خبر

عودة القروض السكنية.. ماذا عن الفقراء؟

كتبت عزة الحاج حسن في موقع "المدن": حين أقرّ مجلس النواب اتفاقية القرض بين لبنان والصندوق العربي، لتمويل مشروع الإسكان، لم يلتفت إلى وجهة القرض ولم يأخذ بالاعتبار حرمان شريحة واسعة من اللبنانيين، خصوصاً ذوي المداخيل المتدنية، من حقهم في تملك منزل بقرض مدعوم الفوائد أو مخفض الفوائد. تمت الموافقة على اقتراض 50 مليون دينار كويتي (أو 180 مليون دولار) لحساب مصرف الإسكان وليس المؤسسة العامة للإسكان. وبالتالي، لن يستفيد منه أصحاب المداخيل المتدنية، وهم الأكثر حاجة والأضعف قدرة لتملك مسكناً.

لماذا تم توجيه القرض إلى مصرف الإسكان، الذي يستهدف إقراض متوسطي ومرتفعي المداخيل، ولم يتوجّه إلى المؤسسة العامة للإسكان، التي تستهدف إقراض متدني المداخيل حصراً؟ ما هي شروط القرض؟ ومن هم المستفيدون منه؟

قبل استقالة الحكومة السابقة تم التوافق بين الدولة اللبنانية والصندوق العربي على القرض المخصّص لتمويل مشروع الإسكان، ومدته 30 عاماً، مع فترة سماح تمتد على خمس سنوات وفائدة بنسبة 2%. حينها، تم التوافق بين الحكومة اللبنانية ومجلس الإنماء والإعمار على تخصيص 40 في المئة من القرض للمؤسسة العامة للإسكان. لكن حصل واستقالت الحكومة وتشكلت أخرى. ونظراً لكون القرض بقي متاحاً من الصندوق العربي، كان من المفترض على مجلس الإنماء والإعمار والحكومة الحالية الالتزام بالاتفاق وتوجيه القرض إلى المؤسسة العامة ومصرف الإسكان، إلا أن ضغوطاً حكومية مورست في اتجاه تحويل كامل القرض إلى مصرف الإسكان، وفق مصدر لـ"المدن". وقد جرى حرمان المؤسسة العامة للإسكان من حصتها من القرض عمداً على حساب تحويل الـ180 مليون دولار إلى مصرف الإسكان، الذي تشكّل حصة المصارف التجارية في ملكيته نحو 80% مقابل 20% فقط تعود للدولة.

يعود للدولة اللبنانية فقط تحديد الجهة المعنية بالاستفادة من القرض. أما الصندوق العربي، فلا يتدخل بهذا الأمر. وتأكيداً على الاتفاق الذي جرى في وقت سابق، بشأن توزيع القرض على المؤسسة العامة للإسكان ومصرف الإسكان، يؤكد وزير الشؤون الاجتماعية السابق ريشار قيومجيان - وهو أحد المشاركين في الإجتماع الذي جرى فيه الاتفاق على تقسيم القرض - أن الاتفاق قضى حينها بتخصيص 40 في المئة من القرض الكويتي للمؤسسة العامة للإسكان. لكن بتحويل كامل القرض إلى مصرف الإسكان، يكون الاتفاق السابق قد نُسف.

ويرى قيومجيان في حديثه إلى "المدن"، أنه كان من الأفضل أن يذهب القرض إلى المؤسسة العامة للإسكان، خصوصاً انها تطال ذوي المداخيل المحدودة، والأكثر حاجة للتملك "كما أن لدى المؤسسة شروط وآليات للإقراض وسقوف. بمعنى، أنه من الصعب أن تذهب القروض عبر المؤسسة إلى غير مستحقيها"، يقول قيومجيان. أما في مصرف الإسكان "فلا ضوابط قانونية ولا معايير دقيقة كما هو الحال في المؤسسة العامة للإسكان"، عازياً ما حصل إلى حال التخبط الذي تعانيه الحكومة في ملف التقديمات، ومنها الـ 1200 مليارليرة وغيرها: "فلا معايير ولا تصور واضحاً لصرفها".

إذا كانت الحكومة الحالية تنشد التغيير والشفافية والتعامل الصادق مع الناس، فعليها أن تحوّل القرض إلى المؤسسة العامة للإسكان. أي إلى الفئات ذوي المداخيل المتدنية والأكثر عوزاً للمساكن. ويتخوّف قيومجيان من خروج الفضائح لاحقاً من ملف الإسكان، ومن إقراض أصحاب عقارات ومباني تجارية.

الحكومة الحالية لم تفتح ملف الإسكان حتى اللحظة. ولم تقر الخطة التي وضعتها المؤسسة العامة للإسكان، والتي تتناول مسألة الإيجار والإقراض والإيجار التملكي وآلية التمويل وغير ذلك، يقول مصدر رفيع في المؤسسة العامة للإسكان في حديثه إلى "المدن". ولم تلتفت الحكومة إلى مسألة تعليق عمليات الإقراض وتأمين المساكن للفئات الضعيفة. وكل ما فعلته حين تمكنت من الاقتراض من الصتدوق العربي هو تحويل القرض إلى غير مكانه السليم. فقد كان يجب أن يُقسم القرض ويتوزع على المؤسسة العامة ومصرف الإسكان، ولما كانت الحكومة ومجلس الإنماء والإعمار حرما ذوي المداخيل المتدنية من الإقتراض المدعوم. ويسأل المصدر "من سيتابع شروط الإقراض ويراقب حسن تطبيقها؟ أين دور الدولة في مصرف الإسكان؟"

وعن آلية الإقراض عبر مصرف  الإسكان، يوضح رئيس مجلس إدارته جوزيف ساسين، في حديثه إلى "المدن"، أن مدة سداد الإقراض 30 سنة. وسيتم تخصيص نسبة 80 في المئة من قيمة القرض لذوي المداخيل المحدودة، وهم أصحاب المداخيل العائلية (أي زوج وزوجة أو شريك وشريكة أو غير ذلك) الذين لا تتعدى مداخيلهم 10 أضعاف الحد الأدنى للأجور أو 6 ملايين و750 ألف ليرة. و20 في المئة من القرض ستخصّص لذوي الدخل العائلي المتوسط أي الذين تتعدى مداخيلهم عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور، ولا تفوق الـ15 ضعفاً، على حد تعبير ساسين.

أما الفائدة المعمول بها للإقراض، والتي تمت الموافقة عليها من قبل مصرف لبنان ووزير الشؤون ووزير المال، فهي 5.5 في المئة. إلا أن عملية الإقراض ستبقى معلّقة إلى حين الاتفاق مع مصرف لبنان على سعر صرف الدولار الذي سيتم العمل به، بمعزل عن السعر الرسمي 1500 ليرة.