يترقب التونسيون مزيدا من تداعيات انفلات التضخم على وضعهم المعيشي بعد أن قدرت السلطات الرسمية وصول التضخم إلى 7% عام 2022 مقابل 5.7% عام 2021، وهو ما يعني ضغطاً إضافياً على قدرات المواطنين على الإنفاق، لا سيما الطبقات الضعيفة والمتوسطة التي سحقها الغلاء على امتداد السنوات الأخيرة.
ويُنذر مشروع قانون الموازنة لعام 2022 والذي أوردت فيه حكومة نجلاء بودن توقعاتها لمعدل التضخم السنوي للعام بمزيد من الرفع لأسعار سلع والخدمات أساسية، وفي صدارتها المحروقات والكهرباء والغاز ومياه الشرب.
ويقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، محمد الشاذلي، إن الأمر تحول إلى تضخم متجذر وزاحف، مؤكدا أن العام الجديد سيكون أسوأ من حيث المؤشرات الاقتصادية العامة مع استمرار أسباب الأزمة الهيكلية التي أنتجت نسب نمو ضعيفة وبطالة قياسية وتصاعداً للفقر.
وفسّر أسباب التضخم بفشل السياسة النقدية والعجز عن إدارة السيولة، إلى جانب تصاعد القروض الممنوحة للأفراد والتي تخلق كتل نقدية وهمية مقابل ضعف في خلق الثروة الحقيقية.
واعتبر الشاذلي أن محاربة التضخم لا تتطلب مراقبة للأسعار ومسالك التوزيع بقدر ما تتطلب حوكمة للسياسة المالية وكبح القروض التي تخلق قدرة شرائية وهمية ممولة عبر القروض من دون إنتاج أي نوع من الثروة.
ويعاني التونسيون من تداعيات انفلات التضخم الذي يأكل أجورهم حيث سجلت الأشهر الثلاثة الماضية تصاعداً مستمراً للتضخم بسبب الزيادة في الأسعار.
ويُصنف عام 2021 على أنه كان الأصعب اقتصادياً منذ استقلال تونس، لكن بوادر 2022 تبدو أكثر صعوبة وسط تحذيرات جدية أطلقها “الاتحاد العام التونسي للشغل” على لسان أمينه العام نورالدين الطبوبي الذي قال إن خطورة سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية تُنذر بانفجار اجتماعي وشيك، مضيفاً أن الاتحاد مستعد لمعركة كسر عظم إذا أرادت الحكومة ذلك من أجل الدفاع عن قوت التونسيين وقدرتهم الشرائية التي لم تعد تتحمل المزيد من الإنهاك.
ورجّح الخبير المالي رضا شكندالي أن تكون الحكومة قد اتفقت مع البنك المركزي على تمويل فجوة بنحو 5.5 مليارات دينار سجلتها موازنة 2021.
وأكد أن هذا السيناريو سيجر البلاد إلى ضغوط تضخمية رهيبة، ولفت إلى أن إعداد قانون مالية وموازنة لسنة 2022 من دون القدرة على إغلاق فجوة موازنة 2021 يشي بإمكانية عقد اتفاق كهذا مع البنك المركزي رغم التداعيات التضخمية الجسيمة التي قد تحدث.
ويؤثر الغلاء والتضخم على وضع التونسيين ووصلت آثاره إلى موائدهم التي تراجعت فيها نوعية الطعام بعد اضطرارهم إلى الاستغناء عن اللحوم والأسماك وزيت الزيتون وغيرها من المواد الأساسية، فيما تُبرز أرقام “المرصد التونسي للاقتصاد” أن 3 ملايين أسرة تعیش ھشاشة اجتماعية واقتصادية.