وبحسب دراسة أعدها "معهد السياسة الاقتصادية"، وترجمتها "عربي21"، فإن مجتمع السود شعر بالظلم والاضطهاد في ظل جائحة "كورونا" وتداعياتها، إذ كان السود الأكثر فقدانا للوظائف، والأكثر تسجيلا للوفيات، والأكثر شعورا بانعدام الأمن الاقتصادي.
وأشارت الدراسة التي أعدها فاليري ويلسون، وإليس غولد، إلى أن الفوارق العرقية ظهرت في أزمة كورونا، إذ انقسمت أحوال الموظفين إلى: 1- فقدوا وظائفهم بشكل تام. 2- واصلوا أعمالهم لكن في ظل انعدام لأدنى مقومات السلامة والوقاية من الفيروس. 3- انتقلت أعمالهم عن بعد إلى المنزل، وهذا القسم الثالث يكاد ينعدم فيه السود.
بحسب الدراسة، فإنه منذ تزايد انتشار "كورونا" في الولايات المتحدة بنهاية شباط، ولغاية منتصف أيار الماضي، قدم واحد من بين كل أربعة عمال طلبا للحصول على دعم من صندوق المعونات ضد البطالة.
تناولت الدراسة أرقاما مثيرة، تعود إلى أشهر شباط، نيسان، وآذار، تظهر أن نسبة البطالة بين البيض ارتفعت من 3.1 بالمئة إلى 14.2 بالمئة، فيما قفزت بطالة السود من 5.8 بالمئة إلى 16.7 بالمئة.
توضح الدراسة أن فقدان السود لوظائفهم يعني ضررا أكبر عليهم وعلى أسرهم، نظرا لعدم وجود مصادر دخل أخرى، بخلاف نسبة كبيرة من البيَض.
ولفتت الدراسة إلى أن فقدان نحو 18 بالمئة من النساء السود أعمالهن يعد أكبر كارثة على المرأة من أصول أفريقية في الولايات المتحدة، منذ سبعينات القرن الماضي.
وبحسب الدراسة، فإن العمال السود الذين حافظوا على وظائفهم هم أكبر عرضة لخطر الإصابة بكورونا من البيض، وذلك نظرا لوجودهم بأعداد أكبر على الخطوط الأمامية، ومن دون وجود وقاية مطلوبة.
ولتبسيط هذه القضية، قالت الدراسة إن العمال السود يشكلون واحدا من بين تسعة عمال في الولايات المتحدة، بينما يشكلون واحدا من بين كل ستة عمال يتطلب وظيفتهم العمل بالخطوط الأمامية.
بسبب التوزيع غير العادل للسكان في الولايات المتحدة، بحسب الدراسة، فإن نسبة وفيات السود من كورونا تزيد بـ1.8 من بقية الأمريكيين.
فيما ارتفعت هذه النسبة في ولايات مثل كانساس، ويسكونسن، إلى أربعة أضعاف. وبشكل عام يمثل السود نحو 12.5 بالمئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة، إلا أن وفياتهم بسبب كورونا ارتفعت إلى 22.4 بالمئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة.
أجور العاملين
بحسب الدراسة، فإنه ومنذ عام 2000، اتسعت الفجوة الكبيرة في معدل أجور العاملين من العرقين الأبيض والأسد، ومتوسط ما يحصل عليه السود هو 73 سنتا مقابل دولار واحد للبيض، فيما لا يتجاوز ما تحصل عليه النساء السود 64 سنتا مقابل دولار لمثيلاتهن من البيض.
ونوهت الدراسة إلى أن التمييز بين البيض والسود يصل إلى المهن ذات الأجور العالية، والتي تحتاج شهادات بطبيعة الحال، وهو ما يعكس حجم التمييز العنصري.
وبحسب الدراسة، فإن الأسر البيض التي يعيلها حامل شهادة جامعية لديها ثروة تفوق بخمسة أضعاف مثيلتها من السود التي يعيلها حامل شهادة جامعية أيضا.
مقارنة الفقر
بحسب أرقام عام 2018، فإن متوسط دخل الأسر الأمريكية ذات البشرة البيضاء كان أعلى بنسبة 70 بالمئة من مثيلاتها من السود، إذ تحصل كل أسرة بيضاء على 70 دولارا مقابل 41 للسود.
ولاحظت الدراسة أن المعدل المنخفض للدخل حرم السود في أمريكا من حماية أنفسهم من العواصف الجوية التي تشهدها الولايات المتحدة بشكل مستمر، في إشارة إلى عدم استطاعتهم السكن في منازل حديثة.
يعيش واحد من بين كل خمسة أشخاص سود في الولايات المتحدة تحت خط الفقر (أقل من 26 ألف دولار سنويا لعائلة مكونة من 4 أفراد)، وهو ما يجعل فقدان السود لوظائفهم في الوقت الراهن كارثة حقيقية.
عنصرية أخرى
يعيش نحو 30 بالمئة من إجمالي الأمريكيين في ولايات أكثر عرضة للخطر، يشكل السود بينهم النسبة الأعلى بواقع 43 بالمئة، وبتعداد سكاني يتجاوز الـ17 مليون نسمة.
بسبب تلوث الهواء في تلك الولايات، تزداد نسبة الإصابة بأمراض سرطان الرئة، والربو، والقلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري بين السود، بأكثر من 1.7 مرة عن البيض.
وبحسب الدراسة، فإن التركة العنصرية ضد السود ليست بحديثة، ولا يمكن القضاء عليها بشكل فوري.
وأضافت أنه "إذا أردنا حماية الأمريكيين الأفارقة من المعاناة، يجب علينا العمل بجد لمعالجة التفاوتات العرقية الكامنة في النتائج الاقتصادية والصحية".