حرب الإلغاء على المصارف!

حرب الإلغاء على المصارف!
حرب الإلغاء على المصارف!
كتبت فيوليت بلعة غزال في Arab Economic News: لم يكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حاجة إلى "إتصالات خلف الكواليس" لإقناعه بالمشاركة في جلسة المفاوضات الثانية التي ستعقد مع ممثلي صندوق النقد الدولي اليوم، طمعا ببرنامج إنقاذي يمنح لبنان حزمة مالية بـ10 مليارات دولار لإصلاح ما أفسدته السياسة المترابطة الإنتماءات والأهواء على مدى عقود. فمصرف لبنان يؤيد مشاركة الصندوق في إيجاد حلّ لأزمات تداخلت فيها مشكلات "العام" بأزمات "الخاص"، وباتت التكاليف موزعة على كافة شرائح المجتمع، أثرياء وفقراء، فيما تجدّد الدولة تعهدها بتحمّل حصتها من تغطية الخسائر بتنفيذ الإصلاحات... وللكلام صلة..

سيجلس الحاكم سلامة الى جانب وزير المال غازي وزني مترئسا وفد مصرف لبنان إلى المفاوضات، ليعرض أرقام المركزي وفق ميزانياته المدققة من شركتي التدقيق العالميتين "ديلويت" و"إرنست آند يونغ"، وليكمل من حيث ما توقفت عنده الجلسة الأولى، وتحديدا عند فجوة الـ50 مليار دولار، والتي تعتبرها الحكومة "خسائر" على مصرف لبنان، فيما يؤكد سلامة أنها "مغطاة" بعمليات يستطيع تنفيذها لاحقا. هذا ما سيشرحه اليوم متدرجا بهذه السياسة على خطى المصارف المركزية في العالم، وليعرض إقتراحاته لحلّ أسوأ أزمة مالية، وليذكّر الصندوق بحدود مسؤولياته فيها. فهو "قام بتمويل الدولة، لكنه ليس مسؤولاً عن طريقة صرف الأموال.. ولو لم نموّل الدولة كيف تُدفَع المعاشات وتتأمن الكهرباء؟"، فضلا عن تأكيد مطالبته المتكررة بالإصلاحات التي بقيت وعودا رغم مؤتمرات الدعم التي قدمها المانحون للبنان منذ الـ2000.

أما وزير المال فسيحمل معه لائحة طلبها الصندوق في الجلسة الأولى، عن تفاصيل متعلقة بتلك "الإصلاحات"، وخصوصا في قطاع الكهرباء الذي شكّل منفردا، "فجوة مالية" مع خسائر رتّبها على الخزينة قُدّرت بنحو 47 مليار دولار على مدى عقد، علما أنه يساهم في إستنزاف موارد الدولة منذ التسعينيات، إلى جانب تنامي نشاط منظومة الفساد في قطاعات لا تقلّ أهمية من حيث حجم إيراداتها، وفي مقدمها البوابات الحدودية، البحرية والبرية والجوية، والتي تحوّل قسم منها معبرا لتهريب قدّره الحاكم بنحو 4 مليارات دولار سنويا، حين قال إن لبنان يدفعها ثمن إستيراد منتجات لا يستخدمها.

وحدها مصارف لبنان ستكون الغائبة عن مفاوضات تستند إلى خطة تعاف تقوم على أكتافها من دون "شور ولا دستور"، بما جعلها الخاسر الأكبر في مرحلة إنقاذ ستبدأ بخطة إعادة هيكلة للقطاع المالي، وستفضي إلى إفلاس مصرف لبنان والمصارف على السواء، في سابقة لم تقدم عليها إلا زيمبابواي بين سائر دول العالم. وليس مفيدا توجه الحكومة نحو "القطاع المالي" (مصرف لبنان، المصارف، المستثمرين والمودعين) لتغطية خسائر مالية هي (السلطة) مَن تسبب بها، طالما هناك مقاربات معاكسة تطلّ كما دوما من دبي "السبّاقة"، حيث أكد نائب رئيس الدولة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن الإمارات ستقدم، وفي إطار إعداد إستراتيجياتها بعد "كوفيد 19"، إلى التوجه نحو مراجعة هيكل الحكومة وحجمها، "قد ندمج وزارات، ونغيّر هيئات وسنجري تغييرات، نحتاج حكومة أكثر رشاقة ومرونة وسرعة لتواكب أولويات وطنية جديدة ومختلفة.. ومخطئ مَن يظن أن العالم بعد "كوفيد 19" كالعالم قبله".

علما أن الأخطر أيضا يكمن في ما تحويه الخطة من توجهات من شأنها تحويل وجهة الإقتصاد من "حرّ" إلى "موّجه"، تتيح للحكومة التدخل ساعة تشاء وفي أي قطاع لتفرض ما ترتأيه، وذلك خلافا لدستور وقوانين ترعى حماية الملكية الفردية والتي نشأ عليها لبنان منذ تأسيسه، وهي سابقة لم تجرؤ على تبنيها أي سلطة تعاقبت على الحكم في لبنان.

تعدّ مصارف لبنان خطة إنقاذ بديلة، وستنجزها ما بين منتصف هذا الأسبوع ونهايته، لكن لم يُعرف بعد وجهتها. فالخصام ما بين الحكومة والمصارف، عطّل لغة التواصل. هل سترفع الجمعية خطتها إلى صندوق النقد مباشرة؟ أم ستعلنها للرأي العام في مؤتمر صحافي؟

ليس مهما الشكل بمقدار ما يجب التوقف عنده في المضمون. ولغاية اليوم، تقول مصادر القطاع إن الجمعية تعدّ خطة "محكمة"، تتمحوّر من أولها إلى آخرها حول "تحريم" المسّ بحقوق المودعين، لتقوم على قاعدة "سوق صديقة" Friendly Market في تعاملات القطاع مع عملائه. وتؤكد المصادر رفضها لتوجّه الحكومة نحو "شطب" رساميل المصارف تغطية لخسائر هي مَن تسبّب فيها، وان مسألة "إعادة الرسملة" هي من مسؤولية المصارف نفسها "وليست شغل الحكومة".

لقراءة المقال كاملا اضغط هنا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى