قمة أوروبية عربية خجولة في شرم الشيخ… والتبجّح التركي مستمرّ رغم العروض الروسية
مجلس النواب اليوم: ملفات التوظيف والقوانين المهمَلة… والمالية العامة
سجال عونيّ قواتيّ حول النازحين… وجنبلاط لتثبيت الدور خطوة خطوة
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
شكّل غياب الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية عن قمة شرم الشيخ للدول العربية والأوروبية دلالة على تحسّب أوروبي من غضب أميركي لبلورة مسار ثالث بين المسارين الأميركي والروسي يحاول عبره الأوروبيون استثمار العجز العربي عن مجاراة السقوف العالية للسياسات الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، والمواجهة مع إيران، فجاءت القمة التي عقدت تحت عنوان الاستثمار في الاستقرار، حدثاً إعلامياً طغت على التحليلات التي تعاملت معه، مشاركة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز تفادياً للحرج الأوروبي من مشاركة ولي العهد الذي تحمّله دول أوروبية مسؤولية قتل الصحافي جمال الخاشقجي، وتشكل مشاركة قادة أوروبيين معه في لقاء بمستوى القمة مدخلاً لمساءلة داخلية في البرلمانات وأمام منظمات حقوقية، يجب تفاديها.
بالتوازي إقليمياً كانت العروض الروسية لوضع اتفاق أضنة بين الدولتين السورية والتركية بديلاً من التبجّح التركي بإقامة منطقة آمنة على الحدود تشهد المزيد من التطمينات الروسية لتركيا عبر الإعلان عن إمكانية مشاركة الشرطة العسكرية الروسية بالانتشار على مناطق الحدود مع القوات الأمنية السورية والتركية، دون أن يترتب على ذلك خفض النبرة التركية في الحديث عن المنطقة الآمنة ما يعني أن التفاهمات لم تتحقق بعد، بما يتيح الحديث عن وضع نتائج قمة سوتشي موضع التنفيذ، بينما يستمر الوضع العسكري على جبهات إدلب ملتهباً لكن على خطوط التماس ما دون الانفجار الشامل والعمليات العسكرية الكبرى، فيما كان الشمال الشرقي لسورية حيث تدور آخر المعارك بين قوات سورية الديمقراطية ووحدات داعش المنتشرة في منطقة الباغوز، يشهد نقل عائلات قادة داعش إلى مناطق الحدود مع العراق حيث تنتشر القوات الأميركية وإلى الداخل التركي وسط معلومات عن وجود عدد من قادة داعش مع عائلاتهم ومعهم كميات ضخمة من الأموال التي تمً نقلها لتسليمها للأميركيين والأتراك ضمن صفقة فتح الباب للانسحاب.
لبنانياً، يشهد مجلس النواب اليوم انطلاق ثلاث محطات ترتبط بما شهدته جلسات مناقشة البيان الوزاري، الأولى هي بدء جلسات لجنة المال والموازنة لمناقشة ملف التوظيف غير القانوني بحضور ممثلي هيئات الرقابة، والثانية انطلاق لجنة متابعة القوانين التي لم يتم وضعها قيد التطبيق ولم تصدر المراسيم التطبيقية التي تجعلها نافذة، والمحطة الثالثة ستكون في المؤتمر الصحافي للنائب حسن فضل الله المكلف مهمة متابعة ملفات الفساد من قيادة حزب الله، لعرض أوجه الخلل والمخالفات في المالية العامة للدولة وفقاً للوثائق التي أعدّتها وزارة المالية ووضعتها بتصرف رئاسة المجلس النيابي.
بالتوازي توزّع المشهد السياسي بين السجال الذي بدأ في جلسة الحكومة حول ملف النازحين بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ولا زال مستمراً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وبين التبريد الذي شهدته علاقات النائب السابق وليد جنبلاط مع كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وفقاً لما وصفته مصادر متابعة باعتماد سياسة الخطوة خطوة في احتواء الخسائر التي شكل أبرزها تسلم الوزير صالح الغريب ملف النازحين والوزير غسان عطالله ملف المهجّرين، والسعي لمقايضة التهدئة بمكاسب يشكل أولها الفوز بتسمية رئيس أركان جديد يسمّيه جنبلاط، ويضمن له تثبيت مكانته في الدولة وفي الطائفة.
