أطلقت وزارة الزراعة، تحت رعاية وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال غازي زعيتر، وبالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأم المتحدة (الفاو) والمجلس الوطني للبحوث العلمية (CNRS)، دراسة بعنوان “تقييم المخاطر على القطاعات الزراعية في لبنان للحد من مخاطر الكوارث والتكيف مع تغير المناخ”، في مؤتمر صحافي افتتحه زعيتر وممثل منظمة الفاو في لبنان الدكتور موريس سعادة، في حضور الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة، المدير العام لوزارة الزراعة المهندس لويس لحود، أمين عام المركز الوطني للبحوث العلمية (CNRS) الدكتور معين حمزة، ممثلين عن الهيئة العليا للإغاثة، هيئة ادارة المخاطر في رئاسة مجلس الوزراء، مصلحة الابحاث العلمية الزراعية، مديري الوحدات ورؤساء مصالح في وزارة الزراعة، وعدد من الخبراء المعنيين بقطاع الزراعة والموارد الطبيعية في لبنان.
وألقى زعيتر في مستهل المؤتمر الصحافي كلمة قال فيها: “نجتمع اليوم لمناسبة اطلاق نتائج دراسة “تقييم المخاطر الزراعية في لبنان” التي أعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان بجهد علمي يشهد له، وبتمويل مشكور من منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان. وتأتي هذه الدراسة في وقت يعاني لبنان والقطاع الزراعي بشكل خاص من التغيرات المناخية والتي كان آخرها العاصفة التي اغرقت الحقول الزراعية وما خلفته من اضرار وخسائر على الانسان والممتلكات والبنى التحتية على حد سواء.
كما تعلمون، يتأثر القطاع الزراعي في لبنان بمخاطر وتهديدات متعددة جراء العوامل المناخية من فيضانات وسيول وعواصف وجفاف، اضافة الى مخاطر تتعلق بالآفات النباتية والامراض الحيوانية وحرائق الغابات والتلوث، وغيرها من المخاطر الناتجة عن الحروب والازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي قد تؤثر سلبا على القطاع الزراعي.
واذ تأتي هذه الدراسة، والتي نحن بصدد اطلاقها اليوم، لتحدد ابرز هذه المخاطر والتهديدات وتأثيرها على القطاع الزرعي والمجتمعات الزراعية في مختلف الاراضي اللبنانية، وتقييم تواتر حدوث هذه المخاطر خلال العشر سنوات الماضية، اضافة الى تقدير حجم الاضرار التي يمكن ان يتكبدها القطاع الزراعي وفقا لسيناريوهات مختلفة بحسب امكانية حدوث هذه الكوارث”.
أضاف: “ان هذه الدراسة تشكل أرضية علمية اساسية لإعداد خطة وطنية للحد من المخاطر والتهديدات التي تصيب القطاع الزراعي والعمل على تنفيذها استنادا الى التوصيات والمقترحات التي توصلت اليها الدراسة وذلك على المدى القريب والمتوسط والبعيد مع رصد الموارد البشرية والمالية اللازمة.
كما نتطلع الى أن تشكل هذه الدراسة بنتائجها مناسبة لإعادة تفعيل العمل الذي باشرته وزارة الزراعة وتحديث خطة الاستجابة التي اعدتها الوزارة خلال الكوارث والازمات في العام 2015 بالتعاون مع وحدة ادارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء التابعة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي، والتي هدفت بشكل خاص الى تقوية قدرات وزارة الزراعة في مجال ادارة الكوارث، وتشكيل فرق عمل فنية وانشاء غرفة عمليات وطنية في وزارة الزراعة للاستجابة، اضافة الى انشاء نظام انذار مبكر وتطوير نظام ادارة المعلومات.
ونذكر في هذا السياق الدعم الذي قدمته وزارة الزراعة لإنشاء الصندوق التعاضدي الوطني لتأمين القطاع الزراعي من الكوارث الطبيعية والذي تم تأسيسه في العام 2012 (بموجب قرار وزير الزراعة رقم 181 تاريخ 11/12/2012،) حيث تم تشكيل مجلس ادارة للصندوق واعداد النظام الداخلي الخاص به، ونحن اليوم بصدد تفعيل هذا الصندوق والعمل من اجل تأمين الاعتمادات المالية اللازمة من قبل الحكومة اللبنانية.
