صحيفة الجمهورية
في جلسة هي الثانية له منذ ولادة الحكومة، أقرّ مجلس الوزراء امس البيان الوزاري، وباتت طريقه سالكة الى مجلس النواب بعد دعوة رئيسه نبيه بري إلى عقد جلسة، صباح ومساء يومي الثلثاء والأربعاء المقبلين، لمناقشته والتصويت على الثقة بالحكومة لتنطلق بعدها الى العمل، وفق شعارها: «حكومة الى العمل»، علّها بأعمالها هذه المرة تفوز بثقة اللبنانيين. وعلمت «الجمهورية»، انّ رئيس الحكومة سعد الحريري، سيتوجّه نهاية الأسبوع الى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة تدوم يومين، للمشاركة في أعمال «القمة العالمية للحكومات» التي ستُعقد في دبي. وستكون الزيارة مناسبة للتشاور مع نظرائه الذين سيشاركون في هذه القمة في عدد من الملفات التي تعني لبنان والمنطقة.
بطء السلحفاة في حركة التأليف، تحوّل سرعة الأرنب، بعد ولادة الحكومة. فبعد ثلاث جلسات قياسية لإنجاز البيان الوزاري، حكومة «الى العمل» شرّحت بيانها على طاولة مجلس الوزراء، مُستفيدة من التوافق السياسي، وتجاوب القوى السياسية مع طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري تعويض ما ضاع من وقت، وترك الخلافات خارج قاعة مجلس الوزراء، حفاظاً على التضامن الوزاري، وانجاز الاعمال بعد جمود تسعة اشهر.
وشهدت الجلسة قراءة متأنية للبيان، فخرج معدّلاً بكلمات لغوية لا تمس الجوهر، وإضافات تقنية بسيطة، مع إضافة فقرة وحيدة تُعنى بوزارة الثقافة، أُلحقت بالبيان، بناءً على طلب وزير الثقافة محمد داود داود.
بند الثقافة
وعلمت «الجمهورية»، انّ البند الذي أُضيف في فقرة الثقافة ينص على الآتي: «التأكيد على دور الثقافة المحوري في عملية النهوض الاقتصادي والاجتماعي في ظل ما يُعرف باقتصاد المعرفة ومتابعة تنفيذ استراتيجية النهوض الثقافي في لبنان وتنمية الابداعات الفكرية ونشر الوعي الثقافي».
وقال داود لـ«الجمهورية»: «لا اعلم ما اذا كانت الثقافة قد سقطت سهواً من البيان الوزاري. ما طرحته صحيح كان مفاجئاً لكنه لاقى ترحيباً لدى الجميع. من المؤسف ان لا نأتي على ذكر الثقافة في بيان الحكومة ونحن في لبنان وُضعنا على الخريطة من خلال ابداعاتنا الفكرية قبل أي شيء آخر. ما قدّمته يضمن استمرارية الاستراتيجية الثقافية والخطة الكاملة المتكاملة الخماسية، التي طالبت الحكومة بدعمها لتأمين تطبيقها. وحتى يكون للثقافة دور في عملية النهوض، فمكتسبات الحكومة الجديدة تحتاج الى وعي فكري، وهذا ما سنعمل عليه».
«القوات»
ووفق مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»، فإنّ وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان قال في الجلسة: «إنّ «القوات» أبعد ما تكون عن النكد السياسي، وما يهمّها هو تحقيق السلام وتثبيت الاستقرار وترسيخه، وهذه الحكومة معنية باستعادة ثقة جميع اللبنانيين، والمعبر الى ذلك عن طريق إشعارهم انّ هناك دولة فعلية. كذلك الحكومة معنية بالحصول على ثقة المجتمع الدولي الذي يريد مساعدة لبنان، بداية بمكافحة الفساد ومواجهة الأزمة الاقتصادية.
