أخبار عاجلة
أعراض فقر الدم -

مخاوف من إنهيار بدَّدتها إيضاحات.. وعون الى مـــوسكو.. ونصرالله يردّ غداً

مخاوف من إنهيار بدَّدتها إيضاحات.. وعون الى مـــوسكو.. ونصرالله يردّ غداً
مخاوف من إنهيار بدَّدتها إيضاحات.. وعون الى مـــوسكو.. ونصرالله يردّ غداً

صحيفة الجمهورية

 

 

فيما بدأت العاصفة التي أحدثتها زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو للبنان تنحسر تدريجاً، هبّت عاصفة محلية أشد خطورة منها من حيث مندرجاتها ومفاعيلها الحالية والمستقبلية. إذ بعد كلام دقيق لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خرج فيه عن النمطية التي اعتادها لجهة الاكتفاء بالتطمين الى متانة الوضع النقدي، والقدرة على الاستمرار في تمويل الدولة، فتحدث عن وضع شاذ يتمثل بعدم تقديم الحكومة حتى الآن خطة إصلاح مالي واقتصادي، سُرِّب تعميم لوزير المال علي حسن خليل صدر في 22 الجاري، وطلب فيه من مراقبي عقد النفقات «وقف حجز مختلف أنواع الإنفاق باستثناء الرواتب والاجور وتعويض النقل المؤقت». الامر الذي أثار مخاوف من ان تكون البلاد انزلقت الى انهيار اقتصادي ومالي مريع…
بين كلام سلامة وقرار خليل، إنتشر القلق في البلد كالنار في الهشيم. وساد خوف لدى الاوساط المالية والشعبية في آن من انّ البلد اقترب من شفير الانهيار، وشاع انّ الأموال نضبت في وزارة المال ولم يعد في قدرة الدولة حالياً سوى دفع الرواتب والاجور.

خلفيات خليل

وفي ضوء هذه الأجواء، سارع وزير المال الى مؤتمر صحافي شرح خلاله اهداف تعميمه وخلفياته، وأعلن انه «لا يتعلق بأي شكل من الاشكال بنضوب المال، بل يرتبط حصراً بمشروع موازنة 2019. اذ من المعروف انّ الحكومة اللبنانية تعهدت في مؤتمر «سيدر» بخفض عجز الموازنة بواقع 1 في المئة سنوياً، لمدة 5 سنوات. لكنّ الحكومة، وبدلاً من تنفيذ تعهداتها بدءاً من العام 2018، تسبّبت قراراتها العشوائية برفع العجز من نسبة 8,5% قياساً بحجم الاقتصاد في 2017، الى نحو 11% في 2018. وبما انّ موازنة 2019 لم تقر بعد، ويتم الانفاق حالياً وفق القاعدة الاثني عشرية، فإنّ بقاء البلد بلا موازنة يعني أنّ العجز سيبقى على حاله في 2019، ويرجّح ان يرتفع لتغطية نفقات اضافية منها إقرار الدرجات الست لأساتذة التعليم الثانوي، ونَهم الوزراء عموماً لزيادة الانفاق، وبسبب احتمال تراجع المداخيل تماهياً مع ركود الحركة الاقتصادية.

وهذا الواقع دفع خليل الى اتخاذ إجراء احترازي، لأنه شعر انّ الوزارات تميل الى الافادة من فترة الانتظار الحالية قبل مناقشة الموازنة وإقرارها لحجز نفقات اضافية تحميها من أي خفض قد يحصل. وبالتالي، سيصبح من غير المجدي محاولة خفض العجز لاحقاً عندما يتم إقرار الموازنة.

إنذار سلامة

في المقلب الآخر، بدا كلام حاكم مصرف لبنان بمثابة جرس إنذار لحضّ المسؤولين على الخروج من حال المراوحة الى بدء العمل الفعلي للانقاذ المالي والاقتصادي.

وما قاله سلامة عن انّ الحكومة، وبعد مرور شهرين على تشكيلها، «لم تبحث في برامج إصلاحية تضع لبنان على مسار إصلاحي، مع أنّ الأسواق تترقّب ذلك، ما أثار ردود فعل سلبية تجسّدت بارتفاع الفوائد».

