وصلت إلى لبنان آخر شحنات مادة الغاز أويل من قِبَل شركة “كي. بي. سي” الكويتية، والمطلوبة لتشغيل معملي الزهراني ودير عمار. إلا أن وصولها لن يحل أزمة تقنين الكهرباء، بل سيعطي جرعة تيّار ضئيلة لا تكاد تُلحَظ. والشحنة الكويتية التي تقفل حقبة العقد على فضيحة الفيول المغشوش، والأزمة مع شركة سوناتراك الجزائرية، كون مدة عقد الطرفين مع لبنان متلازمة، تفتح مرحلة جديدة من الأزمات، بعدما انفجرت معها أزمة المواصفات القياسية للشحنة الآتية بعقد فوري عبر الـ”سبوت كارغو”، الأمر الذي يُبقى باب القلق مفتوحاً، خصوصاً وأن إدارة التفتيش المركزي غائبة وفق موقع المدن الالكتروني
عدم الكفاية
تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:
الشحنة الكويتية ستُقسم بين معملي الزهراني ودير عمار، ولن يُفتَح عليها بازار النقاش حول المواصفات. فمن مصلحة وزارة الطاقة طي صفحة العقد القديم نهائياً وعدم تفريع الجبهات. والوزارة تعلم أن الشحنة الكويتية لا تكفي لإنارة المناطق اللبنانية لمدة كافية، أي أن النقاش حول تأمين الشحنات سيبقى قائماً، والجبهات المستجدّة كافية. فالوزارة لم تنتهِ بعد من أزمة المواصفات التي حددتها شركة سيمنز الألمانية، للديزل المفترض استعماله في مولدات معملي الزهراني ودير عمار. وعليه، الباخرة ما زالت راسية قابلة الشاطىء بانتظار القرار النهائي للشركة الألمانية والفريق السياسي المسيطر على وزارة الطاقة.
شحنتان وصلتا إلى لبنان وأخرى على الطريق. ثلاث شحنات إذاً ستسسعف وزارة الطاقة لكسب الوقت وتبديد المال العام. فالتغذية قد تتحسن بما لا يزيد عن ساعة يومياً، لكنها في عُرف المعارك، مكسبٌ.
لكن في جميع الأحوال، تنتظر المعامل إطفاءها تباعاً، وهو ما يعطي بطاقة إضافية للوزارة لتستفيد منها للإتيان ببواخر أخرى بعقود فورية، ريثما تنهي إدارة المناقصات، مسار المناقصات الثلاثة التي ستجري ابتداءً من 19 نيسان الجاري. هذا إن لم تُخرِج الوزارة بدعة جديدة من جيبها، لعرقلة المناقصات.
أين التفتيش المركزي؟
تراكم وزارة الطاقة مكسباً تلو الآخر، إذ تضع البلاد أمام أمر واقع، وتعلم بأن أحداً من القوى السياسية لن يقف في وجهها. والأهم، أن سكوت الأجهزة الرقابية مضمون.
وآخر المكاسب، عصفورين بحجر واحد. إذ تشير مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان، إلى “انفراج قريب يخص مواصفات شحنة السبوت كارغو”. فحسب ما تقوله المصادر في حديث لـ”المدن”، هناك تساهل من شركة سيمنز حيال المواصفات، فالشركة “ستسمح باستعمال الشحنة الراسية قابلة الساحل اللبناني، بعد وصولها إلى حلّ تقني حول السجال مع مختبرات Bureau Veritas في دبي”. وهذا العصفور الأول.
العصفور الثاني يتمثّل بغياب التفتيش المركزي عن كل ما يحصل، برغم أن قضية مواصفات الشحنة العالقة، أحدثت ضجة كبيرة في البلاد، وصلت أصداؤها إلى دبي وألمانيا، ولم يسمعها التفتيش.
وعلى صعيد الرقابة، انتظار الباخرة حلّ أزمة المواصفات، يُسَجَّل على حساب المال العام، فلبنان لا بد أن يدفع نحو 25 ألف دولار عن كل يوم تأخير لتفريغ الحمولة، فيما المدّعي العام المالي علي ابراهيم، غير متوفّر حتى اللحظة، للحرص على المال العام. علماً أن بامكانه الاستناد إلى التقارير الإعلامية الواردة حول القضية، واعتبارها بلاغاً واضحاً للتحرّك.
تتدخّل عدّة جهات في عملية إحضار الغاز أويل المطلوب للمعامل، ما يعني توسيع دائرة التلاعب وخلق الفوضى المنظّمة المطلوبة لاخفاء ما يلزم من عقود وأكلاف ومواصفات. وغياب الأجهزة الرقابية يُسهّل الطريق أمام طرف سياسي واحد يعلم تماماً بأن سهام القوى السياسية الأخرى لن تصيبه بمقتل، وإنما تزعجه أو تجرحه على أبعد تقدير. ومَن يدفع ثمن الابتزاز، هو المواطن المتخبّط بين أزماته المتتالية المفتوحة على كل الاحتمالات، تماماً كحال قضية الكهرباء التي لن تتجه إلى العتمة الشاملة في الوقت القريب، وإنما إلى ابتزاز إضافي. لكن خيار العتمة الشاملة غير مُستَبعَد.