ولكن نحن معنيون ايضاً بأن يكون في لبنان دولة سيّدة على أرضها وتُمسك بالقرار الاستراتيجي العسكري والأمني، والسلاح موجود حصراً بيد مؤسساتها العسكرية والأمنية، وتبسط سيادتها وحدها على كل أراضيها. وطالما لم يُعدّل النص وفق ما اقترحته «القوات»، بربط كل شيء بمرجعية الدولة ومؤسساتها الشرعية، فـ«القوات» تسجّل تحفظها».
واضافت المصادر، «انّ الحريري قال لقيومجيان:»سنقول إنّ «القوات» تحفظّت وهذا الموضوع خلافي، وأقدّر ما قلته وسنسجّل تحفّظ «القوات». فطلبت الوزيرة مي شدياق الكلام وقالت: «ليس فقط تحفّظ انما إعتراض شديد اللهجة».
بند الطاقة
وعند مناقشة بند قطاع الطاقة، حاولت وزيرة الطاقة ندى البستاني تقديم اقتراحات جديدة، طالبة إضافتها الى البند، فتصدّى لها رئيس الحكومة، ما دفع بوزير الخارجية جبران باسيل الى مساندتها، مُتبنّياً وجهة نظرها لجهة العودة الى القانون 288 على 2014 لتأمين التغذية 24 على 24، وهي الخطة التي قدّمها باسيل آنذاك.
فقرة النازحين
وفيما أُقرّت الفقرة المتعلقة بالنازحين السوريين من دون أي تعديل، قال وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لـ«الجمهورية»: «لقد تضمنت هذه الفقرة نقطة مهمة، ابرزها العودة الآمنة وإخراج الملف من التجاذب السياسي».
وأضاف: «انا لم أطلب حصر صلاحيات الملف ولا انتزاع صلاحيات وزراء آخرين، فما نُقل في هذا الاطار غير صحيح. لقد طلبت دوراً تنسيقياً بين جميع الاطراف، أما التعاون مع سوريا فيحصل بالتشاور مع فخامة الرئيس ورئيس الحكومة، إما عبر روسيا أو بالمباشر. المهم النتيجة. ما جاء في نص هذا البند لا يُحرجنا ان نتعاطى مع اي طرف من اجل طي هذا الملف».
ظريف في لبنان
في هذه الاجواء، وغداة تأليف الحكومة، وكذلك غداة توعُّد الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بأنّ إيران «لن تكون لوحدها عندما تشنّ أميركا عليها الحرب، لأنّ كل منطقتنا مرتبطة بها»، وبعد كشف طهران عن صاروخ باليستي جديد ومدينة لصناعة الصواريخ، وتهديد «الحرس الثوري الايراني» بإمطار إسرائيل بوابل من الصواريخ في حال ارتكبت حماقة ضد ايران، يزور وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لبنان بعد غد الاحد، وسيلتقي المسؤولين اللبنانيين يوم الاثنين.
وتتزامن زيارته مع حديث عن اعادة تموضع ايراني في سوريا، من مطار دمشق إلى قاعدة «تي- فور»، بعد هجمات اسرائيلية على محيط المطار خلال الشهرين الماضيين.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنّ إيران تتجّه الى نقل مركز تزويد الأسلحة لسوريا من مطار دمشق الدولي إلى قاعدة «تي ـ فور» الجوية، البعيدة عن دمشق. وأضافت، أنّ «الحرس الثوري الإيراني، الذي يدير هذه العملية، سينقل، على ما يبدو، المركز إلى قاعدة «تي ـ فور» الجوية بين حمص وتدمر». وربطت الصحيفة ما بين القرار و«موجة من الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على المطار الدمشقي».
وأضافت: «يتم تهريب أسلحة الحرب، من الذخيرة إلى صواريخ أرض جو إلى معدات لتحسين دقة صواريخ «حزب الله» الموجّهة، إلى مطار دمشق في طائرات لشركات إيرانية خاصة يستأجرها الحرس الثوري».
