خبر

عون: مهما كانت الامور صعبة يمكننا تجاوزها وعلينا شراء الكهرباء من أي مصدر

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه متفائل بما ستؤول اليه الاوضاع في لبنان، مشددا على انه “مهما كانت الامور صعبة يمكننا تجاوزها وخلق جو من التفاؤل من دون ان يؤدي بنا الواقع الى حال من الاحباط”.
ولفت عون الى مواصلة السعي للوصول الى اتفاق في شأن ازمة المدارس القائمة بين الاطراف الاربعة المختلفة. وفي قضية ضمان الشيخوخة، اشار الى انه كان تقدم عام 2006 من المجلس النيابي باقتراح قانون تم تأخيره، وانه سيطلب، من موقعه الرئاسي، من مجلس النواب الجديد أن ينظر في هذه القضية “ولن أسمح بتأخيره او تأخير غيره من مشاريع القوانين المهمة”.
وشدد رئيس الجمهورية، في موضوع أزمة الكهرباء، على انه علينا شراء الكهرباء من اي مصدر كان “وانا لن اعترض او اسأل الا عن الاسعار”. وقال انه اطلق التحذير بان “لبنان يسير على طريق الافلاس في حال اكملنا في النهج المتبع وذلك ليتحمل الجميع مسؤوليته”. ودعا الاعلاميين الى ان يتطوعوا معه للمساعدة في تغيير الوضع الاقتصادي الصعب.
كلام الرئيس عون جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا نقيب الصحافة عوني الكعكي على رأس وفد ضم اعضاء مجلس النقابة.
في بداية اللقاء، تحدث النقيب الكعكي فلفت الى ما يكنه اعضاء الوفد من محبة لرئيس الجمهورية وما يشعرون به من فخر لوجوده على رأس السلطة على غرار جميع اللبنانيين. وشكر الرئيس عون على استقباله والوفد الذي اعتبره بمثابه التكريم ووضعه في صورة الانتخابات الاخيرة في النقابة والتي فاز فيها بالتزكية.
وقال: “هناك اليوم أزمة عدم ثقة بين المواطن والسلطة، الامر الذي طالما انتقدتموه، نظرا الى ما يرافق الاحاديث عن المشاريع من كلام عن سمسرات وصفقات وحيتان المال”.
ولفت الى متابعة الملفات التي يوليها الرئيس عون اهتمامه من كهرباء ونفايات وتعيينات وانتخابات، لا سيما موقفه الاخير في مجلس الوزراء من موضوع الكهرباء، آملا ان يوفقه الله في مهامه وان تنتهي الانتخابات على خير والى نتيجة تعبر عما يصبو اليه المواطنون، فلا تتكرر التجربة التي سجلت في عهد الرئيس الراحل كميل شمعون.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مشددا على انه ورث العديد من الملفات -الازمات لكنه يسعى الان الى حلها انطلاقا من موقع مسؤوليته. واضاف: “ان التباعد بين السلطة والمواطن مرده الى ازمات اقتصادية نتجت عن اعتماد الاقتصاد الريعي منذ العام 1993 وحتى اليوم من دون اي تغيير او تأقلم مع الاوضاع الجديدة. في المقابل، نحن نسعى للانتقال الى الاقتصاد المنتج الامر الذي يتطلب وقتا، وقد بدأنا باعداد الدراسة اللازمة وهي ستنتهي قريبا بالتعاون مع شركة “ماكينزي” لتعيين القطاعات المنتجة التي يجب ان يبنى عليها الاقتصاد. اما بالنسبة لعدم الثقة بين المواطنين والدولة، فلا يجوز التعميم باطلاق الاحكام، وثمة مسؤولية مشتركة يتحملها العديد من القطاعات وهي ليست محصورة بالدولة فحسب، وللاعلام ايضا حصته في الامر. فحين يتم الحديث عن فضيحة، لا يعمد الصحافيون الى سؤال المتحدث اكان نائبا او وزيرا او غير ذلك للتحقق من الامر وكشف الادلة ليتحرك القضاء على اساسها. ان هذا ما دفعني، في افتتاح السنة القضائية، الى طلب استدعاء هؤلاء لتقديم الادلة. هناك على سبيل المثال دلائل مخفية، فحين يتم تلزيم مشروع يلجأ المعنيون الى رفع سعر التلزيم ليأخذوا المردود فيما بعد من المتعهد”.
