أخبار عاجلة

العبور إلى الثقة: تباينات … وتفاهمات و”القوات” تتحفظ عن “المقاومة”

العبور إلى الثقة: تباينات … وتفاهمات و”القوات” تتحفظ عن “المقاومة”
العبور إلى الثقة: تباينات … وتفاهمات و”القوات” تتحفظ عن “المقاومة”

صحيفة الجمهورية

 

 

أقل من أسبوع وتكتمل الصورة السياسية الداخلية، فترتدي حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة كامل صلاحيتها، التي يفترض ان تعبر بها الى مهمتها الصعبة التي حدّدها رئيسها بالعمل الجدي والمنتج، مسلّحة بثقة كبيرة من مجلس النواب، هي في الاساس «ثقة تحصيل حاصل»، على اعتبار انّ الحكومة بخريطتها السياسية ما هي سوى انعكاس واضح للمجلس، بحيث انّ كل المجلس تقريباً ممثّل فيها.
واضح انّ الحكومة تمضي الى مهمّتها، على صهوة هذه الثقة التي تشبه «الموالاة كاملة»، في مقابل لا معارضة، أو بمعنى أدق معارضة خجولة جداً قد تتشكّل من بضعة نواب لم يكتب لهم الدخول الى الجنة الحكومية. وهو أمر يطرح أكثر من علامة استفهام حول اداء هذه الحكومة، أو بالأحرى «الموالاة الكاملة»، وحول من سيكون الرقيب الحقيقي على أدائها، والحسيب لها، فيما لو كانت الحكومة من دون السقف المطلوب منها والآمال المعلقة على مقاربتها ملفات الازمة بكل تشعباتها بشفافية وموضوعية وعناية مركزة، وجاء أداؤها قاصراً او شابَهُ خلل او عجز او فشل او ارتكاب او جنوح متجدد نحو الاستنسابية والمحاصصات والصفقات؟

موالاة كاملة!

ولعل اللافت للانتباه، هو التطمين المتكرر من قبل أهل الحكومة بأن ليس ما يبرّر الخشية التي تُبديها بعض القوى السياسية من استنساخ الحكومة الحالية للنهج الحكومي السابق بكل ما اعتراه من سقطات.

وكذلك تعمّد بعض القيّمين على الحكومة التخفيف من وطأة «الموالاة الكاملة» سياسياً ونيابياً، وتحرّر الحكومة من معارضة كابحة لأخطائها ومصوبة لمسارها إذا انحرف. ذلك انّ الحكومة نفسها ليست لوناً واحداً، وإنما هي ائتلاف من قوى سياسية لها توجهات مختلفة كل منها تشكّل موالاة ومعارضة، اي انّ الحكومة هي حكومة موالاة ومعارضة في آن معاً، هي ضابط الايقاع لنفسها وإنّ وزراءها سيلعبون دور موالاة لكلّ إنجاز وعمل وزاري جاد يخدم مصالح الناس، ومعارضة لكلّ ما يناقض ذلك.

هذا التطمين، بحسب ما تؤكد مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، يحتمل ان يؤخذ به ربطاً بالنيات التي تبديها القوى السياسية وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة نحو العمل بوتيرة مختلفة عن السابق تتوخّى العمل والاندفاع والانتاجية خلال فترة زمنية قصيرة المدى، وفق خريطة الطريق الحكومية التي سيحددها بيانها الوزاري، وكذلك وفق الموازنة العامة للدولة التي ستكون البند الاول للحكومة بعد نيلها الثقة، وبالتالي يمكن الحكم على هذا التطمين إذا ثبت انّ هذه النيات كانت مجرّد أقوال.

