستبقى مدانة على لسان كل العقلاء والعلماء المتمسكين بالحكمة والوعي.

المواقف الرسمية حيال مشهد الأمس، توقفت عند ما يمكن أن يلحقه تكراره باستقرار اللبنانيين المثقلين بالأزمات، فدعا رئيس الجمهورية إلى وضع الخلافات السياسية جانبا والمسارعة لاستنهاض الوطن. بينما كان رئيس مجلس النواب مباشرا في تحميل المسؤولية لمن يدبر الفتنة ويمولها، وبأنه لن يكون في منأى عن عواقبها.

عواقب التفلت من الإجراءات الصحية في مواجهة كورونا لم تتبدد بعد، والنجاة من هذا الفيروس قد تكتب في حال سمح المواطنون لمناعتهم المجتمعية بأن تكتمل، وأن تتكامل مع جهود مبذولة حكوميا سمحت إلى الآن بإبقاء لبنان بعيدا عن تصنيفه مصدرا للخطر على الصحة العالمية.

في المشهد اليوم، الأمين العام السابق لحركة "الجهاد الاسلامي" الدكتور رمضان عبد الله شلح، يترجل عن إرث عريق من المقاومة والتفاني على درب فلسطين، وفي دمشق التي قصدها يوما بوابة عبور إلى وطنه محررا، كان الوداع الأخير في ترابها محطة على طريق العودة التي عمل لها، فكان قمة شامخة من قمم المقاومة في العصر الحديث، كما نعاه "حزب الله"، وودعته فصائل المقاومة وشرفاء الأمة.

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أو تي في"

غداة السبت الحزين، تهدئة على الأرض، ودعوات معتادة إلى وأد الفتنة، أكثرها صادر عن المؤججين والمحرضين والمستفزين أنفسهم، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية والسياسية.

وفي مستهل مرحلة فاصلة جديدة بين جولة الأمس التي انقضت بأقل الأضرار، وجولة أخرى من الواضح أن ثمة من يحضر لها منذ الآن، يمكن التوقف عند الملاحظات الآتية:

أولا: أخفت الأبعاد الطائفية والمذهبية التي أفرزها تحرك 6 حزيران، المطالب المعيشية المحقة التي رفعها جزء كبير من الشعب اللبناني إبان انتفاضة 17 تشرين، فخنقت صوت الناس الموجوعين، ليحل محله حقد الشتائم وأزيز الرصاص.

ثانيا: لم يبق من حراك 17 تشرين إلا الشعب المتألم، المتحسر على سرقة الصرخة التي أطلقها، تماما كسرقة المال العام، وفي مقابل هذا الشعب، بعض الوجوه الساعية إلى الشهرة، أو إلى المحافظة عليها، من خلال المتاجرة بمطالب الناس، فيما هدفها في المحصلة شخصي، لا يتعدى استقطاب الأضواء الإعلامية أكثر، أو الأعداد الإضافية من المتابعين على مواقع التواصل، وصولا إلى توسل المناصب السياسية ربما في مراحل لاحقة.

ثالثا: بات من الواضح جدا، أن استهداف المقاومة بما ومن تمثل، عنوان أول على أجندة البعض، الذين يحاولون باستمرار، في الخارج والداخل، حرف الحراك الشعبي عن أهدافه الأساسية، في اتجاهات لا يمكن البلوغ إليها إلا عن طريق الحوار والتوافق الوطني. ومن هنا، استحضار موضوع القرار 1559، وملف سلاح "حزب الله"، وهما شأنان يدرك الجميع أن طرحهما بالشكل الذي جرى في الأيام الاخيرة، ينم عن بساطة وسذاجة، لا يمكن الركون إليهما في إيجاد الحلول.

