خبر

المغرب : شكاوى من صعوبة الاقتراض

أدت جائحة كورونا إلى ارتفاع شكاوى المواطنين في المغرب، وازدياد طلبات الوساطة المرتبطة بشروط منح القروض من قبل المصارف وتحصيل الديون المستحقة.

ويؤكد المتخصصون أن قدرة الأسر على الوفاء بما في ذمتها للمصارف تبقى رهن خروج الاقتصاد من حالة عدم اليقين التي تفرضها الجائحة، وسط تداعيات قاسية طاولت سوق العمل وإنتاجية الشركات. ولاحظت هبة الزهوي، مديرة الإشراف المصرفي في البنك المركزي المغربي، أن 42 في المائة من شكاوى عملاء المصارف في عام الجائحة لها علاقة بشروط الاقتراض.

ويشكل ذلك تحولاً كبيراً فرضه فيروس كورونا، على اعتبار أن الشكاوى في العام الذي سبق الأزمة الصحية كانت بغالبيتها مرتبطة بالحسابات المصرفية. واعتبرت الزهوي في مؤتمر صحافي عقدته في الدار البيضاء، أن هذا التحول له علاقة بصعوبات سداد أقساط الديون التي توجد في ذمة عملاء المصارف، وتلك المرتبطة بشروط تأجيل السداد.

ومن هذا المنطلق، تلقى مركز الوساطة البنكية حوالي 2500 ملف خلال العام الماضي، بارتفاع نسبته 70 في المائة مقارنة بالعام الذي سبقه. علماً أن عدد الشكاوى في ارتفاع مطرد، ففي عام 2019، زادت الملفات المحالة إلى المركز 75 في المائة عن العام الذي سبقه، ما يؤشر إلى التوجه أكثر نحو حل النزاعات بين العملاء والمصارف بطريقة حبية عوض اللجوء إلى القضاء.

وعلى مستوى الوساطة، سيطرت شكاوى تحصيل المستحقات على الطلبات الأخرى الموجهة إلى المركز، في ظل ظرفية الأزمة التي زادت الصعوبات المالية على الأسر والشركات.

وقال محمد العربي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إن شكاوى عملاء المصارف، لها علاقة بطلب إمهال من أجل تسديد القرض ورفع قيمة السلف عند طلب أداء ما تبقى منه.

وأشار إلى أنه من بين شكاوى عملاء المصارف، تبرز تلك التي لها علاقة بالاقتطاعات من الحسابات التي لا يعرف سببها، ما يراكم في ذمة العملاء ديوناً تجاه المصرف لا تغطيها ودائعه الضعيفة. وتوقعت مصادر مصرفية ارتفاع الديون غير المؤداة الموجودة في ذمة الأسر والشركات وسط استمرار تداعيات الجائحة على بعض الأنشطة الاقتصادية، في الوقت نفسه يجب على المصارف الامتثال للقواعد الاحترازية بهدف عدم توسع القروض المتعثرة.

وعمد البنك المركزي المغربي في سياق الأزمة الصحية إلي خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 1.5 في المائة، مع تحرير حساب الاحتياطي الإلزامي وتخفيف شروط إعادة تمويل البنك المركزي لقروض الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، التي تقدمها المصارف.

وكان محافظ البنك المركزي أوضح أنه لضمان التطبيق الفعلي لقراراته، وضع أنظمة تتبع لعمليات رفض طلبات القروض، وأسعار الفائدة على القروض والضمانات التي تطلب من العملاء.

ومع ارتفاع أعداد الشكاوى، يقوم المركزي بمعالجة بعض الملفات التي تصل إليه مباشرة، حيث بلغت نسبة البت في الملفات لصالح المشتكين 74 في المائة في الخمسة أعوام الأخيرة، وفق الأرقام الرسمية.

وتراجعت أرباح المصارف في العام الماضي بنسبة 43.2 في المائة، واستقرت عند حوالي 700 مليون دولار، بعدما كانت في العام الذي قبله في حدود 1.25 مليار دولار، وهو ما يعزى إلى ارتفاع تكلفة المخاطر ومساهمة المصارف في صندوق تدبير الجائحة، إضافة إلى تأخر السداد من قبل العملاء.

وتوقع تقرير لـ “سي دي جي كابيتال” التابع للمصرف الاستثماري “صندوق الإيداع والتدبير”، أن ترتفع القروض غير المسددة من قبل عملاء المصارف بنسبة 9.3 في المائة، كي تصل إلى 1.2 مليار دولار.

ووصلت قيمة الديون المتعثرة في العام الماضي إلى 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار في 2019، حيث دفع مستوى القروض غير المؤداة البنك المركزي إلى إثارة الموضوع مع المصارف، في سبيل تكوين مؤن من أجل تغطية القروض غير المسددة.

وارتفعت الديون المتعثرة في سياق لجوء الدولة إلي ضمان القروض الموجهة لخزانة الشركات وتلك الموجهة لمواكبة الإنعاش الاقتصادي، حيث تسعى الدولة إلي مواكبة القطاعات الإنتاجية والخدماتية، خاصة تلك التي عانت كثيرا من تداعيات الجائحة. يشار إلى أن الاقتصاد انكمش في العام الماضي بنسبة 6.3 في المائة، غير أن الحكومة تترقب أن يتراوح النمو في العام الحالي بين 5.5 و5.8 في المائة، وهو نمو يبقى محاطاً بحالة من عدم اليقين في ظل ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس.