كرَّس اللقاء الأخير بين الرؤساء الثلاثة الاستقرار الداخلي كخط احمر لا بد من الحفاظ عليه بعدما انكشفت هشاشة الأمن وقابلية الشارع للانفلات والتفلت عند اول شرارة يطلقها المسؤولون من جهة، وانقضاض العدو ليعتدي على سيادة لبنان من خلال التجرؤ على ثروته النفطية وبناء جدار فاصل يضم القرى اللبنانية الخلافية اليه ويقضم أراض لا حق له بها!
ان التحرك باتجاه المجتمع الدولي الذي أعلنت عنه أوساط رئاسية على اكثر من جبهة لتطويق التهديدات الإسرائيلية يعكس قدرة الدولة على المواجهة السياسية في حال توحدت الجبهة الداخلية ووجدت النوايا لخدمة المصلحة الوطنية العليا… والامر نفسه ينسحب على سائر الملفات الملحة، أهمها استثمار لبنان لمؤتمرات الدعم الاقتصادي المقرر حصولها في باريس وإيطاليا، والتي لا يمكن ان تؤتي ثمارها ولا ان يحضرها حتى اذا لم يقر لبنان موازنته ويثبت شفافيته وتصميمه، قبل قدرته، على مواجهة الفساد والالتزام بالخطط الاقتصادية الدولية لإخراجه من أزمته!
ان استمرار مسلسل الموازنة ورفض البعض قطع الحساب إنما يعني انه لا يوجد قرار بطي صفحة الكيديات والمضي قدما في تعزيز التوافق وحلحلة الملفات الحياتية الملحة والضاغطة على كاهل المواطن بالدرجة الاولى ومن ثم الدولة وادائها بالدرجة الثانية، كما انه يطرح علامة استفهام كبيرة حول المرحلة التي تلت عهد الرئيس السنيورة، هي المرحلة الخلافية، والتي تم الإنفاق خلالها دون موازنات اي بغياب تام لمؤسسات الرقابة…
ان تفويت فرص حقيقية ونادرة لإخراج لبنان من دوامة الأزمات إنما هي جريمة جديدة ترتكب بحق الوطن والمواطن بسبب وقوع البعض اسرى التعنت والكيدية، بعدما فوتوا على الوطن الصغير فرص الإصلاح الحقيقي وإيجاد الحلول الجذرية لأزمات الكهرباء والنفايات بعدما اثبتوا انهم اسرى الصفقات والمصالح الخاصة في معالجاتهم لها!
اذا كان ثمن الاستقرار هو التوافق السياسي والمالي فليكن شرط ان يقدم ولو القليل من الحلول للازمات الحياتية المستفحلة والتي صمَّت الدولة آذانها حولها، اخرها العام الدراسي العالق بين سندان الأهالي ومطرقة الأساتذة والتي تعمد مجلس الوزراء بحثها فأرسل قوة مكافحة الشغب للأساتذة المعتصمين وكأن الحلول تتم بهذه السهولة وهذا الاستخفاف…
نعم العدو يتربص بالخارج ولكن الفساد والمحسوبية والكيدية يتربصون بالداخل، فهل تتم المواجهة بجدية وخطوات فاعلة ضمن خطة منسقة، ام ان المصالح الخاصة لا تزال تحتم الارتجال والاعتباطية حتى تبقى أوراق المساومات مفتوحة والبازارات مشرعة؟
نادين سلام - اللواء