لافروف يعلن موافقة تركيا على اتفاق أضنة… وترامب يعوّض الفشل في فنزويلا بالحرب الكلامية
بري لا يخشى على الحكومة إلا من نفسها… والغريب يضع عون والحريري بنتائج زيارة دمشق
السفيرة الأميركية تنتهك الأصول الدبلوماسية من السراي… وتحذر من نمو نفوذ حزب الله
كتب المحرر السياسي – البناء
لم يكن ينقص مهزلة مؤتمر وارسو الذي أراده الأميركيون عرساً إسرائيلياً بامتياز، ومنصة لتعويم الدور الإسرائيلي، والتطبيع العربي الإسرائيلي، بعد الفشل في جعله منصة حشد دولي بوجه إيران، إلا التراشق الإعلامي والتهديدات المتبادلة بين المضيف البولندي و«العريس الإسرائيلي» على خلفية اتهامات إسرائيلية للبولنديين باللاسامية، كما لم ينقص الفشل الأميركي في تحويل الانقلاب في فنزويلا إلى مسار يفرض حضوره داخلياً وخارجياً، إلا تحوّل التهديدات الأميركية بالحرب إلى دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للجيش الفنزويلي لفتح الحدود مع كولومبيا لتأمين وصول المساعدات الإنسانية لتردّ قيادة الجيش الفنزويلي بسخرية على كلام ترامب معلنة استعدادها لإرسال مساعدات إنسانية إلى كولومبيا فربما تكون بحاجة إليها أكثر من فنزويلا، بعدما تكفلت مشاهد مؤتمر ميونيخ والتي تضمنت زيارة لوفد من الكونغرس الأميركي، بتظهير الانقسام الأميركي الأوروبي من جهة، والانقسام الأميركي الأميركي من جهة موازية.
على خلفية هذا التراجع في القدرة الأميركية على قيادة الأحداث العالمية، تتقدم موسكو، وبعد تردد تركي بين العروض الأميركية والتحذيرات الروسية، تجاه كيفية التعامل مع الانسحاب الأميركي من شرق سورية، أعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف موافقة تركيا على اعتماد اتفاق أضنة الموقع بين الدولتين السورية والتركية عام 1998 كإطار قانوني وأمني لتنظيم الوضع الحدودي بين الدولتين، وكصيغة لحفظ الأمن القومي التركي عبر الحدود السورية وحفظ السيادة السورية عبر الحدود التركية، وكان لافتاً أن يصدر موقف لافروف بعد تصعيد سوري في مخاطبة الرئيس التركي رجب أردوغان ورد في كلام الرئيس السوري بشار الأسد رداً على تهديدات أردوغان المتواصلة بإقامة منطقة سيطرة تركية داخل الحدود السورية بعمق 30 كلم.
لبنانياً، كان جدول الأعمال الموزع لجلسة الحكومة غداً محبطاً، لجهة خلوّه من أي قضايا تتصل بالوعود الحكومية الكبيرة بالإصلاح وإطلاق النهوض، فلا بنود تخص توصيات مؤتمر سيدر، ولا بنود عن الكهرباء والنفايات والنازحين ومكافحة الفساد، فقط بنود لعقود بالتراضي ولبدلات سفر، وتسديد قروض، بينما كان التوقع هو الإعلان عن خلوة حكومية لأيام عدة تضع البيان الوزاري أمامها كجدول أعمال تحوّله إلى لجان عمل وزارية تترجمه مقترحات تتحول إلى خطط ومشاريع مراسيم وقوانين، تعبيراً عن درجة الجدية التي أوحت بها الخطابات والبيانات، فيما كان رئيس مجلس النواب يتحدث أمام مجلس نقابة الصحافة عن القلق على الحكومة من الحكومة نفسها، مشيراً إلى فرص مؤاتية للحزم في مكافحة الهدر والفساد، مستعرضاً ملفات الكهرباء والتوظيف من خارج إطار القانون والإنفاق من خارج الموازنة، كاشفاً عزم المجلس النيابي على التشدد في مهامه الرقابية على الأداء الحكومي.
الإنجاز الوحيد على طريق تطبيق البيان الوزاري كانت زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب إلى دمشق وقيامه بالتباحث مع وزير الإدارة المحلية في سورية بصفته الوزير السوري المسؤول عن ملف عودة النازحين، وفور عودته قام الغريب بزيارة بعبدا والسراي الحكومي واضعاً رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في أجواء زيارته، ويبدو أن الزيارة التي ترجمت البيان الوزاري وحدها قوبلت بحملة منظمة بصفتها خرقاً للنأي بالنفس، كأن المطلوب أن يسيطر الشلل على التعاطي مع الملفات الحكومية حتى يحظى الوزراء بالرضى، إلا أن السفيرة الأميركية في لبنان قدّمت تفسيراً لحملة أصدقائها من السياسيين والإعلاميين اللبنانيين بما قالته على أبواب السراي الحكومي بوقاحة تنتهك كل الأعراف الدبلوماسية، متحدثة عن قلق حكومتها من تنامي نفوذ حزب الله في الحكومة.
بعدما حطّ وزير شؤون النازحين صالح الغريب في دمشق أول أمس، والتقى وزير الإدارة المحليّة والبيئة السوريّ حسين مخلوف بناء على دعوة رسمية، زار الغريب أمس، قصر بعبدا واضعاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في أجواء الزيارة والجديد السوري حول الملف، بعدما أعلن من سورية «أن الجانب السوري كان متجاوباً جداً ومرحباً بعودة جميع النازحين»، لينتقل من بعبدا إلى السراي ليعلن مجدداً أن الجانب السوري أبدى الرغبة في تقديم تسهيلات لعودة النازحين. وأكد الغريب بعد لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري أن الأخير يقارب ملف النازحين بكثير من الإيجابية آخذًا بعين الاعتبار مصلحة لبنان.
وفيما بقيت مصادر السراي على موقفها أن الحريري لم يكن على علم بزيارة الغريب الى سورية، أشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن الرئيس الحريري كان على علم بالزيارة، والغريب لم يخرق أي اتفاق حصل لأنه أطلع الحريري على الامر، لافتة الى ان الوزير الغريب لا يريد الدخول بأي سجال مع أحد، ولهذا اكتفى بالقول بعد لقائه الحريري أن ما دار بينهما من كلام يخصهما. ورأت المصادر أن زيارة الغريب من شأنها أن تعيد إحياء المبادرة الروسية التي ينوي الرئيس الحريري تفعيلها عبر دعوة اللجنة اللبنانية الروسية الى الاجتماع في اليومين المقبلين.
وقرأت مصادر تكتل لبنان القوي في الزيارة بوادر إيجابية لا سيما أن الغريب كسر الطوق الذي كان الوزير السابق معين المرعبي وضعه حيال التنسيق بين وزارة النازحين والوزارة المعنية في سورية، مشيرة لـ»البناء» الى أن الغريب لا يتخطّى مجلس الوزراء، وخطواته في المستقبل ستكون بالطبع منسقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري انطلاقاً مما أعلنه الغريب نفسه في هذا الشأن. ولفتت المصادر إلى أن «حلّ أزمة النازحين يبقى الأولوية الأساس عند الرئيس عون في ظل ما يحضَّر من محاولات لدمجهم في المجتمعات المضيفة لهم»، معتبرة أن على المجتمع الدولي أن يقدم لهم المساعدات بعد عودتهم الى ديارهم إذا كانت نياته حسنة. واعتبرت المصادر أن مصلحة لبنان تفرض التواصل مع الحكومة السورية من أجل حلّ ملف النازحين، والمعابر وإعادة الإعمار من دون ربط ملف النزوح بالحلّ السياسي.
في المقابل، رأت مصادر حزب القوات لـ»البناء» في زيارة الغريب بالتزامن مع كلام وزير الدفاع الياس بوصعب في ميونيخ، خرقاً من قبل أحد المكوّنات السياسية في إشارة إلى تكتل لبنان القوي لمبدأ النأي بالنفس، مشدّدة على أن «وزراء القوات سيطرحون هذا الأمر داخل مجلس الوزراء يوم الخميس، لا سيما أنّه لا يجوز لأي وزير أن يفتح على حسابه متخطّياً قرار مجلس الوزراء». ولفتت الى أن على الجميع الالتزام بوضع الملفات الخلافية جانباً كي نستطيع العمل وإيجاد الحلول للوضعين الاقتصادي والمالي.
وفيما لم تأتِ كتلة المستقبل في بيانها بالمباشر على زيارة الغريب الى سورية لا من قريب ولا من بعيد، شدّدت على اعتبار التضامن الحكومي، قاعدة جوهرية لمواجهة الاستحقاقات في المرحلة الراهنة، مؤكدةً تطلعها لتجاوب بعض القيادات والقوى السياسية مع موجبات هذا التضامن، والتخفيف من حدة السباق الجاري لتسجيل النقاط في هذا الاتجاه أو ذاك، وتعكير الأجواء الإيجابية التي سادت بعد تأليف الحكومة والالتزامات التي وردت في البيان الوزاري ومداخلات رئيس الحكومة. وقالت سيكون من غير المقبول استخدام تلك الخلافات والتباينات سبيلاً لتعطيل الفرصة المتاحة وصرف الأنظار عن الجهد الذي يبذل لإطلاق ورشة العمل الحكومية والتشريعية وتحريك قنوات التواصل مع الجهات الدولية والعربية التي تكافلت على دعم لبنان».
ورداً على المواقف القواتية، أكد تكتل لبنان القوي أمس، بعد اجتماعه الأسبوعي، أنّ «كلّ كلام عن خرق التضامن الوزاري لا أساس له، وكلام وزير الدفاع الياس بو صعب في ميونخ يرتكز على أكثر من توافق عربي ودولي، وكانت هناك تهنئة على المقاربة الّتي قدّمها، ونطمئن أنّ كلامه ليس خرقاً للبيان الوزاري»، مؤكّداً «أنّنا حريصون على التضامن الوزاري، وكلّ ما يحصل هو لمصلحة البلاد وموضوع النازحين السوريين يجب أن لا يخضع للتجاذبات السياسية».
