ما أدراكم ما تداعيات هيكلة الدين العام: ضرائب وفقر وخفض رواتب.. هناك حلّ آخر

ما أدراكم ما تداعيات هيكلة الدين العام: ضرائب وفقر وخفض رواتب.. هناك حلّ آخر
ما أدراكم ما تداعيات هيكلة الدين العام: ضرائب وفقر وخفض رواتب.. هناك حلّ آخر

ما لم تعلنه وزارة المال لمّح إليه رئيس جمعية المصارف سليم صفير في حديث لوكالة رويترز "من المرجّح إعادة هيكلة الدين السيادي للبنان بطريقة لا تضر بالاقتصاد ولا بالمودعين"، يحاول لبنان المثقل بعبء الدين العام تجنّب التّخلف عن سداد الاستحقاقات البالغة 2.5 مليار العام الحالي، منها سندات بقيمة 1.2 مليار دولار مستحقة في آذار المقبل. فهل أضحت الجدولة حتمية؟ وما التداعيات؟

في نظرة الخبراء الإقتصاديين العارفين تتحكم العشوائية وسياسة الهروب إلى الأمام في القرارات المالية، فيتمّ إمّا تجاهل الواقع المالي وعدم القيام بأيّ معالجات وصولًا إلى الإفلاس، أو التفكير بسلوك أبعد السبل للمعالجات وتجاهل تلك الأقصر والأقل ضررًا، تمامًا كمن يستخدم يده اليمنى فوق رأسه للوصول إلى الأذن اليسرى، وفي هذا السياق يبدي الباحث في الشؤون الإقتصادية البروفسور جاسم عجاقة استغرابه من طرح الجدولة على أنّها الخيار الوحيد أمامنا، وتجاهل الخيارات الأخرى الأقل كلفة على الوطن والمواطن.

عجاقة وفي حديث لـ "لبنان 24" لفت إلى مخاطر هيكلة الدين العام وما تعنيه من استجلاب لصندوق النقد الدولي، ووصفته شبه الجاهزة للبلدان التي تواجه أزمات مالية تتخلّف بموجبها عن سداد ديونها، هذه الوصفة التي تقوم على منح الأموال للدولة يقابلها شروط إصلاحية يفرضها صندوق النقد، ويدفع المواطن أثمانها القاسية بالدرجة الأولى، عبر إجراءات موجعة تتمثل في زيادة الضرائب والرسوم، رفع الدعم عن السلع والخدمات كالكهرباء والقمح والمحروقات، خفض أجور القطاع العام وتقليص عدد موظفيه، خصخصة المرافق العامة والشركات التي تديرها الدولة كـ"الميدل إيست" والمرفأ وأوجيرو والكازينو، وبالتالي ستتوسع دائرة الفقر وترتفع نسب البطالة، ويدفع المواطن ثمن سداد ديون دولته وسياساتها المالية والإقتصادية الخاطئة.

ولكن ما البديل هل تملك الدولة حلًّا آخر؟

ينطلق عجاقة من نقطة إيجابية يمكن للدولة أن تستخدمها في أزمتها المالية تتفادى من خلالها هيكلة الدين وتداعياته، وتتمثل هذه النقطة بأنّ 84% من الدين العام هو دين داخلي بحسب أرقام "بنك أوف أميركا"، يعود للمواطن نفسه ( مصارف مواطنين مصرف لبنان)، وهذه المعادلة معناها أنّ المواطن ديّن الدولة 84% من قيمة الدين العام الإجمالي، خدمة هذا الدين الداخلي هي 5 مليار دولار، وهنا يكمن الحل الآخر القاضي بعدم فرض ضرائب على كاهل المواطنين، الذين يمنحون الدولة فرصة عام لا يتقاضون خلالها فوائد على خدمة الدين العام، بشرط أن تلتزم الدولة إلتزامًا تامًّا بالإصلاحات بنسبة 100%، وبمساهمتهم هذه يخففون عن الدولة 5 مليار دولار خدمة الدين، وهذا الخيار يجنّب الدولة طلب المساعدة المالية من صندوق النقد الدولي.

مقاربة عجاقة هذه تنطلق من تفادي استجلاب دين خارجي إضافي، عبر طلب المال من صندوق النقد الدولي، وما يفرضه من ضرائب لسداد مستحقات هي بالأساس للداخل، ويعتبر أنّ هذا الخيار أقل كلفة على المواطن والدولة لاسيّما في ظلّ القيود على حركة رؤوس الأموال.

هذا الخيار دونه عقبات أبرزها غياب ثقة المواطن بنيّة دولته القيام بالإصلاحات الحقيقية، وعدم تشكيل حكومة تأخذ القرارات وتكون قادرة على تنفيذها. ولكن بالمقابل وقوف الدولة موقف المتفرج وحصر اهتمامات مسؤوليها بتقاسم الحصص الحكومية، سيسرّع الإنهيار التي سيدفع المواطن أثمانه الباهضة.


اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى الاقتصاد الروسي... في مواجهة العقوبات