هذا الكلام ليس مفاجئاً في مضمونه، بمقدار ما هو مفاجئ أن يصدر عن سلامة الحريص على إشاعة اجواء التفاؤل والارتياح. ما يؤكد أنّ الرجل بلغ مرحلة متقدمة من اليأس والاحباط في إمكان نجاح الحكومة في تنفيذ خطط الانقاذ المطلوبة شرطاً لتنفيذ برنامج «سيدر».

وقبل سلامة، كان الموفد الفرنسي بيار دوكان، الذي زار بيروت مطّلعاً على ما أنجزته الحكومة، قد غادر مذهولاً من الاستخفاف والتعاطي اللامسؤول الذي يبديه المسؤولون اللبنانيون حيال خطورة الوضع المالي والاقتصادي.

ولكن في النتيجة، تراجعت حدة المخاوف من انهيار وشيك، خصوصاً بعد كلام خليل عن التنسيق مع مصرف لبنان في الملف المالي. وبالتالي، لم يعد الامر مطروحاً في التداول اذا ما كانت الدولة على وشك إعلان التوقف عن الدفع، بل بات السؤال يتمحور حول مصير البلد في المستقبل، في حال استمر هذا النهج من الاهمال واللامبالاة بمصالح الناس وحياتهم. ومن سيتحمّل كلفة الانهيار المضمون اذا لم يبدأ تنفيذ خطة إصلاحية للمالية العامة، اليوم قبل الغد؟

قرار للضغط

تعليقاً على كلام سلامة من أنّ المؤسسات الدولية لمست أن الحكومة لا تملك أي خطة إصلاحية، قال النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية»: «سبق أن حذّرنا من هذا الكلام، فواضحٌ أن الحكومة لم تتخذ أياً من الخطوات الجدية التي ينتظرها المجتمع الدولي، فسابقاً كان يُقال إنّ أمامها شهرين أو مئة يوم لتتخذ خطوات إصلاحية، ولكن لا يظهر أنها مستنفرة أو أنها تشعر بجدية الوضع».

ولفت إلى أنّ دوكان، المكلّف متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، سأل خلال زيارته لبيروت: أين الهيئات الناظمة؟».

وبدوره، سأل جابر: «أين تعيين الهيئات الناظمة ومجالس الإدارة؟»، وقال: «عرضوا لخطة كهرباء في غياب رئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان، فيما انّ المؤسسة هي مؤسسة مستقلة حسب القانون. وهذا يدلّ إلى أن لا نية حقيقية للتغيير».

واعتبر جابر أنّ الهدف من قرار وزير المال بوقف عقد النفقات هو «الضغط لإقرار الموازنة سريعاً». وقال: «حين يلمس الوزراء أنّ الموازنة الجديدة التي ستُقرّ ستشهد تخفيضاً يسارعون إلى عقد نفقات قبل إقرارها ويلزّمون مشاريع، لأنّ الصرف يتمّ وفق القاعدة الإثني عشرية».

وأشار إلى أنّ «مفتاح الخطة الإصلاحية هو إقرار موازنة تقشفية».

الكهرباء

في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ البحث الجدي الاستثنائي في ملف الكهرباء سيبدأ غداً، بحيث ستطرح الخطة التي وضعتها وزارة الطاقة للنقاش المفصّل تمهيداً لإنجازها في وقت قياسي، لتطرح في مجلس الوزراء إذا توافقت عليها اللجنة الوزارية خلال اجتماعها في السراي الحكومي غداً.

وفيما اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي «أنّ ملف الكهرباء تشوبه هذه المرّة بدايات إيجابيّة شكلاً، وأنّ المهم هو استكمال الإيجابية لتشمل جوهر هذا الملف بما يؤدّي الى علاج جذري لهذه الأزمة»، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ «الأجواء تبدو مشجّعة، خصوصاً أن الخطّة الجديدة جديرة بأن تناقش بعمق وانفتاح لأنّها تضع آليّة مقبولة وتحتاج الى توضيحات أكثر في جلسة اليوم. ولا نعتقد أنّ الأمور معقدة، خصوصاً أن لدى جميع الأطراف رغبة شديدة في إدخال هذا الملف الى دائرة الحل الجذري بعيداً عن الترقيع.

