يعاني السودانيون من ظاهرة انتشار الوقود الفاسد التي تمددت، خلال الفترة الأخيرة، وسط اتهامات متبادلة بين مختلف الأطراف. واضطرت الحكومة الانتقالية بالسودان إلى فتح باب استيراد الوقود عبر الشركات الخاصة لفك مشكلة الاختناقات التي حدثت خلال الآونة الأخيرة.
ومن جانبها، أكدت الشركات المستوردة خضوع شحناتها للفحص والرقابة من البلد المستورد، محذرة من اتجاه البعض إلى الهجوم على الشركات من أجل العودة إلى احتكار القطاع.
وشكا أصحاب مركبات من انتشار بنزين فاسد حصلوا عليه عبر محطات التزود التي تتعامل معها شركات التوزيع الخاصة، لافتين إلى تسببه في مشاكل وأعطال فنية بمركباتهم.
وقال مواطن إنه اضطر إلى إرسال سيارته للصيانة بسبب رداءة البنزين الذي قام بشرائه من إحدى المحطات بالخرطوم، مشددا على ضرورة الالتزام بالرقابة على السلع التي تمسّ حياة المواطنين حتى لا تكون عرضة للغش والفساد، خاصة الوقود. وأضاف أن أسعار الوقود صارت تفوق إمكانيات المواطن العادي بعد التحرير وتأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا.
وأشار سائق أيضا إلى انتشار نوع رديء من البنزين في بعض المحطات بالخرطوم، لافتا لشكاوى عدد كبير من سائقي المركبات منه.
وقال مسؤولون بمحطات التزود بالوقود في الخرطوم إن البنزين الفاسد ينحصر توزيعه على محطات محددة.
وأكد وكيل محطة وقود، رفض ذكر اسمه، أن أغلب المحطات التي تقوم بتوزيع الوقود تتواجد بالقرب من مستودع المشتقات النفطية بمنطقة الشجرة بالخرطوم وقد شكا منه أصحاب المركبات كثيرا.
ومن جانبه، أوضح مسؤول محطة وقود بالخرطوم بحري، أن الوقود المستورد يحتوي على بعض الشوائب ما يتطلب وجود مختصين عند إجراء عملية الاستيراد حتى لا يتعرض الموردون للاحتيال ويتضرر المواطن الذي يستهلكه بضياع أمواله وتلف ماكينة السيارة أو الآليات التي يعمل بها.
وحملت بعض شركات استيراد النفط ما أسمتها بـ”مافيا النفط” مسؤولية محاولة إخراجها من السوق بإطلاق شائعات حول استيراد إحدى الشركات لبنزين ملوث، مؤكدة خضوعها للرقابة والتدقيق من قبل الجهات الرسمية.
واعتبرت في بيان داخلي أن القصد من الشائعات الكيد التجاري وإبعادها من السوق بغرض احتكار السلعة عقب صدور قرار تحرير المحروقات. ولفتت إلى أن عددا من الشركات الأخرى خاطب وزارة النفط في وقت سابق بداية العام، لإيقاف الشركات الخاصة من الاستيراد، الأمر الذي رفضته الوزارة.
وأشارت إلى أن هناك لوبي يعمل على عرقلة عملها وزيادة الضغوط عليها لتخرج من السوق.
وفي هذا السياق، قال وزير للنفط السابق، إسحاق جماع إن أغلب الشركات الخاصة التي تستورد النفط تعتبر دخيلة على الصناعة وغير ملمة بالمواصفات الفنية الجيدة للواردات من المشتقات النفطية، مؤكدا أن البنزين يتعرض عادة للتبخر بفعل حرارة الطقس أو اختلاطه بأي مادة أخرى سواء مياه أو أي شيء آخر ما يعرضه للتلف وتزايد شكاوى المستهلكين منه.
وأشار جماع إلى تسبب توزيع باخرة وقود مستورد غير مطابقة للمواصفات في حدوث مشكلة للمستهلك الداخلي بالخرطوم، لافتا إلى حرص غالب الموردين السودانيين للاستيراد من سوق النفط بدبي تقليلا لتكلفة النقل والترحيل، غير أنهم يهتمون بشراء الوقود الأقل سعرا بنسبة 30% في السوق العالمي وهو يحتوي على نسبة عالية من مادة النافتا (NAPHTA)، والتي لا تصلح للاستخدام كوقود وإنما يتم إدخالها فقط في صناعة الوقود.
وفي المقابل، أكدت شركات النفط الخاصة خضوع شحناتها للفحص والرقابة من البلد المستورد منها وفي الميناء قبل التفريغ وفي معامل المواصفات والمقاييس.
ولفتت إلى حرصها على إرجاع أي شحنة وقود غير مطابقة للمواصفات، موضحة أن البعض يريد إرجاع البلاد للمربع الأول واحتكار السلعة والتحكم في أسعارها ويلجأون إلى طرق ملتوية للنيل من المنافسين.
ودعا وزير النفط والطاقة السابق مهندس جادين عبيد السلطات الرسمية للاهتمام بالرقابة ومنع دخول أي سلع رديئة أو فاسدة للبلاد خاصة المشتقات النفطية، والتأكد من التزام الموردين باللوائح والضوابط الخاصة بالاستيراد، مشيرا إلى أن هناك الكثير من العيوب والشوائب التي تختلط بالمشتقات النفطية والتي تحتوي على نسبة عالية من الرصاص والكبريت والذي يتسبب في الإضرار بالآليات التي تعمل بها.
واستثنى بنك السودان ووزارة التجارة والتموين أخيرا 12 شركة مشغلة للنفط ومقاوليها من شرط سجل المستوردين حتى شهر يونيو/ حزيران المقبل، لتتسنى لهم تكملة إجراءاتهم حسماً لمشكلة الوقود التي يعاني منها السودان.