رغم التأكيد على تفاقم الدين العمومي بالمغرب، إلا أن العديد من المؤسسات الوطنية توضح أنها لا تزال تحت السيطرة، خاصة بالنظر لمستوى المديونية الخارجية التي ما زالت في مستويات لا تدعو للقلق حسب تلك المؤسسات، خاصة إذا وظفت في الاستثمار.
يرنو المندوب السامي في التخطيط، أحمد العلمي الحليمي، إلى فتح نقاش حول المديونية، التي ارتفعت في الأشهر الأخيرة في ظل أزمة كوفيد-19، التي دفعت المملكة إلى الاستدانة أكثر لمواجهة نقص الإيرادات.
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط، أن يستقر عجز الميزانية في حدود 6.3 في المائة من الناتج الداخلي الخام في العام الحالي، بعدما قفز في العام الماضي في حدود 7.6 في المائة، مؤكدة أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع جديد في المديونية العمومية، خاصة من خلال اللجوء للسوق الداخلي وبدرجة أقل إلى الأسواق الخارجية.
وكان محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، أكد أنه يفترض في الحكومة العمل على المدى المتوسط على كبح ارتفاع مديونية الخزانة، التي كانت في حدود 65 في المائة قبل الأزمة، مشيرا إلى أن المؤسسات المالية الدولية توصي بالعودة إلى نوع من التوازن بعد الأزمة.
وتسجل المندوبية أنه بالنظر لحصة الدين الخارجية المضمونة من قبل الدولة لفائدة المؤسسات والشركات العمومية والجماعات المحلية، والتي ستستقر في حدود 15.4 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، مقارنة بنسبة 16.2 في المائة كمتوسط سنوي بين 2015 و2010، سيرتفع الدين العمومي إلى 92.7 في المائة، بعدما كان في حدود 92.5 في المائة في العام الماضي.
في تقديمه للميزانية الاقتصادية الاستشرافية للعام المقبل، يؤكد المندوب السامي في التخطيط، أحمد العلمي الحليمي على أن “مستوى مديونية بلادنا لا يزال قابلا للتحكم فيه. وبالتأكيد هناك حلول ممكنة لتخفيف عبئها على الطاقة التنموية لبلادنا أو على الأقل لابتكار تدبير أنجع لإدارتها، مؤكدا على أن يتم فتح نقاش حول هذه المسألة التي قد تكتسي، في رأينا، أهمية آنية في الوقت الحالي”.
وفي هذا السياق، يتصور الاقتصادي، رضوان طويل، في حديثه لـ”العربي الجديد” أنه إذا سخّر الدين للاستثمار العمومي فإنه سيفرز إيرادات إضافية، يمكن أن تساعد على تقليص حصة الدين في الناتج الإجمالي المحلي.
ويشير طويل إلى أن التخوف من المديونية العمومية عائد إلى اللجوء لاعتبارها عبئا يثقل على الأجيال القادمة عبر تحملات الدين، مشيرا إلى أنه سواء مولت النفقات العمومية عبر الدين الداخلي أو الخارجي، فإنها تخلف لتلك الأجيال البنيات التحتية والمستشفيات والمدارس.
ويؤكد المندوب السامي في التخطيط، في تصريحات سابقة، أنه سيكون من المفيد في سياق المقتضيات الدولية لمفهوم السيادة الاقتصادية فتح نقاش جديد مع المؤسسات المنبثقة عن اتفاقات بروتون وودز من أجل إعادة تقييم تصورها لإشكالية النمو الاقتصادية للبلدان السائرة في طريق النمو، دون أن يغفل أن من بين تلك المؤسسات “أرواحاً معتادة” على بعث أشباح مديونية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي والتلويح بفأس التقويم الهيكلي.