وعمليّاً، يبدو أنّ الجميع يريدون خطّة كهربائية شفّافة ومتوازنة تؤدّي الغاية المنشودة منها، أي وضع قطاع الكهرباء على سكّة العلاج النهائي وإخراجه من كونه عامل نزف مُرهق للخزينة، وبالتالي الانتهاء من مقولة البواخر والصفقات»…

«محنة خطيرة»

في سياق متصل، قالت مصادر «القوات اللبنانية» إنّ «المحنة الاقتصادية خطيرة جداً، تستدعي الإسراع في جلسات مجلس الوزراء والانكباب أكثر على العمل البنّاء، الجاد والمضني، لإخراج لبنان من هذه المحنة بتطبيق مقررات مؤتمر «سيدر»، وأن يُصار إلى الأخذ بالملاحظات التي ستضعها اللجنة الوزارية المكلفة دراسة خطة الكهرباء، وذلك لكي تكون خطة ملتزمة المعايير القانونية والشفافية المطلوبة، إضافة إلى الذهاب فوراً نحو وضع حد للهدر القائم قبل أي أمر آخر لأنّ تنفيذ أي خطة وفق أي صيغة من دون معالجة الهدر الموجود والذي يتجاوز 50 في المئة، يعني مضاعفة الخسائر».

وشدّدت المصادر على أنّ «المطلوب سريعاً معالجة الهدر أولاً، والذهاب فوراً نحو وضع خطة تعتمد الخيارات الدائمة والثابتة بعيداً من الموقّت والمرحلي المتعلّق بالبواخر، بغية الوصول إلى كهرباء 24/24 على قاعدة دفتر شروط شفّاف يأخذ في الاعتبار كل المتطلبات والخيارات وفق إدارة المناقصات».

نصرالله يرد على بومبيو

من جهة ثانية، ظلت زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو للبنان وهجومه العنيف على «حزب الله» وإيران خلالها، والرد اللبناني عليه تتفاعل في مختلف الاوساط الرسمية والسياسية والشعبية، وقد تقاطعت المواقف منها على وجوب تجنيب البلاد أي هزّات، خصوصاً أنّ البعض وجدوا في مواقف بومبيو تحريضاً على الفتنة بين اللبنانيين، الأمر الذي لم يستجب له أحد عملياً.

وفيما تساءل كثيرون عمّا سيكون عليه رد «حزب الله» على بومبيو، أُعلن أنّ الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله سيطل عبر قناة «المنار» الخامسة عصر غد «للتحدث عن آخر التطورات السياسية في لبنان والمنطقة».

وعُلم من مصادر مطّلعة على موقف الحزب انّ نصرالله «سيشرح موقف «حزب الله» من مجريات زيارة بومبيو ومضامينها، وسيفنّد السياسة الاميركية حيال لبنان والمنطقة، وسيُبيّن انّ الارهاب الحقيقي يُمثله سلوك الولايات المتحدة التي تواطأت طويلاً مع الجماعات التكفيرية ودعمت ولا تزال الاحتلال الاسرائيلي بكل امتداداته العدوانية، وليس «حزب الله» الذي دافع عن لبنان في مواجهة الارهاب بوجهَيه الاسرائيلي والتكفيري».

كما سيشيد نصرالله بتصدي المسؤولين اللبنانيين «لحملة بومبيو التحريضية على «الحزب»، وسَعيه الى إحداث الفتنة. (راجع صفحة 4)

رد إيراني

ورفضت الخارجية الإيرانية اتهامات بومبيو، وقال المتحدث باسمها بهرام قاسمي انّ «التصريحات الاستفزازية» لبومبيو «كشفت مرة أخرى طبيعة الولايات المتحدة وسلوكها تجاه الدول الحرة والمستقلة في العالم».

وأضاف: «إننا نتفهّم تماماً الغضب الأميركي من أداء فصائل المقاومة و«حزب الله» وشعوب المنطقة ودورها المتميّز، في هزيمة الخطط والمخططات الجديدة الاستعمارية للولايات المتحدة في المنطقة». وشدد على أنّ إيران مع «احترام الحكومة والشعب اللبناني وإرادته المستقلة واستغلاله لكل طاقته لتعزيز وحدة لبنان وتضامنه، وكذلك تعزيز العلاقات الثنائية بين إيران ولبنان بما يخدم مصالح الشعبين الإيراني واللبناني».

