هل يمكن أن تؤثر الحرب في غزة على إمدادات النفط والغاز العالمية؟

هل يمكن أن تؤثر الحرب في غزة على إمدادات النفط والغاز العالمية؟
هل يمكن أن تؤثر الحرب في غزة على إمدادات النفط والغاز العالمية؟

 

تثور مخاوف من أثر استمرار وتصعيد الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، في قطاع غزة، على إمدادات النفط والغاز العالمية ومن ثم على الأسعار.

وارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف نسبيا، في الوقت الراهن، كنتيجة للحرب التي اندلعت عقب الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول الحالي.

وارتفع سعر خام برنت الأوروبي بنحو 10 في المئة، ونظيره الأميركي بنحو 9 في المئة. وتبلغ الأسعار نحو 90 دولاراً للبرميل، وهي لا تزال بعيدة عن مستوياتها التاريخية.

ويحذر خبراء من أنه بعد مرور خمسين عاماً على الحظر النفطي، الذي فرضته الدول العربية على الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب الأخيرة مع مصر عام 1973، فإن الأزمة الحالية قد تؤدى إلى تعطيل الإمدادات ودفع الأسعار إلى الارتفاع.

قال رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، إن الحرب في غزة “لا تجلب أخباراً جيدة” لأسواق النفط المنهكة بالفعل، بسبب تخفيضات إنتاج النفط من المملكة العربية السعودية وروسيا وتوقع طلب أقوى من الصين.

ويقول محلل شؤون النفط إدواردو كامبانيلا، إن “إسرائيل ليست منتجاً للنفط، ولا توجد بنية تحتية دولية كبرى للنفط بالقرب من قطاع غزة”، وعلى الرغم من  ذلك يبقى أحد المخاطر الرئيسية في التدخل المباشر لإيران، الداعمة لحركة حماس والتي تعد عدواً لدوداً لإسرائيل، في النزاع.

وتمثل منطقة الشرق الأوسط ما يقرب من ثلث العرض العالمي من النفط، ويمر من مضيق هرمز الاستراتيجي نحو 20 في المئة من الإمدادات العالمية، أو ما يوازي 30 في المئة من إجمالي النفط الذي يتم نقله بحراً.

وتعتبر الأزمة الحالية هي الخطر الجيوسياسي الأكبر الذي يهدد سوق الطاقة العالمي، منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في شباط من العام الماضي 2022 بحسب خبراء، كما يخشون من اتساع النزاع ليضم الدول القريبة المنتجة للنفط مثل إيران والسعودية، وخاصة إذا قامت إيران بإغلاق مضيق هرمز.

ويقول كامبانيلا إن السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط، من بين دول المنطقة، لديهما خطوط أنابيب لشحن النفط الخام خارج الخليج، من دون المرور عبر مضيق هرمز.

وحتى في حال عدم تدخل إيران بشكل مباشر في النزاع، يمكن أن تشدد الولايات المتحدة من العقوبات على طهران في حال ثبوت تورطها في هجوم حماس على إسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط على سوق النفط الذي يعاني أصلاً من نقص المعروض.

ويرى محللون أنه من غير المرجح أن تشدد الولايات المتحدة العقوبات على إيران، دون موافقة السعودية على تعويض البراميل الإيرانية المفقودة، وهو أمر لا يتوقع حدوثه وفقا لهم.

كما يمكن أن تخرج الصفقة التي توسطت فيها واشنطن لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، والتي قد تؤدي إلى زيادة إنتاج المملكة من النفط، عن مسارها.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد ذكرت، قبل نحو أسبوعين، أن السعودية أبلغت البيت الأبيض بأنها مستعدة لزيادة إنتاج النفط أوائل العام المقبل للمساعدة في تأمين الصفقة.

وكانت السعودية وروسيا قد أعلنتا بالفعل، في وقت سابق، عن تخفيضات طوعية في الإمدادات حتى نهاية عام 2023، بلغت قيمتها 1.3 مليون برميل يوميا، ما دفع بأسعار النفط إلى أعلى مستوياتها خلال 10 أشهر في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي.

وشهدت إيران العضو في مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تضرر إنتاجها وصادراتها بسبب سنوات من العقوبات الدولية. لكن خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، زاد إنتاجها ويشتبه في قيامها بتهريب النفط إلى السوق، بينما تغض إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الطرف عن ذلك، وفقا للمحلل النفطي، هيلغ اندريه مارتينسن، للمساعدة في احتواء الأسعار في سياق ارتفاع الطلب ونقص العرض.

في ما يتعلق بالغاز، تبدو العواقب أسرع، ففي منتصف أكتوبر/ تشرين الأول ارتفع سعر الغاز عبر منصة تداول عقود الغاز الهولندية (تي تي إف)، وهي المؤشر الأوروبي للغاز الطبيعي، بمقدار الثلث مقارنة بما كان عليه قبل هجوم حماس.

بالنسبة للمحلل ستيفن إينيس، فإن الحرب “تهدد بشكل خطير سوق الغاز الطبيعي الإقليمي، ويمكن أن يكون لها تأثير على إمدادات الغاز الطبيعي المسال”.

بدوره، يقول جيوفاني ستونوفو من “يو بي إس”، إنه “على الرغم من أن المخزونات الأوروبية ممتلئة تقريبا، إلا أنها ليست كافية لتجاوز فصل الشتاء إذا توقفت جميع الواردات”.

وفي أعقاب الهجوم، أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية تعليق الإنتاج مؤقتا من حقل غاز “تمار” البحري، وأوقفت شركة شيفرون الأمريكية العملاقة أنشطتها في الحقل بناء على تعليمات من السلطات الإسرائيلية.

ويمثل هذا الحقل “حوالى 1.5 في المئة من إمدادات الغاز الطبيعي المُسال في العالم”، وفقا لإينيس، كما يزود السوق الداخلية بشكل أساسي، ثم مصر والأردن.

في الوقت الطبيعي، لم يكن إيقاف حقل بهذا الحجم يتسبب بإرباك أسواق الغاز، إلا أن التطورات التي شهدتها تلك الأسواق في السنوات الأخيرة، من إيقاف لمعظم الغاز الروسي المتجه لأوروبا، واضطرار الأخيرة للبحث عن بدائل بأي ثمن، جعل من أسواق الغاز أكثر هشاشة وتقلبا، حتى لو تعلق الأمر بكميات ليست ضخمة.

وستكون العواقب أكثر إثارة للقلق في حال إغلاق حقل “ليفياثان” أكبر حقل للغاز في إسرائيل، حسبما يقول المحللون الذين يشيرون إلى ارتفاع الأسعار في بداية الحرب في أوكرانيا، إلى 345 يورو لكل ميغاوات/ساعة، وهو رقم قياسي.

وإذا ما استمرت الحرب في غزة وما قد يتمخض عنها من تداعيات، فإن هذا سيقلل من قدرة أوروبا على التعامل مع أية أحداث أخرى غير متوقعة – مثل شتاء قارس أو انقطاع الإمدادات من مناطق أخرى – الأمر الذي من شأنه أن يزيد احتمالات صعود أسعار الغاز، وفقا لبنك غولدمان ساكس.​

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى