اتفقت 130 دولة، يوم الخميس، على فرض ضريبة عالمية دنيا على الشركات الكبيرة ”لا تقل عن 15%“ في ما وصف بأنه ”خطوة جبارة“ و“يوم تاريخي“.
وأعلن الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ماتياس كورمان، الذي كان يدير هذه المفاوضات، في بيان: ”بعد سنوات من العمل والمفاوضات المكثفة ستضمن هذه الحزمة أن تدفع الشركات متعددة الجنسيات حصتها العادلة من الضرائب أينما تواجدت في العالم“.
وأظهرت القائمة التي وفرتها المنظمة، أن مجموعة صغيرة من الدول، ومن بينها إيرلندا والمجر، المتحفظة على الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه، لم توقع الإعلان الذي أبرم الخميس.
إلا أن الحكومة الإيرلندية أكدت على لسان وزير المال باسكال دونهوو، ”دعمها عموما“ للاتفاق مشيرة إلى أن ”هدفها هو إيجاد مخرج يمكن لإيرلندا دعمه“.
لكن الصين، والدول التي تعتبر ”جنات ضريبية“، انضمت إلى الاتفاق. وتشكل الدول الموقعة مجتمعة 90% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وعلق الرئيس الأمريكي جو بايدن في بيان على الاتفاق قائلا: ”لن تتمكن الشركات متعددة الجنسيات بعد الآن أن تضع الدول المختلفة في مواجهة بغية حفض مستوى الضريبة وحماية أرباحها على حساب الإيرادات العامة“.
وأضاف بايدن أن هذه الشركات ”لن تتمكن بعد الآن من تجنب دفع حصتها العادلة من خلال إخفاء المكاسب التي حققتها في الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى تكون فيها الرسوم الضريبية أقل“.
أما وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين فاعتبرت أن هذا ”يوم تاريخي للدبلوماسية الاقتصادية“.
وأشادت ألمانيا الخميس بالاتفاق ووصفته بأنه ”خطوة جبارة نحو العدالة الضريبية“. ورأى وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، أنه ”أهم اتفاق ضريبي دولي تم إبرامه خلال قرن“.
إلا أن منظمة ”أوكسفام“ غير الحكومية، اعتبرت أن الدول الغنية ستستفيد خصوصا من الاتفاق الذي يخضع رغم ذلك، مفهوم ”الجنات الضريبية“ الكبيرة للضغط.
وقالت المنظمة: ”ترغم الدول الغنية، الدول النامية على الاختيار بين اتفاق لا يخدم مصالحها وبين غياب الاتفاق“، منددة في بيان ”بشكل جديد من الاستعمار الاقتصادي“.
ويستند الإعلان المشترك على اتفاق أبرم ضمن مجموعة السبع، الشهر الماضي، في اجتماع عقد مطلع حزيران/ يونيو في بريطانيا.
وينص الاتفاق على توزيع ”عادل أكثر“ للإيرادات الضريبية بين الدول التي تضم مقار الشركات وتلك التي تحتضن النشاط الفعلي حتى من دون وجود مادي لها. ويستهدف هذا الجانب من الاتفاق الشركات الرقمية العملاقة.
وأوضح النص أن صناعات التعدين، مثل المناجم والخدمات المالية المنظمة، ستستبعد من هذا الجانب لكن لن تستثنى من ضريبة الحد الأدنى.
وقال الاتحاد المهني للشركات الرقمية الذي يضم أمازون وفيسبوك، إنه ”ينتظر بفارغ الصبر المشاركة في تفاصيل خطة التطبيق ويحض الدول على إلغاء الضرائب على الخدمات الرقمية الراهنة والتخلي ”عن مشاريع أخرى مماثلة يتم درسها“ على ما قال رئيس الاتحاد مات شرورز.
وشددت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في بيان، على أن الآلية ستشكل ”مساعدة ثمينة للدول“ التي انفقت كثيرا خلال الجائحة وعليها أن تمول عملية التعافي الاقتصادي.
وشدد كورمان على أن ”حزمة الإجراءات هذه لا تضع حدا للمنافسة الضريبية ولا تهدف إلى ذلك بل تسعى إلى الحد منها من خلال قواعد متفق عليها على صعيد متعدد الأطراف“.
بدء التطبيق في 2023
وحدد المشاركون في المفاوضات مهلة حتى تشرين الأول/ أكتوبر ”لاستكمال الجوانب التقنية“ وتحضير ”خطة تطبيق تصبح نافذة في 2023“.
ويتوقع أن يقر وزراء المال في مجموعة العشرين الذين يجتمعون الأسبوع المقبل في البندقية التقدم الفني والسياسي المسجل الخميس.
وكان اتفاق أول ضمن مجموعة السبع مطلع حزيران/ يونيو، في لندن، أعطى دفعا جديدا للمفاوضات التي تعطلت خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأحياها خلفه جو بايدن بعد دخوله البيت الأبيض.
وعززت الأزمة الصحية التي أنفقت خلالها الدول بشكل كثيف لمواجهة الجائحة ودعم اقتصاداتها، الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق من شأنه زيادة الإيرادات الضريبية.
وتفيد منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، أن الضريبة العالمية الدنيا التي لا تقل عن 15%، من شأنها أن تدر إيرادات ضريبية إضافية تصل إلى حوالى 150 مليار دولار على المستوى العالمي.