صحيفة الأخبار
على ذمة مصادر رئاسة الحكومة، فإن لقاء الساعات الخمس بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل تمحور الجزء الأساسي منه حول خطة الكهرباء التي أعدتها وزارة الطاقة بالتعاون مع البنك الدولي. وعلى ذمة المصادر نفسها، يحسم ملخص الخطة بأن الحل الأقل كلفة للمرحلة الانتقالية يقضي بالاعتماد على بواخر إنتاج الكهرباء، وبإضافة باخرة جديدة إلى الباخرتين الموجودتين حالياً. هذه المعيات تنفيها مصادر الوزارة، متهمة مسوّقيها بالسعي إلى «السمسرة»!
خطة الكهرباء المنتظرة من وزيرة الطاقة ندى بستاني، أصبحت شبه جاهزة. وتشير مصادر رئاسة الحكومة إلى أن زيارة الوزير جبران باسيل لمنزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، أمس، كانت مرتبطة مباشرة بالسعي إلى تسويق الخطة، تمهيداً لتبني رئيس الحكومة لها قبل تحويلها إلى مجلس الوزراء.
بحسب المعلومات التي رشحت عن مضمون هذه الخطة التي أنجزت بالتعاون مع البنك الدولي، فلا مفاجآت. على مدى السنتين المقبلتين، ترى الوزارة أن لا بديل من البواخر لزيادة معدل التغذية بالتيار، حيث يُفترض أن تطرح بستاني مسألة استقدام باخرة ثالثة بقدرة تتجاوز 400 ميغاواط. وتسوّق الوزارة لخيار البواخر بوصفه الخيار الأرخص، مقارنةً بعرضين حصلت عليهما من كل من سيمينز وجنرال إلكتريك. وإذ توضح مصادر الوزارة أنه فيما البواخر ستكلف نحو 14 سنتاً مع المحروقات، فإن إنتاج الطاقة عبر المعامل المقترحة من الشركات سيكلف 17 سنتاً، وقد رأت مصادر معارضة أن التكلفة الإضافية ستكون محصورة بفترة زمنية مؤقتة، على أن يصار بعدها إلى الإبقاء على المعامل (المولدات)، ما يجعل إجمالي السعر أقل من سعر البواخر.
بحسب الخطة، يفترض أن ترسو الباخرة الثالثة في الشمال، على مقربة من منطقة البداوي، تمهيداً لتشغيلها على الغاز الطبيعي، في حال تمكُّن لبنان من إعادة تفعيل اتفاق الاستجرار مع مصر، علماً أن ردود فعل إيجابية بدأت ترشح من الجهات المعنية. فوزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل، كان قد زار مصر خلال فترة تصريف الأعمال، وسمع ترحيباً بإعادة العمل بالخط العربي، كذلك أبدى الأردن موافقته على مرور الغاز في أراضيه. ويبقى الاتفاق مع سوريا الذي لم ينجز بعد، علماً أن العقد مع مصر ينص على أن تقوم الجهة المصدّرة بالتفاوض معها ودفع رسوم المرور، تمهيداً لإيصال الغاز إلى شمال لبنان. لكن لأن مسألةً كهذه لا يمكن عزلها عن السياسة وعن العلاقات اللبنانية السورية المتأزمة، فإن الاتفاق مع سوريا لم يكتمل بعد. وقالت المصادر لـ«الأخبار» إن المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس زار سوريا، موفداً من وزيرة الطاقة، للبحث في استجرار الغاز المصري. ولم ترشح أي معلومات عن الزيارة. وفي حال سير الأمور كما تشتهي وزارة الطاقة، فإن الغاز المصري سيستعمل لتشغيل معمل دير عمار والباخرة التي سترسو في البداوي، بما يؤدي إلى خفض كبير في فاتورة المحروقات.
وبالتوازي مع إنتاج الطاقة من البواخر الثلاث، يُفترض أن تطلق الحكومة مناقصات إنشاء معملي الزهراني وسلعاتا، لكن إشكالية فعلية تواجه هذه الخطة، وتتمثل في رفض التيار الوطني الحر أن تجري أي مناقصة في إدارة المناقصات، انطلاقاً من قناعتها بأن مدير إدارة المناقصات جان العلية يعرقل مشاريع الطاقة. وهو أمر لن يجد صدى إيجابياً في الحكومة، حيث يرى أكثر من طرف أن التزام العلية القانون، هو الذي يزعج العونيين، في مقابل وجود رأي وزاري من خارج تكتل «لبنان القوي» يؤيد العونيين في هذا المجال. وبحسب معلومات رئاسة الحكومة التي تنفيها مصادر تكتل «لبنان القوي»، فإن التيار الوطني الحر أكّد قبوله بأي آلية لإجراء المناقصات، شرط ألّا يكون العلية متدخلاً فيها.
تعوّل الوزارة على الغاز المصري عبر الأردن وسوريا لخفض كلفة إنتاج الكهرباء
أما بشأن تعرفة الكهرباء، فقد رفضت الوزارة اقتراح البنك الدولي أن يصار إلى رفعها فوراً، بل تصرّ على أن تجري هذه الخطوة بالتوازي مع البدء بتحسن مستوى التغذية، وليس بعد أن تصبح التغذية 24/24، كما سبق أن أعلن. أي إن رفع التعرفة سيكون بعد انتهاء القسم الأول من الخطة، انطلاقاً من أن تحسن التغذية ولو بشكل محدود، سيساهم في خفض فاتورة المولد بما يسمح بنقل الفارق إلى فاتورة «كهرباء الدولة». وتشير المصادر إلى أن الخطة تقضي بتركيب عدادات ذكية وتحسين الجباية وخفض الهدر التقني في الطاقة، وحل أزمة نقل الكهرباء، وهي بنود لا يعارضها أحد من القوى المشاركة في الحكومة. لكن ما ستحتدم بشأنه المعارك هو كيفية إنتاج طاقة إضافية، في غضون الفترة الانتقالية (سنتين)، سواء لجهة استقدام باخرة إضافية أو لا. وبعد سنتين، من المتوقع أن يبدأ إنتاج الكهرباء من معمل «دير عمار 2» الذي من المفترض أن تبدأ ببنائه شركة علاء الخواجة والأخوين تيدي وريمون رحمة وغسان غندور، بعقد شبيه بنظام الـBOT (ستبيع الشركة الكهرباء المنتجة من المعمل للدولة على مدى 20 عاماً، لتعود ملكيته لمؤسسة كهرباء لبنان بعد انتهاء مدة العقد القابلة للتمديد لخمس سنوات). كذلك تتوقع الوزارة أن تتمكّن من تلزيم بناء معملي سلعاتا والزهراني في غضون المرحلة الأولى من الفترة الانتقالية (سنة واحدة من أصل سنتين)، بطريقة شبيهة بالطريقة التي اعتُمِدت في «دير عمار 2»، بدلاً من إقامة المعامل لحساب مؤسسة كهرباء لبنان مباشرة.