وتابع: «إرسال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى المنطقة، مؤشّر على أنّ الولايات المتحدة وبمشاركة وتعاون قلة من دول المنطقة، تخطط لتنفيذ مؤامرات جديدة وتقديم مزيد من الدعم للاحتلال، وتجاهل الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني في إطار ما يسمّى بـ«صفقة القرن».

وقال: «إيران تؤكد على تعزيز التقارب والتعاون بين بلدان المنطقة لمكافحة الأطماع التوسعية ومكافحة الجماعات الإرهابية، وضمن احترام لبنان حكومة وشعباً وإرادته المستقلة»، مضيفاً: «طهران ستستخدم كل إمكانياتها لتعزيز وحدة لبنان وتضامنه، وكذلك تعزيز العلاقات الثنائية مع هذا البلد بما يخدم مصلحة الشعبين الإيراني واللبناني».

«القوات اللبنانية»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «لبنان يواجه في المرحلة الحالية محنة من طبيعة إقليمية في ظل استعار المواجهة الأميركية ـ الإيرانية المفتوحة، حيث من الواضح أنّ سخونة المنطقة هي عنوان المرحلة بامتياز، وتتّجه أكثر فأكثر نحو التصعيد، ما يتطلّب من اللبنانيين تجاوز تبايناتهم واستبعاد الملفات الخارجية الكبرى بغية الحفاظ على الاستقرار اللبناني، لأنه في اللحظة التي يسقط هذا الاستقرار يسقط لبنان.

ولذلك تقتضي المصلحة القصوى في هذه المرحلة الدقيقة إلتزام سياسة «النأي بالنفس» وسقف الحكومة، والابتعاد عن سياسة المحاور الخارجية والتقيّد بالأجندة اللبنانية فقط لا غير، وكذلك أن لا تتفرّد أيّ قوى في الحكومة بقرار خارج إطار الإجماع اللبناني للحفاظ على المصلحة اللبنانية العليا».

وأضافت هذه المصادر: «في هذا السياق تتمنّى «القوات» على الولايات المتحدة الأميركية أن تلعب دور الراعي المتوازن بغية الوصول إلى السلام العادل والشامل في المنطقة، إنطلاقاً من المبادرة العربية للسلام، وإذا كان هناك شكوى من الدور الإيراني على مستوى المنطقة، وهي فعلية وحقيقية، فهذا لا يعني غَض النظر عن الدور الإسرائيلي.

ويأتي الكلام عن اعتراف أميركي بسيادة إسرائيل على الجولان بعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، خطوة غير مشجّعة على مستوى التوازن والسلام الحقيقي بإعادة الأراضي إلى أصحابها الحقيقيين والفعليين. لا بل إنّ أجواء من هذا النوع تؤدي إلى استبعاد خيار السلام وترجيح خيارات الحرب، الأمر الذي ينعكس على كل شعوب المنطقة ولا يؤدي الغرض المطلوب.

وبالتالي، تستدعي هذه المواقف مراجعة سياسية لأنّ الهدف الأساس يجب أن يكون دائماً وباستمرار، تحقيق السلام العادل والشامل انطلاقاً من المبادرة العربية للسلام».

وتابعت: «إذا كان هناك من وضع حد للدور الإيراني في المنطقة العربية، وهو أمر مطلوب، يجب في الوقت نفسه وضع حد للدور الإسرائيلي، والعمل بنحو حثيث لإنهاء الأزمات القائمة، لأنّ بعض المواقف والخطوات تشكّل تشجيعاً لقوى متطرفة لكي تتمسّك بسلاحها وأدوارها خارج إطار الشرعيات».

عون الى موسكو

من جهة ثانية، يتوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى موسكو بعد ظهر اليوم في زيارة رسمية ليومين، يلتقي خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين وعدد من المسؤولين الروس الكبار، وسيكون ملف عودة النازحين السوريين والمبادرة الروسية في شأنها مادة البحث الاساسية بينه وبين المسؤولين الروس، على أن يعود الى بيروت مساء غد بُعَيد لقائه بوتين الثالثة بعد الظهر.

الى ذلك، شدّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة له في بكركي أمس، على «أننا نرافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالصلاة في زيارته الرسمية إلى روسيا»، آملاً في «أن يلقى نجاحاً موضوع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، لخيرهم الشخصي وخير وطنهم، ولخير لبنان الذي لم يعد قادراً على حمل العبء الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الثقيل».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى