واشنطن تُنجز وثيقة التفاهم مع طالبان وفيها خطة الانسحاب من أفغانستان خلال 18 شهراً
الإعلام الإسرائيلي لليوم الثاني منشغل بحوار السيد نصرالله
أيام حاسمة يُحيطها الغموض حول الحكومة المتعثرة و<<الطاسة ضايعة>>
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
في توقيت متزامن سيشهد الأسبوع المقبل الإعلان عن الانتهاء من تفاهمين كبيرين يخصّان المنطقة والعالم: الأول هو التفاهم بين الأميركيين وتنظيم طالبان في أفغانستان الذي أكد الدبلوماسي الأميركي المعني بالتفاوض حول بنوده زلماي خليل زادة وصوله للنهاية، وصياغة ما يتصل بالتسوية الداخلية الأفغانية وبالانسحاب الأميركي خلال ثمانية عشر شهراً من أفغانستان، والثاني يطال الآلية المالية التي ستعتمد بين إيران والاتحاد الأوروبي، والتي وصفتها وزارة الخزانة الأميركية بالتطور الخطير في تهديد العقوبات الأميركية على إيران، خصوصاً لجهة احتمال تحولها بديلاً قابلاً للتعيم تعتمده إيران في تعاملاتها المالية بعدما نجحت واشنطن في إخضاع معاملات السويفت لرقابتها. وبالتوازي مع هذا الإخفاق الأميركي إخفاق آخر في ملف المواجهة مع إيران محوره مصير مؤتمر وارسو الذي أعلن عن الدعوة إليه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في جولته الشرق أوسطية تحت عنوان محاصرة إيران وجمع خصومها في مؤتمر واحد لتنسيق الجهود، وبدأت واشنطن تحصد بعد ذلك الاعتذارات عن المشاركة، خصوصاً على مستوى أوروبا، فاضطرت واشنطن لتأكيد أن المؤتمر ليس موجهاً ضد إيران وغيّرت مضمون الدعوة ليصبح مناقشة الوضع في الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة عدد المشاركين.
في المنطقة لا زال حوار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يخيّم بتداعياته على التطورات والأحداث في المنطقة، حيث اتسعت رقعة التقييمات التي صدرت من قوى في محور المقاومة والتي وصفت كلام نصرالله بجدول أعمال المرحلة المقبلة، كما ورد في تعليقات قادة الحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن وحركات المقاومة في فلسطين، بينما تواصلت الاهتمامات الإعلامية عالمياً وإقليمياً بتحصيص البرامج الحوارية في أغلب القنوات التلفزيونية الهامة، فقرات خاصة لتقييم الحوار والمواقف التي أطلقها نصرالله، بينما واصل الإعلام الإسرائيلي لليوم الثاني التعامل مع كلام نصرالله كحدث أول في المواد الإعلامية والتعليقات والتحليلات، حيث برز التركيز على الإجماع على ضرورة أخذ كلام السيد نصرالله حول عملية الجليل بجدّية ومن ضمنها فرضية وجود المزيد من الأنفاق غير المكتشفة، والاعتراف بنجاح نصرالله في تحويل قضية الأنفاق إلى جزء من حربه النفسية باعتبار الحملة الإسرائيلية تأكيداً لصدقية تهديد المقاومة، وهو تهديد تمّ تأكيده مجدداً في كلام نصرالله، ومثلها الاعتراف بمعادلة الردع الواضحة في مستقبل المواجهة في سورية، وبصواب تساؤله حول سبب الاهتمام من جانب القيادة الإسرائيلية بدقة الصواريخ التي تملكها المقاومة وليس بقدرتها التدميرية وما يعنيه ذلك من استهتار بحياة سكان المدن المهددة بهذه الصواريخ، لحساب التركيز على حماية المواقع الحساسة والقيادية، وتوقفت تعليقات كثيرة عند انطلاق حملة إعلامية
على صفحات التواصل الاجتماعي عنوانها حرب المطارق الشاكوش تأسيساً على ما قاله نصرالله في حديثه.
لبنانياً تبدو الطاسة ضايعة في الوضع الحكومي، كما يقول مسؤول معني بالملف الحكومي المتعثر، حيث المعلومات المتوافرة تجمع على أن الأيام المقبلة حاسمة، لكن لا يبدو واضحاً أن ثمّة خرقاً حقيقياً في العقد المتبقية بينما تتحدث مصادر أخرى عن تفاهم حول مقعد اللقاء التشاوري وبقاء عقد الحقائب وتوزيعها، وفي ظل الغموض المحيط بمضمون الأيام الحاسمة تحدّث آخرون عن خيارات على طاولة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة تتراوح بين الاعتذار والتأليف وتعويم حكومة تصريف الأعمال.
