أربك متحور أوميكرون لفيروس كورونا وما نجم عنه من تعليق للرحلات الجوية من المغرب وإليه، حسابات الخطوط الملكية المغربية التي كانت تراهن على العودة للتحليق بجزء كبير من أسطولها، بعد الانتعاش الذي عرفته في الصيف.
ويتوقع أن تؤدي الظروف الحالية التي يؤججها أوميكرون، إلى بلورة خطة من شأنها أن تؤمن استمرارية أنشطة الخطوط الجوية، حيث تتجه للبحث عن تمويل يساعد على تخفيف الضغط عن المساهمين فيها.
وتساهم الدولة بنسبة 53.94 في المائة من ملكية الخطوط الملكية، بينما يساهم صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بنسبة 44.1 في المائة.
وتأثرت الشركة منذ بداية الجائحة في الربع الأول من العام الماضي، بإغلاق المجال الجوي إلى غاية الصيف الماضي، قبل أن تعود طائراتها للتحليق ضمن حدود معينة، وتتوقف من جديد إثر القرار الذي اتخذته الدولة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتعليق الرحلات.
وبعدما نفت الحكومة يوم الأربعاء الماضي، اتجاه النية نحو استئناف الرحلات الجوية، عادت الخطوط الملكية المغربية إلى التأكيد أن الرحلات من المملكة وإليها ستلغى إلى غاية 31 ديسمبر/ الجاري.
وكانت الشركة بعد تخفيف التدابير الاحترازية والانتعاش الذي تحقق في الصيف، تراهن على تسخير إمكاناتها من أجل خدمة خطوط سياحية والتركيز على الخطوط التي يستعملها أكثر المغتربون المغاربة، في الوقت نفسه الذي عولت فيه على الخطوط المتجهة نحو أفريقيا عبر مطار الدار البيضاء.
غير أنه ينتظر أن يعمّق تعليق الرحلات صعوبات الشركة التي تدخلت الحكومة من أجل إسعافها في العام الحالي، بتوفير أكثر من 600 مليون دولار للناقلة، تحصل على 250 مليون دولار على شكل قروض مصرفية مضمونة من قبل الدولة، بينما ستحصل على 350 مليون دولار على مدى سنوات.
وكانت الحكومة قد ربطت الحصول على دعم مباشر إضافة إلى ضمانة الدولة للقروض المصرفية، بشرط يتمثل بوضع مخطط لإعادة الهيكلة، يتضمن التخلي عن ثماني عشرة طائرة من أسطول الشركة الذي يضم 61 طائرة.
ورهنت الحكومة في العام الماضي كذلك، توفير سيولة للشركة بخطة لإعادة الهيكلة الاجتماعية، التي تقتضي التخلي عن 858 من العاملين في الشركة وفروعها من بين خمسة آلاف، من بينهم طيارون ومضيفون وفنيون، وهو ما تبرره بتراجع النشاط في الظروف الحالية والصعوبات المرتقبة في الأعوام المقبلة.
وتمكنت الشركة من تقليص النفقات عبر تسريح 140 من العاملين لديها في أغسطس/آب من العام الماضي، وبيع 6 من طائراتها من نوع بوينغ 737-700 في يوليو/تموز من العام الحالي، وهو ما يمثل 10 في المائة من أسطول الناقلة.
ويذهب مصدر مطلع إلى أن الناقلة الوطنية شهدت انتعاشاً في نشاطها، رغم تعليق بعض الخطوط، غير أن القرار الأخير بتعليق الرحلات أعادها إلى النقطة التي كانت توجد فيها قبل فتح الأجواء في الصيف.
وأكد المصدر ذاته أن خسائرالشركة ستصل إلى ملياري درهم (217 مليون دولار تقريباً) في السنة المحاسبة التي جرت من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021، علماً أن الخسائر وصلت على مستوى الأرباح في السنة المحاسبية 2019 – 2020 إلى 3.7 مليارات درهم.
وينتظر حصر حسابات الشركة وإعلانها رسمياً في يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط المقبلين.
وأشار المصدر إلى أن التوقعات كانت تراهن على عودة الناقلة الوطنية إلى تحقيق أرباح في عام 2023، حيث بنيت على عودة تحليق طائراتها قبل تعليق الرحلات مع ظهور متحور أوميكرون، ما يعني في تصوره أن أغلب التوقعات ستبقى رهينة بأداء الفيروس عبر العالم.
وأكد الاقتصادي محمد الشيكر،أن الخطوط الملكية المغربية من الشركات الاستراتيجية في تصور الدولة المغربية، حيث ستواصل دعمها في المستقبل إلى أن تعود إلى التحليق بكامل أسطولها بعد التعافي التام.
وافترض الشيكر أن “مستقبل الخطوط الجوية حاضر في مفكرة الدولة التي يجب أن تحرص على التوافر على حضور غالب في ذلك الشركة، مستبعداً اللجوء إلى الخصخصة، التي تتحكم فيها في غالب الأحيان اعتبارات لها علاقة بالتوازنات الماكرواقتصادية”، ضارباً مثلاً بوضعية المصفاة الوحيدة التي يتوافر عليها المغرب، والتي نجم عن خصخصتها توقفها قبل ستة أعوام، بينما كانت أداة حاسمة في ضمان التعاطي مع تقلبات سعر النفط في السوق الدولية بطريقة مرنة.
(الدولار=9.23 دراهم تقريباً)