خبر

السودان يستنجد بـ لوفتهانزا لإنقاذ سودانير

وقعت شركة “لوفتهانزا” الألمانية عقدا مع الحكومة السودانية، تقدم بموجبه الخدمات الاستشارية والفنية لإعادة تأهيل الخطوط الجوية السودانية “سودانير”، التي تواجه أوضاعا صعبة للغاية بعد رحلة صعود وهبوط استمرت نحو 75 عاما.

وقال ياسر تيمو مدير عام “سودانير” إن الشركة تهدف بهذه الخطوة لوضع أسس قوية تعزز قدراتها وتنافسيتها في سوق الطيران، لكنه أشار إلى صعوبات كبيرة، حيث تعيق المديونيات المترتبة عليها من توسعها في العديد من دول المنطقة، متوقعا أن تستغرق عملية الإصلاح الشامل للشركة 3 سنوات على الأقل.

وعلى جانب آخر، اشترط خبراء في مجال الطيران منح الشركة استقلالية كاملة وتوفير كوادر إدارية ومهنية مواكبة للتطورات المتلاحقة والمنافسة العالية التي شهدها قطاع الطيران خلال السنوات الأخيرة، إذا أرادت استعادة عافيتها.

وأجرت الشركة الألمانية على مدى 3 أيام عملية تقييم شاملة لمرافق الخطوط الجوية السودانية، شملت مطار الخرطوم الدولي ومركز الصيانة والتدريب ومركز الشحن الجوي.

وقال وزير النقل السوداني ميرغني موسى، إن العقد يدشن لبدء تنفيذ خطط إعادة بناء الخطوط السودانية، ويؤكد انفتاح السودان على المجتمع الدولي كثمرة من ثمار مؤتمر باريس للاستثمار في السودان في نهاية مايو الماضي.

وفي ذات السياق، عبر وزير الاستثمار الهادي إبراهيم عن أمله في أن يمهد العقد لعودة الناقل الوطني إلى أجواء العالم، مشيرا إلى أن السودان سيشجع خلال الفترة المقبلة جذب الاستثمارات التي تحقق الفوائد المتبادلة للاقتصاد الوطني والمستثمرين على السواء.

وتغطي الاتفاقية في المرحلة الأولى تحديد الفجوة ووضع خطة الأعمال، وتستغرق 4 أشهر، يدرس خلالها خبراء “لوفتهانزا” الوضع العام للشركة تمهيدا لرسم استراتيجية جديدة لها.

رحلة الصعود والهبوط

منذ بدأت عملها عام 1947، كانت “سودانير” واحدة من أهم شركات الطيران في العالم العربي وإفريقيا.

وخلال النصف الثاني من القرن الماضي وسعت الشركة شبكة محطاتها الخارجية لتشمل 9 مدن إفريقية و11 شرق أوسطية و3 أوروبية، تغطيها من خلال أسطول كان يتكون من 15 طائرة، لكنها تعرضت لانتكاسة كبيرة بعد تصفيتها من قبل النظام السابق وبيع 70 بالمئة من أسهمها بأقل من قيمتها بكثير لشركة أجنبية، قبل أن يتم استردادها لصالح حكومة السودان عام 2020، في إطار حملة واسعة لمكافحة فساد نظام عمر البشير الذي أطاحته احتجاجات أبريل 2019.

وتواجه الشركة في الوقت الحالي صعوبات مالية بالغة، بسبب تهالك أسطولها الذي لم يتبق منه سوى طائرة واحدة من طراز “إيرباص إيه 320”.

ووفقا للمهندس محمد صالح سراج، الذي عاصر جزءا كبيرا من سنوات العصر الذهبي للشركة، فإن “سودانير” كانت نموذجا لشركة الطيران الناجحة قبل أن تبدأ رحلة تدهورها بسبب التدخلات الحكومية ومحاولة فرض إدارات غير مؤهلة.

آفاق النجاح

وحسب رئيس اتحاد غرف النقل كابتن طيار عادل المفتي، فإن أي نجاح لخطط تطوير “سودانير” يتطلب ضرورة منح استقلالية كاملة للشركة وتزويدها بطاقم إداري مهني ومواكب للتطورات العالمية المتلاحقة، وقادر على تنفيذ الخطط واتخاذ القرارات بشكل يتماشى مع سرعة إيقاع قطاع الطيران.

ويقول المفتي إن “سودانير” وبحكم تاريخها العريق والموقع الجغرافي المتميز للخرطوم يمكن أن تعود إلى سابق عهدها كلاعب رئيسي في مجال نقل الركاب وشحن البضائع وربط الدول الإفريقية بالمدن العالمية، لكنه “يشترط لذلك العمل الجاد على تحسين بنية المطارات السودانية المنهارة وإعادة تقييم وتطوير الكوادر العاملة في الشركة، حتى تكون قادرة على القيام بمهامها بمهنية عالية”.

ويتفق سراج مع ما ذهب إليه المفتي ويؤكد أن مشكلة “سودانير” الحالية هي عدم وجود العنصر البشري المؤهل لإدارتها وتشغيلها.

ويشدد سراج على ضرورة اختيار مجلس إدارة من شخصيات مناسبه لرسم خريطة طريق لإعادة بنائها بطريقة تنافسية تواكب التطورات الحالية في قطاع الطيران العالمي.

وكخطة إسعافية عاجلة، يقترح سراج البدء باستئجار 4 طائرات لتضاف إلى الطائرة الوحيدة التي تمتلكها الشركة، بحيث يتم التركيز على الخطوط الداخلية ودول الخليج في المرحلة الأولى، ومن ثم يتم وضع خطط توسعية.