رابعا: كرر بعض الأحزاب والشخصيات المسيحية، تجسيد السطحية والخفة في المقاربات الوطنية والسياسية، من خلال تكرار استرجاع شعارات مكانها الطبيعي هو ذاكرة التاريخ ورفوف الأرشيف، كرد فعل على ممارسات مرفوضة، مع الإشارة إلى أن التحريض قد يكسب معركة أحيانا، لكن التفاهم بين اللبنانيين هو في النهاية من سيربح الحرب.

خامسا: أكدت أحداث الأمس بما لا يقبل الشك، أن البديل الوحيد للحكومة الحالية هو الحكومة الحالية، لكن بعد التخلي عن ذهنية البطء وعقلية المماطلة على درب إنجاز ملفات كثيرة مطلوبة، بينها تعيينات وإجراءات ملحة معروفة على أكثر من صعيد.

سادسا: كرست التطورات الأخيرة معادلة سهلة، مفادها أن المطلوب في لبنان يبقى واحدا من اثنين: إما احترام النظام القائم على أكمل وجه، والتمسك بالمناصفة الكاملة والشراكة التامة إلى أبعد الحدود، أو الانتقال فورا إلى البحث في إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية، كمدخل لا غنى عنه إلى الدولة المدنية، التي تبقى هي الخلاص، لأن نظامنا الحالي يولد الأزمات وتطويره واجب، تماما كما أعلن اليوم رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

مع الاشارة إلى أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اعتبر اليوم أن التعرض لأي رمز ديني لأي طائفة لبنانية، هو تعرض للعائلة اللبنانية بأسرها، ذلك أن مناعتنا الوطنية نستمدها من بعضنا البعض، وقوتنا كانت وتبقى وستظل في وحدتنا الوطنية أيا كانت اختلافاتنا السياسية.

وتوجه الرئيس عون إلى ضمير كل مسؤول سياسي أو روحي، وإلى الحكماء من اللبنانيين الذين عايشوا أحداث العامين 1975- 1976 التي ما زالت ماثلة أمامنا، للقيام بما يتوجب عليهم، كل من موقعه، من أجل وأد أي شكل من أشكال الفتنة الناجمة عن المساس بمقدسات بعضنا البعض الدينية والروحية والمعنوية، والتي من شأنها، إن استعرت، أن تقوض الهيكل علينا جميعا، في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى أن نضع اختلافاتنا السياسية جانبا، لنسارع إلى العمل معا من أجل استنهاض وطننا من عمق الأزمات المتتالية عليه، خصوصا بعدما ملأت أصوات اللبنانيين الشرفاء المحقة الساحات، مطالبة بعيش كريم لائق لجميع أبناء الوطن الواحد.

وختم الرئيس عون قائلا: ليكن ما جرى ليل أمس جرس إنذار للجميع، لكي يعوا أن ليس بالتعرض لمقدسات بعضنا البعض نحقق أي مطلب مهما كان محقا، وليس بالشتائم نحقق عيشا كريما، وليس بالاعتداء على العسكريين والتعرض للمتاجر والمؤسسات نصل إلى أهدافنا، لأن أي انتكاسة أمنية إن حدثت لا سمح الله، لن تكون لمصلحة أي كان، فلا نصرة لأحد منا على الآخر بالقوة أو العنف، وما الخاسر في ذلك إلا خيرة شبابنا وهم مستقبلنا، وحقهم علينا أن نمنحهم الدفع قدما للحياة الكريمة، لا إلى التقاتل وسفك دمائهم من خلال ازدراء مقدسات وقيم بعضنا البعض.

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"

هل أسقط مشهد السادس من حزيران 2020 مشهد السابع عشر من تشرين الأول 2019؟، وهل خنق تحرك ساحة الشهداء، أمس، روح الثورة الشعبية التي انطلقت في الخريف الفائت ومن ساحة الشهداء بالذات؟.

إصدار حكم نهائي ليس سهلا، وخصوصا أننا لا نزال في قلب الحدث وتطوراته المتسارعة. لكن الواقع يفرض الاعتراف أن ما حصل السبت في أنحاء مختلفة من بيروت، لم يكن مشرفا للبنان و للبنانيين، وخصوصا أنه يناقض تماما المبادىء غير الطائفية وغير المذهبية التي تحرك الثورة.

