انضمت مصانع إنتاج الزيوت في السودان إلى قائمة المصانع المتوقفة نتيجة للسياسات الحكومية التي أدت إلى ارتفاع كلفة الإنتاج وزيادة كبيرة بأسعار الكهرباء وتهدّد بتشريد أكثر من 45 ألف عامل.
عدد المصانع العاملة في مجال الزيوت يبلغ 225 مصنعا بطاقة تشغيلية كلية حوالي مليونين و300 ألف طن من الزيوت سنوياً، حسب بيانات رسمية.
ويقول صناعيون إن الأوضاع المالية للمصانع وضعت أصحابها في اختبار حقيقي يحكمه خياران، إما العمل في ظل هذه الظروف مع تكبّد خسائر باهظة، أو التوقف نهائيا.
وعدد كبير من المصانع أغلق أبوابه وخرج من القطاع نتيجة الضرائب والجبايات وغيرها، كما قال مشرف عمال بمصنع متوقف ودعا المشرف الحكومة، ممثلة في وزارة الصناعة والزراعة والتجارة، لمساعدة المصانع بدلا من كسرها.
وكشفت غرفة الزيوت عن توقف إنتاج الزيوت لأكثر من ثمانية أشهر منذ تعطيل ميناء بورتسودان، وأرجعت ذلك إلى ضعف الحكومة وحل الاتحادات المهنية. وأشار عضو الغرفة أسامة الأنصاري، في تصريح صحافي، إلى توقف أكثر من 90% من مصانع الزيوت خلال الفترة الماضية.
ومن جانبه، أكد رئيس غرفة الزيوت باتحاد الغرف الصناعية السابق الأمين قرشي ارتفاع أسعار الزيوت بنسبة تفوق 300%، مشيراً إلى أن عدد مصانع الزيوت 225 مصنعاً، وأضاف أن المصانع العاملة منها لا تتجاوز نسبتها 20% من إجمالي المصانع.
و”حتى العام 2013 كانت بالمناطق الصناعية مصانع ومعاصر تدور ماكيناتها لتأمين زيت الطعام للمستهلك بأسعار في متناول اليد، واليوم أضحى إنتاج البلاد من الزيوت لا يزيد عن 5%، وهذه النسبة تعكس العديد من الصعوبات التي واجهتها هذه الصناعة أخيرا”، بحسب إفادة المهندس الزراعي فضل الله بابكر، الذي يعمل في تجارة البذور الزيتية،
وقال بابكر: من الصعب أن تعود هذه المصانع لأن سياسة الدولة تحارب الاستثمار المحلي، وليس هناك تسهيل للإجراءات وهناك انعدام تام للكهرباء والجازولين وزيادة في جمارك الخامات، وأضاف: حاليا المصانع العاملة تتعرض إلى الخسارة، وهناك من فقد الأمل في تشغيل مصنعه وحوله إلى مخزن.
ويقول صاحب مصنع للزيوت إن أغلب المصانع تم بيعها بعد توقفها عن الإنتاج وإغلاقها بقرارات من ملاكها بسبب الإفلاس أو التحول إلى أنشطة أخرى، وهناك القليل منها ما زال يجابه الظروف محافظا على الصناعة بنسبة ضعيفة جدا.
ويرى محمد إسماعيل، وهو صاحب مصنع، أن “أغلب المصانع متوقفة بسبب مطالبات من قبل السلطات الأمنية وتم إغلاقها لمخالفات قانونية وضوابط العمل”.
ويقول مراقبون إن البلاد تعاني من وجود فجوة كبيرة جدا في صناعة الزيوت الغذائية، وإن نسبة الاكتفاء الذاتي منها لا تتجاوز 10%، بينما تبلغ نسبة المستورد 90%، موزعة بين البذور الزيتية والزيوت الخام والتي يتم تكريرها في ما بعد، بالإضافة إلى استيراد الزيوت الجاهزة.
وبحسب التاجر الرضي محمود، وهو صاحب معصرة للزيوت، تنحصر مشكلة صناعة الزيوت الغذائية في قلة الكميات المنتجة من زيت الطعام بالنسبة للكميات المطلوبة منه، إذ يعجز الإنتاج المحلي عن تغطية احتياجات الاستهلاك المحلي، ومن ثم اتسعت الفجوة الغذائية وتدهورت نسبة الاكتفاء الذاتي للزيوت بشكل أدى إلى ارتفاع أسعار المتاح من السلعة.
واعتبر أن مشكلة إنتاج زيوت الطعام تمثل أحد التحديات الرئيسية في القطاع الزراعي، مرجعاً استيراد الجزء الأكبر من الزيوت إلى تباطؤ النمو في الإنتاج المحلي بدرجة أكبر من زيادة معدل الاستهلاك.
أما عثمان التجاني، وهو مدير مبيعات في أحد مصانع الزيوت، فأرجع أبرز أسباب الأزمة التي تواجه إنتاج الزيوت محليا إلى عدم استقرار العملة وعدم توفر الحبوب الزيتية المحلية وقطع الغيار الخاصة بالماكينات.
من جانبه، أكد إسحاق إسماعيل، وهو مدير مصنع، أن صناعة الزيوت تواجه مخاطر عديدة دفعت إلى زيادة الأسعار بالشكل الراهن، وقال: تأتي في مقدمة المشاكل التي أدت إلى توقف العديد من المصانع تقادم التقنية المستخدمة في كثير من المصانع، حيث تعتبر معظم المعدات المستخدمة في صناعة الزيوت غير مواكبة لتقنيات الصناعة العالمية الحديثة، إذ إن أكثر التقنيات استجلبت منذ عهود مبكرة ولم يتم تحديثها وتطويرها نتيجة كلفتها المرتفعة وضريبة الجمارك المفروضة عليها.
وأضاف إسماعيل: من المعيقات في القطاع ضعف القدرات الإدارية، إضافة إلى هجرة العمالة الماهرة. ويذكر أنه في سبعينيات القرن الماضي كان السودان من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للحبوب الزيتية في العالم.