خبر

أبو فاعور: تدخل القضاء بالزراعة سقطة كبرى

دعا النائب وائل ابو فاعور، في تصريح في المجلس النيابي وزيري الزراعة غازي زعيتر والصحة العامة غسان حاصباني الى “اهمال قرار مجلس شورى الدولة الذي يسمح لمستوردي الادوية والمبيدات الزراعية بادخال الاصناف التي سبق وتم منعها”، معتبرا ان القرار “يفتقر الى معايير النزاهة العلمية، وبالتالي هناك خلفيات اخرى وراء اصداره”، مطالبا بان يذهب هذا القرار الى “التفتيش والتدقيق في خلفية اصداره”. ورأى “انها سقطة كبرى للقضاء في ان يتدخل بهذا الامر نتيجة لمصالح تجارية”.

استهل ابو فاعور تصريحه بشكر وسائل الاعلام على التغطية والمواكبة، في الاسبوع الماضي خلال جلسة الموازنة، وقال: “تكلمت عن الموضوع لكن يبدو ان الامر الذي تحدثت به لم يلق آذانا صاغية، لذلك انني مضطر ان اتحدث عن الموضوع وان كنا في مرحلة زحمة انتخابات، ولكن هذا لا يعني اغفال القضايا الاساسية التي تتعلق بحياة المواطنين”.

اضاف: “للاسف، أصدر مجلس شورى الدولة قرارا بتاريخ 8/3/2018، رقم 561/2017/2018 بناء على مراجعة مقدمة من جمعية مستوردي وتجار خدمات الانتاج الزراعي في لبنان، مستوردي المبيدات والادوية الزراعية، أوقف فيه القرار السابق الصادر عن وزارتي الصحة والزراعة بمنع ادخال المبيدات الزراعية الضارة والمسرطنة والذي صدر بقرار من الوزارتين في الحكومة السابقة ثم عاد وصدر بقرار من الوزارتين في الحكومة الحالية. وبعد جدل طويل وخلاف مع التجار صدر قرار عن مجلس شورى الدولة يعود ويسمح لمستوردي الادوية والمبيدات الزراعية ان يعودوا ويدخلوا كل الاصناف التي سبق وتم منعها، هذا اذا تجاوب وزيرا الزراعة والصحة مع هذا الامر”.

وتابع: “حيثيات القرار تقول لماذا قبلت المراجعة. اولا، لان القرارين المطعون فيهما مخالفان للاصول الجوهرية لانه لم تتم استشارة مجلس شورى الدولة، مع العلم ان الرد من قبل وزارتي الزراعة والصحة ان هذه القرارات ليست بحاجة الى استشارة من هذا المجلس. الحيثية الثانية انه لم يتم استطلاع رأي وزارة الاقتصاد وجمعية ومستوردي وتجار الادوية الزراعية والاطلاع على رأي اصحاب العلاقة الخطي بشأن استعمال كل مادة من المواد المذكورة. وزارة الاقتصاد تعترض واستطلاع رأي جمعية مستوردي الادوية الزراعية، وكأنك تريد ان تستفتي الذئب حول حقوق الخراف”.

وقال: “أذكر ان الصراع الاساسي كان قائما بين الدولة وبين جمعية تجار الادوية والمبيدات الزراعية، ورأيهم الخطي والشفهي معروف وكانوا يعبرون عنه في الاجتماعات. هناك محاضر في وزارة الصحة بأن الاجتماعات التي كانت تعقد، مخالفة القرارين، لاحكام المرسوم لناحية عدم الاستحصال على موافقة لجنة الادوية الزراعية. هذه اللجنة هي حقل صراع بين الدولة في نظرتها الى صحة المواطنين وبين التجار الذين لديهم 6 مندوبين مقابل 6 مندوبين آخرين موجودين لوزارتي الزراعة والصحة، وبالتالي تعذر اتخاذ قرار في لجنة الادوية الزراعية لان التجار في هذه اللجنة اصروا على موقفهم دون وجه حق، وتم اكثر من مرة تهديد بعض الاعضاء الذين يمثلون وزارتي الصحة والزراعة فعليا من قبل ممثلي التجار. ولطالما مارسوا تسلطا غير مسبوق على رأي هذه اللجنة، وبالتالي عدم الاستحصال على موافقة. لم تستطع الوزارتان الاستحصال على موافقة لانه وبكل ببساطة كان صوت التجار عاليا وتأثيرهم عال وضغطهم السياسي قوي كثيرا”.

واكد ان “المفجع في كل هذه التفسيرات عدم ثبوت خطر وضرر المبيدات الزراعية في موضوع القرارين، يعني هناك قاض قرأ عملا طبيا متبحرا بالاضرار الصحية والطبية واتخذ قرارا. اذا القاضي اخذ قرارا بأمور علمية. اذا يجب ان اعمل انا طبيبا والطبيب يعمل محاميا والمحامي يعمل طبيب اسنان. بأي حق يفترض بقاض ان يكتب بنفسه نصا بعدم ثبوت خطورة بالمبيدات الزراعية، موضوع القرارين، سيما وان وزارتي الزراعة والصحة أعلنتا وبنتيجة خبرات علمية ان هذه المواد تؤدي الى مخاطر على السلامة العامة وعلى الصحة العامة، كما بينت دراسات معدة من قبل منظمة الفاو”.