طبعا الحق في ما حصل لا يقع فقط على أركان الثورة. فهناك أولا الأجهزة الاستخباراتية، والغرف السوداء التي عملت بكد وجد طوال الأسبوع لاختراق الثورة من الداخل، وبعثرة قواها الحية. والحق يقع ثانيا على بعض من أهل الثورة الذين "شطحوا" في الشعارات ورفعوا سقوف الأهداف. والحق ثالثا على القوى الحزبية التي لم تتحمل رفع شعار القرار 1559، فنزلت إلى الشارع بل إلى الشوارع بشعارات طائفية- مذهبية وبالسلاح أحيانا، ما كاد يودي بالبلد إلى جحيم الحرب الأهلية من جديد.

لكن المسؤولية الكبرى تبقى على الثوار، فمن ينتظر منه الكثير يطلب منه الكثير. وبعد مرور ثمانية أشهر تقريبا على انطلاقة ثورة تشرين، صار مطلوبا من الثوار أن ينظموا صفوفهم. والتنظيم هنا لا يعني بتاتا اختيار أو انتخاب قائد للثورة، فزمن القيادات الآحادية انتهى، وفي بدايات القرن الحادي والعشرين لا يجوزالعودة إلى زمن عبادة الشخص وعصمة القائد. وعليه، ما الذي يمنع تشكيل مجلس جماعي للقيادة يتولى التخطيط والتنفيذ، فلا تبقى الثورة رهينة عدم التخطيط المسبق، بل رهينة الانجرار إلى الفوضى حينا، والعنف حينا آخر؟. والأهم: ما الذي يمنع التقاء معظم قوى الثورة، حتى لا نقول كلها، حول برنامج مرحلي واقعي وأهداف آنية واضحة، فلا يتحول كل تحرك فورة لا متناهية من الشعارات والأهداف الصعبة بل المستحيلة التحقيق؟.

إن ثورة تشرين هي لجميع اللبنانيين، وهي قادرة إذا عمل أهلها بجد أن تحدد مستقبلهم وأن ترسم طريق الخلاص. فهل يكون المسؤولون عنها على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم، أم سنهدر كلبنانيين فرصة جديدة، علما أن إهدارها هذه المرة سيهدر ما تبقى لنا من أمل، وسيضيع ما تبقى من مقومات الوطن؟.

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أل بي سي آي"

6 حزيران 2020 كان يمكن أن يكون بداية لحرب جديدة في لبنان، ففي ساعات معدودة ارتسمت ثلاثة خطوط تماس، سرعان ما تلاشت، لكنها بالتأكيد بقيت في النفوس، فهل هناك ما هو مخطط؟، هل هي انفعالات توصل إلى هذا الحد من الغليان؟، هل هي "بروفا" لسيناريو يمكن أن يحدث لاحقا؟، هل هي رسائل داخلية، بالحديد والنار، إلى الخارج؟.

الأسئلة كثيرة والأجوبة قليلة، لأن مرسل الرسائل عادة ما يبقيها إما مشفرة وإما غامضة، وإما تحمل أكثر من تأويل وأكثر من قراءة.

خطوط التماس التي كادت أن ترتسم كانت: بين ساحة الشهداء ونزلة بشارة الخوري، بين الشياح وعين الرمانة، وبين الطريق الجديدة وبربور. الرابط المشترك بين الخطوط الثلاث أنه من بشارة الخوري إلى الشياح إلى بربور، هناك فريق واحد، في مقابل ثلاثة شوارع: واحد في ساحة الشهداء وثان في الطريق الجديدة وثالث في عين الرمانة.