إلى ذلك، لم يتوقف أي من الأحزاب التي انهالت انتقادات على زيارة الغريب الى سورية وكلام الوزير أبو صعب في ميونيخ، عند تدخل السفيرة الأميركية في بيروت بالشأن الداخلي اللبناني، وتوجيهها الاتهامات لحزب الله من السراي الحكومي، حيث أعربت عن المخاوف الأميركية بشأن الدور المتنامي لمنظمة في الحكومة تستمر، بحسب زعمها، في اتخاذ قراراتها الخاصة بالأمن القومي التي تعرض لبنان للخطر، وتستمر بانتهاك سياسة الحكومة بالنأي بالنفس من خلال المشاركة في نزاع مسلح في ثلاثة بلدان أخرى على الأقل. وأملت ألا ينحرف لبنان عن مسار التقدّم الذي هو أمامه الآن، وأكّدت أنّ الولايات المتحدة فخورة بأن تكون أكبر مزوّد للمساعدات الإنمائية والإنسانية والأمنية للبنان.
وأعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه «مش خايف على الحكومة إلا من الحكومة نفسها»، مؤكداً أن مجلس النواب سيحاسبها وإن كان ممثلاً فيها.
وأوضح بري أمام نقابة الصحافة أنه ستكون هناك جلسة مناقشة عامة وأسئلة واستجواب مرة على الأقل شهرياً مشدداً على ضرورة نجاح الحكومة. ولفت الى أنه متفائل بأنها ستنجح. من جهة أخرى، أشار بري الى أن أي وزير يرفض دعوة المدعي العام المالي علي إبراهيم سيحاسب. كما اعتبر أن مكافحة الفساد تختصر بكلمتين اثنتين: «تطبيق القانون» مؤكداً أنه «عندنا 39 قانوناً لو طبّق لكان قضي على تسعين في المئة من الفساد».
في سياق حراكه الخارجي الهادف الى دعم لبنان وتخفيف أعباء النزوح السوري، يشارك الرئيس سعد الحريري في مؤتمر بروكسيل الثالث للاجئين السوريين في 13 آذار المقبل ومن المتوقع أن يرافقه الوزير الغريب إضافة الى عدد من الوزراء وسيعرض لخطة العودة التي وضعها لبنان ويؤكد التزامه بالمبادرة الروسية. يرأس الحريري الإثنين المقبل في 24 الحالي، وفد لبنان الى القمة العربية – الأوروبية التي تعقد في شرم الشيخ من أجل تعزيز وتوطيد العلاقات العربية – الأوروبية. وفي هذا السياق سيعلن مجلس الوزراء غداً في جلسته عن الوفد الذي سيرافق الرئيس الحريري الى القمة الأورو – متوسطية.
إلى ذلك، يصل إلى بيروت في 27 الحالي الموفد الفرنسي المكلّف من الرئيس ايمانويل ماكرون متابعة آلية تنفيذ مؤتمر سيدر بيار دوكان.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان وزراء حزب الله سيعطون النموذج في الأداء الحكومي كما أعطوه سابقاً، أي أن لديهم نظافة الكف والاهتمام بخدمة الناس وتصويب معالم الحكومة بما يتناسب مع مصالح الناس، وإبداء وجهة النظر الصحيحة للرأي العام. واضاف أن اليوم بدأنا بتجربة ولم يمرّ علينا أسبوع، وإذ بوزير الصحة يحقق مجموعة من الإنجازات دفعة واحدة خلال هذه الفترة القصيرة». وأضاف لقد قلنا إن المكافحة الجدية والحقيقية للفساد تبدأ مع تشكيل الحكومة، ويجب أن تبدأ من الرأس، من الوزراء، من المسؤولين، من المعنيين، كيف سنكافح الفساد؟ سنكافحه من خلال تشريع القوانين وتعديلها، ومن خلال حضّ أجهزة الرقابة والمحاسبة لتقوم بواجبها والقضاء ليقوم بواجبه والكشف عن مكامن الفساد أمام الرأي العام ومواجهة هذا الفساد وملاحقة الهدر، حيث يكون موجوداً».
وعلى خطّ الصحة، بدأت إنجازات وزير الصحة الجديد جميل جبق، بحلّ مشكلة مستشفى الفنار المستعصية، وأمس أوقف المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم على ذمة التحقيق مديرة مستشفى الفنار للأمراض النفسية سمر اللبان ومدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزيف الحلو. وأشار القاضي إبراهيم إلى أنه سيستمع غداً الى إفادات 5 موظفين في مستشفى الفنار لاستكمال التحقيقات.
وكان نقل 37 شخصاً من المرضى الذين كانوا في مستشفى الفنار – المصيلح، الى مركز جمعية الإمداد الخيرية وتمّ نقل وتوزيع نحو 96 مريضاً من أصل 170 على 3 مراكز وهي مركز جمعية الإمداد الخيرية ومركز ثانٍ في جويا ومركز ثالث في حالات – جبيل. وافتُتحت طوابق مخصّصة لاستقبال المرضى ومعالجتهم.