وتساءل: “هل بامكان احد التحقيق مع احدهم وهو في موقع المسؤولية؟ الان بالطبع لا. فهناك شبكة كبيرة تقوم بهذه الاعمال، الا انه بامكانكم انتم تقديم المساعدة، وذلك من خلال تسميتكم للابرياء من على منابركم والاضاءة على المرتكبين. ان لكم دورا كاعلاميين، والاعلام حر في لبنان. وحتى لو افترضنا ان استدعاء اعلامي ما لاعطاء افادته كان خطأ وقد كان بريئا، فان عدم حضوره يوضع في اطار مخالفة قضائية، فلا يمكن لاحد ان يتمرد على القضاء لانه اذ ذاك يكون قد انتهى القضاء”.
وأكد الرئيس عون أن لوسائل الاعلام دورا في المساعدة على تعميق الثقة بين القضاء والمواطنين، كما بين المواطنين مع بعضهم البعض، وذلك للحد من الخلافات.
وفي قضية الكهرباء قال: “أريد أن أعود ست سنوات الى الوراء، اي الى ما نشرته يومذاك جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 22 تموز في ما خص ازمة الكهرباء، ولن أذكر الآن ايا من الاسماء لأن جميعها اسماء كبيرة. لقد وضعت الخطة حينها كي تتم عرقلة المساعي التي اقوم بها لانجاز بعض المشاريع ومنها الكهرباء. وصدر تصريح الوزير اكرم شهيب آنذاك حيث قال فيه “نعمل على فرملة عون”. ومنذ ذلك الوقت بدأت وسائل الاعلام بتوجيه الاتهامات لفريقنا وتحميله مسؤولية ازمة الكهرباء، وتم وقف الاعتمادات. وبدأ الحديث عن الخلاف بيننا وبين الآخرين حول التمويل، علما ان الحكومة هي التي تستطيع أن تقرر مصدر التمويل، إن كان من المصارف او من الصندوق العربي وغيره… وقالوا إننا لا نريد التمويل من الصندوق العربي وذلك لتعقيد العملية. وماذا قررت الحكومة في هذا الامر حينها؟ مع الاسف لم تقرر شيئا. وأدعو الجميع الى قراءة هذا المقال ليفهموا الموضوع كما بدأ وكيف انتهى”.
واضاف: “لقد صوتنا في مجلس الوزراء على خطة إنقاذية، وقد حصل خطأ في الشكل وليس في الجوهر، حيث تم التلزيم في مكتب الوزير وليس في مكتب رئيس مجلس ادارة مصلحة كهرباء لبنان. وطلبت من الجميع في مجلس الوزراء في حال كان هناك ما هو انسب من هذا التلزيم ويعطي لبنان كهرباء بسعر أقل لنعتمده، إذ ان مجلس الوزراء قادر على اتخاذ قرارات استثنائية، فكان الجواب أنه علينا إعادة المناقصة، وقد اتت المناقصة الثانية بالنتيجة نفسها. فالجميع يريد تأمين الكهرباء في غضون ستة أشهر، ولو كانت المدة سنة فسيتغير الالتزام وخلال سنتين سيتمكن لبنان في هذه الحال من بناء سنترالات للكهرباء”.
وقال الرئيس عون: “ما يهمنا هو تأمين الكهرباء في المدة الزمنية القصيرة وعدم الانتظار ليتمكن لبنان من بناء معامل انتاج، ولذلك علينا شراء الكهرباء من اي مصدر كان، وانا لن اعترض او اسأل إلاَ عن الاسعار. وهذه هي المشكلة كلها، فهم يعودون الى الجدل البيزنطي. وخلال الاسبوع القادم علينا أن نقرر المصدر الذي سيتم من خلاله تأمين الكهرباء، فهناك احتمالات عدة وسنعرضها على مجلس الوزراء لاختيار ما هو مناسب”.