وزير لـ«التشاوري» يُنسِّق مع عون؟
لم تستقِرّ البورصة الحكومية على اتجاه واضح المعالم حتى الآن، فالمفاوضات المكثفة على خط باريس بيروت لم تتضح نتائجها الحقيقية بعد، فتضاربت المعلومات بين السلبية والإيجابية وخيّمت الضبابية على الطبخة الحكومية، وسط تكتّم أحاط برحلة الرئيس المكلف الباريسية ونتائج وحصيلة اللقاءات التي تخلّلتها، بانتظار جولة نهائية للمشاورات التي يقوم بها الحريري لتسويق ما تم الاتفاق عليه مع الوزير جبران باسيل في باريس. فيما عمدت الأطراف السياسية الى رفع سقف التفاوض والتهديد بخيارات صعبة عشية جولة المفاوضات الأخيرة.
ففي وقت عممت وسائل اعلام محسوبة على تيار المستقبل أجواء تتحدث عن أن الرئيس سعد الحريري سيحسم خياراته خلال الأسبوع الحالي بين 4 خيارات تتوزع بين الاتفاق على حكومة أو تقديم تشكيلة نهائية الى رئيس الجمهورية أو الاعتذار أو تفعيل حكومة تصريف الأعمال، عادت مصادر بيت الوسط وأوضحت بأن حديث الحريري عن مسألة الحسم لا يعني الاعتذار أو خيارات مشابهة بل الحسم الإيجابي باتجاه تأليف حكومة بتوافق الأطراف، أما الخيارات البديلة عن التشكيل، فمفتوحة ولا يملكها أحد سواه، وأشارت الى أن «اجتماعات باريس لم تحمل الكثير من الجديد»، لافتة الى أن «زيارة الحريري الى الرئيس عون في بعبدا تنتظر الجديد في مسار المشاورات، وان اجتماعات باريس، لو كانت ايجابية وحاسمة وتوصلت الى حلول، لما كان بدأ الحريري جولة مشاورات جديدة».
وإذ أكدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن «خيار الاعتذار غير وارد بالنسبة للحريري»، أكدت مصادر مطلعة على تأليف الحكومة لقناة «المستقبل» أن «الحريري سيستكمل الجولة الاخيرة من مشاوراته هذا الاسبوع ليبنى على الشيء مقتضاه والخيارات ما بعد عملية الحسم يملكها الحريري وحده، وأنه يرفض اي شكل من اشكال تجميد عملية التأليف فيما البلاد تواجه تحديات اقتصادية».
وفي حين أشارت معلومات الى أن الاجتماعات في العاصمة الفرنسية بين الرئيس المكلف وباسيل أفضت الى اتفاق على الهوية السياسية لممثل اللقاء التشاوري بأن يكون من اللقاء ويحضر اجتماعاته ومن حصة رئيس الجمهورية، أكدت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر صحة هذه المعلومات، موضحة لــ«البناء» الى أن «الإخراج يقضي بأن يسمي اللقاء ممثله ويحضر اجتماعاته ولا يكون في تكتل لبنان القوي بل ينسق مع وزراء رئيس الجمهورية في الحكومة وفي التصويت على القرارات لا سيما في القرارات التي تتعلق بخطط ومشاريع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي كمكافحة الفساد وخطة الكهرباء وغيرها».
الحريري لباسيل: حلّوا عقدة «اللقاء» وأتولى «الحقائب»…
وقالت أوساط نيابية لـ«البناء» إن «الحريري قال لباسيل خلال لقائهما في فرنسا: حلوا عقدة تمثيل اللقاء التشاوري أحل مسألة إعادة توزيع الحقائب»، إلا أن اللافت ما نقلته قناة «أو تي في» عن مصادر « التيار الحر » بأن «التيار قدّم أقصى ما يمكنه من تسهيلات والاهم هو الحسم هذا الأسبوع وإلا فالتيار سيضطر الى وقف المهادنة التي اعتمدها منذ البداية على أمل تسهيل التشكيل لإنه لن يقبل بأن يدفع من رصيده الشعبي اكثر من اجل قوى سياسية تؤكد يوماً بعد يوم أنها لا تريد الا التعطيل». ولفتت مصادر التيار إلى أنها لا تستبعد خيار الشارع او سواه في حال الوصول الى حائط مسدود، مستبعدة اللجوء الى تشكيلة امر واقع».
لكن مصادر التيار الحر أوضحت لـ«البناء» أن «لا قرار في قيادة التيار بأي تحرك في الشارع في حال تعثر التأليف، والأمر مرهون لاجتماع التيار خلال الأيام القليلة المقبلة»، ونفت المصادر «نية باسيل عقد مقايضة مع الحريري تقضي بتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير الـ 11 مقابل استعادة وزارة البيئة، ورجّحت المصادر ولادة الحكومة قريباً إذا صدقت النيات وتم الالتزام بما اتفق عليه».
وعن رسالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للتيار خلال مقابلته الأخيرة لفتت المصادر الى أن «كلام السيد نصرالله ترك ارتياحاً كبيراً في قواعد وجمهور التيار بعد التباين الذي حصل مؤخراً بين الحزبين في بعض الملفات»، مؤكدة أن «كلام السيد جاء عشية ذكرى تفاهم مار مخايل الذي سيكون مناسبة للتأكيد على ثبات هذه العلاقة الاستراتيجية بين الحزب والتيار وقواعدهما».