تنطلق اليوم في البرلمان ورشة مكافحة الفساد، حيث تبدأ لجنة المال والموازنة اليوم أولى جولاتها ضد فضيحة التوظيف العشوائي، بجلسة تُعقد في البرلمان برئاسة النائب إبراهيم كنعان للبحث في موضوع التوظيف المخالف للقانون على أن ترفع النتيجة إلى رئاسة مجلس النواب فور انتهاء اجتماعاتها التي ستحصر بأربعة أيام متتالية تمهيداً لمناقشتها في الهيئة العامة.
وأشارت مصادر لجنة المال لـ»البناء» الى أن اجتماعات اللجنة بحضور التفتيش المركزي ومجلس الخدمة تهدف بالدرجة الأولى الى كشف حقيقة ما جرى من توظيف مخالف للقانون، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم بعدم تجاوز القانون مرّة جديدة لا سيما أن الهيئة العامة أقرّت في العام 2017 قانوناً للحد من التوظيف العشوائي في وزارة التربية وفي أوجيرو وفي المستشفيات الحكومية، مشددة على أن رئيس اللجنة سيرفع التقرير الذي ستخلص إليه اللجنة يوم الخميس إلى الرئيس نبيه بري ليُبنى على الشيء مقتضاه. واشارت المصادر الى ان القوى المعنية يفترض ان تلتزم بمبدأ التوظيف عبر المباريات والتلزيمات بالمناقصات.
وبالتوازي، تستعّد اللجنة النيابية المكلفة متابعة تنفيذ القوانين برئاسة النائب ياسين جابر، لإطلاق تحرّك من أجل وضع القوانين التسعة والثلاثين المجمّدة منذ سنوات، موضع التنفيذ، واستعجال إصدار المراسيم التطبيقية لها حيث ستزور المعنيين للبحث في هذا الامر تمهيداً لوضع الرئيس نبيه بري في صورة ما توصلت اليه جولتها.
وأشار النائب جابر إلى أن هناك قوانين هامة تم تعطيلها عمداً وعن سابق إصرار، لافتاً إلى أن هذا دليل على حب الاستئثار، لا سيما من جانب وزيري الطاقة والمياه والاتصالات حتى يتسنى لهم أن يسيطروا على هذا القطاع.
ويعقد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله مؤتمراً صحافياً عند الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم في مجلس النواب للحديث عن ملف الحسابات المالية للدولة اللبنانية.
ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله لـ»البناء» إن المعيار الأساسي لمكافحة الفساد هو في تطبيق القانون ولفت بري الى ان المجلس النيابي سينكبّ على عقد جلسات لمساءلة الحكومة ومحاسبتها كل ثلاثة اشهر، من منطلق أن الحكومة لن تستطيع تجاهل ما تعهدت به خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري، معتبراً ان العمل الحكومي يجب أن ينصبّ على إنجاز الإصلاحات المرتبطة بمقررات سيدر ومحاربة الفساد. ونقل زوار بري ضرورة توافق المكوّنات كافة على تحييد ملف النازحين عن التجاذبات الداخلية، لما لهذا الملف من ارتدادات سلبية على الواقعين الاقتصادي والمعيشي.
ويشارك بري يوم الجمعة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي يُعقد في العاصمة الأردنية عمان تحت شعار «القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين». وسيلتقي بري على هامش المؤتمر رئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصباغ الذي يشارك بدوره في المؤتمر على رأس وفد برلماني رفيع المستوى.
وتمنى البطريرك الماروني بشارة الراعي للحكومة الجديدة النجاح في تحقيق تمنيات النواب، ومكافحة الفساد، وإجراء الإصلاحات في البنى والقطاعات التي أشار إليها مؤتمر باريس – CEDRE كوسيلة للحصول على توظيف مبلغ الأحد عشر مليار دولار أميركي ونصف المليار، بما فيها من قروض ميسرة وهبات، من أجل النهوض الاقتصادي. ونرجو أن تشدّ الحكومة روابط الوحدة والتعاون بين أعضائها، والتعالي عن الخلافات والاتهامات، والعمل بروح الدستور والميثاق والقوانين. ونرجو من أعضائها عدم النزاع حول الشكليات حتى نسيان المواضيع الأساسية الجوهرية وضياعها. فالمواطن اللبناني يبقى الهدف الأساس من العمل السياسي ومسؤوليات السلطة الإجرائية.
وفي ما تحاول بعض الجهات الرافضة للتواصل مع الحكومة السورية لعودة السوريين بذريعة أن النظام يريد تطبيع العلاقات بعيداً عن عودة النازحين، شددت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» على أن لبنان تلقى عبر الوزير صالح الغريب تطمينات سورية رسمية، فالرئيس السوري بشار الأسد يرحّب بعودة جميع النازحين من دون استثناء. واكدت المصادر أن على الجميع التعاون ليرتاح لبنان من عبء هذه الأزمة التي اثقلت كاهل الاقتصاد، مشيرة الى ان الرئيس ميشال عون يتعاطى مع ملف النازحين وفق المصلحة الوطنية العليا.
وكشف الوزير الغريب ان لبنان «بصدد إعداد ورقة تفصيلية بشأن كيفية معالجة الملف، وسنتشارك فيها مع المعنيين، بحيث تكون ثلاثية الأبعاد، الأول منها يتعلق بالداخل اللبناني، وبالتحديد في ما يتعلق بتطبيق القوانين، والثاني يتعلق بالأدوار المشتركة بين سورية ولبنان في الملف ذاته، والثالث هو ما يتعلق بالمجتمع الدولي، لما له من دور في الملف.
الى ذلك، انتهت مساء أمس الجلسة الاولى من اعمال القمة العربية – الأوروبية التي كان افتتحها عند الخامسة والنصف عصراً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقر مركز المؤتمرات الدولي وأجرى الرئيس سعد الحريري أمس، على هامش المؤتمر مشاورات مع عدد من رؤساء الوفود، حول الوضع اللبناني الذي يفترض أن ينتقل إلى مرحلة جديدة. واستهلّ الحريري لقاءاته بلقاء عقده في مقرّ المؤتمر مع رئيس وزراء تشيكيا وبحث مع الرئيس الحريري وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وتناول مجمل الأوضاع. والتقى الرئيس الحريري رئيس الاتحاد الأوروبي كلاوس يوهانس وجرى عرض للعلاقات بين لبنان والاتحاد الأوروبي. ثم اجتمع مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في حضور وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليستر بيرت، وجرى البحث في مساعدات مؤتمر سيدر للبنان كما بحث مع المستشار الفيدرالي للنمسا في العلاقات الثنائية وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. واجتمع الحريري بوزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان. والتقى رئيس وزراء ايرلندا ليو فرادكار.
على صعيد آخر، يواصل وزير الصحة العامة الجديد جميل جبق استكشاف أوضاع القطاع الاستشفائي في لبنان من توقف رافعاً شعار «لا موت على أبواب المستشفيات بعد اليوم».
وبعد عكار، زار الوزير جبق مستشفى نبيه بري الجامعي في النبطية متفقداً أحواله ومستطلعاً حاجاته الملحة، واعداً برفع السقف المالي للمستشفى وبخطة مبدئية سيكون لها تأثير إيجابي على المنطقة ككل.
وكان الوزير جبق أعلن من عكار أنه سيقيل أي مسؤول عن أي حادثة وفاة على أبواب المستشفيات وأنه لن يسمح لأي مستشفى برفض أي مريض، كما شدّد على أنه ممنوع على المستشفيات أن ترد أي مريض لا يحمل المال.
كما أعلن الوزير جبق رفع سقف موازنة مستشفى عكار الحكومي من 4 مليارات ليرة لبنانية إلى 7 مليارات ليرة، مؤكداً أنه «لن تكون هناك أي سقوف مالية، وأعطي تَوجيهاتي للجميع بأني لن أسمح لأي مستشفى برفض أي مريض، وبالنسبة إلى الفقراء ممنوع رد أي محروم لا يحمل الأموال التي تخوّله الدخول إلى المستشفى على نفقة الوزارة».
وقال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد كلمة خلال جولة لوزير الصحة على مستشفيات النبطية: «هذه الزيارة تأتي من ضمن خطة ونأمل من خلالها أن نطور القطاع الصحي. وهذا سيتحقق بفضل التعاون بين وزير الصحة ومجلس الوزراء ومجلس النواب».