صحيفة الجمهورية
تتآكل مهلة الاسبوع التي حددها الرئيس المكلف سعد الحريري لإعلان حكومته خلالها، وقد بقي منها 3 ايام حيث تنتهي الثلاثاء المقبل، من دون أن يبرز بعد ما يؤشّر الى انّ في حوزته ما يمكّنه من الوفاء بوعد التأليف، بل انّ الاجواء تبدو ضبابية مشوبة بكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام حول مصير الاستحقاق الحكومي وما اذا كان سيبلغ خواتيمه السعيدة، أم انه سيذهب في اتجاه آخر ويُدخل معه البلاد في مدارات سلبية طويلة الأمد ومفتوحة على احتمالات شتّى. وعلمت «الجمهورية» ان اجتماع باريس بين الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل جاء في سياق متابعة الملف الحكومي والاجتماعات المفتوحة في شأنه بغية الوصول الى النتائج المرجوة.
في هذه الاجواء، واستكمالاً لـ«اللقاء النيابي الماروني» الذي كان انعقد في 16 الجاري، ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عصر امس في بكركي، الاجتماع الأول للجنة المتابعة المنبثقة من «اللقاء»، في حضور النواب: إبراهيم كنعان، جورج عدوان، سامي الجميّل، فريد الخازن، هادي حبيش، وميشال معوض، والمطران سمير مظلوم.
وعلمت «الجمهورية» انّ المجتمعين ناقشوا البنود التي تمضنها البيان الصادر عن اللقاء الماروني الأخير في محاولة للاتفاق على العناوين تمهيداً للدخول في التفاصيل، وتمّ تحديد الاولويات بدءاً من ملف تشكيل الحكومة والمعايير الواجب اعتمادها في التأليف وشكلها: هل تكون حكومة وحدة وطنية؟ أم حكومة اكثرية؟ أم حكومة اكثرية ومعارضة؟ ام حكومة اختصاصيين إضافة الى «الثلث الضامن»؟.
واعتبرت مصادر المجتمعين «انّ النقاش في هذا الشأن هو خطوة جريئة، إذ انها المرة الاولى التي يطرح فيها هذا الملف على الطاولة وتتم مناقشته بين مختلف الاحزاب، على تنوّع آرائهم».
كذلك، تم تحديد الملفات التي تستوجب المتابعة بمعزل عن الشأن الحكومي، وشدّد الراعي على ضرورة توحيد الكلمة والموقف في الملفات الاساسية المطروحة، ومنها الملف المالي والاقتصادي والاجتماعي، وخصوصاً ملف التوظيف في الدولة ووفق أيّ معايير.
كذلك تمّت مناقشة الملف المتعلق بالنظام السياسي ومؤسساته، وهنا دخل النقاش في مفاصل عدة تعاني منها المؤسسات منذ نحو 12 سنة وحتى اليوم، إضافة الى مناقشة مواضيع مطروحة وطنيّاً كهجرة الشباب، والدولة المدنيّة والإشكالية التي تطرحها، وملف السيادة والمؤسسات.
وفي المعلومات انّ كل هذه الملفات سينظّمها البطريرك الراعي مجدداً قبل إعادة توزيعها على اعضاء لجنة المتابعة، حتى اذا تمّ التوصّل الى رؤى مشتركة فيها تطرح في اللقاء الماروني الموسّع.
لا اعتذار
حكومياً، وفي مقابل إشاعة اكثر من طرف سياسي أجواء ايجابية باحتمال ولادة الحكومة خلال أيام، من دون وجود مؤشرات ملموسة الى ذلك، فإنّ إعلان الرئيس المكلف انه سيحسم قراره الأسبوع المقبل لا يزال مادة للتداول السياسي، خصوصاً في شأن احتمال اعتذاره عن التكليف في حال وصول المفاوضات الى الحائط المسدود مجدّداً.
وقالت مصادر الحريري «إنّ اتصالاته الأخيرة أفضَت الى أنّ الجميع باتوا مقتنعين بوجوب تشكيل الحكومة، نظراً للوضع الداهم»، واشارت الى أنّ الحسم الذي تحدث عنه الرئيس المكلف «هو بمعناه الايجابي والذهاب نحو تشكيل الحكومة في أسرع وقت، أما إذا كانت النتيجة سلبية فسيتقرّر لاحقاً الموقف الواجب اتخاذه».
وفي السياق نفسه، أكدت أوساط تيار «المستقبل» انّ «الاعتذار غير وارد لدى الحريري في المرحلة الراهنة، وأنّ هناك فعلاً مخارج يجري العمل عليها قد تقود الى انفراج حكومي قريب»، مشيرة الى «أنّ عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» هي الأساس، وليس إعادة تبادل الحقائب بين القوى السياسية».
بعبدا
في هذا الوقت، لفت الاسترخاء الذي يسود أجواء الرئاسة الاولى في وقت نقل زوّار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عنه تأكيده «وجوب ان تبلغ المشاورات الجارية حول الحكومة محطة النهاية لجهة التعجيل بولادتها، لأنّ وضع البلد لم يعد يتحمّل مزيداً من الوقت المهدور، وصار من الواجب الالتفات الى ضرورات الداخل وأولوياته وإطلاق ورشة العلاج».
بري
بدوره، ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخبار المفرحة حول الحكومة. لكنه، ومنذ لقائه الأخير مع الحريري الثلاثاء الماضي، لم يتلقّ بعد ما يؤشّر الى التقدم خطوات الى الامام، وأنّ الامور ما زالت في دائرة النيّات الطيبة التي ما زال يَأمل في ان تترجم سريعاً بحكومة قبل نهاية الاسبوع المقبل.