الفريق الأول لديه خطاب واحد موحد: لا لنزع سلاح "حزب الله"، هو خطاب يأتي في لحظة محلية وإقليمية ودولية بالغة الحساسية، وتحديدا عشية التجديد لليونيفيل في الجنوب ولتطبيق "قانون قيصر". في الجنوب، وقعت مواجهات بين اليونيفيل وأهال، من بيئة "حزب الله"، وبالنسبة إلى "قانون قيصر" انتقدت دوائر الحزب توزيع القانون على الوزراء، ولو على سبيل الإطلاع.

إذا الحزب في حال تأهب سياسي، ولا يحتمل أي تراجع أو نكسة أو إنتكاسة، فجاء السادس من حزيران ليتعاطى معه بريبة مطلقة وليفهم من يعنيهم الأمر أنه ليس بوارد التراجع. بهذه الذهنية، حاول التقدم من محور بشارة الخوري، وليس بعيدا من هذا المزاج كان التحرك في اتجاه عين الرمانة، كذلك المواجهة بين الطريق الجديدة وبربور.

لاحقا، تمت لملمة ما جرى سواء في ساحة الشهداء أو بين بربور والطريق الجديدة أو بين الشياح وعين الرمانة، ولكن ماذا بعد اللملمة؟، وماذا في قراءات كل طرف؟: كيف سيتعاطى "حزب الله" مع معطى أن موضوع سلاحه بات أحد العناوين في الحراك الشعبي؟. كيف ستقرأ الساحة السنية ما جرى بعدما ظهر أن الشارع السني شوارع: ففيه للرئيس الحريري، وفيه لبهاء الحريري، وفيه لنهاد المشنوق وأشرف ريفي وفيه لمشايخ؟. الجرح المفتوح بين الشياح وعين الرمانة، هل سيتوسع ليصبح أبعد من فشة خلق، أم أن التوتر فيه هو خارج السياق العام؟.

في السادس من حزيران، ثبت بالعين المجردة أنه "مش ماشي الحال": لا على الأرض، ولا في السياسة، من دون أن ننسى بالتأكيد أن البلد تحت مجهر صندوق النقد الدولي، كما يستمر تحت كابوس وباء كورونا الذي ما زال يسجل فيه إصابات يومية.

يبقى سؤال واحد: أين حراك السادس من حزيران من كل ما جرى من بشارة الخوري والطريق الجديدة وبربور والشياح وعين الرمانة؟، هل لديهم موقف مما جرى؟، هل من قراءة نقدية؟، هل من مراجعة؟.

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"

نامت الفتنة في سبتها وسباتها، وطوقتها رشقات من البيانات السياسية والدينية ليلا، حاجبة عنها ضوء الأحد. وقبل طلوع الفجر، كانت المواقف الصادرة عن المرجعيات تمطر وابلا من القيم والحكم والتعايش، وتقيم الحد مع الخارجين عن صفوف الوحدة. ومن لم يتسن له إصدار بيان الإدانة بداعي النوم، استلحق نفسه في صباح اليوم التالي، مسطرا أسمى معاني التآلف الوطني العابر للطوائف وحروب المذهبيات.

كله لعن من أيقظها، فأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن الفتنة إن استعرت ستقوض الهيكل علينا جميعا. وحلل رئيس مجلس النواب نبيه بري الأصوات، فرأى في من يروج للفتنة بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الدين الواحد، صوتا عبريا ولو نطق بلغة الضاد. وأهاب رئيس الحكومة حسان دياب بجميع اللبنانيين وقياداتهم السياسية والروحية، التحلي بالوعي والحكمة، والتعاون مع الجيش والأجهزة الأمنية المكلفة حماية الاستقرار والسلم الأهلي.