وتابعت «هآرتس»: «يتم تخزين شحنات الأسلحة من ساعات إلى أسابيع، قبل نقلها بالشاحنات إلى «حزب الله» في لبنان، أو إلى قواعد الجيش الإيراني في سوريا، أو إلى الجيش السوري نفسه».
وقالت: «منطقة المطار محمية بواسطة بطاريات صواريخ سام، والتي لديها أيضا صواريخ SA-22. وقد تمّ تفعيل نظام الدفاع الجوي السوري بنحو مكثف خلال معظم الهجمات الإسرائيلية في المنطقة».
واشارت، الى انّ اسرائيل تقول: «إنّ النشاط الإيراني في المركز الجوي الدمشقي ينطوي على تهريب واسع للأسلحة، ما يعرّض الركاب المدنيين والملاحة الجوية للخطر وكذلك استقرار نظام الأسد، كما أنّ الوجود الإيراني ينتهك الوعد الروسي بإبقاء الإيرانيين على الأقل على مسافة 80 كيلومتراً من حدود إسرائيل، والمطار يقع على بعد نحو 50 كيلومتراً فقط».
أبو الغيط
من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» انّ الأمين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط سيزور بيروت الإثنين المقبل ويلتقي المسؤولين الكبار للتهنئة بتشكيل الحكومة والتشاور معهم في قضايا تهمّ الجامعة، ومنها الإتصالات الجارية من اجل إعادة سوريا الى الجامعة عشية القمة الأورو – المتوسطية المقررة في 23 و24 شباط الجاري في شرم الشيخ، وتحضيراً للقمة العربية الدورية المقررة في تونس نهاية آذار المقبل.
نصرالله و«القوات»
الى ذلك، توقفت «القوات اللبنانية» عند حديث السيد نصرالله الأخير عن قبول لبنان مساعدات إيرانية، فأوضحت مصادرها لـ«الجمهورية» انّه «في الوقت الذي تعاني ايران من ازمة اقتصادية خانقة لا تستطيع تلبية حتى متطلباتها، واضطرت الى تخفيض موازنتها حتى النصف، وجميع المراقبين يقولون إنّ وضعها سيزداد سوءاً، في هذا الوقت بالذات، يطرح علينا السيد نصرالله مساعدة ايران للبنان، الذي يتمنّى المساعدة من دولة إلى دولة، من جميع دول العالم».
وإذ لفتت المصادر، الى انّ السيد نصرالله «يطرح على لبنان المساعدة في وقت تخوض ايران مواجهة مع واشنطن والمجتمع الدولي والعالم العربي»، وسألت: «إذا كان للبنان مصلحة أكيدة بفتح نافذة مع طهران، فهل مصلحته بإقفال نوافذ وأبواب أخرى كثيرة؟».
وأكّدت المصادر، «انّ لبنان ينسّق سياساته مع الشرعيتين العربية والدولية، ولا يمكن له أن يخرج عن سقف هاتين الشرعيتين لأنه سيتعرّض لعقوبات وعزلة، بل سيكون عرضة بدوره لعقوبات».
وختمت المصادر: «مع كل الاحترام لطرح السيد نصرالله، ومع رغبة لبنان بتلقّي أي مساعدة من دولة لدولة، فما تقدّم أعلاه يُظهر خلاف ذلك، ما يؤشر إلى أنّ الهدف من الطرح هو الدعاية الإعلامية بأنّ طهران المُحاصرة، قادرة على مساعدة لبنان فيما هي بالفعل غير قادرة على ذلك».
«بيت الوسط» ـ المختارة
وعلى خط العلاقة بين «بيت الوسط» والمختارة، بدا انّ العلاقة بين الحريري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط قد عادت الى مجاريها، وهذا ما اكّده الوزير اكرم شهيب، الذي بعد زيارته والوزير وائل ابو فاعور «بيت الوسط» مساء امس، أشار الى انّ «التباين لا يفسد للود قضية»، ومؤكّداً انّ اللقاء «كان ودياً جداً» وانّ «العلاقة عادت إلى ما كانت عليه».