ارتفعت الأسعار خلال شهر رمضان المبارك بشكل مضاعف في جميع الأسواق الشعبية السورية التي كانت تسمى ”أسواق الفقراء“.
وتقول الأمم المتحدة إن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و60% يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وتحدث عدد من المواطنين الذين رووا معاناتهم في ظل ارتفاع الأسعار.
ويقول مواطن إن ”أسواق الفقراء أصبحت خمس نجوم بسبب الغلاء الفاحش والقدرة الشرائية الضعيفة للمواطن“.
وتؤكد حركة الشراء المتواضعة في الأسواق الشهيرة مثل ”باب سريجة“ و“برزة“ و“نهر عيشة“، مدى معاناة المواطنين في تأمين متطلبات غذائهم اليومي.
وتقول مواطنه : ”كنا نشتري الخضار بالكيلو، واليوم نشتري البندورة والخيار والليمون بالحبّة أو القطعة!“.
ويبلغ دخل الفرد في سوريا 30 دولارا في الشهر، في حين تتطلب الأسرة أضعاف هذا المبلغ كي تعيش ضمن الحد المقبول.
وتضيف أم محمد: ”لقد استغنينا عن اللحوم والفواكه في غذائنا اليومي بسبب الغلاء. ولا أذكر رمضانَ متقشفا مر علينا بهذا الشكل“.
وبسبب الفقر، درجت في الأسواق الشعبية عادة بيع العظام والقطع غير المرغوبة من الذبائح بسعر يناسب الفقراء.
ويقول اللحام أبو زاهر: ”الناس غير قادرة على شراء لحوم النخب الأول. لذلك نبيع عظام الفروج المجروم بسعر زهيد للفقراء كي يضيفوا لطبختهم بعضا من نكهة الدسم“.
وتشير قائمة الأسعار الموضوعة على الخضار والفواكه في هذه الأسواق، إلى حجم الهوة بين مستوى الدخل ومتطلبات المعيشة، ويقول برنامج الغذاء العالمي إن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وتقول أم محمد: ”كان الناس يتبادلون الدعوات على تناول الإفطار، أما اليوم فالكثيرون يمضون صيامهم بلا سحور بسبب العجز عن شراء المواد الغذائية“.
وتكثر في الأسواق الشعبية بسطات الحشائش الربيعية، مثل ”الخبيزة والدردار والهندبة“ نظرا لسعرها المناسب لمحدودي الدخل.
ويقول أبو سمير: ”تعتبر نباتات الربيع بديلا عن اللحوم عند الفقراء غير القادرين على طبخ الأكلات المكلفة“.
ويشير برنامج الغذاء العالمي إلى أن أسعار المواد الغذائية في سوريا خلال العام 2021 أعلى بـ33 مرة من متوسط السنوات الخمس قبل الحرب.
وأدى غلاء المحروقات والأسمدة إلى ارتفاع تكاليف المنتجات الزراعية ورفع أسعارها على المستهلكين محدودي الدخل.
ويقول أبو زاهر: ”نضطر لشراء ليتر المازوت بسعر مرتفع لتشغيل ”مولدة الكهرباء“ التي لا يمكن الاستغناء عنها في العمل، وهذا يرفع تكلفة الإنتاج وسعر المبيع على المستهلك“.
ويحرص بعض الزبائن على زيارة السوق آخر النهار أملا بتخفيض الأسعار قبل الإغلاق. كما يحاول البعض شراء الخضار الذابلة نظرا لسعرها الرخيص.
وتقول أم محمد: ”هناك نخب ثانٍ أو ثالث من جميع منتجات السوق، حتى الخضار التالفة يتم بيعها بسعر مخفض لغير القادرين على تحمل أسعار النخب الأول“.
ووصلت التبرعات الخيرية والمساعدات إلى أدنى مستوياتها مقارنة بالسنوات السابقة، بسبب الغلاء والتضخم وانخفاض الدخل، وعدم تقديم الدعم الكافي للمؤسسات الدولية.
واضطر برنامج الغذاء العالمي إلى تخفيف مساعداته للمحتاجين منذ نهاية العام 2021، ويقول مدير البرنامج ديفيد بيزلي: ”نواجه قيودا شديدة في التمويل، واضطررنا مؤخرا إلى تقليل حجم الحصة الغذائية الشهرية التي تتلقاها العائلات“.