خبر

بعد الدولار : سوق سوداء للوقود في لبنان

تستمر الأوضاع المعيشية في لبنان بالتدهور، مع تراجع قيمة الليرة أمام الدولار الأمريكي وتفاقم النقص في مادتي البنزين والمازوت؛ ما أدى إلى بروز سوق سوداء للوقود فتحت الباب على مصراعيه أمام التجارة غير الشرعية مثلما هي الحال بالنسبة للدولار.

ومع استمرار النقص الحاد في البنزين، تزايدت أحجام طوابير السيارات أمام محطات المحروقات في العاصمة بيروت وبقية المناطق اللبنانية، لتصل إلى أكثر من 100 سيارة في كل محطة، ما يعني أن بعض السائقين يضطر للمكوث ما يزيد على 10 ساعات من أجل ملء خزان سيارته في أجواء ملؤها التوتر والشجارات المستمرة.

وأدت هذه الظاهرة إلى عزوف الكثير من السائقين عن الوقوف في هذه الطوابير، والقبول بدفع سعر مضاعف لأشخاص يتاجرون بالبنزين بطريقة غير شرعية خارج محطات الوقود.

وفي هذا الإطار، قال علي رامز، وهو موظف في شركة بناء بمدينة صيدا الجنوبية: ”أنا لم أعد أنتظر في هذه الطوابير؛ لأنها باتت تحطم أعصابي.. وبدلا من ذلك، أدفع 3 أضعاف لتر البنزين لشخص يقوم بتهريبه من بعض محطات الوقود بالتنسيق مع بعض موظفي تلك المحطات“، مضيفا: ”باتت هناك سوق سوداء للبنزين والمازوت، وهي سوق أعلى من السعر الرسمي بضعفين أو ثلاثة أو حتى 5 أضعاف، لكن الكثير من الناس على استعداد لدفع أي مبلغ لتفادي الانتظار 10 ساعات في طابور قد ينتهي وينتهي معه مخزون المحطة“.

رفع الأسعار

وذكرت تقارير صحفية في لبنان، أن الأزمة التي بدأت الشهر الماضي تفاقمت في الأيام الأخيرة؛ بسبب رفض الشركات النفطية التسعيرة الجديدة التي صدرت، الثلاثاء الماضي، وحملت معها زيادة وقدرها 15900 ليرة (90 سنتا) بالنسبة لصفيحة البنزين، مطالبة بزيادة أكبر للسعر، نتيجة انهيار الليرة مقابل الدولار الأمريكي لتصل في السوق السوداء، الأحد، إلى حوالي 17500 مقابل سعر رسمي عند 1507 للدولار.

وأشارت التقارير إلى أنه بعد إفراغ السوق من الوقود، امتنعت الشركات النفطية عن التسليم، وضغطت على الدولة حتى رضخت الأخيرة وعادت ورفعت أسعار المحروقات مرّة جديدة فصعد سعر البنزين بنحو 9 آلاف ليرة من جديد.

وقالت صحيفة ”النهار“، إنه ”رغم ذلك لم يرتح السوق، واستمرت الطوابير الضخمة أمام محطات الوقود رغم خضوع الدولة وإصدار جدول جديد بعد تأزم الوضع على صعيد كهرباء المولدات وانقطاع البنزين في بعض المحطات“.

انحسار الأزمة

وفي تصريحات تلفزيونية، أكد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، أنه من المرتقب أن تنحسر الأزمة، الإثنين، بعد أن تكون الكميات الجديدة من البنزين قد وُزعت على الأسواق، ورأى أن الحل الحقيقي لإنهاء هذه الطوابير هو أن تُوزع الكميات بعدالة على الـ3300 محطة الموجودة في لبنان“.

بدوره، قال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، إن ”الشركات التي لم تسلم المحروقات للمحطات، ستقوم بعملية التسليم، الإثنين، بعد فتح الاعتمادات من قبل مصرف لبنان، فالأزمة ستحل لكن الهلع عند المواطنين يزيد الأزمة“.

وكشفت مصادر في وزارة الطاقة أن عمليات تهريب كبيرة تجري في بعض محطات الوقود تشمل تواطؤ بعض أصحاب المحطات والموظفين مع أصدقاء من أجل تعبئة جالونات وبيعها في السوق السوداء بسعر مضاعف.

وقال أحمد مغاوري، صاحب محلات أقمشة في صيدا: ”دفعت حوالي 400 ألف ليرة لقاء ”تنكة“ بنزين (20 لترا) من شخص أعرفه رغم أن سعرها الرسمي هو 70 ألف ليرة، أي أكثر من 5 أضعاف سعرها الحقيقي“، مضيفا: ”أعرف أشخاصا كثر على استعداد لدفع مبلغ أكبر من أجل عدم الوقوف لساعات طويلة في طوابير السيارات أمام المحطات التي قد تؤدي لشجارات قد تشمل الأسلحة النارية.. أنا شخصيا أرى أن السوق السوداء هي الأكثر أمانا“.

ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية وسياسية غير مسبوقة؛ نتيجة تراكم الديون وعجز الميزانية وميزان المدفوعات وتفشي الفساد، فيما لا يزال البلد العربي بدون حكومة منذ آب/أغسطس الماضي.