امّا التخفيف من وطاة «الموالاة الكاملة»، كما تضيف المصادر، فهو في ظاهره قد يبدو انه يقدم شهادة إيجابية بالحكومة وبالمنحى الذي ستسلكه، الّا انه في عمقه يحتمل تفسيراً آخر، ذلك انّ القول بحكومة موالاة ومعارضة في آن معاً قد يحوّلها الى حكومة متاريس فعلية يكمن كل وزير خلفها لزميله لأسباب سياسية او لأسباب موضوعيّة ومبرّرة، ويُزايد عليه ويضع في طريقه العراقيل حيال أيّ بند يعنيه في مجلس الوزراء وخارجه، فتتحوّل الحكومة ساعتئذ الى حكومة «عَطلّي لعَطلّك»، كمَن يطلق النار على قدميه. فضلاً عن أنّ صيغة حكومة موالاة ومعارضة في آن معاً، لا يمكن ان يكتب لها ان تحكم كما يجب في لبنان، بالنظر الى مكوّناتها المختلفة في الرؤى والتوجهات.

عون: تحسّن

في هذا الوقت، تعكف المضخّات السياسية على حقن الجسم الحكومي بالمنشطات عشيّة دخول الحكومة الى ساحة العمل بكامل صلاحياتها اعتباراً من منتصف الاسبوع المقبل، وتأتي في هذا السياق مواقف رئيس الجمهورية، الذي يعوّل على الحكومة وإنتاجيتها، لافتاً الى «اننا أضعنا وقتاً طويلاً لتشكيل الحكومة وخسرنا سنة في تحضير قانون الانتخابات، والصعوبات التي واجهتنا كانت كبيرة ضمن وطن مشاكله من داخله. وما زاد الطين بلة، الجو السلبي الذي روّج للانهيار المالي والاقتصادي… كل المعطيات تبشّر بمرحلة صعود في لبنان، لأنّ الازمات باتت وراءنا والوضع المالي يتحسن ومن المتوقع ان تبدأ الفوائد بالانخفاض قريباً».

تفاهمات

ومع التأكيد الواضح من قبل الرئيس الحريري على عزمه على الانطلاق بوتيرة عمل فاعل ومُنتج للحكومة وتخطّي كل الصعوبات التي تعترض طريقها، ترددت معلومات حول وجود ما يمكن أن تسمّى «تفاهمات» بين قوى سياسية وازنة داخل الحكومة».

وفيما لم تُشر مصادر المعلومات الى ماهية هذه التفاهمات وحجمها وما اذا كانت شفوية أو مكتوبة، وما تحويه من بنود غير منظورة، قالت المصادر انّ أطرافها حددت لها عنواناً أساساً، هو «تنظيم التباين حول القضايا الكبرى والاستراتيجية وعدم مقاربة الامور الخلافية على النحو الذي يثير تباينات وإشكالات». وامّا القصد من صياغة هذه التفاهمات، وخصوصاً على خط الرئاستين الاولى والثالثة، فهو إفساح المجال امام إطلاق العمل الحكومي، وتسهيله خصوصاً انّ التباينات في الحكومة كانت السبب الأساس في تعطيل الانتاجية الحكومية».

بري: النفط

يبدو انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يعتمد من موقعه سياسة الرافعة للعمل الحكومي المجدي في المرحلة المقبلة، طالما انّ أمامها ملفّات ملحّة يتوجب إيلاؤها العناية الكبرى، خصوصاً في المجال الاقتصادي الذي بلغ مرحلة لا يحسد عليها في فترة الفراغ الحكومي.

الى جانب الملفات الحيوية للمواطنين التي لا تقل أهمية، وصولاً الى المقاربة الجدية للعنوان الكبير الذي يتمثّل بحماية سيادة لبنان برّاً وجواً وبحراً، وحقه في ثروته من النفط والغاز التي تحاول اسرائيل السطو عليها، وهنا تمكن المهمة الكبرى.

وهذا الموضوع سيثيره الرئيس بري اليوم مع رئيس الحكومة الايطالية الذي يستقبله في عين التينة اليوم، من زاوية استهداف اسرائيل لـ«مخزوننا وثروتنا النفطية ومياهنا»، عبر تلزيم مساحة محاذية للحدود البحرية الجنوبية واستغلالها.

وفي موازاة الشعار المرفوع في عين التينة «تفاءلوا بالعمل الحكومي تجدوه»، عبّر بري أمام نواب الاربعاء عن ارتياحه لتشكيل الحكومة، قائلاً: أمامها تحديات واستحقاقات كثيرة نأمل في ان تباشر بالعمل لمواجهتها على الصعد كافة، لتعويض الوقت الذي أهدرناه ولتحقيق أماني اللبنانيين وتطلعاتهم.

مجلس المطارنة

وفي السياق ذاته، يندرج تأكيد مجلس المطارنة الموارنة، في بيان بعد اجتماعه برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، «انّ الحكومة الجديدة أمام الواجب الوطني في التعويض عن خسائر التسعة أشهر السابقة. وهذا ما نأمله منها».

ولفتَ البيان الى أنّ «تحديات كبيرة تنتظر الحكومة، بدءًا بتحقيق الإصلاحات في القطاعات والهيكليات التي أُقرّت في مؤتمر باريس «سيدر»، وبحسن توظيف الأحد عشر ملياراً ونصف المليار دولار وفقاً للآلية الضامنة، فيستعيد لبنان ثقة الدول والمنظّمات المعنيّة».

حكومة الى العمل

في هذا الوقت، إنتهت لجنة صياغة البيان الوزاري من مهمتها، امس، وبات البيان منجزاً ونهائياً، ولم يخرج عن سياق المتوقع لناحية تضمينه توجهات الحكومة في شتى المجالات وخصوصاً الاقتصادية منها، إضافة الى إبقاء المسائل الاساسية سواء ما يتعلق بالمقاومة او العلاقة مع سوريا بنفس النص الذي كان وارداً في البيان الوزاري للحكومة السابقة.

ومن المقرر ان يقرّ البيان الوزاري الذي أطلق على الحكومة الحالية اسم «حكومة الى العمل»، في جلسة يعقدها مجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا اليوم برئاسة رئيس الجمهورية. على ان تنعقد «جلسة الثقة» على مدى 3 ايام الاسبوع المقبل بدءًا من يوم الثلثاء، وعلى جولات نهاريّة ومسائية وفق ما أعلن الرئيس بري امام نواب الاربعاء امس. على أن تليها مواكبة من قبل المجلس لعمل الحكومة بورشة عمل وعقد جلسات رقابية وتشريعية شهرية.

وفي الشق السياسي، وتضمنت الفقرة الخاصة بهذه المواضيع في البيان النهائي الذي حصلت «ألجمهورية» على نسخة منه الآتي: «انّ الحكومة تلتزم ما جاء في خطاب القسم للرئيس ميشال عون من أنّ لبنان، السائر بين الالغام، لا يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسّكه بسلمه الاهلي.

من هنا ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظاً على الوطن ساحة سلام واستقرار وتلاق، وستواصل الحكومة تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة والتأكيد على الشراكة مع الإتحاد الاوروبي في إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، كما أنها تؤكّد على احترامها المواثيق والقرارات الدولية كافة والتزامها قرار مجلس الامن الرقم 1701 وعلى استمرار دعم «اليونيفيل».

أمّا في الصراع مع إسرائيل فإننا لن نألوا جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لم يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه.

وتؤكّد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة. لقد نجح اللبنانيون في الحفاظ على السلم الأهلي ومقتضيات العيش المشترك رغم الحروب والأزمات التي اجتاحت كامل المحيط، وفي الإصرار على اعتماد الحوار سبيلاً لحل الخلافات و«النأي بالنفس» عن السياسات التي تخلّ بعلاقتنا العربية، وتؤكد الحكومة أنّ «اتفاق الطائف» والدستور المنبثق عنه هما أساس الحفاظ على الإستقرار والسلم الاهلي والحافظ الاساسي للتوازن الوطني والناظم الوحيد للعلاقات بين المؤسسات الدستورية.