سئل: في لقاء سابق لفخامتكم مع مجلس النقابة اشرتم الى أن قانون ضمان الشيخوخة هو قضيتكم وكذلك نظام التقاعد لجميع المواطنين من دون اي تمييز، فماذا حصل في هذا الامر، وايضا بالنسبة الى قضية زيادة الاقساط على المدارس؟
أجاب:” لقد قدمت في العام 2006 عندما كنت رئيسا لتكتل التغيير والاصلاح اقتراح قانون لضمان الشيخوخة، وتم تأخيره، وذلك ليس على خلفية المحتوى، ولكن على خلفية من سيمسك القانون والنسبة الطائفية مع الاسف. واليوم من موقعي الرئاسي سوف اطلب من مجلس النواب الجديد أن ينظر في هذه القضية ولن أسمح بتأخيره وتأخير غيره من مشاريع القوانين المهمة، كإنشاء محكمة خاصة ومتخصصة في جرائم المال والدولة وغيرها من القوانين. لقد قدمت في السابق 156 اقتراح قانون، ومنها مد انبوب غاز من الشمال الى الجنوب، وذلك لاستعماله في الصناعة وانشاء السنترالات حيث سيتم بذلك توفير مليار ومئة مليون دولار، وكانت تكلفة انبوب الغاز 400 مليون دولار وبذلك ستسترد قيمة تكلفته في أقل من سنة. فهم يحولون القوانين الى اللجان المشتركة حيث يتم تأخير بتها”.
أما في ما يتعلق بقضية المدارس، فأوضح الرئيس عون أن هناك أربعة أطراف على خلاف في ما بينها، المدارس والاساتذة والاهالي والحكومة، ولم يتوافقوا الى اليوم على اي حل، لكننا نواصل السعي للوصول الى اتفاق.
وسئل: في موضوع النفايات، فهمنا ان لديكم خطة معينة للحل. هل هناك حل حضاري متكامل لهذه المشكلة؟ وهل صحيح ان هناك دولا عرضت أن تأخذ نفاياتنا وتدفع لنا ثمنها؟
اجاب: “لا، لم تعرض هذه الدول أن تدفع ثمنها، بل أن تأخذ النفايات وتستعملها لتوليد الكهرباء، ونحن نشتريها منها. هناك عروض قُدمت ولكن لم يتم البحث بها. نحن اقترحنا خطة تعتمد على اللامركزية، حيث يهتم كل قضاء بمعالجة نفاياته، ان كان بطمرها او عبر انشاء محارق. المواطن يفاقم المشكلة، وكل انسان يريد ان يضع النفايات عند جاره. لا احد يريد ان يبقي نفاياته في منطقته او يتلفها، وهذه مشكلة مهمة. وبمبادرة مني ارسلنا 3 مهندسين الى سويسرا، لمعاينة آلات جديدة لمعالجة النفايات تعطي نتائج جيدة جدا، لنعرف بعدها ما اذا كان بامكاننا استقدام مثلها الى لبنان. واذكر انه في العام 2010، وعندما حان موعد التجديد لشركة “سوكلين”، صوتنا ضد التجديد، ولم ننجح في تحقيق ذلك لأن احد النواب الذي كان في كتلتنا لم يصوت معنا. طالبنا يومها بوضع شروط معينة وكانت هناك وعود، لم يتحقق منها شيء. انا شخصيا، وفي 12 ايلول 1990 وقبل ان أُبعد عن لبنان، وضعت مرسوما لانشاء معمل لمعالجة النفايات، وسلمت المهمة الى اتحاد بلديات المتن. وبالفعل بدأ تركيب المعمل. لكن فيما بعد جرى تلزيم النفايات الى شركة “سوكلين”، وسجنوا حبيب حكيم، الذي كان رئيسا لاتحاد بلديات المتن، 91 يوما بتهمة هدر اموال الدولة ولم يحاكم الى اليوم لانه ليس هناك من جرم ارتكبه. يجب البت سريعا بالمشاريع . الفائدة معروفة منها وكذلك الكلفة، لكن الامور بحاجة الى قرار”.
وردا على سؤال عن الوضع الاقتصادي، أجاب: “لماذا حصلت ازمة المدارس وغيرها؟ بدأنا بالكلام عن مشروع سلسلة الرتب والرواتب في اول شهرين من ولايتي، فيما كنا ندرك واقع الوضع الاقتصادي والوضع المالي في البلاد. قلت لهم قبل ان تتحدثوا عن مشروع زيادة الرواتب، عليكم ان تقولوا للمواطنين ان لبنان افتقر. ولكن ما حصل هو العكس، ولجأوا الى المزايدة. والآن ترون العجز في الموازنة وفي ميزان المدفوعات، والتحركات الاجتماعية التي تحصل، لأنه لا يمكنك ان تعطي قطاعا دون باقي القطاعات. لذا قلت بالامس اننا اذا اكملنا في هذا النهج فلبنان سيسير على طريق الافلاس. انا اطلق هذا التحذير ليتحمل كل انسان مسؤولياته. فالبطالة ارتفعت بشكل مخيف لتبلغ 46 %. والسبب هو ان اللبناني انتقائي في اختيار الوظائف التي يريدها، لذا يأتي العامل السوري ويحل محله باجر ادنى. اليوم، الامم المتحدة تشكرنا على انسانيتنا في التعامل مع النازحين السوريين الذين بلغ عددهم مليون و850 الف شخص، وقد زارني قبل ايام المفوض الاوروبي لسياسة الجوار، ولم يكن مرتاحا في اللقاء، لأنني قلت له ان الشكر والمديح لا يطعمان خبزا. عليكم ان تعالجوا قضية النازحين قبل ان نصبح نحن نازحين”.
وردا على سؤال، اشار الرئيس عون الى ان تسجيل الولادات السورية الذي توقف في الماضي اعيد العمل به منذ بداية العهد.
وسئل: في ما يتعلق ايضا بالموضوع الاقتصادي، منذ توليكم المسؤولية نبهتم الى صعوبة هذا الوضع، ومع ذلك اقرت سلسلة الرتب والرواتب وزادت الاعباء المالية على الدولة. ما الضمان اليوم لعدم زيادة الاعباء اكثر؟
أجاب مخاطبا الاعلاميين: “هل انتم مستعدون للتطوع معي، لأغير لكم الوضع؟”.
سئل: الوضع الاقتصادي مرتبط بشكل كبير بعلاقات لبنان مع الدول الخليجية. ألا ترون أنه يجب بذل جهد أكبر لتقوية هذه العلاقات؟
اجاب: “خلال زيارتي للسعودية، تطرقنا الى موضوع الاعمار في لبنان وعودة السياح، وكانت الاجواء ايجابية، ولكن الامور لم تتغير. انا بطبعي متفائل، ومهما كانت الامور صعبة، يمكننا ان نتجاوزها، ولكن يجب ان نخلق جوا من التفاؤل. لا يجب ان يجعلنا واقعنا محبطين. نعرف ان الحالة صعبة، ولكن يمكننا ان نتجاوزها، ونحتاج منكم الى القليل من الصبر علينا”.
وكان عون استقبل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وعرض معه التحضيرات للانتخابات النيابية قبل اسابيع من حصولها. كما تطرق البحث الى مواقف الجسم القضائي وسبل معالجة مطالبه.
واستقبل رئيس الجمهورية سفير لبنان المعين لدى غينيا فادي الزين، وتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة وزوده توجيهاته.
وفي قصر بعبدا، الاميرة حياة ارسلان مع وفد من افراد العائلة الذين شكروا رئيس الجمهورية على مواساته بوفاة والدتهم المرحومة الشيخة املي امين وهاب.