السياسي -وكالات
حسب أحدث أرقام إصدارات سندات الدين في الربع الأول من هذا العام، مقارنة مع العام الماضي، يتوقع أن يتراجع إصدار السندات، بخاصة سندات الدين العام، في المتوسط لعام 2021. وذلك على الرغم من استمرار انخفاض معدلات الفائدة في أغلب دول العالم المستمر منذ العام الماضي بسبب أزمة كورونا.
تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
والسبب الرئيس لتوقع تراجع إصدار سندات الدين هذا العام هو حجم الإصدار غير المسبوق العام الماضي، عام الوباء، إما لتمويل الإنفاق العام على دعم الاقتصادات المتضررة من أزمة كورونا، أو لإعادة تمويل سندات دين الشركات لإطالة مدى الاستحقاق في ظل ظروف الضغط المالي والاقتصادي العام الماضي. بالتالي فإن مقارنة نسب إصدارات السندات هذا العام ستكون لصالح العام الماضي.
غير أن هناك عوامل أخرى ترجح تراجع إصدار سندات الدين، سواء سندات المالية العامة أو سندات القطاع المالي أو حتى سندات دين الشركات وسندات إعادة التمويل. ومن أهم تلك العوامل، في رأي كثير من محللي القطاع المالي وسوق السندات، الاتجاه العام للسيطرة على ارتفاع الدين العام الحكومي وديون الشركات، مع توقعات التعافي الاقتصادي.
وأصدرت مؤسسة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني بنهاية هذا الأسبوع تقريراً توقعت فيه تراجع إصدارات سندات الدين هذا العام 2.25 في المئة، ليصل حجم الإصدارات في العالم إلى 8.2 تريليون دولار. ذلك على الرغم من أن أرقام الإصدارات في الربع الأول من العام مرتفعة في أغلب القطاعات، وكذلك استمرار انخفاض تكلفة الاقتراض بمعدلات فائدة رسمية قرب صفر في أغلب الاقتصادات الرئيسة في العالم.
تباين القطاعات
ويتوقع التقرير استمرار معدلات إصدار سندات قوية هذا العام، لكنها بالمقارنة لن تصل إلى مستويات العام الماضي غير المسبوقة. وتقدر “ستاندرد أند بورز” أن توقعات ارتفاع معدلات التضخم مبالغ فيها، لكنها لا تستبعد أن تكون سبباً أيضاً في تراجع إصدارات سندات الدين. كما أن المستثمرين في سوق السندات أصبحوا أكثر انتقائية، ويقبلون على السندات العالية الجودة الائتمانية، ذلك على الرغم من ارتفاع العائد على السندات بشدة في الأسواق الثانوية.
ويبرر التقرير ارتفاع إصدار السندات في الربع الأول باستمرار انخفاض تكلفة الاقتراض، وهو الأمر الذي قد لا يستمر طويلاً مع اتجاه البنوك المركزية في تشديد السياسات النقدية. وارتفع إصدار السندات عالمياً في الربع الأول من يناير (كاون الثاني) إلى مارس (آذار) هذا العام 2.8 في المئة، ليصل إجمالي حجم الإصدارات إلى 2.1 تريليون دولار.
وفي تفصيل أرقام الإصدارات للربع الأول يتضح التباين بين القطاعات المختلفة لسندات الدين. إذ جاءت الزيادة الأكبر في إصدار سندات دين القطاعات غير المالية، التي ارتفعت 10 في المئة. في الوقت الذي تراجعت فيه إصدارات سندات التمويل العالمي 18 في المئة في الربع الأول مقارنة مع نظيرتها من عام 2020. كذلك تراجع إصدار سندات إعادة التمويل 15 في المئة في الربع الأول من هذا العام.
وتتوقع “ستاندرد أند بورز” تراجع إصدارات سندات الدين في القطاعات غير المالية بما يتراوح بين 2 و12 في المئة في المتوسط هذا العام. ومع احتمال استمرار عمليات الاندماج والاستحواذ، إلا أن ما راكمته الشركات من نقد وأوراق مالية قابلة للتحويل خلال العام الماضي ستساعد على تمويل تلك العمليات دون الحاجة إلى مزيد من إصدارات السندات. ذلك إضافة إلى أن 38 في المئة من إصدارات السندات للقطاع غير المالي خلال العام الماضي كانت لإعادة التمويل لاقتراض سابق بالفعل، كما أن كثيراً من الشركات دخلت إلى سوق السندات للمرة الأولى للاستفادة من الشروط الميسرة للائتمان. وكل ذلك يعني أن الارتفاعات السابقة في إصدار السندات ربما لن تتكرر.
إصدارات الدين العام
في ظل استمرار برامج الدعم الحكومي للاقتصاد وسياسة شراء الأصول من قبل البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة، يتوقع تراجع إصدارات سندات الدين العام. ففي أكبر اقتصاد في العالم في الولايات المتحدة، تقدر “ستاندرد أند بورز” تراجع إصدارات سندات الدين العام بنسبة تصل إلى 5 في المئة، مقارنة مع حجم الإصدارات العام الماضي.
كما توقع التقرير تراجع إصدارات سندات التمويل الدولي العام نحو 10 في المئة هذا العام، بعدما تجاوز حجم الإصدارات في هذا القطاع العام الماضي تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق. ومع أن بعض الإصدارات في هذا النوع من السندات قد يرتفع في الدول التي ما زالت في حاجة ماسة إلى تمويل، إلا أن تراجع إصدارات القطاع في الصين سيكون له الأثر الأكبر في انخفاض حجم الإصدارات فيه هذا العام. ففي الربع الأول من هذا العام، انخفض حجم إصدار سندات التمويل العام في الصين بأكثر من 27 في المئة.
ربما تظل منطقة اليورو في وضع مختلف خلال العام بالنسبة إلى إصدارات سندات الدين، مع توقعات التعافي الاقتصادي المتواضعة حتى الآن. ومع ذلك، تشير أرقام الربع الأول إلى تراجع إصدارات سندات إعادة التمويل في أوروبا 24 في المئة. كما أن استمرار البنك المركزي الأوروبي في برامج الدعم المالي والنقدي القوية للاقتصاد قد تحد من الارتفاع في إصدارات السندات للقطاع المالي وسندات الدين العام.