كما تؤكّد الالتفاف حول الجيش والمؤسسات الأمنية في مكافحة الإرهاب وشبكات التجسس الإسرائيلي وتعزيز سلطة القضاء واستقلاليته في أداء رسالته، وأنّ اللبنانيين اليوم يتطلّعون الى الدولة ومؤسساتها لنجاح الفرصة المتاحة للنهوض».

نصرالله

من جهة أخرى، تحدث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس في مهرجان لمناسبة ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في إيران، حيث استبعد «قيام إسرائيل بشن حرب ضد إيران»، معلناً انه «في حال حصول حرب ضد ايران فلن نقف مكتوفين».

ورأى انه بـ«حكمة القيادة الايرانية ستتجاوز إيران العقوبات، ونحن أيضاً سنتجاوزها بصبرنا وعزمنا». وسأل «اللبنانيين والحكومة عمّا «إذا كانوا يملكون الجرأة في حل مشكلة الكهرباء في لبنان عن طريق إيران الغنية في هذا القطاع، ومثلها في قطاع الدواء وفي بناء الأنفاق، وفي القطاع العسكري»، مؤكداً أنه كصديق لإيران «مستعدّ لتأمين دفاع جوي ودعم عسكري من إيران للجيش اللبناني».

«القوات»

واللافت للانتباه كان تحفّظ «القوات اللبنانية»، وخصوصاً حول بند المقاومة، وقالت مصادرها لـ«الجمهورية»: «إنّ تحفظ القوات ليس شكلياً او على طريقة رفع العتب، إنه تحفظ في الجوهر والاساس والمضمون، لأنّ ايّ شيء خارج المؤسسات الشرعية للدولة اللبنانية يعني تعريض لبنان لمخاطر سياسية وعسكرية وأمنية.

لذلك تشديد «القوات» على هذا المستوى كان بهذا الهدف، ولكن للأسف لم تتمكن «القوات» من تعديل النص على رغم إصرارها في هذا الاتجاه لأنها في نهاية المطاف بقيت وحيدة في هذه المواجهة التي تدخل ضمن سياسة ربط النزاع المستمر منذ عام 2005، لأنه لا يجوز إطلاقاً استمرار هذا الوضع او تشريع أوضاع من خلال بيانات وزارية لا تؤكد على مرجعية الدولة اللبنانية في كل المفاصل السياسية.

أضافت: طبعاً نحن موجودون في مساكنة سياسية منذ العام 2005، لكنّ «القوات» لن تألو جهداً من اجل الوصول الى النصوص الواضحة تماماً التي تعكس حقيقة الوضع السياسي لجهة نصوص واضحة في ظل دولة قوية وقادرة.

واعتبرت انه «ما من شك انه حصلت نقلة نوعية ما بين ثلاثية: «جيش وشعب ومقاومة» والنص الحالي، ولكن على رغم ذلك ما زال هذا النص غير مقبول لا من قريب ولا من بعيد، وستبقى «القوات» تدفع باتجاه الوصول الى نصوص واضحة تعكس واقع الحال لجهة وجود دولة فعلية مُمسكة بقرارها الاستراتيجي على المستوى الوطني والسياسي والامني والعسكري».

فنيش

وحول بند المقاومة، قال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش لـ«الجمهورية»: نحن تجنّبنا نقاشاً لا طائل منه، طالما أنّ هذا النقاش حصل في الحكومات السابقة، ووصلنا الى هذه الصيغة وهي تعبّر عن المضمون. في النهاية نحن فرقاء لدينا توجهات مختلفة حتى اقتصادياً، والبيان الوزاري بمثابة إعلان نوايا وليست مهمته حسم هذه التوجهات، ويتضمن صياغات كل جهة تناقشها بشكل يعبّر عنها في مجلس الوزراء، لأنّ التفاصيل هي التي تعبّر عن هذه التوجهات. في الامور الاستراتيجية لا خلاف، امّا في الامور الاقتصادية والمالية فكل طرف يحقّ له التحفّظ على ما لا يراه منسجماً مع قناعاته.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى