وأشار بحث داخلي في منظمة أوبك إلى تنامي المخاوف داخل المنظمة من تفشي موجة ثانية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد19).
وأظهر البحث بأن المنظمة قلقة من أن لا تؤدي التخفيضات القياسية التي تنفذها في إعادة التوازن إلى السوق، وفي التخلص من أسوأ تخمة للمعروض في التاريخ إذا قوضت موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا التعافي الاقتصادي هذا العام.
تباطؤ التعافي الاقتصادي
وأثارت هذه المخاوف تساؤلات حول تأثير تفشي موجة ثانية من كورونا على سوق النفط العالمي، وما هي خيارات الدول المصدرة للنفط، خاصة الأعضاء في منظمة أوبك في حال حدثت هذه الموجة.
ويرى الخبير في شؤون النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، أن "حدوث موجة ثانية من فيروس كورونا سيؤدي إلى تباطؤ التعافي الاقتصادي، وتراجع الطلب العالمي على الطاقة من نفط وغاز طبيعي، وذلك في حال تم إغلاق المصانع وأماكن التسوق وفرض إغلاق شامل كما حدث في شهري آذار ونيسان".
وأكد إسماعيل أن الأسعار ستنخفض، وذلك لأن الإنتاج العالمي سيفوق الطلب، خاصة إذا ما تم إعلان إغلاق شامل في الدول المستوردة للنفط، وستصل لنحو ٣٠ دولارا للبرميل".
تأثير أقل
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي والمحلل المالي وليد أبو هلال إلى أن "حدوث موجة ثانية من كورونا، خاصة إذا شمل معظم دول العالم، سيؤدي لانخفاض الإنتاج الصناعي، و بالتالي سيقل الطلب العالمي على النفط، ما يؤدي حتما إلى انخفاض الأسعار عالميا".
ورأى أبو هلال أن "التأثير سيكون أقل مما كان عليه في الموجة الأولى، وذلك نتيجة للخبرة المتراكمة لدى الحكومات وتحديدا الجهات الصحية وحتى الأفراد في التحضير لمواجهة الموجة الثانية، خاصة إذا أخذنا في عين الاعتبار بأن الصين وهي أكبر مشتر للنفط تُعد من الدول السباقة في اكتساب الخبرة في مواجهة الوباء".
وأضاف: "أيضا لا يجب نسيان أن هناك عوامل أخرى مؤثرة على أسعار النفط أكثر من الوباء، وأهمها التوافق بين أعضاء أوبك+1 على المحافظة على تقليص حصص الإنتاج".
وأرجع أبو هلال أيضا احتمالية انخفاض نسبة تأثر سوق النفط بموجة ثانية من كورونا إلى الانتخابات الأمريكية، مشيرا إلى أن نتائجها سيكون لها أثر على الاقتصاد العالمي؛ نظرا لأن الاقتصاد الأمريكي يمثل 25 في المئة منه".
وتابع: "نتائج الانتخابات الأميركية سيكون لها أثر عميق في هذا الصدد، خاصة أنه في حال نجح بايدن في هزيمة ترامب فمن الممكن أن يتراجع التوتر مع الصين، بالتالي قد تتوقف أو تقل الحرب التجارية بينهما، وهذا بدوره سينعش الطلب على النفط، وسيؤدي ذلك إلى تعافى الأسعار".
التأثير عربيا
وبحسب تقرير نشرته "رويترز"، تعرضت اقتصادات دول الخليج لصدمة مزدوجة متمثلة في تفشي وباء كورونا وانهيار أسعار النفط، أثرت بشكل كبير على غالبية الأنشطة الاقتصادية للإمارات الخليجية الغنية بالنفط.
وأظهر استطلاع رأي فصلي لرويترز، الثلاثاء، أن النشاط الاقتصادي في منطقة الخليج سيسجل انكماشا حادا في العام الحالي قبل أن يتعافى في 2021.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتأثر الدول العربية المنتجة للنفط في حال حصول موجة ثانية من كورونا؟ وما حجم هذا التأثير؟ وما الحل؟.
يرد الخبير في أسواق الطاقة والنفط نهاد إسماعيل على هذا السؤال بالقول: "الدول العربية المصدرة للنفط مثل السعودية والعراق والكويت لا تزال تعاني من تأثيرات موجة كورونا الأولى، حيث خسرت هذه الدول مجتمعة 200 مليار دولار، أيضا عانت من انكماش اقتصادي نسبته 7 في المئة، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، بالتالي بالتأكيد في حال حصول موجة ثانية وانخفضت الأسعار ستتأثر اقتصاديات هذه الدول، فهي تحتاج لأن يكون سعر البرميل الواحد 70 دولار كحد أدنى".
وحول الحل الأمثل لتقليل التأثير السلبي لانخفاض سعر النفط على الدول العربية، قال إسماعيل: "أولا يجب على هذه الدول اعتماد خطط اقتصادية طويلة الأمد، وأيضا تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط".
وأضاف: "ثانيا يجب خفض الإنفاق على التسليح والمشاريع غير المجدية، وترشيد الإنفاق الحكومي، وكذلك اتباع سياسات تقشف، بشرط حماية الفقراء".
وأكد على أنه لا يوجد حل سحري، ولكن يجب على الدول الغنية مثل السعودية كبح جماح تبذير المال على الأمور التي لا تخدم المواطن"، مضيفا: "فيما يخص باقي دول أوبك، يجب أن تتمسك بسياسة تخفيض الإنتاج لتفادي إغراق السوق، وعلى السعودية ألّا تفكر في خوض حرب أسعار كارثية كالتي حدثت بينها وروسيا في آذار الماضي".