«القوات»
الى ذلك، أدرجت مصادر حزب «القوات اللبنانية» أي لقاء يعقد بين الحريري ورئيس الحزب الدكتور سمير جعجع «في سياق المشاورات الحكومية التي يجريها الرئيس المكلّف مع القوى السياسية الشريكة في الحكومة كما الحليفة، حيث تكون مناسبة للتشاور السياسي في اكثر من ملف».
وقالت لـ«الجمهورية» انّ جعجع «سيشدّد على ضرورة، إمّا تأليف الحكومة وفق نظرة ورؤية كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وأن تؤلّف فوراً، وإمّا الذهاب الى تفعيل حكومة تصريف الاعمال لأنّ الوضع الاقتصادي لم يعد يتحمّل مزيداً من الانتظار».
وأوضحت المصادر ان «لا شيء لدى «القوات» حول موضوع تبادل الحقائب»، وأكدت انه «عندما طرح هذا الامر للمرحلة الثانية التي كان خلالها يتمّ التفاوض ليكون جواد عدرا هو المرشّح ـ المخرج للأزمة القائمة في تلك الفترة، فتح الرئيس الحريري موضوع الحقائب مع الدكتور جعجع وطرح ان تبقى حقيبة الاعلام مع «القوات» على أن تتخلى عن حقيبة الثقافة، إلّا انّ جعجع رفض مؤكداً التمسّك بالحقائب التي حصلت عليها «القوات». فقال الحريري له حرفيّاً: «حكيم، أنا أطرح هذا الأمر فقط لمجرد السؤال لأنني اعتبر انّ «القوات» ضَحّت بما فيه الكفاية وقدّمت تسهيلات بما فيه الكفاية كمّاً ونوعاً، وبالتالي أنا لا ألومها بأي شيء ونؤيّد ما تؤيّدونه». هذا ما حصل حرفياً، من هنا «القوات» غير معنية بكل هذا النقاش، علماً انّ العقدة الاساس ليست في الحقائب، بل هي في مكان آخر».
«التشاوري»
من جهته، جدّد «اللقاء التشاوري» تمسّكه بتمثيله في الحكومة بأحد اعضائه النواب أو بالأسماء الثلاثة التي طرحها، واكد انه لن يقبل بأن يكون الوزير الذي سيمثّله في الحكومة الّا ممثلاً حصريّاً له، ولن يكون الّا من حصته كـ»لقاء تشاوري» فقط.
الصمد لـ«الجمهورية»
وقال عضو «اللقاء التشاوري» النائب جهاد الصمد لـ«الجمهورية» انّ «اللقاء» لم يلمس حتى الآن اي جدية في التعاطي مع موضوع تأليف الحكومة وتمثيله فيها». واكد «عدم القبول بتكرار التجربة الماضية فهي تجربة انتهت ولن نقبل إلّا بممثل حصري لنا مئة في المئة، بحيث يكون احد اعضاء «اللقاء» او احد الاسماء الثلاثة التي طرحناها». وأضاف: «انّ خلافنا ليس مع رئيس الجمهورية او مع الوزير جبران باسيل، وإنما هو مع تيار «المستقبل». ورفضَ الصمد الثلث المعطّل الذي يسعى البعض للحصول عليه «لأنه يفرّط بمقام رئاسة الحكومة، وعلى رئيس الحكومة ان يتصدى لهذا الامر ونحن ضد التفريط بصلاحياته».
الصرف
مالياً، يوشك الاسبوع الاخير من الصرف على القاعدة الاثني عشرية أن ينتهي، وسقفه 31 كانون الثاني الجاري، ويدخل البلد بعده في شلل جدي، ينبغي تداركه عبر المجلس النيابي الذي سيجد رئيسه نفسه مضطرّاً، إن لم تؤلّف الحكومة نهاية الشهر، للدعوة الى جلسة تشريعية عاجلة لإقرار قانون يُجيز الصرف على القاعدة الاثني عشرية بما يمكّن الدولة من صرف الرواتب للموظفين، وكذلك من الجباية، إذ من دون هذا القانون لا تستطيع وزارة المال ان تصرف قرشاً واحداً، كذلك لا تستطيع ان تُجبي.
ما يعني دخول البلد في محظور خطير تتصاعد منه صرخات الموظفين إبتداء من نهاية شباط المقبل، من دون ان يعني ذلك إغفال ان تَتجدّد لغة الشارع، التي إن حصلت، فمن شأنها ان تُدخل لبنان في مدار احتمالات شديدة الخطورة قد لا يعود في الإمكان احتواؤها.
صرخة «الهيئات»
وكان لافتاً في الأمس إطلاق الهيئات الاقتصادية صرخة عبّرت فيها عن القلق ممّا آل اليه وضع البلد المالي والاقتصادي، خصوصاً بعد خفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني للبنان، لافتة الى الضرر الشديد الذي يلحقه ذلك بالوضع المالي للدولة.
واعتبرت «انّ لجم التدهور ووضع البلد على الطريق الصحيح يبدأ بتشكيل الحكومة»، مؤكدة «انّ كل الظروف التي نعيشها لم تعد تسمح بأيّ تأخير في تشكيل الحكومة، لأنّ الاضرار ستكون مضاعفة ومؤلمة على الجميع بلا استثناء.