كلام في قمة الحكمة والوعي السياسي، وما يعادله من موجبات الوحدة والتلاحم، لكن من أيقظها؟، من جرى توقيفه على خلفية مشهد يستحضر عبارات الحقن المذهبي والتكسير والهجوم وإطلاق الشتائم على غاربها، من دون تسطير أي محضر ضبط بحق المفتعلين، والذين بعضهم كان ظاهرا للعيان، وقد التقطته الكاميرات بكامل وعيه الاجتماعي؟. وما وصلنا إلى تاريخه أن قيادة الجيش قد أوقفت أربعة أشخاص، هم: "سوري وفلسطيني وسودانيان اثنان"، وكفى الله شر القتال مع الطوائف وأتباعها.

وبات علينا أن نرفع شكوى دولية إلى كل من دمشق والضفة والخرطوم، لأن رعاياهم تتسبب بافتعال الفتنة في لبنان، من دون أن نلقي نظرة إلى أقرب "خندق"، أو إلى محور الشياح- عين الرمانة، أو مضارب قصقص- بربور.

علما أن البيان نفسه للجيش، ينبه إلى أن البلاد اجتازت أمس قطوعا كان من شأنه أن يجرنا إلى منزلق خطر، إذ إن ما حصل كاد يطيح الوحدة الوطنية ويمزق السلم الأهلي ويغذي الانقسام. وإذ دعت قيادة الجيش المواطنين إلى ضرورة الوعي لدقة المرحلة وخطورتها، فإن هذه الدعوة إنما وجب توجيهها إلى كل الأجهزة الأمنية، ومن وراءها من قيادات وزعامات ومرجعيات.

فلم يعد جائزا عند كل منعطف خطر، أن تنام الفتنة وينام معها التحقيق ومحاضر التوقيف، فيما شاشات التلفزة وبعض مواقع التواصل، كانت محضر إثبات على متسببين بالخلل الطائفي- الأمني، ويمكن للأجهزة سوق هؤلاء، ليس على الشبهة بل بالجرم الحي المشهود، وإذا فعلت مرة فإنها "ستعلم" الآخرين درسا يعدون فيه ألف مرة قبل أن يفتحوا "نعالهم" العلوية على الشتائم، أو أن يمدوا أياديهم الطائلة إلى أملاك خاصة وعامة، أو أن يمتحنوا خطوط تماس طوتها الحرب.

فلا يكفي أن تلقن الزعامات والمرجعيات الروحية، العابثين بالأمن الوطني، دروسا ينسونها في اليوم التالي، بل إن الدرس الأوفى حقا للوطن، لن يكون إلا بالعمل على "تنويم الفتنة بالحبس"، وفرض المحاسبة على الجميع، وبالتوازن الطائفي نفسه الذي تتبعونه في كل تعيين وتشكيل وترفيع.

وبالله عليكم لا تغمزوا ولا تهمسوا ولا تتحدثوا عن طوابير خامسة وسادسة وأحد عشر، فهذه الطوابير ظاهرة ولم تخف وجوهها، وكفى كلاما بلغة الألغاز، كأن يتحدث الرئيس نجيب ميقاتي مثلا عن أن ما حصل كان مفتعلا ومعلوما قبل حصوله، للترهيب واستدراج ردود فعل تشكل نقطة تحول نحو الأسوأ، فمن لديه معلومات كهذه كان الأجدر به أن يذهب ويدلي بها وإلا فليصمت ويحتفظ بالسر لنفسه.

وستظهر علينا غدا أقاويل وتوقعات مماثلة، لكن العبرة في التوقيف، وفي تقديم الفاعلين للمحاكمة، وليس في توفير الحمايات السياسية، على غرار تعامل القضاء في ملف الفيول المغشوش، وباقي الملفات التي لم تشهد على زج فاسد واحد في السجن.

وبعد، فإن الشعب اللبناني يتعايش ليلا بأبهى مظاهره الطائفية، والزعماء يتعايشون "ليل نهار"، يدينون ويستنكرون ويتفقدون وحدتهم الوطنية في زيارات ودية. زعيم "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط في عين التينة، والرئيس سعد الحريري بعد قليل في كلمنصو، ويلقي كلمة عند الثامنة والنصف بكل الفة ومحبة.