بدأ وفد من صندوق النقد الدولي الأربعاء، مهمة جديدة في لبنان الغارق في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، في إطار مفاوضات للتوصل الى اتفاق على خطة تعاف مالية، وفق ما قال مصدر مواكب للملف.
وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لـ“فرانس برس“، أن ”فريقا من صندوق النقد الدولي وصل إلى لبنان في مهمة تمتد لأسبوعين“.
ويشهد لبنان منذ عام 2019، انهيارا اقتصاديا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر.
وتخلف لبنان عام 2020، للمرة الأولى عن سداد ديونه الخارجية.
وقال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي يترأس المفاوضات من الجانب اللبناني، لـ“فرانس برس“ إننا ”نأمل التوصّل إلى اتفاق أولي في غضون أسبوعين من النقاشات“.
واستهل الوفد الذي يترأسه أرنستو راميريز مهمته في بيروت بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية، مشيرة الى أن البحث تناول ”مسار المفاوضات مع الجانب اللبناني لإطلاق خطة التعافي الاقتصادي والمالي“.
وأعلن الصندوق في 11 شباط/فبراير، عن خريطة طريق عرضها على لبنان، مشددا على أن ”حجم الخسائر غير المسبوق في القطاع المالي يجب أن يعالج بطريقة شفافة (…) مع حماية صغار المودعين“.
ويكرّر صندوق النقد التأكيد على أنه لن يقدم أي دعم مالي طالما لم توافق الحكومة اللبنانية على مباشرة إصلاحات طموحة ضرورية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية، على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي بحزم للفساد المستشري.
واتفق المفاوضون اللبنانيون على تقدير حجم الخسائر المالية بـ69 مليار دولار، دون التوافق بعد على كيفية توزيعها.
ويحول الانقسام السياسي والخلاف في وجهات النظر دون المضي قدما في تطبيق الإصلاحات المطلوبة، خاصة إقرار اقتراح قانون لتقييد الودائع أو ما يُعرف بـ“الكابيتال كونترول“.
وأوضح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقب خروجه من جلسة تشريعية للبرلمان الثلاثاء، أنّ الحكومة أضافت ملاحظات صندوق النقد على اقتراح قانون مطروح أمام البرلمان منذ شهرين.
لكن البرلمان طلب مجددا إحالته كمشروع قانون لدرسه.
وأبدى امتعاضه في تصريحات للصحفيين من التباين في المواقف بين الحكومة والبرلمان.
وقال بانفعال: ”لا يمكن حلّ المشكلات التي نعاني منها بالطريقة الشعبوية التي نشهدها، والوطن يدفع الثمن اليوم“، مشدداً على أنه ”إذا لم نتحد جميعا لايجاد الحلول فلا يمكننا الخروج من الأزمة التي نمر بها“.
ورأى الخبير المالي مايك عازار في تصريح لـ“فرانس برس“ أنّ هذا التباين قد يشكل ”مؤشراً عما قد تؤول إليه الأمور لاحقاً“، بعدما أطاحت تباينات مماثلة بمفاوضات أجرتها الحكومة السابقة مع الصندوق.
وأضاف: ”إذا تم التوصل الى اتفاق (مع الصندوق)، ستبقى هناك تحديات كبرى، إذ يتعين على مجلس الوزراء والبرلمان المصادقة“ على البرنامج.
وينبغي كذلك ”تمرير تشريعات مسبقة وإصلاحات ووضعها قيد التنفيذ قبل أن يطلب صندوق النقد الدولي من مجلس الإدارة الموافقة على حزمة التمويل“.
ويحذر من أنه بغياب ”إرادة سياسية“، قد يبقى الاتفاق ”حبرا على ورق“.