شهدت أسعار العقارات والإيجارات في سورية ارتفاعاً كبيراً، رغم حالة الركود التي تعاني منها أسواق البناء والتشييد. وقال خبراء عقارات إن هناك عدة أسباب وراء غلاء العقارات، أبرزها ارتفاع أسعار مواد البناء.
وأكد خبير عقارات من منطقة دمر بدمشق، أنه رغم ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب على الإيجار “لم تزل أكثر من 30% من الشقق الجاهزة فارغة”، والأسباب، برأيه، تتراوح بين عدم قدرة السوريين على دفع بدل الإيجار المرتفع، أو أن تلك العقارات في “المناطق الراقية” ليست مبنية بهدف التأجير أصلاً، فضلاً عن هجرة كثير من السكان وترك منازلهم، خاصة إلى لبنان.
ولخّص غنمة أسباب ارتفاع أسعار العقارات والإيجار بأكثر من 20% منذ مطلع العام الجديد، بـ”استغلال المرحلة وتحكّم مكاتب العقارات وارتفاع أسعار مواد البناء”.
ويضيف الخبير العقاري أن رفع الأسعار المستمر لمواد البناء، سواء الأولية المحلية، خاصة الإسمنت، أو مستلزمات الفرش المستوردة، أوقف العديد من المشاريع والمجمعات السكنية، بما فيها المناطق التي منحت لرجال أعمال “ماروتا وباسيليا سيتي”، إذ لم يتم إنجازها، ما جعل الطلب كبيرا على الإيجار، بواقع عدم القدرة على الشراء، فارتفعت أسعار العقارات نظرياً وقيمة الإيجار واقعياً.
وشهدت مواد البناء ارتفاعات متتالية منذ العام الماضي، كان آخرها قبل أسبوع ولأول مرة بتاريخ سورية، وصل سعر طن الحديد إلى 2.3 مليون ليرة (الدولار = نحو 3450 ليرة) وسعر كيس الإسمنت “50 كلغ” إلى أكثر من 15 ألف ليرة.
وتكشف مصادر من دمشق أن أسعار مواد البناء يحددها التجار بناء على العرض والطلب، ولا ترتبط بالأسعار الرسمية التي تفرضها الحكومة ، فسعر طن الإسمنت، وفق آخر سعر رسمي، هو 125 ألف ليرة، لكن سعره في السوق السوداء يصل إلى نحو 300 ألف ليرة.
وانعكس ارتفاع أسعار مواد البناء وتوقف المشاريع العقارية، على أسعار العقارات في العاصمة دمشق وريفها، بحسب تاجر العقارات “إياد م” الذي يؤكد أن الحد الأدنى لسعر العقار (150 متراً مربعاً 3 غرف) لا يقل عن 40 مليون ليرة سورية بريف دمشق، ويصل سعر المسكن “بنفس المواصفات” إلى 200 مليون ليرة سورية، على حسب المنطقة والمساحة والاكساء.
وحول قيمة الإيجار الشهري، يضيف تاجر العقارات أن المساكن المعروضة للإيجار في العاصمة دمشق، قليلة بشكل عام، ولكن نتيجة زيادة الطلب وفوضى المكاتب العقارية واستغلال حاجة القاطنين الجدد أو الطلاب، ارتفعت أسعار الإيجار إلى أكثر من 250 ألف ليرة سورية شهرياً في أحياء دمشق الراقية، مع ضمانات ومقدم نقدي لعدة أشهر سلفاً، وتصل قيمة إيجار مسكن في حي جرمانا إلى نحو 180 ألف ليرة، وهذه الأرقام تضاعفت بنسبة 100% عن أسعار العام الماضي، حسب التاجر.
ويرى الاقتصادي السوري حسين جميل، أن هناك أسبابا كثيرة لارتفاع أسعار العقارات في سورية بشكل عام، لها علاقة بالتغير الديموغرافي. ففي حين تهدمت مساكن ومبان في مدن محددة، زاد الطلب على السكن في مدن أخرى.
لكن برأي جميل، هناك أسباب لها علاقة بارتفاع أسعار التكلفة، خاصة خلال العام الأخير الذي شهد تراجع سعر الليرة أمام الدولار بأكثر من 200%، وارتفاع أسعار معظم مواد البناء التي يتم استيرادها بالدولار من خارج البلاد، سواء في المناطق المحررة التي تستورد مستلزماتها من تركيا، أو مناطق النظام التي تستورد من إيران والصين وغيرهما.
ورغم ارتفاع الأسعار لم يزل الطلب مستمراً ولو بنسب أقل من المعدلات الطبيعية على الشراء، وذلك لسببين: الأول اعتبار العقارات طريقة ادخار، والثاني إقبال إيرانيين وعراقيين على شراء منازل بدمشق وحلب بشكل خاص.