«اللقاء»: لم نتبلّغ أي جديد
أما على صعيد اللقاء التشاوري فلم يتلقَ أي اتصال من المعنيين لإبلاغه تقديم اسم ممثله كما علمت «البناء»، لكن برزت مرونة في تصريح عضو «اللقاء» النائب فيصل كرامي الذي أكد أن «لا مشكلة في أن يعين الوزير المختار من قبلنا من حصة رئيس الجمهورية على ألا يكون من كتلته حتماً».
كما أكد النائب جهاد الصمد أن «الثلث المعطل هو تعطيل للطائف». وأوضح في حديث تلفزيوني، أن «المعلومات تقول إن نسبة التشاؤم في تأليف الحكومة تجاوزت التفاؤل»، معتبراً أن «باسيل هو الوزير المكلف والمؤلف في تشكيل الحكومة». وتوجّه إلى الحريري قائلاً: «احترِم الموقع الذي أنت فيه كرئيس مكلف»، معتبراً ان «على الحريري أن يتصرف كأي وزير في حكومة تصريف الأعمال، كونه بمثابة وزير أول، وأن يداوم في مكان عمله وفي مقره في السراي الحكومي الكبير». وأضاف: «أمر شاذ وغير مقبول أن يبقى السراي الحكومي فارغاً في فترة تصريف الأعمال»، معتبراً أنه «إذا جرى تفعيل دور حكومة تصريف الأعمال نكون قد ضربنا كل ما حققناه في الانتخابات النيابية».
بري دعا إلى جلسة لهيئة المكتب
وفيما يستمرّ التعثر الحكومي، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، هيئة مكتب المجلس الى الاجتماع غداً الأربعاء للبحث بعقد جلسة تشريعية قريبة للمجلس النيابي، ما فسّره مراقبون أنه إشارة سلبية على صعيد التأليف، غير أن مصادر عين التينة أوضحت أن لا رابط بين دعوة رئيس المجلس والتطورات الحكومية، مشيرة الى أن غايتها وضع جدول أعمال للجلسة التشريعية التي سوف يُتفق على تحديد موعدها.
وتنقل المصادر أن بري يعتبر ان هناك بعض مشاريع واقتراحات القوانين ذات الطابع المالي من الافضل المصادقة عليها وتشريعها قبيل تشكيل الحكومة الجديدة التي يتطلب إمساكها لهذه الملفات اشهراً بدءاً من صدور المراسيم وصولاً الى اعداد البيان الوزاري ومثولها امام المجلس لنيل الثقة هذا بالطبع عدا عن وجوب المباشرة في درس الموازنة العامة للعام الجاري 2019 الذي يحض الرئيس بري على ضرورة إرسالها الى المجلس النيابي للمباشرة في درسها ومناقشتها.
وفي السياق أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان بعد اجتماع للجنة «اننا معنيون بالأجور والرواتب والإنفاق الاساسي وبالبحث عن حلول دستورية، على أمل ألا يتأخر تشكيل الحكومة، لأن الحل هو من خلال الموازنة ومشاريع القوانين التي تناقش في الحكومة وتحال بشكل طبيعي الى المجلس النيابي». ولفت الى ان «النقاشات التي جرت، افضت الى ايضاحات هامة، وقد اتخذنا بضوئها قرارات أبلغناها لوزارتي المال والأشغال ومجلس الإنماء والاعمار». ورأى أن «لا مشكلة نقدية، وضعنا المالي دقيق، وتمويل الدولة يجب ان يذهب الى الاساسيات، اذ سنكون أمام مشكلة مستقبلاً اذا استمر عدم تنفيذ ما أقريناه في المجلس النيابي وغياب ضبط للعجز والعمل المضني الذي يتطلبه للعودة الى النسب المقبولة مستقبلاً».
«إمبراطور المولدات» إلى القضاء؟
على صعيد آخر شهدت قضية الصراع بين الدولة وأصحاب المولدات الكهربائية الخاصة تطوراً نوعياً في مسارها القضائي، حيث أشارت معلومات الى ان «مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون ادعت على جوزيف بشعلاني وداني أوديشو في ملف المولدات بجرم المواد 770 و655 عقوبات وأحالتهما لدى قاضي التحقيق حنا بريدي»، ويوصف أوديشو بأن «أمبراطور المولدات».
وحضر ملف المولدات في بعبدا من خلال اللقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، الذي أكد ان «عمل الوزارة مستمر بالتنسيق مع وزارات الداخلية والطاقة والمياه والعدل والمديرية العامة لأمن الدولة لتعميم العدادات على المولدات الخاصة في كل لبنان، وأن لا تراجع في هذا العمل، لاسيما أن التحقيقات تكشف يوماً بعد يوم عن وجود تجاوزات وارتكابات وفساد تعاقب عليها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء».