تحت عنوان: "سيناريو اليونان قد يُعيد نفسه"، كتبت البروفسور غريتا صعب في صحيفة "الجمهورية": بات لكلمة تقشّف شعبية كبيرة بعد أزمة الديون السيادية في اوروبا، حيث انّها أصبحت في قاموس "مريم ويبستر" كلمة العام في سنة 2010 مع مستويات ديون مرتفعة جداً، وبصورة غير مقبولة، حيث اضطر العديد من البلدان الى تخفيضات كبرى في ميزانياتها من اجل سدّ العجز وتفادي التخلّف عن الدفع.
وللعلم، انّ التقشف سلاح ذو حدين، والمناقشة حوله وحول توقيته وفعاليته غالباً ما تختلف بين السياسيين والاقتصاديين. من الناحية العلمية فقط، نلاحظ آراء "جيفري ساكس"، مدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا، والذي يحبّذ هذه العملية، في حين يعارض أساتذة الاقتصاد في جامعة امبريال كولدج الموضوع.
في النتيجة، تبدو المسألة تتعلق بالثقة في الحكومة والأسواق المالية والمستهلك. لذلك نرى أنّ الأمور أبعد من كونها عملية تقشف فقط، بل لها تبعاتها أيضاً مثل تخفيضات الميزانية وزيادة الضرائب، رغم انّها قرارات غير شعبية. ومن المعروف، أنّ التخفيضات في الميزانية وزيادة الضرائب عمليتان متوازنتان، ولا يمكن معالجة هذا العجز الكبير مع واحدة فقط من العمليتين.
وهذا ليس سراً، اذا ما كانت الحكومة تُنفق أكثر مما تحصّل. وللمساعدة في دفع الدين عليها أن تختصر في كل شيء، لذلك قد تكون سياسة التقشف ضرورية مع فوائد مرتفعة جداً، الأمر الذي يعني تدفّق أموال أقلّ في الاقتصاد والبنية التحتية والخدمات العامة، وتتجه حتماً الى خدمة الدين.
ثانياً، يمكنك الذهاب الى الوضع الافتراضي، والذي هو عجز الدولة عن سداد ديونها، الأمر الذي يُعتبر كارثياً. وللحصول على المساعدات قد نلجأ الى التدابيرالتقشفية، وهذا الذي حصل في اليونان، بعد شروط المانيا بالتحديد وصندوق النقد الدولي، اللذين اشترطا على اليونان تدابير تقشفية مؤلمة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل وصلنا الى الحالة نفسها التي وصلت اليها اليونان، وهل سوف نسير بالتدابير التقشفية ذاتها التي اتخذتها، علماً أنّه وفي الحقيقة، تدابير التقشف لا تعيد الاقتصاد الى مستويات عالية، لكنها تساعد وبشكل كبير عند استخدامها في الدول التي تعاني من أزمة ديون.