اضاف: “يقولون لو ثبت هذا الامر لكان بقي منع استيرادها وعدم استعمالها فورا وليس تأجيل خطرها سنة كاملة. الذي حصل انه كان هناك صوت عال من تجار توسطوا عند مسؤولين ورؤساء وقالوا ان لدينا مواد اشتريناها وموجودة لدينا ماذا سنفعل بها. فقالوا ادخلوها ولكن برقابة، لان جزءا اساسيا من هذه المشكلة انها ليست فقط مواد مسرطنة ومضرة، بل انه لا يوجد ارشاد للمزارعين من قبل الدولة ولا رقابة حول استعمال هذه المبيدات كما لا يوجد فحص لمواد الانتاج الزراعي قبل ان توزع في السوق. من اجل ذلك استندوا في بعض هذه الحيثيات الى ان بعض هذه المواد تستعمل في بعض دول مرجعية، نعم بعضها وليس جميعها، ولكن حتى هذه المواد التي تستعمل، تستعمل بمقادير وباشراف وبتوجيه وبرقابة على المزارعين وتوعيتهم، وبفحص المواد الزراعية قبل ان تنزل الى الاسواق. نحن لماذا عادت مواسمنا من اكثر من دولة، لماذا عاد التفاح ولماذا البطاطا لم يقبلوه في الخارج، لان هناك ترسبات. الازمة مع الاردن ما تزال ماثلة للأعين. من يفحص المواد الزراعية قبل ان تنزل الى الاسواق، وهل وزارة الزراعة لديها امكانيات بشرية وتقنية للقيام بهذه الفحوصات، بالتأكيد لا. وزارة الزراعة أعلنت ذلك بصراحة، بان ليس لديها امكانيات لان تراقب وترشد او تفحص كل هذه المواد قبل ان توزع في الاسواق، مسألة القانون استنسابية ومزاجية. المهم النقاش تقني، رغم ان الدولة ردت عليهم بان موافقة لجنة الادوية الزراعية غير ضرورية لانها محصورة بالترخيص للغير. الاحصاءات العلمية تثبت ان المبيدات المذكورة في القرارين تؤدي الى ارتفاع ملحوظ للاصابة بسرطان الثدي”.

وأعلن ابو فاعور انه “في المحصلة، هناك وزارتا الزراعة والصحة ومنظمتا الصحة العالمية والفاو اجتمعوا في وزارة الزراعة وقرروا ان هذه المبيدات خطرة، وقالت منظمة الصحة العالمية تحديدا ان لبنان تجاوز الخط الاحمر بمعدلات السرطان، وهذا ثابت في وزارة الصحة بالاحصاءات والادوية، ويأتي قاض او قاضية فيقرر ان لا مشكلة في هذه المبيدات وتستطيع ان تدخل الى البلد بذرائع واهية”.

وقال: “انا اعتبر ان هذا القرار مستهجن ومستنكر وفي غير محله، ولو كنت وزيرا لكنت اهملت هذا القرار وتعاملت معه كأنه غير موجود ولا يساوي قيمة الحبر الذي كتب فيه، ولدي شكوك ونزاهة عن خلفية صدور هذا القرار. هذا القرار يقول ببساطة ان القرار ادى الى ضرر مادي يتحمله التجار. هناك وقاحة ولكن اكثر من ذلك لا يوجد. اصبح عمل القاضي ان يحمي مصالح التجار وليس صحة المواطنين، حتى لو كان الامر خاضعا للنقاش، فان هذا الامر ادى الى ضرر مادي. اذا ادى الى ضرر عال فليشرعوا الحشيشة. لماذا ترفضون الحشيشة وتلاحقون تجارها ومن يتاجر بالممنوعات. اذا كان عمل الدولة ان ترفع الضرر المادي دون النظر الى الاضرار الاخرى، فلماذا وجدت الدولة والقانون. هذا معيب.

وتمنى على وزيري الزراعة والصحة “ان يهملا هذا القرار ولا يتعاملا معه، لانه يفتقر الى معايير النزاهة العلمية، وبالتالي هناك خلفيات اخرى وراء اصداره. انا اعرف نزاهة القاضي هنري خوري، وطلبت ان يضع يده على هذا القرار ويحيله الى التفتيش وان يمنعه. كيف يمكن لقضاة ان يصدروا هكذا قرار بهكذا خطورة، اساسا هناك لجنة علمية، فأين هي هذه اللجنة؟”.

وختم: “اكرر طلبي وادعو رئيس مجلس شورى الدولة لان يضع يده على هذا الملف. هكذا قرار يجب ان يذهب الى التفتيش والتدقيق في خلفية اصداره، وأدعو الوزيرين زعيتر وحاصباني الى اهماله، كما ادعو اللجنة لتجتمع في وقت قريب وتأخذ قراراتها في هذا الامر، وتحدد ما الذي يمكن ان يدخل وما الذي لا يمكن ان لا يدخل. واعتبر انها سقطة كبرى للقضاء في ان يتدخل بهذا الامر نتيجة مصالح تجارية. نحن ليس لدينا خلفية انتقامية تجاه التجار. احد كبار التجار زارني وشرح لي الموقف وقلت له الحكم بيننا وبينكم وهو العلم. نحن ليس لدينا شيء ضدهم او معهم. نحن مع صحة المواطن وآمل ان يهمل هذا القرار والتحقيق به حرصا على صحة المواطن اللبناني، ولا احد يعتقد اننا نعيش مرحلة الانتخابات فنتلهى ونمرر هكذا قرار خلسة في غفلة عن كل الناس بما له من اضرار على صحة المواطنين”.