لا شك ان الاستجابة للكوارث والازمات يتطلب تضافر الجهود بين مختلف الادارات المعنية بهذا الملف اهمها الهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الانماء والاعمار، ووزارة المالية، ووزارات الطاقة والمياه والبيئة والاشغال العامة والنقل، وغيرها من الادارات، وكذلك عبر اشراك المجتمعات المحلية. ونشير في هذا الاطار الى ان وزارة الزراعة تشارك بشكل فعال في اعمال اللجنة الوطنية المكلفة متابعة موضوع الكوارث والازمات على الصعيد الوطني بالتعاون مع وحدة ادارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء بالإضافة الى المشاركة في اللجان الفرعية المنبثقة عنها ومنها اللجنة المكلفة وضع خطة لمواجهة السيول في منطقة رأس بعلبك”.
وختم: “أخيرا، لا يسعني الا ان أتقدم بالشكر والتقدير الى كل من مكتب منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان بشخص الدكتور موريس سعادة وفريق عمله على الدعم الدائم الذي يقدمه للقطاع الزراعي والغذائي في لبنان، والى المجلس الوطني للبحوث العلمية بشخص امينه العام الدكتور معين حمزه وفريق الخبراء العلميين وعلى رأسهم الدكتور شادي عبدالله الذين اعدوا هذه الدراسة القيمة بكل مهنية واحتراف، ونؤكد على استمرار وتفعيل التعاون مع جميع الجهات المعنية من أجل الاستفادة القصوى من هذه الدراسة ولتخصيص الموارد المالية والبشرية اللازمة لوضعها قيد التنفيذ بما يخدم المزارع والقطاع الزراعي وحماية الثروات الطبيعية في لبنان”.
ثم ألقى ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة كلمة قال فيها: “يشرفني ان اشارك معكم اليوم في اطلاق نتائج دراسة “تقييم المخاطر الزراعية في لبنان” والتي تم اعدادها من قبل المجلس الوطني للبحوث العلمية بالتعاون مع وزارة الزراعة ومنظمة الاغذية والزراعة – الفاو.
ان وزارة الزراعة اللبنانية ادراكا منها لأهمية العمل على خفض الخسائر في الأرواح وسبل المعيشة والأصول الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للمجتمعات الناجمة عن الكوارث، وتأكيدا على العقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية لعام 1989، واستراتيجية يوكوهاما لعام 1994 من أجل عالم أكثر أمنا، والاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث لعام 1999.
وتماشيا مع اوليات منظمة الفاو وتحديدا الهدف الاستراتيجي الخامس للمنظمة المتعلق ب “زيادة قدرة سبل كسب العيش على الصمود أمام التهديدات والأزمات”، وضمن اطار الاولوية رقم 1 من اطار العمل المشترك للفاو في لبنان المتعلق ب”المساهمة في تحقيق استراتيجية وزارة الزراعة فيما يتعلق بمكون الامن الغذائي والزراعة”، تم إعداد خطة وزارة الزراعة للاستجابة خلال الكوارث والأزمات من خلال لجنة على صعيد الوزارة، وبالتعاون مع مشروع الـ UNDP لدى رئاسة الحكومة للحد من مخاطر الكوارث، واللجنة الوطنية المكلفة إعداد الإطار العام لخطة الاستجابة الوطنية خلال الكوارث والأزمات.
وبناء على طلب من وزارة الزراعة، قدمت منظمة الفاو مساعدة فنية إلى لجنة وزارة الزراعة في إطار إعداد استراتيجية للقطاع الزراعي في لبنان منذ عام 2016. بعد اتمام عمل بعثتين من خبراء الفاو وعقد حلقة عمل مع المعنيين على الصعيد الوطني والتدريب لموظفي وزارة الزراعة في مجال التقييم للمخاطر، تقرر بالاشتراك مع إدارة لجنة وزارة الزراعة، التعاقد مع “المجلس الوطني للبحوث العلمية” للقيام بدراسة تقييم المخاطر على القطاعات الزراعية في لبنان وفي المحافظات”.
أضاف: “هذا التقييم والتنميط للمخاطر له دور أساسي لوضع الاستراتيجية الوطنية للقطاع الزراعي اذ ان البعد الاقتصادي لهذه المخاطر يشكل حيزا كبيرا من الاستثمارات في القطاع ان كان من ناحية الوقاية او التكييف او الاستجابة، ووفقا لتوصيات هذه الدراسة، تلتزم الفاو كمرحلة اولى بتقديم الدعم لوزارة الزراعة خلال عام 2019 من اجل اعداد الخطة الوطنية لإدارة الكوارث والحد من المخاطر والخسائر الناجمة عنها، والاستجابة السريعة والتعامل مع تغير المناخ من أجل تعزيز المجابهة وتقوية خدمات الأرصاد الزراعية/ المائية وتعزيز الروابط بين إدارات الأرصاد والزراعة والحد من مخاطر الكوارث وتغير المناخ.
والجدير بالذكر هنا هو التزام اللجنة الوطنية، رئيسا واعضاء، لإتمام مهامهم ومتابعة هذا الملف المهم للوزارة وللقطاع وجميع المعنيين على صعيد الوطن.
وبهذا، اتقدم بجزيل الشكر لهم، وللحاضرين ايضا متمنين ان لا ينتهي تعاوننا معا مع انتهاء عملنا في هذا المجال خلال 2019 بل استمرارية العمل المشترك من اجل قطاع زراعي آمن في لبنان”.
ثم تم عرض ملخص للدراسة والتي أظهرت ان القطاعات الزراعية في لبنان لطالما كانت مهددة بفعل تقلبات الطقس والأمراض وتزايد هطول الأمطار ودرجات الحرارة، ومع وجود روابط لتغير المناخ وعدم استقرار في الوضع السياسي في لبنان والمنطقة، يأتي تقييم المخاطر الزراعية كدليل ونقطة انطلاق لفهم أفضل للمخاطر التي تهدد القطاعات الزراعية وتحسين استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث وإدارتها.
وقد ورد في هذا التقرير نبذة عن المخاطر الزراعية في لبنان، بالإضافة إلى المخاطر على صعيد المحافظات والقطاعات الزراعية الفرعية. واعتمدت الدراسة منهجية شاملة، مفصلة ومكيفة مع واقع الزراعة اللبنانية من خلال دراسة المنشورات والتقارير الرسمية ذات الصلة، والمؤلفات المكتبية المتعلقة بشكل أساسي بمبادئ الفاو التوجيهية بشأن الحد من مخاطر الكوارث الزراعية وإدارتها. كما تم جمع المعلومات والبيانات الرقمية ومعالجتها باستخدام نظم المعلومات الجغرافية، والقيام باستقصاءات ودراسات ميدانية، وتقييم المخاطر المجتمعية مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، بالإضافة إلى مجموعات تشاورية مركزة مع المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وتحليل المخاطر الزراعية المحددة باستخدام مجموعة من الطرق الإحصائية ورسم خرائط الأخطار والتعرض، وقابلية التضرر والمخاطر على جميع القطاعات الزراعية والنطاقات المناخية الزراعية في لبنان. وحددت الدراسة أولويات العمل والتوصيات الرامية إلى تحسين قدرة القطاعات الزراعية على مجابهة الأخطار.
وأشارت الدراسة الى أن الأخطار الرئيسية التي تؤثر على القطاعات الزراعية هي الأخطار المرتبطة بالطقس والمناخ كالأمطار ودرجات الحرارة، وبشكل خاص الجفاف والفيضانات، بالإضافة الى انزلاقات الأراضي وتعرية التربة وحرائق الغابات. حيث تؤثر هذه الأخطار على إنتاج المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية في لبنان. اما الأدلة على تأثير تغير المناخ في لبنان فهي في ازدياد، حيث يأتي فصل الشتاء متأخرا، بالإضافة الى صعوبة التنبؤ بهطول الأمطار، وزيادة تغير بداية ونهاية مواسم المطر، مما يؤثر على رزنامة المحاصيل الموسمية وبالتالي يقلل من إنتاجيتها. وعليه تصبح آثار تغير المناخ أكثر بروزا.
وابرز ما كشفته الدراسة أن القطاعات الزراعية/القطاعات الفرعية الأكثر تضررا والتي سجلت أعلى خسائر اقتصادية في لبنان وفقا للسيناريو الاكثر سوءا، هي الفيضانات (330 مليون دولار)، موجات البرد (241 مليون دولار)، العواصف (212 مليون دولار أمريكي)، الأمطار الغزيرة (177 مليون دولار)، موجات الحر (149 مليون دولار)، حرائق الغابات (125 مليون دولار)، الرياح (93 مليون دولار)، الانهيارات الأرضية / تآكل الأرض (74 مليون دولار أمريكي).
أما وفقا للخسائر الاقتصادية في أسوأ الاحتمالات، فقد صنفت الدراسة المحافظات من الأعلى إلى الأدنى تضررا على النحو التالي: بعلبك – الهرمل ( 130 مليون دولار)، عكار (113 مليون دولار)، البقاع (99 مليون دولار)، جنوب لبنان (83 مليون دولار)، جبل لبنان (78 مليون دولار)، شمال لبنان (61 مليون دولار)، النبطية (42 مليون دولار).
واختتمت الدراسة بتقديم مجموعة توصيات تقنية، فنية، علمية واقتصادية لزيادة قدرة القطاعات الزراعية على مجابهة المخاطر والأزمات ووضع عمليات تخطيط للحد من مخاطر الكوارث، والتكيف مع تغير المناخ ضمن القطاع الزراعي في لبنان”.